ثورة "جيل زد 212".. لماذا تجاهل الإعلام العربي حراك شباب المغرب؟

الاثنين - 20 أكتوبر 2025

إنسان للإعلام- مراد المصري:

يشهد المغرب منذ أواخر سبتمبر 2025 حراكًا شبابيًا متناميًا قادته فئة من جيل "زد"، أو ما يُعرف بـ"جيل زد 212"، الذين خرجوا إلى الشوارع في مدن عدة مطالبين بإصلاحات اجتماعية واقتصادية جذرية.
انطلقت الشرارة إثر وفاة ثماني نساء أثناء الولادة في مستشفى عمومي بمدينة أكادير، لتتحول الحادثة إلى رمز لانهيار المنظومة الصحية، ومؤشر على غضب جيل جديد لم يعد يقبل الصمت على التهميش واللامساواة.
ورغم اتساع رقعة المظاهرات، بقي المشهد الإعلامي المغربي والعربي غامضًا ومحاصرًا بالصمت حول هذه الانتفاضة، ما أثار تساؤلات حول أسباب هذا التعتيم: هل هو انشغال الإعلام العربي بأحداث غزة؟ أم خشية من عدوى "ربيع عربي جديد" قد تنطلق شرارته من شوارع المغرب؟

وفيات أكادير فجرت الموقف

من العالم الافتراضي، بدأت انتفاضة المغرب، خصوصا على منصات مثل "ديسكورد" و"تيك توك"، حيث تفاعل آلاف الشباب تحت وسم “#جيل_زد_212”، في إشارة إلى جيل صغار الشباب بين 18 و25 عاما (جيل Z) ورمز مفتاح المغرب الدولي للاتصالات الخارجية (212)، ليبدأوا في تنظيم احتجاجات رقمية ولا مركزية تحولت سريعًا إلى مظاهرات ميدانية في الرباط، الدار البيضاء، وجدة، مراكش، وطنجة وغيرها من المدن الكبرى.

تنوّعت مطالب الشباب بين الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، لكن أبرزها تمحور حول إصلاح منظومتي التعليم والصحة، ضمان الحق في التظاهر السلمي ووقف الاعتقالات التعسفية، إعادة توجيه الإنفاق العمومي نحو الخدمات الأساسية بدلًا من البطولات الرياضية.

 وكان الشعار الأبرز في المسيرات “الأولويات للشعب لا للمونديال؛ في إشارة إلى رفض المحتجين تخصيص مليارات الدراهم للتحضير لكأس الأمم الإفريقية 2025 وكأس العالم 2030، في ظل استمرار البطالة التي تتجاوز 35% بين الشباب.

وبحسب تقارير صحفية دولية، تتشكل حركة “جيل زد 212” من شباب مستقلين لا ينتمون لأي تيار سياسي أو حزبي، وبلغ عدد أعضائها النشطين نحو 12 ألف شاب، وتعتمد الحركة على آليات تنظيم رقمية مبتكرة عبر تطبيقات ديسكورد، تيك توك، وإنستغرام، ما جعلها حركة بلا قيادة مركزية يصعب احتواؤها أو اختراقها.

بعد أيام من الاحتجاجات، أعلنت الحكومة المغربية، في بيان رسمي “استعدادها للتجاوب الإيجابي مع المطالب الاجتماعية”، لكنها شددت في الوقت نفسه على أن “نتائج الإصلاحات الجارية لا يمكن قياسها بشكل فوري"، إلا أن السلطات منعت لاحقًا مظاهرات جديدة في عدة مدن، واعتقلت عددًا من النشطاء، ما زاد من حالة الاحتقان الشعبي والريبة من نوايا الدولة.

التعتيم الإعلامي... صمت مريب

خطاب الحكومة المغربية يعاني من ضعف في المصداقية، حيث يتناقض الحديث عن الحوار مع استمرار التضييق الأمني، بحسب تقرير مركز تقدم للدراسات.

