4 سنوات عجاف منذ كارثة تعويم الجنيه.. كيف دمر السيسي اقتصاد مصر؟

السبت - 24 أبريل 2021

إغراق الجنيه جاء رضوخا لصندوق النقد فهوى إلى ثلث قيمته.. والنتائج كانت كارثية

زيادة معدلات الفقر وارتفاع جنوني للأسعار.. وديون خارجية تجاوزت 123 مليار دولار

في 3 نوفمبر 2016م، أي قبل 4 سنوات، اتخذت حكومة الانقلاب قرارًا اعتبره خبراء الاقتصاد حينها جريئًا، وهو قرار تحرير سعر صرف العملة، أو ما يُعرف بـ"تعويم الجنيه". كان القرار بضغط من صندوق النقد الدولي، فماذا تحقق بعد 4 سنوات؟. كانت النتائج كارثية بما حمله القرار من تبعات غلاء الأسعار على مستوى السلع والخدمات، وهبوط قيمة المدخرات الخاصة والعامة وارتفاع تكلفة الواردات.

ومع تزايد تاثيرات تعويم الجنيه زاد الانهيار الاقتصادي فضرب المجتمع المصري، وانهك الأسر وزاد الأوجاع والامراض الاقتصادية والاجتماعية، بل اعترف السيسي نفسه بأن مصر ليس بها تعليم ولا صحة واقتصاد… ولا توظيف "لأننا مرغمون على ضغط الإنفاق لسد عجز الموازنة".

نعرف التفاصيل من خلال هذا التقرير:

السيسي دقّ المسمار الأخير في نعش الاقتصاد المصري:

قبل 4 سنوات دقّ السيسي مسمارا في نعش الاقتصاد المصري، بإعلانه تعويم الجنيه المصري، مصدِّرًا العديد من المبررات الواهية، من عينة معالجة الاختلالات في الميزان التجاري، ومعالجة تشوهات الاقتصاد المصري، وجذب الاستثمارات، والقضاء على السوق السوداء. فارتفعت قيمة الدولار من 7 جنيهات إلى أكثر من 18 جنيها ثم 20 جنيها، ومع الأزمات الاقتصادية في الغرب وأزمات النفط وصل سعر الدولار لنحو 17 جنيها حاليا، وليس مؤشرا لتحسن الاقتصاد المصري، بل بسبب تدخلات غير مشروعة ولا اقتصادية من قبل البنك المركزي، الذي يضخ الدولارات في السوق للتحكم في أسعار العملات.

ومع استمرار سياسات التعويم انهارت قيمة العملة المصرية، وزاد الفقر وارتفعت أسعار جميع السلع والخدمات بشكل غير مسبوق، بل زادت نسب الاستدانة ووصلت لأرقام قياسية، حيث تضاعفت ديون مصر خلال فترة حكم السيسي إلى أكثر من 3 أضعاف، سواء الدين الخارجي الذي قفز من 43 مليار دولار إلى أكثر من 123 مليارا في بداية الربع الرابع من 2020، وقفز الدين المحلي من 1.2 تريليون جنيه إلى أكثر من 4.2 تريليونات جنيه في منتصف 2020".

بالتالي، قفزت كلفة الدين بنسبة تقارب 100%، يجري سداده من جيوب المصريين، حيث بات على كل مولود أكثر من 80 ألف جنيه للدائنين.

وبسبب التعويم الذي ضاعف أسعار المواد الخام المستوردة للمصانع، جرى إغلاق أكثر من 5 آلاف مصنع خلال 4 سنوات من قرار التعويم المتهور.

بهذا فإن التعويم جاء قرارا انبطاحيا من سلطة السيسي، لصندوق النقد الدولي، الذي تمادى بدوره في اشتراطاته وإملاءاته المتنوعة على مصر، فجرى خفض الدعم ورفع أسعار الطاقة وتقليص الدعم التمويني وخفض وزن رغيف الخبز، وهو ما يعني زيادة السعر بنحو 20%، لكن بطريقة غير مباشرة. تلك الاجراءات التقشفية أنهكت الفقراء وأكلت ما تبقي من الطبقة الوسطى.

