سفيرة الصهاينة في القاهرة محبطة من المصريين: "يكرهوننا ويسخرون منا"
الثلاثاء - 20 أبريل 2021
تحت عنوان (الشعبُ المصريُ يحبطُ السفيرةَ الإسرائيليةَ ويغضبُها) كتب د. مصطفى يوسف اللداوي مقالا في "رأي اليوم" اللندنية، جاء فيه: "تبدو السفيرة الإسرائيلية في مصر أميرة آرون في غاية الحزن والأسى مما تلاقيه من الشعب المصري، ومما تواجهه من عامة المصريين بمختلف طبقاتهم وفئاتهم، فقد صدمتها الوقائع اليومية، وسلوكيات الشعب الفطرية، ومواقفه الوطنية، ومقاطعته العنيدة، وإصراره على قناعاته القديمة ومفاهيمه الموروثة، على الرغم من مضي أكثر من أربعين سنة على توقيع اتفاقية كامب ديفيد للسلام مع نظامهم، التي كان يأمل منها الإسرائيليون تطبيعاً للعلاقات، وانفتاحاً بين السكان، وربطاً لخطوط المواصلات، وتبادلاً للمنافع، وتعاوناً تجارياً وتكاملاً اقتصادياً، وإنهاءً حقيقياً للصراع، وشطباً فعلياً لعقيدة المواجهة بين البلدين.
إلا أن هذه الاتفاقية ما زالت محفوظة في الدوائر الرسمية، لدى هيئة الرئاسة ووزارة الخارجية، يضبطها الأمن وترعى بنودها أجهزته، وتلتزم بنصوصها وتحافظ على أصولها مؤسساته، لكن الشعب المصري لم يعترف بها ولم يقر بوجودها، فهو ينكرها ويهاجمها، ويرفضها ويستنكرها، وينتقدها ويعلن الحرب عليها، ويضمر نية إسقاطها يوماً وإعلان بطلانها حكماً، فهي في نظرهم اتفاقية ذلٍ وهوانٍ، وهي تنازلٌ واستسلامٌ، لا تعبر عن الشعب المصري العزيز، ولا تعكس صورته الوطنية وحقيقته القومية، ولكنه مرغمٌ رغم أنفه، ومساقٌ رغم إرادته، وسيأتي اليوم الذي ينعتق فيه من إسارها، ويتحرر من قيودها.
تعترف السفيرة الإسرائيلية المعزولة في مقر السفارة في القاهرة، والمحاصرة فيها بجدرانها وأسوار بيتها، أن الشعب المصري يكرههم ولا يحبهم، ويرفض وجودهم ويتمنى زوالهم، وهو لا يرحب بهم ولا يبش في وجوههم، ولا يقبل الشراكة أو العمل معهم، وهو يتعالى عليهم، ويبرأ إلى أمته منهم، ولا تغريه أموالهم، ولا تغير نظرته ابتساماتهم، ولا يخدع بمعسول كلامهم وجميل تصريحاتهم، فهو بالنسبة لهم كان ولا زال العدو الذي دمر مدنهم وقتل جنودهم، ودفن أسراهم أحياءً في صحراء سيناء، وهو الذي يعتدي على العرب وفلسطين، ويقتل أبناءهم ويخرب بلادهم، ويعيث فساداً بينهم.
تشعر السفيرة الإسرائيلية في مصر أميرة آرون بصعوبة التعايش مع المصريين، وباستحالة كسب ودهم ونيل رضاهم، مهما حاولوا وبذلوا من جهود، ومهما صبروا وقدموا من وعود، فلن يرضى عنهم المصريون، وسيبقون يقصون من يتعامل معهم، ويحاربون من يعترف بهم، ويعاقبون كل من تصور معهم أو باع واشترى منهم، لكنها تؤكد أنه لا غنى عن السلام مع مصر، ولا سلام مع غيرها يعدلها أو يوازيها، فمصر هي أكبر الدول العربية، وقاعدة الصراع معهم، وقلب الجيوش التي قاتلتهم، وعمق العرب جميعاً الذين يستهدفونها ويأملون الانتصار عليها وإزالتها من الوجود.
تصرخ السفيرة الإسرائيلية في مصر بعالي صوتها، بحرقةٍ وحزنٍ وألمٍ، وتقول أن الأبواب الشعبية المصرية موصدة أمامنا، ولا يريد أحدٌ فتحها، ولا أحد يقترب منا، وهم يتهكمون علينا ويسخرون منا، ويطلقون علينا أسماءً مضحكة، ويعلقون على سفارتنا تعليقاتٍ مهينةٍ، ووسائل الإعلام المصرية تتجاهل وجودنا، ولا تنقل إلا السيئ من أخبارنا، ولا يوافقون على إجراء أي مقابلة صحفية معنا، ولا يسعون لأخذ رأينا أو الاستماع إلينا، ولا يمنحوننا الفرصة لبيان موقفنا أو الدفاع عن حقوقنا، إنهم يتجاهلوننا ولا يعيروننا اهتماماً إلا تهكماً أو إساءة، ولعل أكثر ما يغيظنا في مصر، النكتةُ الشعبية والتعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي، فهي تعليقات تغيظ وتؤلم، وتجرح نفوسنا وتؤذي مشاعرنا.
وتضيف بحسرةٍ وخيبة أمل، أنه لا أصدقاء عندها ولا معارف، ولا عائلة ولا أسرة، ومن يرغب في الاتصال بهم يخاف ويجبن، وإذا عرف يعزل ويفضح، ولا يوجد في القاهرة ما يسر أو يسري عن النفس، فلا أماكن للسهر أو الترفيه يمكنها الذهاب إليها والاستمتاع فيها، ولا مناسبات عامة نشارك فيها أو ندعى إليها، الأمر الذي يجعل الأيام تمر علينا طويلةً ثقيلة، ولولا أنني أعود إلى بيتي كل أسبوع، كنت اختنقت وما استطعت مواصلة عملي الشاق في القاهرة.
تشكو أميرة أرون أنها لا تستطيع الحركة في شوارع القاهرة الشعبية المكتظة بالسكان، الذين تصفهم بأنهم شعبٌ طيبٌ حميمٌ إلا معهم، وعلى الرغم من أنها تتقن العربية وتتحدث باللهجة المصرية، لكنها لا تجد من تتحدث معه أو يسمع إليها، وهي لا تستطيع زيارة الكنيس اليهودي في حي الجمالية، رغم أنها تتمنى زيارته لنيل البركة، لكن قوات الأمن المصرية لا تسمح لها بحرية الحركة، وإذا سمحت فإن عناصر الأمن والحراسة المصرية أو الإسرائيلية تعقد حركتنا، وتثير الفضول حولنا، وتعرضنا إلى المزيد من الحرج والأذى الشعبي.
لا أعتقد أن أحداً في الخارجية الإسرائيلية يحسدني على مكانتي، أو يتمنى لو أنه سفيراً مكاني، عندما يرى الكتيبة الأمنية التي تتحرك معي وتحيط بي، فهي قيدٌ آسرٌ وحجابٌ حاجزٌ، لا تدل على الأهمية ولا تبعث على المسرة، فأنا أضغط على أعصابي وأتحمل الكثير على حساب نفسي وصحتي، ولا أفكر في تجديد فترة عملي عندما تنتهي.