كما أن التعتيم الإعلامي على انتفاضة المغرب هو سيد الموقف في كل وسائل الإعلام الرسمية العربية، رغم أن الحراك هو الأوسع منذ "حراك الريف" (2017).

ويرجّح خبراء أن هذا الصمت يعود إلى خشية السلطات من اتساع العدوى إلى دول الجوار، أو إلى انشغال الإعلام العربي بالأحداث في غزة، لكن الشاهد الأساسي هو أن " الأنظمة العربية تتجاهل إشارات الغضب القادمة من المغرب، بحسب موقع "علامات أونلاين الذي حذر "من أن الإحباط الشبابي العميق قد يتحول إلى موجة إقليمية جديدة من الغضب الشعبي".

ومن زاوية اجتماعية، يرى موقع "مدار 21" أن تسمية الحركة بـ”جيل زد” تعبّر عن وعي جيلي جديد لا يريد أن يرث أزمات الماضي، بل يسعى لصناعة مستقبل مختلف قائم على الكفاءة، العدالة، والمساءلة.
ووصف موقع "العربي الجديد" هذا الجيل بأنه “نتاج الثورة الرقمية والبطالة والفقر”، فيما اعتبر "عربي21" أن ما يجري في المغرب "جزء من ظاهرة عالمية عنوانها ثورة جيل زد".

ويبدو أن “جيل زد 212” فتح فصلًا جديدًا من العلاقة بين الشباب والدولة في المغرب، حيث
لم تعد السلطة تواجه معارضة حزبية تقليدية، بل جيلًا رقميًا بلا أيديولوجيا سياسية، يتحدث بلغة العدالة الاجتماعية والمواطنة، لا بلغة الأيديولوجيا أو الولاءات.

وفي ظلّ استمرار التعتيم الإعلامي على هذا الحراك، يبقى السؤال الأهم: هل تتعلم الأنظمة العربية من بوادر الغضب المغربي، أم تواصل تجاهلها حتى تنفجر الثورات مجددا في وجه الجميع؟

المصادر:

  • فرانس24 – ما هي حركة "جيل زد 212" التي تقود الاحتجاجات في المغرب وما مطالبها؟، 30 سبتمبر  2025، https://2u.pw/2oboc0 
  • بي بي سي عربي – احتجاجات الشباب في المغرب: جيل زد 212 يطالب بتحسين التعليم والصحة، 1 أكتوبر 2025 https://2u.pw/Dou7gh 
  • العربي الجديد – جيل زد المغرب... نتاج عصر الرقمنة والبطالة والفقر، 1 أكتوبر 2025، https://2u.pw/Fvt2x2 
  • إندبندنت عربية – جيل زد في المغرب... احتجاجات شبابية ضد أولويات الحكومة، 30 سبتمبر 2025، https://2u.pw/uPDq8g 
  • مدار 21 – جيل المبادرة الحرة والثورة التكنولوجية.. من يكون جين زد المحتج بالمغرب؟، 28 سبتمبر 2025، https://2u.pw/p9Pb4z 
  • وكالة الأناضول – المغرب.. مطالب شبابية بالإصلاح والحكومة مستعدة للحوار، 30 سبتمبر 2025، https://2u.pw/BD9oi0 
  • مركز تقدم للدراسات – احتجاجات جيل زد في المغرب: الخلفية والتداعيات،  3 أكتوبر 2025،

https://2u.pw/VTt0IZ 

  • علامات أونلاين – هل تلتقط الأنظمة العربية إشارات الغضب القادم من جيل زد المغربي؟، 6 أكتوبر 2025 https://2u.pw/BlfN19 
  • الشرق الأوسط – كيف أصبحت حركة جيل زد 212 الشبابية تقود الاحتجاجات في المغرب؟، 3 أكتوبر 2025، https://2u.pw/z4oM5A 
  • عربي21 – جيل زد: صوت العدالة الاجتماعية المتجدد، 7 أكتوبر 2025، https://2u.pw/5n73Sj