21 مليار دولار قيمة الاستثمارات الهاربة من مصر في الفترة الأخيرة:

في سبيل خداع الشعب المصري بأن الأوضاع تتحسن، يعلن النظام الانقلابي، بين وقت وآخر، زيادة الاحتياطي النقدي بالبنك المركزي، والذي جاء عبر القروض والديون، وهو ما يعد بالونا هوائيا قابلا للانفجار والمعاناة

وبجانب ذلك، وبموازاة القروض ورفع أرقام الاحتياطي النقدي، زاد الأجانب من استثماراتهم في أذون الخزانة، فأصبحت أموالهم الساخنة قنبلة موقوتة، وهو ما ترجمه ارتفاع نسب الاستثمارات الهاربة من مصر في الفترة الأخيرة والتي تقدرها دوائر اقتصادية، بنحو 21 مليار دولار، خرجت من السوق المصري.

ولعل الأثر الأخطر اقتصاديا هو لجوء نظام السيسي بعد التعويم لرفع أسعار الفائدة البنكيةـ وهو ما عده خبراء اقتصاديون من المستحيل أن يسهم في تنشيط الاستثمار فتراكمت الأموال في البنوك حتي ضجت بها خزائنها، دون توظيف حقيقي.

ويوما وراء الآخر تتعاظم تأثيرات قرار السيسي المشئوم بتعويم الجنيه، حيث وضعت الصين 200 شركة تستورد 50% مواد خام منها علي القائمة السوداء وبات التعامل معها ممنوعا لعجزها عن السداد.

ومن ضمن الكوارث ومؤشرات الانهيار الاقتصادي، ما أعلنته شركة "بيرسي" الفرنسية أن تستقبل زيارة السيسي السابقة لفرنسا بإعلان رفض بيع 12 طائرة، وتقول إن مصر مقبلة على انهيار اقتصادي.. وهو إعلان صريح عن حقيقة الأوضاع بمصر، رغم حملات التهليل الإعلامي والتطبيل بقرار السيسي الكارثي، والحديث عن الإصلاح الاقتصادي الذي لا يشعر به المواطن ولا ينعكس على الشعب مطلقا.

زيادة نسبة الفقراء بمصر الي 64% بمعيار البنك الدولي

والأدهى من كل ما سبق هو زيادة نسبة الفقراء بمصر، بمعيار البنك الدولي الي 64%.

وكان الخبير الاقتصادي رشاد عبده قال في حوار مع شبكة بي بي سي، إن نسبة التضخم في مصر أكبر من النسبة المعلنة من قبل الأجهزة الحكومية، وإنها تقترب من 40 في المائة، وليس 35 في المائة. مشيرا إلى أن قرار التعويم خلال فترة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض الـ12 مليار دولار، سبب رئيسي في ارتفاع نسبة التضخم بدرجة كبيرة جداً وغير متوقعة لمسؤولي الصندوق، فطلب صندوق النقد ضرورة تقليل نسبة التضخم، ونصح الدولة المصرية برفع نسبة الفوائد في البنوك، وبالفعل تم رفع نسبة الفوائد 3 مرات منذ قرار تعويم الجنيه المصري، ووصلت إلى قرابة 20 في المائة، مؤكدا أن رفع نسبة الفوائد في البنوك المصرية صورية بشكل أو بآخر، واضطرت البنوك إلى شراء أذون خزانة حتى تسطيع دفع نسبة الفوائد، والدولة سعيدة بزيادة الأموال في البنوك لسداد عجز الموازنة حتى وإن كانت بتكلفة عالية.

وفي الوقت نفسه أدى رفع نسبة الفوائد بالبنوك إلى طرد المستثمر الذي سيفكر في المشروع الذي سيمنحه أكثر من 25 في المائة حتى يغطي تكاليف قرضه. وبذلك تسير مصر من سيء إلى اسوأ.

كورونا دفع الجنيه المصري للتراجع 1.8% مقابل الدولار:

وفي سياق متصل، كشفت دراسة للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري (حكومي) أن تداعيات فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) على الاقتصاد المصري دفعت قيمة الجنيه للتراجع مقابل الدولار خلال فترة ذروة الجائحة بنسبة 1.8%.

وفقدت مصر 220 مليار جنيه من إيراداتها خلال العام المالي الماضي 2020/2019 بسبب جائحة كورونا، حسب تصريحات صحفية لوزير المالية محمد معيط (الدولار يساوي 15.7 جنيها).

