قراءة تحليلية في مذكرات هيلاري كلينتون

الأربعاء - 23 ديسمبر 2020

- Ahmedof

الأمريكان  يفضلون لمصر حكما مستبدا مستقرا على حكم ديمقراطي يعمل لصالح الشعب

هاجس صعود الإخوان استنفر إدارة أوباما للضغط على مبارك لتحقيق إصلاحات عاجلة

إدارة أوباما كانت تأمل بسيطرة مجموعات ليبرالية على الحكم بدلا من الإخوان أو الجيش

فوز الإخوان بالرئاسة  وضع الإدارة الأمريكية على "حبل مشدود" خوفا على  مصالحها

هيلاري: مرسي رجل دولة نجح في وقف الحرب على غزة وإعادة مكانة مصر التاريخية

 

كشفت دراسة تحليلية أن الأمريكان، ديمقراطيين كانوا أم جمهوريين، يفضلون لمصر - كما لبلدان المنطقة العربية- حكما مستبدا مستقرا يلبي مصالحهم، على حكم ديمقراطي تعددي يخدم مصالح المصريين والشعوب العربية.

وقالت إن موقف الأمريكان من الإخوان هو موقف توجس وريبة وخوف من وصولهم إلى السلطة في أي وقت، لأسباب يراها الأمريكان تتعلق بمصالحهم الاستراتيجية والأمنية في المنطقة، ولتقديرهم أن وجود الإخوان في الحكم سيهدد حقوق الأقليات الدينية وبالأخص المسيحيين في مصر، ويهدد أمن إسرائيل.

وبينت الدراسة، التي أعدها "المركز المصري للإعلام" من واقع مذكرات وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، هيلاري كلينتون، الصادرة عام 2014 بعنوان "خيارات صعبة"، أن "ما ورد بشأن جماعة الإخوان المسلمين في المذكرات هو شهادة لصالح الجماعة وليس ضدها، إذا ما تم تناوله بقراءة دقيقة ومحايدة".

وقدمت الدراسة قراءة تحليلية دقيقة لما ورد بشأن مصر والإخوان المسلمين والرئيس الراحل محمد مرسي، في مذكرات هيلاري؛ للتعرف على منظور الإدارة الأمريكية (الديمقراطية في عهد أوباما) لنظام الحكم الذي كانت ترغبه في مصر، ونظرتها للإخوان ولطريقة إدارة مرسي للحكم في البلاد.

وكانت هيلاري كلينتون أصدرت مذكراتها في 600 صفحة بنسختها الإنجليزية الصادرة في 10 يونيو 2014م، ونحو 637 صفحة في النسخة العربية التي نُشرت طبعتها الأولى في بيروت عام 2015م.

وتحدثت كلينتون عن الشأن المصري في الجزء الخامس المعنون بـ"الاضطرابات"(الصفحات من 297- 457 في الطبعة العربية)، ومنه بالأخص الفصل الرابع عشر بعنوان "الشرق الأوسط: مسار السلام المتقلقل"، والخامس عشر بعنوان "الربيع العربي: الثورة"، والعشرون بعنوان "غزة: خطة لوقف إطلاق النار".

وقالت كلينتون، في صفحة 311، ضمن حديث عن القضية الفلسطينية: "لقد أعاد خطابا مهما تشكيل المشهد الدبلوماسي في يونيو 2009، في القاهرة عرض الرئيس أوباما إعادة تقويم طموحة وبليغة لعلاقة أمريكا بالعالم الإسلامي"، في إشارة منها إلى تأكيد أوباما في ذلك الوقت أن  "الحكومة التي تتكون من أفراد الشعب وتدار بواسطة الشعب هي المعيار الوحيد لجميع من يشغلون مراكز السلطة، بغض النظر عن المكان الذي تتولى فيه مثل هذه الحكومة ممارسة مهامها".

وبرغم هذا الكلام القاطع خذلت إدارة أوباما الديمقراطية الوليدة في مصر بعد ثورة يناير 2011م، إذ بدا موقفها مضطربا، فقد عبرت هيلاري كلينتون عن خوف الإدارة من صعود الإخوان للحكم إذا نجحت ثورة يناير، مقدمة لذلك بمثال الثورة الإيرانية، حيث قالت:" ثبت تاريخيا ان الانتقال من الديكتاتوريه إلى الديمقراطيه محفوف بالمخاطر وتنجم عنه، في سهولة، أخطاء فادحة. في إيران عام 1979،على سبيل المثال، قبض المتطرفون على الثورة الشعبية الواسعة ضد الشاه وأنشأوا ثيوقراطيه وحشية. إذا حدث أمر مشابه في مصر فستحل كارثة على شعبها وعلى المصالح الإسرائيليه والأمريكيه كذلك".

