ضغط أمريكي واستراتيجية محلية: هل يتغير وضع حقوق الإنسان في مصر؟
الخميس - 15 يوليو 2021
أبرزت رويترز وفرانس برس ما جاء في المؤتمر الصحفي الذي عقده المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس أمس وأعرب خلاله عن قلق بلاده تجاه ما وصفه بتردي أوضاع حقوق الإنسان واستهداف أعضاء المجتمع المدني والأكاديميين والصحفيين في مصر
كما أشارت إلى مطالبة الولايات المتحدة للحكومة المصرية بعدم استهداف ناشطين من بينهم حسام بهجت المدير التنفيذي للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية الذي قالت إنهم "يعبرون عن آرائهم بشكل سلمي".
وكان بهجت صرح هذا الأسبوع أن النيابة العامة وجهت إليه اتهامات بنشر الشائعات وانتقاد الهيئة الوطنية للانتخابات عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ورفض برايس التعقيب عما إذا كان ذلك سيؤثر على مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى مصر.
وأوردت رويترز خبر رفض الطعن المقدم من 13 ناشطا لرفع أسمائهم من قائمة الإرهاب، بحسب مصادر قضائية ومن بين هؤلاء الناشطين المواطن المصري الفلسطيني رامي شعث، والذي ألقي القبض عليه في يوليو 2019، وأيضا الناشط في حقوق الإنسان زياد العليمي.
وأكد مصدر دبلوماسي على أن ملف حقوق الإنسان سيظل أمرًا حاكمًا في العلاقات المصرية الأمريكية، موضحًا أن زيارة رئيس المخابرات المصرية، عباس كامل، إلى واشنطن في الأسبوع الأخير من يونيو الماضي شهدت تأكيدات من شخصيات أمريكية وأعضاء بالكونجرس لكامل على أن دعمهم لمصر مرتبط بمدى قدرتها على إدخال تحسينات في ملف حقوق الإنسان.
من جانب آخر، وبعد أن استعدت الجهات الحكومية لإطلاق ما سمي "الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان" في 20 يونيو الماضي، خلال فعالية محدودة بمقر وزارة الخارجية في حضور وزاري، أمر السيسي بتأجيل الإطلاق إلى موعد مبدئي في 26 يوليو الجاري، ليطلقها بنفسه.
من غرائب التأجيل تزامن الموعد المحدد من الرئاسة لإطلاق الاستراتيجية مع الذكرى الثامنة لمطالبة السيسي -وقت أن كان وزيرًا للدفاع-المواطنين بتفويضه في استخدام القوة ضد مؤيدي الرئيس الأسبق محمد مرسي، وهو ما حصل عليه في صورة مظاهرات ردد خلالها المفوضون عبارات على شاكلة «إفرم يا سيسي».
النسخة النهائية للاستراتيجية، والتي تقارب 100 صفحة، تم عرضها وإجازتها من جميع الأجهزة المعنية في الدولة، بما في ذلك الجهات الأمنية وجميع الوزارات والمجالس والجهات والهيئات المشاركة في إعدادها، إلى جانب مكتب السيسي وتم تحديد 20 يونيو الماضي موعدًا لإطلاقها خلال فعالية محدودة بوزارة الخارجية، ولكن في الساعات الأخيرة تم تأجيل الإطلاق استجابة لأوامر رئاسية.
فسرت مصادر حكومية لموقع "مدي مصر" التأجيل برغبة مؤسسة الرئاسة في إقامة حفل لائق يشارك فيه السيسي بنفسه وعدد من الجهات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني والشخصيات العامة، إضافة إلى عدد من السفراء المعتمدين لدى مصر، معتبرًا أن إطلاق السيسي للاستراتيجية هو بمثابة تعهد بتنفيذها من جميع أجهزة الدولة.
وهذه الاستراتيجية التي يتحدثون عنها تتضمن إشارة إلى التزام الدولة بمراجعة المقررات الدراسية الرسمية والمواد الإعلامية لتنقيتها من أي موضوعات تتعارض مع قيم التصالح والتسامح أو تحض بأي صورة على العنف والتطرف. كما تشير الاستراتيجية في هذا الصدد إلى التزام الدولة بالتصدي لكل أشكال التحريض باتخاذ الإجراء القانوني المناسب. ويضم نفس المحور النص على تجديد الخطاب الديني، واستمرار عمل لجنة تقنين الكنائس.
رغم ذلك، يبقى محور الحقوق المدنية والسياسية، هو أضعف محاور الاستراتيجية، ولا يمثل تطورًا كبيرًا وإطلاق الاستراتيجية لن يترتب عليه أي تحسن ملحوظ فيما يتعلق بالحبس الاحتياطي أو بسجناء الرأي أو غيره، لأن وقف تلك الانتهاكات غير مرتبط بنقص في وجود القوانين أو القواعد، وإنما تقاعس في أداء النيابة العامة لدورها.
والمقصود فقط هو تحسين صورة النظام أمام العالم، وتوقعات المراقبين تقول إن استهداف المعارضين وقتلهم بالبطئ سيظل ممارسة قائمة للنظام، ما لم يتغير النظام نفسه.
كما أن الموقف الأمريكي لن يغير واقع وحجم المأساة التي تعيشها مصر في ملف حقوق الإنسان، إذ ستكتفي إدارة بايدين ببعض التحسينات الشكلية مقابل حفظ استقرار نظام السيسي؛ لمصالح استراتيجية أعمق وأبعد مما هو منظور.