شبكات طرق وكباري السيسي تستنزف جيوب المصريين وتقتلهم في 2021

الاثنين - 27 ديسمبر 2021

في ظل تصميم السيسي على التفاخر بإنجازات وهمية .. من خلال إنشاء مزيد من الكباري والطرق بمصر، باتت جيوب المواطنين المصدر الرئيسي لتمويل هذه المشروعات الضخمة ، حيث بلغ إجمالي مشروعات الطرق بلغ 1769 مشروعاً بإجمالي تكلفة 464 مليار جنيه.. والتي تم إسناد معظمها بالأمر المباشر تحت إشراف الجيش في ظل  شبهات فساد غير مسبوقة  .. طرق السيسي لم تنقذ المصريين من الموت عليها، حيث لازالت مصر تحتل المركز الأول عالميا في حوادث الطرق .. ويُقتل سنويا 130 ألف مصري فيها ..

 

باتت جيوب المصريين المصدر الرئيسي لتمويل هذه المشروعات الضخمة من شبكات الطرق والكباري ، والتي انعكست سلباً على معيشتهم فباتوا يواجهون مزيداً من الأعباء المالية ..  وكان حديث السيسي، واضحاً ومباشراً ومرتباً حول هدف تحصيل الأموال من المواطنين عبر محطات ارتكاز الطرق السريعة وشبكات النقل الإقليمية الجديدة في مصر.

وبينما كان وزير النقل الفريق كامل الوزير، يسعى لنفي عنه هذا الأمر (تحصيل الأموال من جيوب المواطنين)، قال السيسي: "علشان أعمل محطات، ناس كتيرة متصورة إنه علشان تحصيل فلوس، آه علشان تحصيل فلوس" قبل أن يضيف مازحاً: "المليارات مثل الكوتشينة".

إنفاق ضخم

وطبقًا للمعلومات المتاحة عبر هيئة الاستعلامات المصرية التابعة لمجلس الوزراء، فقد تم التخطيط لتنفيذ مشروعات الطرق والكباري بإجمالي 1769 مشروعاً بإجمالي تكلفة 464 مليار جنيه (الدولار = نحو 15.7 جنيهاً) حتى عام 2024.

تم الانتهاء من تنفيذ 1052 مشروعا بإجمالي تكلفة 254.3 مليار جنيه وجارٍ تنفيذ 642 مشروعا بإجمالي تكلفة 114 مليار جنيه، ومخطط بدء تنفيذ 75 مشروعاً بتكلفة 95.7 مليار جنيه حتى 2024.

ويشمل المشروع القومي للطرق 7000 كم بتكلفة 175 مليار جنيه ومحاور النيل 22 محوراً بتكلفة 34 مليار جنيه، والطرق الرئيسية 9000 كم بتكلفة 107.7 مليارات جنيه والكباري العلوية والأنفاق 1000 كوبري ونفق بتكلفة 140 مليار جنيه، والطرق المحلية داخل المحافظات بتكلفة 7.3 مليارات جنيه.

لكن في المقابل، عانى المصريون بشكل كبير من كلفة هذه المشروعات الضخمة، لا سيما في سنوات ما بعد التضخم في 2016، حين فقدت الأموال حوالي ثلث قيمتها، وزادت الضرائب والأسعار بالتوازي مع زيادة معدلات الفقر والبطالة.

نجح مواطنون في بعض الأحوال في التصدي لمحاولات فرض "إتاوات" الطرق ورسوم العبور من وإلى منازلهم، خصوصاً في ظلّ سياسة تخفيف الضغط على القاهرة مقابل تشجيع السكن والعيش والعمل في الامتدادات الصحراوية للمدن الرئيسية.

وانتقلت الأزمة إلى ساحات القضاء، بعدما رفع عدد من المتضررين من بوابة تحصيل الرسوم على طريق السويس، دعوى قضائية بمجلس الدولة لوقف الكارتة (رسوم المرور عبر الطرق)، حملت رقم 39355 لسنة 74 قضائي شق عاجل، ضد كلّ من رئيس مجلس الوزراء ووزير النقل ومحافظ القاهرة ورئيس مجلس إدارة الشركة الوطنية لإنشاء وتنمية وإدارة الطرق.

