غياب الأمن الجنائي لحساب السياسي .. مصر تغرق في وحل الجريمة!

الثلاثاء - 2 نوفمبر 2021

شاب يقطع رأس صديقه ويمشي بها في شوارع الإسماعيلية  ..

وقتل طفلة بعد اغتصابها بالمنوفية

 

في ظل تصاعد الانفلات الأمني بمصر، وانصباب أمن السيسي على ملاحقة النشطاء والسياسيين وبناء السجون .. شهدت مصرعلى مدار الساعات القليلة الماضية جرائم مروعة .. حيث  أقدم مواطن مصري على قطع رأس آخر في وضح النهار والسير بها في شوارع محافظة الإسماعيلية وسط حالة ذهول ورعب من المارة، فيما تم قتل طفلة بعد اغتصابها في محافظة المنوفية..

في ظل ارتفاع هستيري في نسبة الجريمة بالشارع المصري ..  بين قضايا القتل والعنف الأسري إلى التحرش وجرائم الشرف ..  ودراسة تؤكد أن مصر تحتل المركز الثالث عربيا والـ24 عالميا في جرائم القتل، ومن خلال سطور هذا التقرير نفتح ملف تصاعد العنف والجريمة الجنائية في مصر والأسباب التي أدت لذلك .

ففي "جريمة مروعة"، أقدم  عامل سابق في معرض أثاث على قتل صديقه في الشارع وقطع رأسه باستخدام "ساطور"، ثم حمل الرأس وسار به في الشارع لمدة قاربت الساعة، وسط غياب تام لأجهزة الشرطة ،مثيراً حالة من الفزع والرعب بين المواطنين.

وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، مقاطع فيديو متعددة توثق قيام المجني عليه برفع ساطور كبير وضرب رقبة الضحية عدة مرات وسط محاولات على استحياء من بعض المارة لثنية عن القيام بذلك.

الحادث المروع الذي يعد سابقة جنائية في مصر،تصدر مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، طوال يوم أمس الاثنين ، بوسمين هما #الإسماعيلية و"تجار المخدرات"، وسط استهجان كثيرين من تصوير الجريمة ونشر الصور ومقاطع الفيديو على نطاق واسع.

وتباين المغردون في تناولهم لجريمة الإسماعيلية، فمنهم من لام سلبية المارّة، ومنهم من هاجم النظام وغياب الأمن وتشجيع البلطجة، فيما تباكى آخرون على ما اعتبروه انهياراً مجتمعياً.

وعززت الأذرع الإعلامية والكتائب والمواقع فرضية سلبية المارّة وانهيار المجتمع، في محاولة منها لإبعاد تهمة التخاذل عن الأجهزة الأمنية، وغياب المعلومات الرسمية عن جريمة الإسماعيلية لساعات متأخرة من الليل، باستثناء بيان مقتضب من النائب العام، دعا فيه إلى سرعة التحقيقات، وتسريبات أمنية نشرتها المواقع باتهام القاتل بالاختلال العقلي، وأخرى عن علاقات غير شرعية وراء الحادث.

واجتمع المذيعون أحمد موسى في قناة "صدى البلد"، وتامر أمين في قناة "النهار"، وسيد علي في قناة "الحدث"، على رثاء سلبية المصريين وانهيار المجتمع وتفشي الجريمة، دون الإشارة من قريب أو بعيد إلى تخاذل الشرطة والأجهزة الأمنية في توقيف المشتبه فيه بجريمة الإسماعيلية، بل على العكس، غسلوا أيدي الشرطة والأمن من أي مسؤولية.

لكن أحد ضيوف موسى، وهو شاهد عيان على جريمة الإسماعيلية، أحرجه، وخالف أجندته ودافع عن الأهالي، وأكد أنهم حاولوا الدفاع عن الضحية، وأصيب ثلاثة منهم بالفعل بجروح خطرة، فيما منعوا المشتبه فيه من إشهار سلاح ناري في وجوههم

وهاجم البرلماني المصري السابق باسل عادل، المحسوب على النظام، انتشار البلطجة والسكوت عنها، وغرّد قائلاً: "‏#الإسماعيلية كمان وكمان على وزن فيلم الراحل يوسف شاهين، لأن جريمة إسماعيلية هتتكرر مش عشان أنها مجرد جريمة لا، عشان الإجرام في بلدنا شطارة، والقوة هي اللي سايدة (عنف المجتمع من عنف العيشة، وعنف العيشة من عنف المجتمع)! أناشد كل من يهمه أمر هذا الشعب أن يلتفت لعلاج أسباب البلطجة"

«شهد» الطالبة اليتيمة قتلوها بعد اغتصابها!

"أنا عاوز أحافظ على البنات" الجملة الأشهر للرئيس الشهيد محمد مرسي  في آخر خطاب له ، كأنه كان على بصيرة بالمستقبل ، فكل ما فيه تحقق ، فمرت ثمان أعوام على الانقلاب على الرئيس مرسي ، شهدت مصر ما لم تشهده من قبل خاصة تلك الحوادث الخاصة بالفتيات.

