ضربة لسمعة واشنطن: انتقادات أمريكية حادة لزيارة بايدن المرتقبة إلى السعودية
الأربعاء - 15 يونيو 2022
هاجمت الصحافة الأمريكية، اليوم الأربعاء، زيارة الرئيس جو بايدين المتوقعة للسعودية منتصف يوليو المقبل، والتي سيتلقي خلالها عددا من القادة العرب، الذين أعلن بايدين خلال حملته الانتخابية عام 2020 أنهم طغاة، وقال فيما قال وقتها إنه "سيجعل السعودية دولة منبوذة" وأنه لن يعطي شيكا على بياض للسيسي "دكتاتور ترامب المفضل".
وبعد عام ونصف تقريبا من تولى بايدن المسئولية تبخرت وعوده تماما، وقرر الذهاب للسعودية ليعقد قمة يستقبل خلالها دكتاتور ترامب المفضل (السيسي) وزعماء الأردن والعراق والإمارات، ويتخلى عمليا عن فكرة جعل السعودية دولة منبوذة بما تحمله زيارته من دلالات.
كاتب العامود والمحلل السياسي في "واشنطن بوست"، إيشان ثارور، كتب اليوم تحليلا تناول فيه ردود فعل الإعلام الأمريكي على زيارة بايدن للسعودية، وتحت عنوان (مع وضد زيارة بايدن للسعودية)، أشار الى تصريح السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض كارين جان بيير في إفادة صحفية الذي فالت فيه: "لا نعتقد أنه يجب دعوة الطغاة"، قاصدة بذلك قرار الولايات المتحدة عدم ضم زعماء كوبا وفنزويلا ونيكاراغوا إلى قمة الأمريكتين التي استضافتها لوس أنجلوس الأسبوع الماضي.
وبعدها بأسبوع أكدت بيير، أمس الثلاثاء، أن الرئيس بايدن سيبدأ رحلة تستغرق أربعة أيام إلى الشرق الأوسط منتصف شهر يوليو، تشمل المملكة العربية السعودية، بدعوة من الملك سلمان ، حيث سيلتقي بايدن أيضًا بثمانية قادة آخرين لدول عربية.
وعلق إيشان ثارور على تصريحات متحدثة البيت الأبيض بأنه "لا يوجد شيء جديد أو مذهل بشكل خاص بشأن التزام الولايات المتحدة بمعايير مزدوجة في نهجها تجاه السياسة الدولية. لكن تواصل البيت الأبيض مع الرياض أثار قدرًا لا بأس به من الضربات في واشنطن. بعد كل شيء، خلال الحملة الانتخابية، تعهد بايدن بجعل المملكة "منبوذة" بسبب سجلها القاتم في مجال حقوق الإنسان، وانتقد المتحدث باسم حملته عادات إدارة ترامب المتمثلة في "إعطاء شيكات على بياض للديكتاتوريين والمستبدين في جميع أنحاء العالم"
زيارة بايدن للسعودية تنقض تعهده بجعلها "منبوذة"
تابع ثارور: "تلاشى الآن النهج المتشدد والقائم على القيم الذي اتبعته إدارة بايدن بعد توليه منصبه، فقد تم بالفعل تنفيذ صفقات العام الماضي، وعدلت المملكة العربية السعودية إلى حد ما من مواقفها، وأصلحت العلاقات مع جارتها قطر، وعززت المفاوضات مع المتمردين الحوثيين في اليمن بعد الانضمام إلى هدنة جديدة توسطت فيها الأمم المتحدة هذا العام. وعندما يذهب بايدن إلى المملكة العربية السعودية، فمن شبه المؤكد أنه سيلتقي ولي العهد، الذي بعد كل شيء، قد يحكم المملكة لعقود قادمة.
سيؤكد هذا اللقاء، كما قال ديفيد إغناتيوس، كيف أفلت الأمير محمد ببساطة من العقاب. ولكن هيئة تحرير واشنطن بوست حثت بايدن على استغلال اللحظة للتحدث علنا عن انتهاكات الحقوق في السعودية والدعوة إلى إطلاق سراح عدد من السجناء السياسيين، ضمن رسالة مفتوحة من ائتلاف لمنظمات الحقوقية، بما في ذلك هيومن رايتس ووتش ومشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط ، بأن "زيارة الرئيس الأمريكي ... لا ينبغي أن تأتي دون إحراز تقدم ملموس للتخفيف من بعض الانتهاكات الجسيمة للحقوق".
لكن البيت الأبيض في رسالته الأخيرة لم يقل شيئًا تقريبًا عن خلافاته السياسية مع الرياض، وبدلاً من ذلك ، يبدو أن إدارة بايدن تتخذ منعطفًا في السياسة الواقعية، بهدف "إعادة ضبط" حليف تاريخي في وقت الاضطرابات الجيوسياسية.
وكتب أندرو إكسوم، وهو مسؤول البنتاغون في إدارة أوباما سابقا: "سواء أعجبك ذلك أم لا، تظل المملكة العربية السعودية ثاني أكبر دولة منتجة للنفط على كوكب الأرض ولاعبًا رئيسيًا في الاقتصاد العالمي - وحتى أكثر من ذلك منذ أن ساعدت الحرب في أوكرانيا على ارتفاع أسعار الطاقة".. وأضاف: "بايدن من جانبه يضحّي بقيمه اليوم من أجل شيء لم نشهده كثيرًا في العقدين الماضيين هو الواقعية".
ومع ذلك ، يؤكد خبراء آخرون أن الرياض ليس لديها نفس القدر من النفوذ الذي يعتقده البعض في واشنطن، حيث كتب دوجلاس لندن ، المسؤول السابق في وكالة المخابرات المركزية ، أنه "بغض النظر عن غضب الأمير محمد من اللوم الغربي، فلا يوجد دليل على أنه مستعد لتحمل التكاليف الهائلة لتحويل البنية التحتية العسكرية المتكاملة جيدًا في المملكة والتي تعتمد على الولايات المتحدة إلى روسيا أو الصين"
أسئلة حقيقية حول ما يمكن أن تفعله المملكة
أضاف ثارور: "هناك أيضًا أسئلة حقيقية حول ما يمكن أن تفعله المملكة العربية السعودية بالفعل لخفض أسعار البترول في الولايات المتحدة.. وعلى نطاق أوسع، هناك شكوك حول المكاسب السياسية التي يمكن أن يؤمنها بايدن في رحلته: فمن غير المرجح أن يترأس تسوية سلام ذات مغزى في اليمن، ولن يقوم إلا بدفع أجندة سلفه من خلال دفع السعوديين والإسرائيليين نحو التطبيع، ويواجه إذلالا محتملا في تحية ولي العهد السعودي الذي تعهد ذات مرة بمحاسبته محاسبة كاملة."
وكتبت داليا داسا كاي في مجلة فورين أفيرز: "إذا تابع خططه لزيارة الرياض، فسوف يعقد صفقة سيئة: مبادلة الضرر شبه المؤكد بالسمعة بمجرّد انتصارات متواضعة". إنها زيارة لم يكن ينبغي التخطيط لها أبدًا.
المصدر: واشنطن بوست ترجمة: إنسان للإعلام