واستند أصحاب الدعوى إلى أنّ القانون نص على وجود طرق بديلة للطرق المميزة التي يوضع عليها بوابات تحصيل رسوم، وهو غير متوفر بالنسبة لسكان المدن الجديدة المتضررين وأنّهم في نفس المحافظة، مطالبين في دعواهم بإلغاء الكارتة لعدم وجود طريق بديل

مواطنون ضد "الكارتة"

وأوصت هيئة المفوضين بمجلس الدولة بقبول دعوى ضد كارتة طريق القاهرة السويس، وقرار جهة الإدارة السلبي بالامتناع عن نقل بوابات تحصيل مقابل المرور على طريق القاهرة السويس الصحراوي خارج الحدود الإدارية لمحافظة القاهرة مع إلزام الجهة الإدارية المدعى عليها بالمصروفات.

إذ تنص المادة 9 مكرر من قانون الطرق العامة رقم 84 لسنة 1968 والمضافة بالقانون 164 لسنة 1984 على أنّه "يجوز بالنسبة للطرق السريعة المتميزة التي تحدد بقرار من مجلس الوزراء وتكون لها بدائل تحل محلها فرض رسم استعمال مرور السيارات عليها بالفئات الآتية".

ثم انتهى الحال إلى تخصيص رسوم اشتراك سنوية لسكان المدن الجديدة في الظهير الشرقي للقاهرة، قيمتها حوالي 900 جنيه، بينما ظلت قيمة الكارتة لغير سكان المدن الجديدة 10 جنيهات للرحلة الواحدة.

كما يعاني سكان القاهرة الجديدة، وتحديداً في التجمع الخامس، من المخالفات المرورية شبه اليومية التي تسجل على لوحات سياراتهم، بعد نصب كمية كبيرة من الرادارات على الطريقين الرئيسين التسعين الشمالي والجنوبي.

كما أقرت السلطات المصرية في أغسطس/آب الماضي، القانون رقم 150 لسنة 2020 بشأن تنظيم انتظار المركبات بالشوارع الخاضعة لولاية المحافظات وأجهزة المدن التابعة لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة المعروف بـ"قانون السايس"، وبدأت بعض المحافظات بتنفيذ قانون السايس، الذي ينظم انتظار السيارات بالشوارع الرئيسية والجانبية وأسفل العقارات، ما أشعل موجة غضب واسعة في الشارع المصري، بسبب فرض الإتاوات على الطرق والمركبات وشبكات النقل في كلّ حيز زماني ومكاني..

واعتمدت مثلا محافظة الجيزة، أسعار رسوم انتظار بقيمة 10 جنيهات في حالة الانتظار المؤقت للسيارة الملاكي، و20 جنيهاً في حالة الانتظار المؤقت للسيارة نصف النقل، و30 جنيهاً في حال الانتظار المؤقت للحافلات الكبيرة و300 جنيه شهرياً للمبيت أسفل العقار.

"فين الحاج سعيد"..  إسناد بالأمر المباشر

وعن طريقة إدارات المشروعات فقد أصبح من الواضح أنها تداربحسب مزاج السيسي وبالأمر المباشر ، والجيش له النصيب الأكبر من هذه المشروعات والشركات تعمل من الباطن معه بحسب ما يحدده .

وقد   أثار  " السيسي"، جدلا واسعا، بعد إسناده مشروعا ضخما لمقاول مصري، على الهواء مباشرة، خلال افتتاح بعض المشروعات التنموية، جنوبي البلاد.

وتساءل "السيسي"، خلال حديثه مع وزير النقل "كامل الوزير"، عن المقاولين العاملين في تنفيذ بعض المشروعات التنموية مثل الطرق والكباري، فأجابه الوزير: "كلهم موجودين يا فندم"، فتساءل الرئيس: "الحاج سعيد موجود؟"، فأجابه وزير النقل: "نعم موجود".

ووجه "السيسي" حديثه للمقاول المذكور، قائلاً: "حاج سعيد، بقولك إيه، تشتغل في محور دشنا ده وتخلصه خلال سنة؟"، فأجاب: "أخلصه يا فندم"، فأضاف "السيسي: "طب تاخد الفلوس بعد سنة؟ أحرجتك.. لا مش عايز أحرجك، طب أديك جزء يعني"، فأجاب المقاول: "أوامرك يا فندم".

واستكمل حديثه، الذي نقله التلفزيون الرسمي، قائلا: "طب اسمع يا حاج سعيد، هتاخد 25% لغاية ما يسلمهولنا.. ماشي كده بس على طول"، ليتم إسناد المشروع للمقاول بالأمر المباشر، على الهواء، دون انتظار عروض من شركات أخرى.

