سارة ليا ويتسن: على أمريكا التوقف عن حماية نظام السيسي الوحشي

السبت - 17 يوليو 2021

القمع في مصر ليس عارضا لكنه استراتيجية متعمدة لبقاء ديكتاتوريتها

قالت سارة ليا ويتسن المديرة التنفيذية في "هيومن رايتس ووتش"، المديرة التنفيذية لمنظمة "الديمقراطية الآن في العالم العربي"، إنه يجب على أمريكا التوقف عن حماية حكم السيسي الوحشي، مذكّرة الرئيس الأمريكي جو بايدين بضرورة الوفاء بوعده "بعدم وجود المزيد من الشيكات الفارغة لديكتاتور ترامب المفضل"، مؤكدة أن " القمع في مصر ليس عارضا، لكنه استراتيجية متعمدة لبقاء ديكتاتوريتها".

أضافت ويتسون، في مقال نشرته بمجلة "الشئون الخارجية" (Foreign Affairs) الأمريكية، الجمعة 16 يوليو 2021، بعنوان " حان الوقت لإيقاف مصر"، وترجمه موقع "إنسان للإعلام"، أن الرئيس الأمريكي جو بايدن وعد منذ بداية حملة الانتخابات الرئاسية لعام 2020، بإعادة فحص علاقات واشنطن مع الحكومات الاستبدادية. وفي تغريدة غير معتادة على تويتر في يوليو/ تموز الماضي، خص المرشح بايدن أحد أكثر الحكام المستبدين سوءًا في العالم، عبد الفتاح السيسي، متعهداً "بعدم وجود المزيد من الشيكات الفارغة لديكتاتور ترامب المفضل". ومع ذلك ، ظلت العلاقات بين الولايات المتحدة ومصر تسير كالمعتاد حتى الآن.

تابعت: ليس هناك خلاف في أن حكم السيسي، وهو دكتاتورية عسكرية في كل شيء ما عدا الاسم ، هو الأكثر قمعًا في تاريخ مصر الحديث، فمنذ أن تولى السيسي منصبه في عام 2014، تراجعت مكانة مصر في المؤشرات العالمية لقياس التحول الديمقراطي.

وقد وثقت منظمات حقوق الإنسان انتهاكات حكومته الممنهجة، بما في ذلك المذابح المروعة والإعدامات خارج نطاق القضاء والتعذيب على نطاق واسع، واختفاء الحريات المدنية الأساسية تقريبًا بموجب القوانين الجديدة التي تسمح بمحاكمة المنتقدين بتهمة الإرهاب، مع اعتقال أكثر من 60 ألف مصري بتهم بـ "جرائم سياسية".

وفي 14 يونيو / حزيران، حكمت المحكمة العليا المصرية بالإعدام على 12 رجلاً، معظمهم من كبار قادة الإخوان المسلمين، بتهم ملفقة وحكمت على مئات آخرين بالسجن لمدد طويلة في محاكمة جماعية ضمت ما يقرب من 800 شخص.

أكدت ويتسن أنه "مع اقتراب بايدن من منتصف سنته الأولى في المنصب، عليه أن يفي بوعده بإعادة ضبط نهج واشنطن تجاه القاهرة". وقالت:  " لقد حان الوقت لقطع المساعدات الضخمة التي تقدمها الولايات المتحدة عامًا بعد عام للنظام المصري، الذي ينجح فقط في جعل الأمريكيين متواطئين في انتهاكات السيسي".

وأوضحت أنه "على مدى عقود، أكد التدفق المستمر للأموال من واشنطن إلى القاهرة - أكثر من 50 مليار دولار من المساعدات العسكرية بالإضافة إلى 30 مليار دولار إضافية من المساعدات الاقتصادية منذ عام 1978 - للقادة المصريين أنهم يمتلكون أفضل ما يقدره الديكتاتوريون في العالم:المعدات العسكرية والدعم السياسي . أيضا يبعث التدفق المستمر للدولارات برسالة مهمة إلى المصريين العاديين - بغض النظر عن التعذيب أو الإرهاب الذي يعانون منه و ترعاه الدولة وبغض النظر عن بيانات القلق الصارمة في بعض الأحيان – هي أن واشنطن لن تفعل شيئًا لإنهاء دعمها لمن يسيئون إليهم".

وقالت إن "المساعدات الاقتصادية الأمريكية لمصر ليست أقل ضررا من المساعدات العسكرية، فعلى الرغم من أن واشنطن توجه مساعدات اقتصادية أيضا إلى مجموعات المجتمع المدني المستقلة، إلا أن هذه المجموعات لم تعد موجودة فعليًا في مصر تحت حكم السيسي، إذ تتحكم الحكومة المصرية في كل دولار من المساعدات تتلقاه، سواء بشكل مباشر أو من خلال ما يسمى بالمنظمات غير الحكومية التي تسيطر عليها بالفعل".