 وتابعت في (ص 332): "على الرغم من حجم الاحتجاجات في ميدان التحرير، افتقدت إلى القيادة، ودفعتها وسائل التواصل الاجتماعي وتواتر الأخبار، بدلا من حركة معارضة متماسكة بعد أعوام على حكم الحزب الواحد،  لم يحسن المتظاهرون في مصر الاستعداد لخوض انتخابات حرة أو بناء مؤسسات ديمقراطية ذات صدقية.. على نقيض ذلك كانت جماعة الاخوان المسلمين المنظمة الإسلامية التي تأسست قبل ثمانين عاما، في موقع جيد يمكنها من ملء الفراغ إذا سقط النظام".

وأوضحت الدراسة أن إدارة أوباما كانت تأمل بسيطرة مجموعات ليبرالية على الحكم بدلا من الإخوان أو الجيش. تقول هيلاري في ( ص336 وما بعدها): "أدرك الرئيس أن أمريكا لا تسيطر على أحداث مصر، لكنه أراد إحقاق الحق، بما يتماشى علي السواء مع مصالحنا وقيمنا، وهذا ما أردته أيضا. عرفت أن مبارك بقي طويلا في السلطة، ولم يحقق الا القليل لكنني تطلعت إلى ما أبعد من التخلص منه، والناس في ميدان التحرير لا يملكون خطة، فالذين فضلوا من بيننا المسار البطيء للانتقال المنظم قلقوا لأن القوتين الوحيدتين المنظمتين بعد مبارك هما جماعة الاخوان المسلمين والجيش".

وجاء فوز الإخوان بالرئاسة  ليضع الإدارة الأمريكية على "حبل مشدود"- بحسب قول كلينتون- خوفا على "مصالحها الاستراتيجية".

وكان الموقف الرسمي الأمريكي إزاء الانقلاب العسكري في مصر - بحسب الدراسة- يدل على "انتقائية" تتسق مع مصالحها؛ فقد عدّت إدارة أوباما أحداث 30 يونيو انتفاضة شعبية ضد الرئيس محمد مرسي، إذ جاء على لسان المتحدث باسم البيت الأبيض، غاي كارني: "إن الرئيس مرسي لم يكن يحكم بطريقة ديمقراطية وإن ملايين المصريين خرجوا للشوارع والميادين مطالبين بعزله وهم يرون أن مساندة الجيش لهم لا تشكل انقلاباً".

وعلى الرغم من إشادة "أوباما" بالعملية الديمقراطية في مصر، عبر مكالمة هاتفية مع الرئيس محمد مرسي قُبيل الانقلاب بيومين، إلا أن الموقف الرسمي الأمريكي "وقع" في حيرة من أمره، كون مصر تمثل عمقاً استراتيجياً للمصالح الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي. وبالتالي، فإن مصالحها وأهدافها تقتضي التصرف وفق "المصلحة القومية العليا" على حساب مبادئ العقيدة الأمريكية "الديمقراطية".

ويبدو فيما ساقته هيلاري عن حكم الرئيس مرسي تحاملا كبيرا، إذ اعتمدت الروايات "الليبرالية" وكلام الخصوم السياسيين في إثبات ما اعتبرته "فشلا" للرئيس مرسي، دون أن تتبين الحقائق الموضوعية على الأرض.

وأظهرت الدراسة قلق أمريكي إسرائيلي من رد فعل "مصر الثورة" على حرب غزة 2012 ومحاولة التوسط لدى "مرسي"، حيث تدخلت هيلاري لدى الجانب المصري للتوسط لإنهاء الحرب، واعترفت بعد ذلك بأن " مرسي رجل دولة نجح في وقف الحرب على غزة وإعادة مكانة مصر التاريخية".

وانتهت الدراسة إلى أن "مذكرات هيلاري كلينتون لم تكن منصفة فيما يتعلق بالإخوان والرئيس مرسي على وجه التحديد، إذ بدا منطقها متشككا طول الوقت، مع إظهار انحيازها، والإدارة الأمريكية التي تعبر عنها بالطبع، للقوى المناوئة للإخوان وللكيان الصهيوني على طول الخط، وفي هذا أبلغ رد على من يشكك ويردد من قوى "الثورات المضادة" في أن إدارة أوباما أتت بالإخوان لحكم مصر ودعمتهم للوصول إلى السلطة".


لقراءة نص الدراسة : من هنا