وعثر أهالي قرية ساقية المنقدي بمركز أشمون ، علي جثة "شهد" الطالبة اليتيمة بالصف الأول الإعدادي مقتولة خلف محول كهرباء وذلك عقب ساعات من اختفائها، وليست "شهد" الوحيدة ولن تكون الأخيرة بالطبع، فقد شهدت مصر في ال الأخيرة ، انتشارا ملحوظا لجرائم اعتداء على الأطفال، ما بين اغتصاب وقتل واختطاف، هزت المجتمع المصري، كان أكثرها بشاعة اغتصاب طفلة لم تبلغ العامين من عمرها في محافظة الدقهلية، على يد عامل يبلغ 35 عاما.

1000 حالة اغتصاب..!

يقول مراقبون إن "هذه الحوادث تزايدت بشكل ملحوظ بعد انقلاب يوليو 2013، وهو ما أكده المركز القومي للأمومة والطفولة الذي كشف عن تسجيل ألف حالة اغتصاب للأطفال في الفترة من يناير إلى أكتوبر الماضي  فقط .

مصر تسجل ارتفاعا في معدلات الجريمة

وفي تحقيق لجريدة الشروق المقربة من الأجهزة الأمنية ، أكدت أن مصر تصاعدت فيها قضايا القتل والجريمة بشكل عام ، خاصة العنف الأسري والزوجي  و التحرش وجرائم الشرف.

حيث أشارت دراسة صادرة عن جامعة عين شمس، أن جرائم القتل العائلي وحدها باتت تشكل نسبة الربع إلى الثلث في إجمالي جرائم القتل، فيما أكدت دراسة أخرى للمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، أن نسبة 92% من هذه الجرائم تُرتكب بدافع العرض والشرف، فضلا عن العوامل الاقتصادية التي أصبحت من بين أبرز أسباب تضاعف معدلات القتل العائلي.

وأكدت أن من واقع سجلات ومحاضر الشرطة، سُجلت معدلات مرتفعة في جرائم القتل بأنحاء الجمهورية خلال شهر يوليو الماضي، تجاوز عددها 50 حالة، أغلبها كان بدافع السرقة أو لخلافات أسرية على توفير احتياجات المعيشة، أو خلافات على تقسيم أرباح التجارة، بالإضافة لجرائم الشرف التى تذيلت القائمة.

 

أرقام مرعبة عن انتشار «الجرائم» فى مصر

الدراسات العالمية اكدت ان  مصر تحتل المركز الثالث عربيًا فى معدلات الجريمة، والـ24 عالميا في جرائم القتل، بحسب تصنيف "ناميبو" لقياس معدلات الجرائم بين الدول ، بعد ليبيا والجزائر، حيث تنوعت الجرائم ما بين قتل وسرقة واغتصاب، والتجارة فى الأعضاء البشرية.

فضلًا عن زيادة جرائم القتل العمد بنسبة 130%، والسرقة بالإكراه 350%، إضافة إلى وجود «92» ألف بلطجى فى مصر، والمسجلون خطر ارتفعوا بنسبة 55%.

وكشف تقرير لقطاع مصلحة الأمن العام حول معدلات الجريمة فى مصر عن ارتفاع معدلات الجرائم بشكل عام فى العام الماضي، خاصة القتل والسرقة بالإكراه وسرقة السيارات، إذ سجلت ٥٨١٤ كما تصاعدت حوادث الجنح بصفة عامة وسجلت ٤٠٢٢٢ حادثة

وكشف التقرير، أن نسبة الزيادة فى معدل جرائم القتل العمد بلغت ١٣٠٪، أما معدلات السرقة بالإكراه فقد زادت بنسبة ٣٥٠٪؛ إذ سجلت ٢٦١١ جريمة، أما سرقة السيارات فقد زادت بنسبة ٥٠٠٪، وأكدت إحصائيات رسمية صادرة عن وزارة الداخلية أن فى مصر أكثر من ٩٢ ألف بلطجى ومسجل خطر، ارتكبوا جرائم قتل واغتصاب وخطف

كما أكد تقرير صدر مؤخرا عن المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية‏، ارتفاع نسبة المسجلين‏ ليزيد على ‏٥٥٪‏ من إجمالى المسجلين البالغ عددهم رسميا ٩٢ ألفا و‏٦٨٠‏ شخصا، بحسب البيانات الصادرة عن وزارة الداخلية، بخلاف غير المسجلين فى الأوراق الرسمية.

وكشفت إحصائية صادرة عن المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية أن 92% من الجرائم الأسرية تندرج تحت ما يسمى جرائم الشرف، وأن 70% منها ارتكبها الأزواج ضد زوجاتهم، و20% ارتكبها الأشقاء ضد شقيقاتهم، بينما ارتكب الآباء 7% فقط من هذه الجرائم ضد بناتهم والنسبة الباقية وهى 3% ارتكبها الأبناء ضد أمهاتهم، واتضح أن 70% من هذه الجرائم اعتمدت على الشائعات، وكشفت تحريات المباحث فى 60% منها أن السبب سوء ظن الجانى بالضحية، وأنها ليست فوق مستوى الشبهات.

