علامات استفهام حول تحركات القوات الدولية في سيناء

الأربعاء - 1 ديسمبر 2021

شهدت سيناء في الآونة الأخيرة تحركات مشبوهة للقوات الدولية تؤكد أن النظام المصري بدأ يستعين بها لترتيب الأوضاع في أرض الفيروز ، استعدادا لشئ ما في المرحلة المقبلة، خاصة بعد تعديل بنود الجزء العسكري في  معاهدة "كامب ديفيد"، وتدور علامات استفهام حول تجاوزها حدود عملها، كما تم رصد مصاحبة مجموعات قبلية موالية للنظام  لهذه القوات  في تحركاتها ، وأكد مراقبون للشأن السيناوي أن الوضع في شمال سيناء مقلق  في ظل الحديث عن مخططات دولية لاستغلالها في حل "صداع" غزة ، وفي سياق متصل بدأ العنف يعاود التصاعد في سيناء من خلال صدمات بين "داعش" والجيش راح ضحيتها بعض العسكريين ، ومن خلال سطور هذا التقرير نتعرض للتفاصيل.

 

تتعالى الاتهامات الموجّهة للقوات الدولية لحفظ السلام في المنطقة، في محافظة شمال سيناء شرقي مصر، على الحدود مع الاحتلال الإسرائيلي، وقطاع غزة، بخروجها عن المهمة التي وُجدت من أجلها في الأراضي المصرية، وهي مراقبة اتفاقية السلام بين مصر والاحتلال الإسرائيلي المعروفة باتفاقية كامب ديفيد. وتستند تلك الاتهامات إلى تحركات مريبة لهذه القوات، خارج نطاق عملها، لا سيما المناطق التي يوجد فيها تنظيم "ولاية سيناء" الموالي لتنظيم "داعش" من جهة، ومن جهة أخرى في مناطق تواجد المجموعات القبلية المساندة للجيش المصري في حربه على "داعش"، وكذلك تدخّلها في آلية عمل معبر رفح البري الرابط بين مصر وغزة، خصوصاً في ظل عمل البوابة التجارية فيه وإدخال ما يلزم القطاع من بضائع ومواد خام.

وفي هذا السياق، حصلت "العربي الجديد" على مشاهد مصورة، لتجوّل القوات الدولية التي تستقل عربات جيب بيضاء اللون عليها شعارها باللغة الإنكليزية MFO (Multinational Force and Observers) في منطقة البرث، وهي منطقة تشتهر بزراعة وبيع المخدرات لا سيما مخدر الهيدرو، وتُعرف بأنها مركز انتشار المجموعات القبلية المساندة للجيش. إضافة إلى مشاهد أخرى لمشاركة المجموعات القبلية في دوريات تابعة للقوات الدولية، بالسير على الطرقات داخل مناطق جنوب رفح والشيخ زويد باتجاه الحدود بين مصر والأراضي الفلسطينية المحتلة، وسط غياب تام لقوات الجيش المصري عن هذه التحركات والتنقلات في سيناء. فيما تُظهر بعض المشاهد أعمال تجريف وتوسعة غير معلومة الأهداف في المناطق المذكورة.

وفي التفاصيل، قالت مصادر قبلية لـ"العربي الجديد"، إن الفترة الأخيرة شهدت تحركات للقوات الدولية داخل المناطق الجنوبية لرفح والشيخ زويد في شمال سيناء، وهي المناطق التي لا يزال تنظيم "داعش" يتواجد في أجزاء منها، على أطراف منطقة البرث، والكيلو 21، والبواطي وغيرها، وكذلك تنتشر فيها المجموعات القبلية المسماة "اتحاد قبائل سيناء" التابعة لرجل الأعمال السيناوي إبراهيم العرجاني، مشيرة إلى أن هذه المجموعات ترافق القوات الدولية في بعض تحركاتها، بحجة حمايتها من "داعش".

ولفتت كذلك إلى أن القوات الدولية تدخل إلى مناطق يتواجد فيها "داعش"، فيما لا تستطيع قوات الجيش المصري والمجموعات القبلية الوصول إليها، خوفاً من رصاص القناصة والقذائف المضادة الدروع التي بحوزة التنظيم، ما وضع القوة الدولية في خانة الاتهام من بعض رموز اتحاد القبائل، إذ كتب أحدهم أن التنظيم يتعمد عدم زرع الطرق الرئيسية بالعبوات الناسفة لعدم إيذاء القوة الدولية، فيما يزرعها في الطرق الفرعية لإصابة المجموعات القبلية.