وشددت على أنه "بالنسبة للولايات المتحدة، هذه ليست مشكلة أخلاقية فحسب، بل مشكلة قانونية أيضًا، فالمساهمة في انتهاكات حقوق الإنسان هي انتهاك للقانون الدولي لحقوق الإنسان وللقانون الأمريكي نفسه". وقالت: "هناك حالة يجب أن تقوم فيها إدارة بايدن بعملها، فمن خلال تقديم الدعم العسكري لحكومة تنتشر انتهاكاتها بشكل ممنهج وواسع النطاق مثل مصر، فإن الولايات المتحدة متورطة بشكل لا مفر منه في جرائم حكومة السيسي..لم يعد من الممكن التظاهر بأن المساعدات الأمريكية لا تلعب دورًا حاسمًا في تعزيز دكتاتورية وحشية".

وانتقدت ويتسن الافتراض الخاطئ لدى أعضاء الكونجرس بأن المساعدات الأمريكية ستستمر ويجب أن تستمر، فمع محاولتهم ربط المساعدات الاقتصادية والعسكرية لمصر بشرط قيام الحكومة المصرية بإجراءات محددة لدعم حقوق الإنسان أو إطلاق سراح مجموعة من السجناء السياسيين، ينتهي الأمر بتبرير استمرار الدعم لمصر دون تحقيق أي إصلاحات ذات مغزى.

وقالت: "إن الحساب الأكثر صدقًا من شأنه أن يدرك أن القمع في مصر ليس عرضيًا أو نتيجة ثانوية لتجاوزات معينة، ولكنه استراتيجية متعمدة وأساسية لبقاء ديكتاتوريتها، فلم يغب عن السيسي أن الثورة المصرية عام 2011 ، التي أدت إلى الإطاحة بالرئيس حسني مبارك ، ظهرت في أعقاب تخفيف مبارك للقيود المفروضة على التعبير السياسي، فمثل كل دكتاتوريي المنطقة، ويعتقد السيسي أنه يلعب لعبة محصلتها صفر: المزيد من الحريات يعني زيادة خطر الإطاحة به، وهذا هو السبب في أن السيسي لن يخضع أبدًا لمطالب إصلاحات ذات مغزى، وإذا أُجبر على الاختيار بين خسارة المساعدة العسكرية الأمريكية وتخفيف قبضته، فإنه سيتخلى دائمًا عن المساعدة".

وبينت ويتسن أن "فكرة أن الولايات المتحدة بسحب مساعدتها كعقوبة عن الانتهاكات التي ترتكبها مصر هي ببساطة فكرة غير ذات مصداقية، والسيسي يعرف ذلك، ففي مرة واحدة فقط خلال الأربعين عامًا الماضية، أوقفت الولايات المتحدة المساعدة العسكرية لمصر وحصلت على تنازل صغير. في عام 2002، امتنع الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش عن الموافقة على طلب مصر زيادة قدرها 133 مليون دولار في المساعدات العسكرية بعد الحكم على الأستاذ المصري الأمريكي سعد الدين إبراهيم بالسجن سبع سنوات بسبب دفاعه عن حقوق الإنسان، وبعد أربعة أشهر، برأت محكمة مصرية إبراهيم، ووافق بوش على الزيادة. ودائمًا ما تم إنهاء عمليات التعليق المؤقت الأخرى للمساعدات، بفضل تنازلات الأمن القومي والمزاعم الملفقة أحيانًا من قبل وزارة الخارجية بأن مصر قد استوفت الشروط ذات الصلة."!

وألمحت إلى أن "الإدارات المتعاقبة أعطت الأولوية لإطلاق سراح المصريين الأمريكيين والناشطين الحقوقيين المصريين، ونجحت في تأمين إطلاق سراح مواطنين أمريكيين بعد سنوات من التعذيب والسجن، ولكن في إحدى الحالات البارزة، فشلت التهديدات المتكررة بتعليق المساعدات وحتى المناشدات الشخصية من نائب الرئيس مايك بنس في تأمين الإفراج عن المواطن المصري الأمريكي مصطفى قاسم ، الذي ظل محتجزا لمدة ست سنوات وتوفي في الحجز في يناير 2020. ومع كل إطلاق ناجح لسجناء، يعتقل السيسي عدة سجناء بديلين، بمن فيهم أفراد عائلات نشطاء مصريين أمريكيين!! إنهم بمثابة قطع قيّمة يتم تقديمها للجولة التالية من مطالب الإصلاح"!.

وقالت: إن الاعتراضات على أي اقتراح بتوقف الولايات المتحدة  عن تمويل الاستبداد المصري، تنبع دائمًا من الشعارات التي تعود إلى عقود حول المصالح الأمنية للولايات المتحدة والتي أنتجت نهجًا كسولًا وانهزاميًا وعديم الخيال وضارًا، حيث فشلت الإدارات الأمريكية المتعاقبة في تحديث العلاقة مع مصر بطريقة تعكس المصالح الاستراتيجية والأمنية لواشنطن في الوقت الحاضر"

وأكدت أن  "الشعب الأمريكي سيؤيد رؤية حكومته تنهي تسليحها لطغاة الشرق الأوسط، وهذا هو السبب وراء جعل بايدن هذا وعدًا مركزيًا في حملته، والآن لديه فرصة لتطبيع العلاقة مع مصر لتتماشى بشكل أفضل مع المصالح الوطنية الفعلية للولايات المتحدة".