سد النهضة.. السودان ومصر أمام خيارات صفرية إزاء الملء الثاني

السبت - 12 يونيو 2021

تنشط مصر والسودان في جولات بين الدول الأفريقية، في محاولة لكسب تأييدها لصالح موقفهما بشأن ملف سد النهضة، والضغط على إثيوبيا للتوصل إلى اتفاق ملزم، وتقابل هذه الجولات تحركات إثيوبية في الملعب نفسه.

تبقى أقل من شهر على الموعد الذي حددته إثيوبيا للقيام بالملء الثاني لسد النهضة الذي تبنيه على النيل الأزرق، أهم روافد نهر النيل؛ إذ قالت أديس أبابا مطلع هذا العام إنها ستقوم بحجز 13.5 مليار متر مكعب في شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب المقبلين، بعد أن قامت العام الماضي بالملء الأول (4.9 مليارات متر مكعب)، فما الخيارات المطروحة أمام القاهرة والخرطوم تجاه هذا الموعد الوشيك؟

يشدد السودان ومصر على رفض تنفيذ الملء الثاني للسد من دون توقيع اتفاق قانوني وملزم وبه ضمانات دولية، غير أن المفاوضات بين الدول الثلاث توقفت عقب تعثر آخر جولة دعا إليها الاتحاد الأفريقي في عاصمة الكونغو الديمقراطية في أبريل/نيسان الماضي.

وفي ظل جمود التفاوض، ومع اقتراب الموعد المحدد؛ تقول إثيوبيا إنها لن تتراجع، بل إن رئيس الوزراء آبي أحمد قال إن "عدم تنفيذ الملء الثاني في موعده سيجعل إثيوبيا تتكبد خسائر بقيمة مليار دولار".

ولذا كثف السودان ومصر تحركاتهما لمواجهة هذا التحدي؛ ففي مطلع الأسبوع الحالي زار وزير الخارجية المصري سامح شكري برفقة وزير الري محمد عبد العاطي الخرطوم، وعقدا مباحثات مع نظيريهما السودانيين، والتقيا رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان.

توافقت رؤى البلدين حول ضرورة التنسيق من أجل تدخل نشط من قبل المجتمع الدولي "لدرء المخاطر المتصلة باستمرار إثيوبيا في انتهاج سياستها، والقائمة على السعي لفرض الأمر الواقع على دولتي مصب نهر النيل".

لكن في ظل هذا الوضع، ما الخيارات أمام القاهرة والخرطوم في حال مضت أديس أبابا في خطوتها ونفذت الملء الثاني من دون توقيع اتفاق؟ هل يجدي الانسحاب من إعلان المبادئ الذي وقعته الدول الثلاث في مارس/آذار 2015، الذي كان علامة فارقة في تفاهماتها بشأن السد؛ إذ أضفى المشروعية على المشروع عن طريق اعتراف كل من الخرطوم والقاهرة، حيث جاء في الفقرة الرابعة من إعلان المبادئ ما سمي "مبدأ الاستخدام المنصف والمناسب" للسد؟

كما نصت المادة 33 من الاتفاقية الدولية على سلسلة من الإجراءات لتسوية الخلافات سلميا بين الدول، كالمفاوضات المباشرة والمساعي الحميدة والتوسط والتحقيق والتوفيق والتحكيم، واللجوء إلى محكمة العدل الدولية.

لكن طريقة عمل المحكمة التي تلزم بأن توافق جميع أطراف النزاع على اللجوء إليها يجعلها خيارا صعبا، إن لم يكن مستحيلا؛ فإثيوبيا لن تقبل الذهاب للمحكمة وهي تقطع أشواطا في بناء سد النهضة.

وفي ظل هذه الأوضاع المعقدة التي تجابهها الخرطوم والقاهرة، يبقى سؤال يطرحه بعض الخبراء: هل إثيوبيا في وضع هندسي من حيث تشييد السد يتيح لها الملء الثاني؟ إذ إن هناك شكوكا حول الأمر لأنه يتطلب أن يرتفع الحائط الأوسط للسد (الحائط الخرساني) إلى مستوى 595 مترا، وحتى الأسبوع الأول من يونيو/حزيران الحالي وصل البناء إلى ارتفاع 536 مترا فقط.

ومع اشتداد هطول الأمطار في منطقة سد النهضة، التي يمكنها إعاقة عمليات البناء، وتوقفها حتى انتهاء موسم هطول الأمطار؛ فإن ذلك يعضد الشكوك المذكورة سابقا، فقد قال أحد المختصين السودانيين -طالبا عدم إيراد اسمه- "هناك الآن سباق بين الجانب الهندسي لبناء الحائط الأوسط والأمطار، ففي حال وصل البناء إلى 595 مترا قبل الشهر المقبل، يمكن أن يتم الملء الثاني، وإن لم يحدث ذلك فيمكن لإثيوبيا تخزين كمية أقل من المخطط لها".

المصدر : الجزيرة