وشملت الدراسة بيانا لآثار الجائحة على مستوى القطاعات الاقتصادية الرئيسية من خلال تَعَقُب حركة مؤشرات الإنتاج الكلي والرقم القياسي للصناعات التحويلية والاستخراجية ومؤشر مديري المشتريات، فضلاً عن تتبع التغيرات في مستوى النشاط الاقتصادي لخمسة قطاعات إنتاجية رئيسية وهي الأسمنت وحديد التسليح والسكك الحديدية وقناة السويس والسياحة، وكذلك صافي الاحتياطات كمؤشر من المؤشرات الاقتصادية الكلية، والبورصة.

وتسبب تأثر قطاع السياحة بشكل ملحوظ بانتشار الفيروس والانخفاض الكبير في أعداد السائحين والليالي السياحية مع إغلاق المطارات وتعليق الرحلات الجوية في مفاقمة الآثار السلبية على قيمة الجنيه، مما ساهم في تراجع إيرادات مصر من النقد الأجنبي.

وركزت الدراسة على تأثير كورونا على الاقتصاد المصري، من خلال تتبع التغيرات في بعض المؤشرات الاقتصادية الكلية الأساسية خلال فترة ذروة الوباء، والتي تشمل معدل النمو الاقتصادي، والبطالة، والتضخم، وأسعار الصرف والفائدة على الجنيه المصري.

وأظهرت أن الجنيه المصري سجل تراجعا خلال الفترة من فبراير/شباط حتى مايو/أيار 2020 بلغ نحو 1.8% من قيمته، وذلك تزامنًا مع تراجع التدفقات الدولارية نتيجة عدة أسباب.

ولفتت إلى أن تراجع تدفقات النقد الأجنبي جاءت بسبب انخفاض الصادرات السلعية بمعدل 39.4% في نفس الفترة.

السيسي واصل تدمير الجنية بطباعة مليارات من النقود:

ولتغطية سوأة التعويم، واصل عبدالفتاح السيسي توريط الاقتصاد المصري، والزج به في مشكلات طويلة الأمد، إذ أظهرت بيانات رسمية أن مصر سجلت قفزة غير مسبوقة في طباعة النقود بلغت نحو 34 مليار جنيه خلال شهر واحد.

ووفق بيانات البنك المركزي المصري، ارتفع معدل طباعة النقود من أقل من 7 مليارات جنيه خلال فبراير/شباط الماضي، إلى أكثر من 23 مليار جنيه، في مارس/آذار 2020، ثم زاد المعدل بشكل قياسي محققا أكثر من 31 مليار في أبريل/نيسان الماضي، ثم إلى 34.5 مليار جنيه في مايو/أيار.

ويمثل حجم طبع النقود فى شهر مايو/أيار أعلى معدل تاريخى للزيادة الشهرية، رغم زيادة الإقتراض الخارجي والداخلي.

ودأب السيسي على طباعة النقود منذ وصوله إلى الحكم قبل أكثر من 6 سنوات، لتبلغ قيمة ما تمت طباعته من نقود منذ منتصف 2014 حتى نهاية العام الماضي 2019، نحو 254.9 مليارات جنيه.

وأظهرت بيانات حديثة صادرة عن البنك المركزي أن إجمالي النقد المصدر وصل إلى 544.7 مليار جنيه، في ديسمبر/ كانون الأول 2019، مقابل 480.1 مليار جنيه في الشهر نفسه من العام السابق عليه، ما يكشف عن طباعة قرابة 64.6 مليار جنيه، خلال هذه الفترة، لتدبير الاحتياجات المالية.

وكشفت مصادر مطلعة إن "المدقق في العملات النقدية، يلحظ أن الكثير من فئتي 100 جنيه و200 جنيه مدون عليها تواريخ تعود للأشهر القليلة الماضية"، محذراً من أن "طباعة النقود بشكل مكثف من دون غطاء حقيقي للإنتاج سيزيد من موجات الغلاء، بينما هناك أزمة حقيقية في ارتفاع معدلات البطالة والفقر في البلاد"، بحسب العربي الجديد.

وبحسب خبراء فإن الاقتصاد المصري مقبل على كارثة بسبب إجراءات النظام الخاطئة والتي تسببت في إهدار جزء كبير من احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي، من أجل المحافظة على سعر صرف الجنيه أمام الدولار، وكذلك دعم البورصة بنحو 20 مليار جنيه، عبر شراء الأسهم، بدلاً من ضخ تلك الأموال للشركات المتعثرة، لدفع رواتب العمال، ومنع تسريحهم”