وأضافت المصادر أن القوات الدولية تعمل من خلال آلياتها على فتح بعض الطرقات، وإزالة بعض العوائق من طرقات أخرى، على الرغم من أن هذه النشاطات من أعمال الحكومة المصرية ومؤسساتها الموجودة فعلياً في شمال سيناء، بالإضافة إلى أن عناصر القوات الدولية يتجولون باستمرار في المحال التجارية في منطقة البرث، على الرغم من أنه يجري شحن المواد الغذائية والمستلزمات بشكل رسمي من خلال إدارة القوات الدولية. ولفتت إلى أنه جرى قبل أقل من شهر حرق عشرات العشش التي تبيع المخدرات والعقاقير المخدرة وسط منطقة البرث حيث يتركز النشاط التجاري، وذلك على يد بعض تجار المخدرات في إطار الخلافات الداخلية بينهم، مشيرة إلى أن القوات الدولية تخالط المواطنين البدو في هذه المناطق بشكل كبير ويومي.

وبالتزامن مع ذلك، كانت "العربي الجديد" قد حصلت على معلومات موثوقة، بانسحاب القوات الدولية من أحد أهم مواقع المراقبة التابعة لها، وذلك على الطريق الدولي الرابط بين مدينتي الشيخ زويد والعريش، والذي كانت تنتشر فيه على مدار العقود الماضية. إلا أنها سلمته أخيراً إلى قوات الجيش المصري، وعززت من تواجدها في المناطق الصحراوية جنوب الشيخ زويد ورفح، على الرغم من أهمية متابعة الطريق الدولي وحركة النقل عليه لا سيما القوات العسكرية المصرية، لضمان الالتزام المصري بالمعاهدة والملحق العسكري منها على وجه الخصوص. ولم يتم الإعلان عن الانسحاب من الموقع الدولي سواء من القوات الدولية نفسها، أو قوات الجيش التي استلمت الموقع فور انسحاب القوات الدولية منه.

تعاون مصري إسرائيلي عسكري خفي

وفي التعقيب على ما سبق، قال باحث في شؤون سيناء لـ"العربي الجديد"، إن القوات الدولية لم يعد لها أي أهمية في هذا المرحلة في سيناء، في ظل دفء العلاقات المصرية الإسرائيلية بشكل غير مسبوق، وبات من المعلن الصداقة المتينة التي تربط النظام المصري بحكومة الاحتلال الإسرائيلي، الذي زار رئيسها نفتالي بينت شرم الشيخ أخيراً والتقى عبد الفتاح السيسي، وما تبع ذلك من تعديل الملحق العسكري في اتفاقية كامب ديفيد، بالسماح بنشر المزيد من قوات الجيش المصري وحرس الحدود في شمال سيناء. وأضاف: هذا يشير إلى أن الطرفين باتا في وضع لا يحتاج مراقبة أحد، وأن مراحل الانسجام في العمل على طرفي الحدود ضد الأهداف المشتركة باتت متقدمة بشكل كبير، فيما لا يزال الطرفان يخفيان المزيد من أشكال ونشاطات التعاون الأمني والعسكري، على طول الحدود المشتركة بين مصر والأراضي الفلسطينية المحتلة.

ورأى الباحث، الذي فضّل عدم الكشف عن هويته لتواجده في سيناء، أن تحركات القوات الدولية في شمال سيناء، وتدخّلها في الصراع الدائر بين الجيش والمجموعات القبلية من جهة، وتنظيم "داعش" من جهة أخرى، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، واللعب على وتر الخلاف الداخلي، بالإضافة إلى زياراتها المتكررة إلى معبر رفح البري بين غزة وسيناء، كل ذلك يمثل تجاوزاً واضحاً لمهمتها التي أسست من أجلها، وسط صمت مصري على هذا التغير الواضح. واعتبر أن الوضع في شمال سيناء مقلق، في ظل الحديث عن مخططات دولية لاستغلالها في حل صداع غزة المنعكس بشكل كامل على القضية الفلسطينية برمتها، مضيفاً أن ما يجري من عمليات تهجير وإعادة ترسيم للحدود البرية والبحرية يؤكد على صدقية ما سبق، فيما تبقى الأيام المقبلة كفيلة بالكشف عن المزيد من وجوه هذه المخططات وآليات تنفيذها.

