فخ الصين يطارد الدول الفقيرة والنامية.. ومصر تغرق في ديون بكين

الخميس - 16 ديسمبر 2021

تنتهج الصين، الدولة التي تمثل ثاني أكبر اقتصاد في العالم، سياسات ناعمة في السيطرة على الدول النامية والفقيرة والاستيلاء على مقدراتها، من خلال إغراقها في الديون التي تقدمها للإسهام في بناء مشروعات للبنية التحتية وغيرها تحت مسميات عدة منها مبادرة "الحزام والطريق".

وعلى مدى 18 عاماً، أقرضت الصين أموالاً لـ 13427 مشروعاً للبنية التحتية بقيمة 843 مليار دولار في 165 دولة، وفقاً لمركز الأبحاث AidData في جامعة ويليام أند ميري بولاية فرجينيا الأمريكية.

كيف تقرض الصين تلك الأموال؟

معظم ديون الحكومة المحلية في الصين مملوكة من قبل المؤسسات المالية المملوكة للدولة أو التي تسيطر عليها الدولة.

حيث تعتمد الحكومة الصينية منذ عقود على الاقتراض خارج الموازنة العمومية من خلال آليات التمويل الحكومية المحلية، ولا يتم تسجيل العديد من هذه القروض، فالشفافية ضعيفة عندما يتعلق الأمر بكيفية استخدام الأموال.

وبالتالي لا تظهر مثل هذه القروض في الحسابات الرسمية للديون الحكومية، ذلك لأن مؤسسات الحكومة المركزية لم يتم ذكرها في الكثير من الصفقات التي أبرمتها البنوك الحكومية الصينية.

هل تقع مصر في الفخ الصيني؟

في عام 2018، وقعت مصر عدداً من الاتفاقيات والعقود مع الشركات الصينية لتنفيذ مشروعات تنموية في إطار مبادرة "الحزام والطريق"، بقيمة استثمارية تبلغ نحو 18.3 مليار دولار، وفقاً لبيان صادر عن المتحدث باسم الرئاسة المصرية بسام راضي.

كما حصلت مصر على قرض بلغت قيمته 3 مليارات دولار من الصين فى أكتوبر/تشرين الأول 2016، قبل أن تحصل على قرض صندوق النقد الدولي.

حيث كان لزاماً عليها الحصول على 6 مليارات دولار وهو قيمة التمويل اللازم لحصول مصر على الشريحة الأولى بقيمة ملياري دولار من قرض صندوق النقد الدوليّ لمصر بإجمالي 12 مليار دولار على مدار 3 سنوات.

في تقرير الوضع الخارجي رقم 74 للاقتصاد المصري، الذي صدر مؤخراً عن البنك المركزي المصري، جاءت الصين في صدارة الدول الدائنة لمصر بنهاية يونيو/حزيران الماضي مستحوذة على نحو 4.631 مليار دولار من إجمالي الديون الخارجية المستحقة على مصر للدول.

ويبلغ الدين الخارجي الإجمالي المصري نحو 137.85 مليار دولار بنهاية يونيو/حزيران 2021، تستحوذ الصين منه على نحو 3.35%.

الكاتب عادل صبري، المتخصص في الشأن الصيني، قال إن هناك ديوناً مستترة اقترضتها مصر من الصين لإنشاء البرج الأيقوني ومجمع الوزارات التي تنفذه شركات صينية ولشراء قطار العاصمة والقطار السريع.

وأضاف صبري، خلال مقاله المنشور في موقع "الجزيرة نت"، إلى وجود قروض حصل عليها البنك الأهلي وبنك مصر، وشركات قطاع الأعمال التي حصلت بمفردها على ما يزيد عن نصف مليار دولار من الصين لتطوير قطاع الغزل والنسيج.

ولكن قيمة هذه القروض اختفت، حيث أشار صبري إلى أن تقارير البنك المركزي والموازنة العامة للدولة جاءت بدون أرقام الدين الخاصة بالشركات والجهات المحلية التي اقترضت أموالاً من دول ومؤسسات أجنبية بالعملة الصعبة، والتي تحصل عادة على ضمان من وزارة المالية.

ويصاحب الديون المستترة، التي تدفعها الصين للدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط، فوائد أعلى من المعدلات الدولية، وفترة سنوات أقل، فضلاً عن كونها توجه للشركات والبنوك العامة كما ذكرنا سلفا.

وذكر صبري أن تكلفة بناء البرج الأيقوني بالعاصمة الإدارية الجديدة تبلغ 3.2 مليار دولار، ما يعني أن الصين حولت القرض إلى شركة العاصمة الإدارية الجديدة.

لذلك لم يظهر في الميزانية العامة ولا التقارير الدولية، ولم يعرض على البرلمان، ولم تظهر تفاصيل عقوده في الصحف أو أية جهة رسمية، أسوة بغيره من القروض الصينية المماثلة، ولا تظهر أرقام هذه القروض إلا فيما تذكره بيانات السفارة الصينية بالقاهرة أو حكومة بكين، وفق تعبير صبري.

كما أن البنوك الصينية يفترض أنها قدمت نحو 85% من التمويل اللازم لبناء ناطحة السحاب في العاصمة المصرية الجديدة والبالغ قيمتها 3 مليارات دولار، وذلك حسب تصريحات أحد المسؤولين في الشركة الحكومية الصينية المسؤولة عن مشروع العاصمة الجديدة، لوكالة "بلومبيرغ" الأمريكية.

وتلقى البنك الأهلي نحو 600 مليار دولار أمريكي من بنك التنمية الصيني، ونحو 500 مليون دولار لبنك مصر على هيئة ضمانات تصل لتمويل المشروعات التي يساهم فيها شركات صينية، ناهيك عن قروض أخرى لم يتم الإعلان عنها.

وبالتالي ينذر هذا الواقع بسيناريو كارثي يتطلب ضرورة الحذر والعمل على وقف شهية الاستدانة المفتوحة بشكل عام ومن الصين بشكل خاص حتى لا تقع مصر فريسة للفخ الصيني الذي قد يكرر سيناريو الدول التي عجزت عن سداد ديونها له مع القاهرة عبر السيطرة على المشاريع الحيوية داخل العاصمة الإدارية الجديدة التي يعمل على تمويلها.

المصدر: عربي بوست