في يوم الطفل العالمي ..أطفال مصر بلا حقوق

الأربعاء - 24 نوفمبر 2021

  • منظمة حقوقية : اعتقال 1274 طفلا في 9 سنوات بمصر 
  • ارتفاع عدد أطفال الشوارع لأكثر من مليون
  • تسمم طلاب المدارس بسبب وجبات فاسدة تابعة للجيش
  • تسرب من التعليم وارتفاع حجم عمالة الأطفال ( نحو 2.2 مليون طفل

في الوقت الذي يحتفي فيه العالم باليوم العالمي للطفل على مدار الأسبوع الجاري ، نجد ان الطفل المصري في ظل النظام المصري الفاشل ، يعاني من فقدان كل حقوقه ، بل وجدنا أن النظام يحاسب هؤلاء الأطفال على مواقفهم السياسية ، حيث رصدت منظمة حقوقية اعتقال 1274 طفلا في 9 سنوات بمصر، كما ارتفع عدد أطفال الشوارع لأكثر من مليون، هذا إلى جانب ما تدفعه آلاف الأسر والأطفال من أثمان باهظة نتيجة اعتقال الأب أو الأم أو كلاهما ..

 كما دفع النظام التعليمي الفاشل مليون ونصف تلميذ للتسرب من المدارس ، ويهدد أطفال مصر ظاهرة العمالة المبكرة ، حيث أكد تقرير لمنظمة العمل الدولية عمل  26% من أطفال مصر بمعدل 2.2 مليون طفل، والنظام الفاشل لم يكتفي بإهدار حقوق الأطفال ، بل يخاطر بصحتهم حيث تتوالي ظهور حالات تسمم بين طلاب مدارس 6 محافظات مصرية، إثر تناولهم وجبات مدرسية فاسدة تابعة للجيش ، ومن خلال سطور هذا التقرير نتعرض للتفاصيل.

أشارت مؤسسة" بلادي جزيرة الإنسانية" إلى الوضعية الهشة للطفل المصري خاصة في ظل تراخي أجهزة حماية الطفولة حول ما يحدث من انتهاكات في حق الأطفال داخل السجون ودور الرعاية.

وأصدرت المؤسسة الحقوقية بحثا تحليليا لمعطيات 1274 طفلا تم اعتقالهم أو سجنهم على مدى تسع سنوات (2013 ـ 2021) من عمر شهر إلى 18 سنة جاء عام 2014 في صدارتها بأعلى معدل خلال التسع سنوات الماضية بـ 350 طفلا وطفلة تلاها عام 2019 بالتزامن مع تحركات 20 سبتمبر التي طالبت برحيل السيسي.

وأوضح البحث أن الفئة العمرية من 13 إلى 18 سنة شكلت الأغلبية بنسبة 97.8% و طالت حالات القبض والاعتقال للأطفال 20 محافظة من محافظات الجمهورية أغلبها بالقاهرة بنسبة 19% تعرضوا لصنوف متنوعة من الانتهاكات حيث تغض النيابة والقضاء والصحة عن الممارسات الوحشية بحق الأطفال. 

وطالبت المؤسسة بإطلاق سراح جميع الأطفال المحتجزين في السجون ودور الرعاية باتهامات سياسية ومحاسبة كل من أقدم على انتهاكات بحق كل طفل تم احتجازه بإجراءات غير قانونية أو تم الاعتداء عليه بأي شكل من الأشكال.

كما طالبت بالتعجيل بتصديق مصر على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري وتكوين لجنة مستقلة للتحقيق في الانتهاكات التي تعرض لها الأطفال منذ 2013 وحتى الآن ومحاسبة المتورطين فيها.

وأوصت بالتعجيل بمراجعة القضايا التي حكم فيها على أطفال بالإعدام أو السجن المؤبد أو المشدد ومحاولة تخفيفها والعمل على دمجهم داخل المجتمع

وأكدت "بلادي جزيرة الإنسانية" افتقار معظم السجون المصرية إلى سياسة متماسكة لتوفير النظافة للسجينات ورصدت  جهدا ضئيلا أو منعدما لتوفير مرافق النظافة من مرحاض وصرف صحي وأدوات نظافة من قبل إدارات السجون، وهو ما أكدت عليه سجينات سابقات

ونقلت المنظمة بعض شهادات حول الانتهاكات المسلطة على السجينات السياسيات بخصوص حقهن في المرحاض والصرف الصحي والنظافة.

تعذيب الأطفال داخل السجون

ورغم أن الطفل المصري مظلوم طوال العقود الماضية؛ إلا أنه منذ الانقلاب، عانى، مثل باقي الفئات العمرية، من ويلات حكم العسكر، وبدأت قصة اعتقال وخطف الأطفال في مطلع العام 2015 ، حيث اعتقلت الشرطة مئات الأطفال، تخللها الاستجواب بالضرب والصعق والتهديد  قبل العرض على النيابة العامة ومن ثم الحكم الجائر على عشرات الأطفال والإيداع في السجون.