يشار إلى أنه تم تشكيل القوة الدولية متعددة الجنسيات بعد توقيع معاهدة السلام بين مصر والاحتلال الإسرائيلي في منتجع كامب ديفيد في واشنطن في 26 مارس/آذار 1979، وإنهاء حالة الحرب، بهدف ترتيب التفاصيل العسكرية الواردة بالملحق "1" من المعاهدة، من خلال توقيع مصر وإسرائيل والولايات المتحدة بروتوكول إنشاء تلك القوة في 3 أغسطس/آب 1981. وهذه القوة لا تتبع الأمم المتحدة، وهذا الأمر لم تقبل به مصر في البداية، إلا أنها اضطرت لذلك بسبب ظروف الوضع الدولي في ذلك الحين، لا سيما الحرب الباردة بين روسيا والولايات المتحدة. هذا يعني أن واشنطن وتل أبيب تمكنتا من استبدال الدور الرقابي للأمم المتحدة المنصوص عليه في المعاهدة بقوات متعددة الجنسيات، وتم تجاوز البعد القانوني من خلال إضافة برتوكول ضمن الملحق رقم "1"، فيما جاء في البند 19 من ملحق بروتوكول إنشاء تلك القوة أن حجمها يتكون من مقر قيادة وثلاث كتائب مشاة، ولا يزيد مجموع أفرادها على ألفي فرد ووحدة دوريات ساحلية ووحدة مراقبين وعنصر ملاحة ووحدات شؤون إدارية وإشارة.

وينقسم عناصر القوة متعددة الجنسيات والمراقبين في سيناء على 13 دولة، بينها دول أعضاء في حلف شمال الأطلسي، وتمثل القوات الأميركية وحدها نحو 40 في المائة من تعداد القوة، تليها من حيث الحجم كولومبيا وفيجي. وإلى جانب تلك الدول الثلاث، تضم القوة عناصر من المملكة المتحدة، وفرنسا، وإيطاليا، واليابان، وأستراليا، وكندا، وجمهورية التشيك، ونيوزيلندا، والنرويج، وأوروغواي.

والمهمة الرئيسية لتلك القوة هي التأكد من امتثال مصر وإسرائيل للأحكام الأمنية الواردة في معاهدة كامب ديفيد، والإشراف على تنفيذ البنود الأمنية من المعاهدة، وبذل أقصى جهد لمنع أي مخالفة لبنودها، وذلك من خلال القيام بأربع مهام أساسية، تتمثل في تشغيل نقاط تفتيش ومخافر مراقبة والقيام بدوريات استطلاع على الحدود الدولية.

وتُقدّر الميزانية السنوية للقوات بما يقرب من 65 مليون دولار أميركي، تتقاسمها كل من مصر وإسرائيل، وتتمركز هذه القوة في قاعدتين أساسيتين هما الجورة جنوب مدينة الشيخ زويد في شمالي سيناء وذلك في المنطقة (ج) وفقاً لتقسيمات كامب ديفيد، أما القاعدة الثانية فتقع بين مدينة شرم الشيخ وخليج نعمة في محافظة جنوب سيناء، فيما تتولى القوات المسلحة المصرية في سيناء حماية وتأمين كل عناصر القوة متعددة الجنسيات والمراقبين في سيناء.

والعنف مستمر بأرض الفيروز

وفي سياق متصل ، مازالت دائرة العنف تتصاعد  بسيناء ، حيث قتل ضابط في الجيش المصري، مساء أمس الثلاثاء، بهجوم لتنظيم "ولاية سيناء" الموالي لتنظيم "داعش" الإرهابي في مدينة رفح بمحافظة شمال سيناء ، وقالت مصادر قبلية، لـ"العربي الجديد"، إن قوة من الجيش المصري وقعت في كمين لتنظيم "داعش" في إحدى قرى جنوب مدينة رفح، ما أدى لوقوع قتيل وجرحى.