ووفق "سعيد"، وهو رئيس مجلس إدارة شركة السعداء (شركة خاصة)، فإن المشروع الذي أسنده إليه "السيسي" تتجاوز ميزانيته ملياري جنيه مصري، وسوف يحصل على ربع هذه القيمة قبل بدء المشروع.

ومنذ الانقلاب العسكري، يوليو/تموز 2013، يقوم النظام المصري، بإسناد مناقصات ومشروعات حكومية بالأمر المباشر، لشركات تابعة للجيش، وأخرى تتعاون معه من الباطن.

كلمة من السيسي تهبط بتكلفة مشروع بنحو 1.5 مليار جنيه

وفي سياق مهاترات إدارة  مشروعات  الطرق  ، نجد ان  طرحه   السيسي  على وزير النقل "كامل الوزير"، في خفض تكلفة مشروع بنحو 1.5 مليار جنيه يعد خير دليل علي أخدار المال العام والعشوائية في التقديرات لتكلفتها .

وأعلن "الوزير"، خلال افتتاح عدة مشروعات تنموية، أبرزها "محور دشنا"، جنوبي مصر، السبت الماضي، تنفيذ إنشاء 3 محاور جديدة في محافظات الصعيد بـ9 مليارات جنيه (573 مليون دولار).

وتساءل "السيسي" مخاطبا وزير النقل، "ليه يا كامل 9 مليارات جنيه؟"، ليرد الوزير: "سعر الحديد مرتفع يا افندم، بس ممكن ننزل التكلفة إلى 7.5 مليار جنيه"

وتثير التكلفة المعلنة من قبل "الوزير" ثم خفضها على الهواء، دون دراسة، شبهات حول وجود فساد في المشروعات المسندة بالأمر المباشر لشركات تابعة للجيش

طرق السيسي لم تنقذ المصريين من الموت عليها

وكشف تقرير لمنظمة الصحة والعالمية مؤخرا أن طرق السيسي والمليارات التي تصرف عليها لم تنقذ المصريين من الموت عليها .  

حيث تحتل مصر المركز الأول فى عدد حوادث الطرق وارتفاع القتلى فضلا عن إهدار الثروة البشرية المصرية، وما يترتب عليها من خسائر اقتصادية لاتحصى ، فهى تحصد أرواح نحو 8 ملايين شخص، فضلا عن إصابة واعاقة 38 ألفا سنويا ، منهم 30% أطفالا ، بالإضافة إلى خسائر تقدر بنحو 18 مليار جنيه سنويا، وتمثل 4 % من الدخل القومى ، منها 8 مليارات خسائر شركات التأمين ، خاصة من حوادث سيارات النقل الثقيل والتى تنقلت نحو مليار و 300 ألف طن مواد البناء بأنواعها و96% من البضائع ، فى حين لا يتعدى نصيب السكة الحديد والنقل النهرى 4% ، والتى تشكل عبئا ثقيلا على الطرق وتدمرها فتسبب المزيد من الحوادث.

وقدر عدد قتلى حوادث المرور بمصر من 15 إلى 23 ضعفا عن أوروبا ، كما أن قتلى حوادث المرور على الطرق يمثلون 99% من قتلى حوادث النقل بأنواعه (بحرى - برى - جوي) ، وفى حوادث المرور بلغت الإصابات نحو 38 ألفا سنويا فى 46 ألف حادث فى العام، ووفق إحصاءات وزارة الصحة فإن 57% من الضحايا من سن 17 إلى 45 عاما (العمر المنتج) ، و30% أطفال اقل من 15 سنة و13% اكبر من 45 سنة

وعن مقارنة الوضع فى مصر مع بعض المؤشرات العالمية نكتشف أن عدد قتلى حوادث المرور فى مصر حوالى 130 قتيلا لكل 100 ألف مركبة مسجلة، فى حين تبلغ 7 إلى 25 حالة فى الدول الصناعية أى أن المعدل فى مصر أكبر بنحو 5 إلى 19 ضعفا عن الدول الصناعية،  ويبلغ كذلك 10 لكل 100 ألف نسمة فى مصر مقابل 3 إلى 6 فقط فى الدول الصناعية، وهناك 19 قتيلا لكل 100 مصاب فى مصر مقابل 1 إلى 2 فى الدول الصناعية. هذه الأرقام تكشف عن أن مستوى السلامة على الطرق المصرية يصل إلى مستوى حرج بالنسبة للمعدلات العالمية، وأن هذا القصور مسئولية مشتركة بين النقل ، والأمن ، والصحة ، والتعليم ، والمحليات والإعلام.