وكشف تقرير لمنظمة "ـهيومن رايتس ووتش" قبل سنوات تقريرا كارثيا قالت فيه "لم يراعِ أحد كونه طفلا، انتهاكات قوات الأمن المصرية ضد الأطفال المحتجزين عن العديد من الجرائم التي ارتكبتها السلطات الأمنية المصرية بحق عشرات الأطفال الذين تراوحت أعمارهم بين 12 و17 عاما عند اعتقالهم، في مناطق مختلفة من مصر منها الإسكندرية والقاهرة ودمياط والجيزة والإسماعيلية والمنصورة وشمال سيناء والقليوبية والشرقية".

ووثق التقرير كذلك التصاعد الكبير في حالات الإخفاء القسري بشأن الأطفال خلال تظاهرات سبتمبر 2019 التي دعا إليها الفنان المقاول محمد علي والتي لاقت استجابة طفيفة من المصريين، حيث أوقفت السلطات أكثر من 4,400 شخص، بينهم متظاهرون وساسة ومحامون ومارة وأطفال.

أطفال الشوارع جريمة نظام

وتشير تقديرات إلى أن عدد أطفال الشوارع الذين لا يجدون مأوى يتراوح بين 50-100 ألف وهي الأرقام الموثقة، فيما تشير مصادر أخرى إلى أن هذا الرقم قد يصل إلى مليون حسبما قال نصر السيد وهو الأمين العام السابق للمجلس القومي للأمومة والطفل.

من جانبه، قال هاني هلال رئيس ائتلاف حقوق الطفل، إن "ظاهرة الأطفال المشردين قنبلة موقوتة انفجرت بالفعل داخل المجتمع المصري لافتا إلى أنه لا توجد إحصاءات دقيقة حول نسبة الظاهرة في مصر والتي تزايدت مؤخرا بصورة كبيرة حيث يلجأ الأطفال إلى أماكن التجمعات والميادين".

وأضاف "هلال": "هناك كارثة وهي أن معدلات الهروب والنفور من دور الرعاية الاجتماعية المخصصة للأطفال تصل إلى 40% من بين الأطفال لنقص الخدمات داخل تلك الدور بسبب الأوضاع الاقتصادية والمعاملة السيئة التي يلقونها داخلها، يجعل الأطفال يجدون الشارع بيئة خصبة لحياتهم، وهو الأمر الذي يعرضهم لأخطار عدة مثل المتسولين الذين يستغلونهم لتحقيق أموال من التسول".

الأطفال يدفعون ثمن الفشل الاجتماعي للنظام

وفي ظل الظروف الاقتصادية الصعبة وتصاعد مشاكل الأسرة المصرية نتيجة تللك الظروف، تزايدت حالات التفكك الأسري الذي تؤثر بصورة مباشرة على أطفالنا ، وقد كشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء مؤخرا، عن وقوع حالة طلاق كل دقيقتين و11 ثانية في مصر خلال 2019 بزيادة قدرها 8% عن عام 2018، وهذا يعني أن حالات الطلاق تبلغ في اليوم الواحد أكثر من 600 حالة.

ويُقدر عدد المطلقات حاليا في مصر بأكثر من 5.6 مليون سيدة، مخلفين ما يقرب من 7 ملايين طفل، واحتلت الأسباب الاقتصادية الأهم في الخلافات الأسرية التي أدت إلى الطلاق المبكر .

أطفال بلا تعليم

كما أشار تقرير حديث صادر من منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، إلى " تصاعد أعداد الأطفال المتسرّبين سنويا من التعليم في مصر أيضا".

وترى الدكتورة أمل محسن، استشاري الطب النفسي، أن الفقر يساوي في تسرب الأطفال من التعليم ولا يميز بين فتاة وذكر، لافتة إلى أن ما يجب أن تتداركه الأسرة والمدرسة، هو أن الطفل الذي يعاني صعوبات تعلمية يزداد عنفه تجاه الآخرين نتيجة شعوره بالدونية

وتشير استشارية الطب النفسي إلى أن التسرّب من التعليم يتسبب في مشاكل نفسية عديدة للأطفال، مثل الشعور بالدونية والحقد على أقرانهم المنتظمين في العملية التعليمية والاكتئاب والخجل والانطواء.

طبقا لأحدث الإحصاءات الصادرة عن وزارة التربية والتعليم بحكومة الانقلاب وصلت أعداد الطلاب المتسربين في المرحلة الإعدادية إلى 951 ألفا و540 طالبا، منها 77 ألفا و412  طالبة و82 ألفا و128  طالبا، وأوضحت الإحصاءات أن التسرب من المدارس في المرحلة الابتدائية لطلاب المديريات التعليمية وصل إلى 54 ألفا و214، منهم 27 ألفا و88 طالبا و18  ألفا و146 من البنات.