وفي السياق، قالت مصادر طبية عسكرية بشمال سيناء، لـ"العربي الجديد"، إن الـ24 ساعة الماضية شهدت مقتل 3 عسكريين في هجمات متفرقة على قوات الجيش والشرطة

وأضافت المصادر ذاتها أنه بالإضافة إلى الضابط نور الدين، فقد قتل الضابط برتبة نقيب كريم رفعت بتفجير استهدف مدرعة للشرطة المصرية قرب مصنع اسمنت سيناء بوسط سيناء.

وأشارت إلى أن مجندا من قوات الجيش قتل في تفجير استهدف جرافة تابعة للجيش أثناء عملها في مدينة رفح الجديدة.

والطيران الحربي المصري يشن غارات على شمال سيناء

ومنذ صباح اليوم الأحد، وحتي اليوم الأربعاء ، يواصل  الطيران الحربي المصري شن غارات جوية على محافظة شمال سيناء.

وقالت مصادر قبلية وشهود عيان لـ"العربي الجديد"، إن الطيران الحربي المصري شن عدة غارات جنوب مدينتي رفح والشيخ زويد. وأضافت المصادر ذاتها، أن الطيران استهدف مناطق يتوقع تواجد أفراد من تنظيم "ولاية سيناء" الموالي لتنظيم "داعش" الإرهابي فيها... فيما لم يبلغ عن وقوع إصابات أو أضرار نتيجة الغارات.

كما حلّقت طائرات حربية مسيّرة مجهولة الهوية في سماء المناطق المستهدفة.

تكريس الترسيم الجديد لسيناء بعودة جزئية لقرى الشيخ زويد

وفي سياق متصل ، سمحت قوات الجيش المصري المنتشرة في مدينة الشيخ زويد، بمحافظة شمال سيناء ، لعشرات المواطنين، بالعودة إلى قراهم وتجمعاتهم السكنية، بعد غياب دام سبع سنوات، بسبب الحرب التي كانت دائرة بين الجيش وتنظيم "ولاية سيناء"، الموالي لتنظيم "داعش".

وكان السكان اضطروا إلى النزوح، بعد خسارتهم العشرات من أبنائهم بين قتيل وجريح ومفقود، نتيجة للرصاص العشوائي والقصف المدفعي والجوي، وكذلك هجمات التنظيم الإرهابي. إلا أن هذه العودة المفاجئة للقرى، تحمل في طياتها قراراً عسكرياً بإعادة ترسيم حدود سيناء، بالسماح للمدنيين بالوصول إلى كافة المناطق، عدا تلك التي حددها القرار الجمهوري، ووضعها تحت تصرّف وزير الدفاع، قبل أشهر.

وهناك حالة من القلق في صفوف المواطنين من الإسراع بالعودة إلى قراهم، وتأتي عودة المواطنين بشكل جزئي إلى قرى بنطاق الشيخ زويد، في حين لم يسمح الجيش المصري بعودة عشرات الآلاف من سكان مدينة رفح، وقراها، وكذلك أطراف الشيخ زويد الملاصقة لرفح، بالإضافة إلى تجمعات بدوية وقرى في الظهير الصحراوي وسط سيناء، مثل الحسنة والمغارة. وتقع كل هذه المناطق في نطاق القرار الجمهوري، بتوسيع المنطقة الممنوعة والمحظورة في شمال سيناء.

كما تقع ضمن الصلاحيات الجديدة التي منحها السيسي لوزير الدفاع، وهي صلاحيات تشبه بنود قرار الطوارئ، من حيث التحكم في كل تفاصيل الحياة في مناطق شمال سيناء، خصوصاً الحدودية منها، ما يشير إلى أن ثمة تغييرا على حدود المناطق التي يسمح للمصريين بالتحرك فيها، مع إنشاء طرق ومشاريع حيوية ضخمة في المناطق الفاصلة بين تواجد المصريين وتلك التي يحظر عليهم التواجد فيها.

و بدأت قوات الجيش المصري بناء سلسلة من الجدران لتطويق المنطقة المحددة في القرار 420

 

فيديو  للقوات الدولية في سيناء في العربي الجديد

https://www.alaraby.co.uk/politics/