د. عز الدين الكومي يكتب: أزمة طاحنة…وساويرس ينصح يا للعجب
الثلاثاء - 22 مارس 2022
مصر المعروفة بنيلها وخصوبة أرضها ، حتى قال هيرودوت المؤرخ الإغريقى المعروف “مصر هبة النيل”.
وعندما حدثت المجاعة فى عام 18 هجرية فى خلافة عمر بن الخطاب – رضى الله عنه-استغاث بواليه على مصر عمرو بن العاص، وأرسل إليه: سلام عليك، أما بعد: أفتراني هالكاً ومن قبلى، وتعيش أنت منعماً ومن قبلك ؟ فواغوثاه ! واغوثاه ! فكتب إِليه عمرو بن العاص: من عمرو بن العاص سلامٌ عليك، فإني أحمد الله إِليك الذي لا إله إلا هو، أما بعد: أتاك الغوث، فالريث الريث ! لأبعثن بعيرا- قافلة- أولها عندك، وآخرها عندي، مع أني أرجو أن أجد سبيلاً أن أحمل في البحر، فبعث في البر بألف بعيرٍ تحمل الدقيق، وبعث في البحر بعشرين سفينة تحمل الدقيق، والدهن، وبعث إِليه بخمسة آلاف كساءٍ.
لاحظ هنا كان الغوث من الدقيق والدهن – الزيت- وهما محور الأزمة اليوم ، والتى يحاول وزير تموين الانقلاب وعصابته، أن يستغلوا هذه الأزمة فى زيادة أسعاز الخبز والزيت، حتى إن المرء يتساءل فى حيرة: الحرب فى أوكرانيا ،فلماذا ترتفع الأسعار فى بلادنا؟
على الرغم من أن تصريحات العصابة لاتكف عن أننا لن نتأثر بهذه الحرب، وأن المخزون عندنا يكفي لخمسة أشهر، وغير ذلك من تصريحات الاستهلاك المحلى التى لاتقدم حلا ولاتعالج أزمة كما هو معتاد من مسؤولى الفساد!!
وبعيداً عن تصريحات مصيلحى ، نود أن نطرح سؤلاً أخر يلح علينا بشدة لوزير تموين الانقلاب ، هل إذا انتهت الحرب قريباً ستنخفض الأسعار؟
بالتأكيد لا، لأن الواقع يشهد فى مصر أن السوق يستجيب للارتفاع ولا يستجيب للانخفاض، فلايمكن أن ترى سلعة ارتفع سعرها ثم انخفض بعد ذلك مهما حدث .
وقد رأيت ، أحد الفاسدين الذين اعترفوا فى أكثر من مناسبة أنهم سعوا لإفشال الرئيس محمد مرسى ، الذى سعى جاهداً لتحقيق الاكتفاء الذاتى من القمح وغيره من الغذاء والدواء والسلاح أيضاً ، اليوم يقدم نفسه كناصح أمين ، لوزير تموين الانقلاب!!
فقال “فض الله فاه” فى تغريدة له على صفحته الرسمية على موقع تويتر: “نصيحة لوزير التموين .. لازم نسرع بشراء و تخزين القمح قبل حرب أوكرانيا وروسيا ! هما بينتجوا 30% من إنتاج القمح في العالم ولو قامت حرب كل ده مش هيتوفر والأسعار هتولع”.
الشيطان يعظ، وينصح ، ولامانع من الاستفادة من نصيحة الناصح ، حتى لوكان إبليس عليه لعنة الله كما هو ثابت من حديث أبى هريرة فى الصحيح قال له إبليس : دعني أعلّمك كلماتٍ ينفعك الله بها، قلت: ما هو؟ قال: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي: { الله لا إله إلا هو الحي القيوم} (البقرة:255) حتى تختم الآية؛ فإنك لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربنك شيطان حتى تصبح فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-:( أما إنه قد صدقك وهو كذوب، تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة؟ ) . قال: لا، قال: ( ذاك شيطان ).
وكأن ساويرس بهذه الهرتلة التى يسميها نصيحة ويسديها لوزير تموين الانقلاب كأنه اخترع العجلة، أو قدم حلاً ناجعا وهو يعرف أن قضية القمح مرتبطة أسا ساً بالكفيل الأمريكى الذى يعمل لصالحه!!
وماهو دور ساويرس فى التنمية الزراعية فى البلاد والتوجه نحو تحقيق اكتفاء ذاتى من الحاصلات الاستراتيجية وعلى رأسها القمح بدلاً من نشر المفاسد والشرور فى الجونة ونشر الرذائل وإشاعة الفاحشة فى المجتمع العربى.
فكان الأولى بهذا الفاسد ومن على شاكلته أن يصمت ويلتزم الصمت ويتوارى خجلاً ، لأنه أحد المسؤولين عن إفشال التجربة الديمقراطية فى مصر باعترافه بنفسه فى مناسبات عدة.
فضلاً عن تهربه من دفع الضرائب، وتعصبه الأعمى وحقده الصليبى الذى لايخفيه ، ويجاهر به فى محاربته للعفة والطهارة بمحاربته لحجاب المرأة المسلمة ونقابها وغير ذلك من المخازى التى لاتحصى. واليوم ، يأتى ناصحاً لوزير فاسد، يا للوقاحة؟!!
حتى إن الإعلام الانقلابى ، اعتبر نصيحة ساويرس لوزير تموين الانقلاب تحمل رسائل متوارية ويقصد من ورائها توجيه الجمهور وإثارة القلق من ارتفاع الأسعار وخاصة السلع الاستراتيجية، وهو ما يمكن أن يحدث بلبلة في السوق، بدلا من التهدئة والتحدث بالحقائق والأرقام عن وضع السوق المصرية.
واعتبروه يهاجم مصر– طبعاً – بقناع “الصديق الكاره”، لكنه فشل في محاولات لعب دور رجل الأعمال الخائف على البلاد.
“وكما يقول أحمد مطر فى رائعته عن فساد حكام الأعراب:
ربما الزاني يتوب
ربما الماء يروب
ربما يُحمَل زيت في الثقوب
ربما شمس الضحى
تشرق من صوب الغروب
ربما يبرأ ابليس من الذنب
فيعفو عنه غفار الذنوب
إنما لا يبرأ الحكام
في كل بلاد العرب
من ذنب الشعوب”
فهذا هو حالنا الفاسد يلبس ثياب الناصحين ، ويدافع عن الفساد والفاسدين، وحكام لايعنيهم إلا الحفاظ على كراسيهم ، وشعوب تموت جوعاً وغرقاً وأوطانها سلة غذاء للمغتصبين!!