تسمم أكثر من 200 طالب بسبب الفساد في الوجبة المدرسية

وحتى الجانب الصحي للأطفال لم يسلم في عهد الانقلاب ، فمنذ بداية العام الدراسي الحالي، نجد أن الوعود الحكومية بتوفير وجبة غذائية لطلاب المدارس ، عن طريق شركات الجيش ، وتحول الأمر لكارثة بعد تسمم أكثر من 200 طالب بأكثر من 6 محافظات .

وقد تقدّمت النائبة ببرلمان العسكر عن الحزب الديمقراطي الاجتماعي، سناء السعيد، أمس الثلاثاء، ببيان عاجل إلى وزير التربية والتعليم، طارق شوقي، بشأن حدوث حالات تسمّم وإعياء شديد للعشرات من التلاميذ في المرحلة الابتدائية عقب تناولهم الوجبة المدرسية، وذلك في مدارس مركزي البداري والقوصية بمحافظة أسيوط، جنوبيّ البلاد.

وتساءلت السعيد عن إجراءات الوزارة حيال سلامة الوجبات المدرسية، ولا سيما أنها ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها التلاميذ للتسمم والإعياء بسبب تناولها، مشيرة إلى جمع تلك الوجبات بواسطة محافظة أسيوط بعد تسليمها للمدارس في قرى مركز ساحل سليم، الاثنين، إثر ظهور حالات إعياء جديدة بين التلاميذ.

وفي 18 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، شهدت عدة مدارس ابتدائية في محافظة كفر الشيخ وقائع تسمّم جماعي للتلاميذ عقب تناولهم الوجبة المدرسية. واستقبل مستشفى العبور للتأمين الصحي، ومستشفى كفر الشيخ العام، العشرات من التلاميذ عقب ظهور أعراض تسمّم عليهم بعد تناولهم العصير في الوجبات المدرسية، الذي تبيّن فيما بعد أنه "منتهي الصلاحية".

وساد الغضب مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، وتبادل المغردون المصريون  منذ كشف حالات التسمم، التحذيرات من تناول الطلاب الوجبات، وصبّوا كل غضبهم على النظام وسيطرة الجيش على قطاعات الدولة.

وخاطب أحد المغردين ويدعى "محسن عفونة" ، حساب السيسي الرسمي متهما وزير التعليم ، وقال: "‏هذا مصير 9,000,000,000 (تسعة مليارات) جنيه مصري من ميزانية الدولة لوجبات فاسدة تسمم فلذات أكبادنا بأموالنا وجبات وزارة التربية والتعليم لإمبراطور العالم الإفتراضي…وغول التصريحات الهلامية… حوت التطوير العشوائي لتخريب التعليم! سيادة الرئيس… حاسبوا الفاسدين! @AlsisiOfficial".

وتعد شركة "سايلو فودز" هي المعنية بتصنيع الوجبات المدرسية في مصر، وشهد السيسي افتتاحها هذا العام في مدينة السادات بمحافظة المنوفية، بغرض تولي عملية إمداد وزارة التربية والتعليم بالوجبات الغذائية لإجمالي 13 مليون طالب تقريباً بمراحل التعليم الأساسي المختلفة، ما يدرّ أرباحاً طائلة على الشركة المملوكة بالكامل للجيش.

يذكر أن جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، التابع للجيش، قد تورط في واقعة تسمّم نحو 2243 تلميذاً في محافظة سوهاج بصعيد مصر، إثر تناولهم وجبات مدرسية منتهية الصلاحية وردها الجهاز في عام 2017.

عمالة الأطفال

تعد أحد أخطر الظواهر أيضا التي تهدد المجتمع المصري فقد بلغ حجم عمالة الأطفال في مصر وفق تقديرات منظمة العمل الدولية نحو ما يقرب من 2.2 مليون طفل، بنسبة تصل إلى 26%، ووفقا لآخر إحصائية للجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء.

منهم 83% يعملون في الريف مقابل 16% في المدن، وأن 46% من إجمالى هؤلاء الأطفال العاملين يتراوح بين 15 و 17 سنة ، وأن 78% منهم من الذكور و 21% من الإناث، وأن عدد ساعات العمل التي  يقضيها هؤلاء الأطفال في العمل  تتعدى أكثر من 9 ساعات يوميا في المتوسط، وأكثر من ستة أيام في الأسبوع، أي أن  عدد ساعات العمل  بالنسبة للطفل قد تتجاوز عدد ساعات عمل الكبار

ويوجد في محافظة الدقهلية وحدها 220 ألف طفل يعملون في مصانع الألومنيوم بميت غمر ومصانع التريكو والملابس الجاهزة وورش الخراطة والمعادن والمطاعم وورش النجارة ولحام الكاوتش ومحلات الحلاقة.