65%من المجرمين "بلا سوابق"

واعترفت جريدة الاهرام بالارتفاع المهول في نسبة الجرائم بمصر ، ولكن فجرت مفاجاة بتأكيدها أن مرتكبي تلك الجرائم من الشباب وهي جرائم يتم ارتكابها لأول مرة‏.‏، وان 65% % من المجرمين بلا ســـــــوابق طجة

اسباب تصاعد الجريمة بمصر

وعن تصاعد معدلات الجريمة بمصر ، يؤكد اللواء عزت الشيشيني مستشار المركز الديموجرافي أن ظاهرة العنف في المجتمع المصري تعود إلي العديد من الظواهر السائدة في المجتمع مثل البطالة وانتشار العشوائيات وأطفال الشوارع والفقر, كما أن فئة الشباب هي أكثر فئات المجتمع ارتكابا لجرائم العنف لما تتميز به هذه الفئة من قوة ورعونة بحكم التركيب الجسماني والنفسي لها وطبقا للإحصائيات الواردة في تقارير الأمن العام فالشباب في الأعمار18 إلي30 سنة قد ارتكبت50% من جرائم القتل, و57% من جرائم الضرب المفضي للموت, و80% من جنايات الاغتصاب,,80% من جنايات هتك العرض, كما أن البطالة لها نصيب وافر في جرائم العنف, فقد ارتكب المتعطلون عن العمل18% من إجمالي الجنايات و30% من جنايات السرقة بالإكراه, كما أن الأمية سببا من أسباب العنف في المجتمع فقد ارتكب الأميون80% من أجمالي جرائم العنف و83% من جنايات القتل العمد وحدها و93% من جنايات الاغتصاب وحدها. ويري الشيشيني أن الالتقاء بالشباب والاستماع لمطالبهم خاصة السياسية يمكن أن يؤدي إلي إزالة حالة الاحتقان بينهم.

كما أكدت الدكتورة منى عبد المقصود، رئيس أمانة الصحة النفسية وعلاج الإدمان بوزارة الصحة، أن نتائج الدراسة التي أعدتها الأمانة عن الصحة النفسية وسوء استعمال المواد المخدرة أدت للتوسع في أرتكاب الجرائم ، خاصة بين الطلبة  ، مؤكدة ان طلبة المدارس الثانوية، أظهرت أن معدل انتشار المواد المخدرة 0.86%، وأكدت أن المقاهي هي الأماكن الرئيسية للتوزيع، خاصة بين الطلاب الذكور والصيدليات والنوادي في المرتبة الثانية بشكل أساسي بين الطالبات.

الظروف الاقتصادية والفقر

أما الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، فقد أرجع أسباب تزايد معدل الجرائم في السنوات الأخيرة إلى انتشار الفقر والبطالة، وخاصة بسبب تداعيات فيروس كورونا مؤخرا، وأيضا زيادة نسب تعاطي المخدرات، مشيرا إلى أن المخدرات تزيد معدل العنف، وتدمر طريقة الحكم على الأمور.

"الدراما الفنية" تقف وراء الظاهرة

وهناك دراسة حكومية تشير إلى أن أكثر من 95% من الأعمال الدرامية المصرية التي تقدم على القنوات الفضائية الخاصة فيها شكل من أشكال الجريمة والعنف، والتخطيط لتدبير الجريمة والعنف والبلطجة والتعديات على قيم المجتمع أو انتهاك قيمه، والرغبة في الثراء السريع، مؤكدًا أن كل تلك الأمور تُشكل في وعي المواطن مشكلة خطيرة وهي «اللامبالاة» أو أنه يرى مشاهد القتل والعنف أو البلطجة «أمور عادية جدًا»، لكن هناك شيئًا أخطر ألا وهو «تجارة المخدرات» وانتشار الجيل الجديد من المواد المخدرة مثل: «الأستروكس، الشبو، الفودو»، المخدرات المخلقة التي هي أكثر عنفًا والتي ابتلي بها المجتمع المصري في الفترة الأخيرة.

 فيما أصدرت وزارة الداخلية مؤخرا تقريرا يكشف معدلات الجريمة في البلاد وأسباب ارتفاعها، التي أرجعها إلى انتشار الأسلحة النارية، والإفراج عن عدد كبير من العناصر الإجرامية، وشيوع ظاهرة العنف الاجتماعي، والتأثيرات الناجمة عن الأعمال الفنية من الأفلام والمسلسلات، وانعكاسها على تقليد المواطنين لها، والظروف الاقتصادية والمتغيرات المحيطة بالدولة

وتابع التقرير الصادر عن وزارة الداخلية المصرية، أن وراء زيادة معدل الجرائم، ظهور أنماط جديدة للجريمة، وتكوين تشكيلات عصابية جديدة من الشباب العاطلين، وسهولة تنفيذ البعض لجرائم السرقات بسبب قصور المواطنين في وسائل تأمين ممتلكاتهم، وغياب الوعي الاجتماعي والثقافي، واستغلال البعض للحرب التي تخوضها الدولة على الإرهاب.