غضب شعبي لتبديد أموال المصريين: منتدى الشباب.. واجهة براقة لواقع مظلم
الثلاثاء - 11 يناير 2022
وسط "مظاهر بذخ" غير عادية من عبد الفتاح السيسي، انطلقت في 10 يناير 2022 بمدينة شرم الشيخ، فعاليات "منتدى شباب العالم" في نسخته الرابعة، بمشاركة 196 دولة.
يأتي المنتدى قبل 15 يوما من ذكرى "ثورة غضب" المصريين على فساد نظام حسني مبارك (1981-2011)، في خطوة استفزازية جديدة من السيسي لاقت انتقادات لاذعة.
وتثار كل عام مسألة تكاليف مؤتمرات الشباب التي يحرص السيسي على عقدها ليخطب فيها، مقابل عدم وجود عائد من ورائها سوى البروباغندا السياسية. وفي كل مرة يندلع "نقاش إلكتروني" بين مؤيدين ومعارضين حول هذا البذخ ومن يتحمله؟
وتكرر نفس النقاش هذا العام على مواقع التواصل مجددا، في ظل غياب الأحزاب واعتقال وسجن النشطاء والمؤثرين، وأثارت نفقات المؤتمر غضبا على مواقع التواصل بسبب البذخ والترفيه، رغم أن التكاليف سرية.
وانتقد مراقبون وسياسيون الإصرار على عقد منتدى شباب العالم، وتسخير كل أجهزة الدولة في عملية الاستعداد للمناسبة، وإهدار طاقات هائلة من جهد المئات ووقتهم، وملايين الجنيهات التي تنفق، ووصف كثيرون المناسبة بأنها مفتعلة وفي غير أوانها.
شركة مصر للطيران التابعة للحكومة تتحمل تكاليف نقل الآلاف من ضيوف المهرجان من خارج مصر ومن داخلها إلى مدينة شرم الشيخ، وهي بالطبع فاتورة كبيرة جداً، ذلك بالإضافة إلى الأموال التي ترصدها محافظة جنوب سيناء من أجل التأمين وما إلى ذلك من أمور لوجستية".
ميزانية بمئات الملايين
المواقع الخاصة بالمؤتمر، والتي أعلنت عن استضافة المؤتمر حرصت في بند التمويل على تأكيد أن "التغطية المالية ممولة بالكامل من مصر"، وأنه مؤمن بالكامل من قبل قوات الأمن وكاميرات مراقبة تغطي شرم الشيخ بالكامل.
ووصل البذخ للإعلان عن "روبوت" يوزع الأطعمة والمشروبات على الحضور، وتوزيع "لاب توب" على الحاضرين، وتصميم كل أبواب المؤتمر الخاصة بقاعات وجلسات ووسائل الانتقال بالمنتدى بحيث تكون "ذاتية التعقيم"
وأيضا توفير فريق طبي ضخم ومزود بإمكانيات متخصصة لفحص ومتابعة أي حالة يتم الشك في إصابتها بأي أعراض، في وقت تتزايد فيه أرقام إصابات كورونا وتؤكد تقارير أن حكومة النظام "لا تعلن الحقيقة"
وردت لجان السيسي الإعلامية، وضمنهم الكويتية رغدة السعيد، عارضة أسماء شركات تكفلت بنفقات المؤتمر، زاعمة أن "الدولة لا تتحمل أي مصاريف"، وهو نفس ما يقال كل عام.
وقالت صحف مصرية إن قائمة الرعاة الرسميين للمنتدى تشمل نخبة كبيرة من المؤسسات المحلية والعالمية المتنوعة بين المنظمات الدولية، والشركات الاستثمارية والبنوك والوزارات والجامعات.
وأشارت إلى تبرع إدارة المنتدى بمبلغ 50 مليون جنيه مصري (ثلاثة ملايين دولار) "من فائض ميزانيتها هذا العام" لدعم وتمويل مختلف المبادرات التنموية.
مصدر مطلع في اللجنة المنظمة للنسخة السابقة من منتدى شباب العالم في أواخر عام 2019، قد كشف أن تكلفة النسخة الثالثة من المنتدى تجاوزت 600 مليون جنيه مصري (نحو 38 مليون دولار)، تحمّلت الجانب الأكبر منها عدة مصارف حكومية، بالإضافة إلى شركة "وي" للاتصالات، التي تستحوذ الاستخبارات على حصة حاكمة فيها؛ وسط توقعات بارتفاع تكلفة النسخة الحالية من المنتدى بسبب الإجراءات المصاحبة لأزمة تفشي جائحة كورونا.
أين حقوق الإنسان؟
ما أثار سخرية المصريين والحقوقيين أيضا أن إدارة المنتدى تنظم نموذج محاكاة مجلس حقوق الإنسان الدولي التابع لمنظمة الأمم المتحدة، طالب خمسة آلاف شاب المشاركة فيه، رغم أن هذا المجلس يصدر تقارير تنتقد حقوق الإنسان في مصر.
ويروج المنتدى لحقوق الإنسان، وفق المفهوم الرسمي للنظام المصري، الذي يستبعد الحريات ويتحدث مثلا عن "الفنون والثقافة" أو بناء الطرق، كجزء من التنمية وحق من حقوق الإنسان، كما تشير أوراق المؤتمر.
وهدف المبادرة المعلن هو "التخفيف عن كاهل المواطنين بالمجتمعات الأكثر احتياجا في الريف والمناطق العشوائية"، بينما يشكو المصريون من زيادة تحميل الحكومة أعباء على كاهلهم برفع الأسعار والخدمات وإلغاء الدعم.
ويطرح المنتدى أزمة ندرة المياه وطرق حلها، ودور الشباب في مواجهة هذا النوع من الأزمات، فيما تعاني مصر من أزمة مياه طاحنة بسبب سوء إدارة نظام السيسي لأزمة سد النهضة.
ومن المفارقات دعوة كبار السن من قادة الدول للحضور والمشاركة في مؤتمر شباب العالم، بينهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بينما جرى تجاهل أوائل الخريجين الذين دشنوا هاشتاج #نحن_أوائل_عاطلين ليطالبوا المؤتمر بالنظر إليهم.
ولا يوجد منتج مفيد للمصريين من وراء عقد هذه المنتديات، سوى ما يعلن من عدد الجلسات وساعات العمل وحلقات النقاش والموائد المستديرة وورش العمل.
من جانبه، انتقد الإعلامي حافظ الميرازي انتقد بذخ عقد المؤتمر متسائلا: "على حساب من؟ نفقات سفر وإقامة وضيافة 5 آلاف شاب وشابة من أكثر من 190 دولة، بفنادق ومطاعم شرم الشيخ لحضور منتدى شباب العالم 2022؟"
واعتبر في تغريدة عبر حسابه على "تويتر" في 8 يناير/كانون الثاني 2022، ما يجرى "دعاية رائعة لو المال العام يسمح، وليس على حساب ميزانية دعم سلع غذائية كرغيف العيش لسنة 2022".