رحلات الموت في عرض البحر.. الهروب من جمهورية السيسي الجديدة!

الثلاثاء - 15 مارس 2022

  • أخر الفواجع.. غرق 18 مصرياً قبالة شاطئ رأس بياض في ليبيا حالوا الهروب من الفقر
  • تجار الهجرة يغرون الضحايا بأنّ شواطئ أوروبا تبعد ثلاث ساعات فقط عن سواحل طبرق
  • السنوات التالية  لانقلاب 2013 شهدت أكبر عدد وفيات نتيجة الهجرة غير الشرعية
  • الموجات المتتابعة من الهجرة غير الشرعية بلغت حصيلتها نحو‏ 841‏ ألف شاب خلال السنوات الثلاثة الماضية 

 

في حلقة جديدة من حلقات فقدان مصر لشبابها بسبب الهجرة الغير شرعية ، أعلن المدير التنفيذي لـ"مؤسسة العابرين لمساعدة المهاجرين" في ليبيا، أسريوه صالح، غرق مركب هجرة غير شرعية على متنه 23 شخصاً، 20 مصرياً و3 سوريين، قبالة شاطئ رأس بياض بالقرب من مدينة طبرق شرقي ليبيا.

ورغم  تغليظ العقوبات بالقوانين  لم يمنع ذلك من تصاعد "الظاهرة ‏" هروبا من الفقر في "جمهورية السيسي الجديدة". وهناك   841‏ ألف شاب مصري خرجوا في رحلات الموت خلال السنوات الثلاثة الماضية  نصفهم مات غرقا في البحر المتوسط ، والمؤلم أن 58% منهم مازالوا أطفالا.

من خلال سطور هذا التقرير نفتح ملف الهجرة غير الشرعية بمصر .

تزايد أعداد مراكب الهجرة السرية

المدير التنفيذي لـ"مؤسسة العابرين لمساعدة المهاجرين" في ليبيا، أسريوه صالح، قال في تصريحات صحافية ، إنه عُثر على ثلاثة مهاجرين على قيد الحياة وجثة واحدة، بينما لا يزال البحث جارياً عن 19 آخرين، مشيراً إلى أنّ أحوال الطقس السيئة أثرت بشكل كبير على عمليات البحث عن المفقودين.

وأضاف أنّ هذه الواقعة ليست الأولى في مجال الهجرة غير الشرعية، ولن تكون الأخيرة في ظل الظروف الراهنة التي تشهدها ليبيا، موضحاً أنّ "تجار الهجرة يغرون المهاجرين بإخبارهم أنّ شواطئ أوروبا تبعد ثلاث ساعات فقط عن سواحل مدينة طبرق الليبية، ما أدى إلى تزايد أعداد مراكب الهجرة السرية في هذه المنطقة".

وبحسب مصادر أمنية ليبية، فإنّ قوات الإنقاذ التقطت مصريين اثنين وسورياً واحداً، من أصل 23 مهاجراً غير شرعي من الجنسيتين المصرية والسورية،

هل يجدي سن قوانين جديدة؟

ويوم الثلاثاء الماضي، وافق البرلمان المصري على تعديل بعض أحكام قانون مكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين الصادر في عام 2016، بذريعة مواجهة هذه الظاهرة تماشياً مع الأطر الدولية، من خلال تغليظ عقوبات الهجرة السرية لتصل إلى السجن المؤبد مع توقيع غرامة مقدارها 5 ملايين جنيه.

ونص تعديل القانون على توقيع عقوبة السجن المشدد مع غرامة لا تقل عن 200 ألف جنيه، ولا تزيد على 500 ألف جنيه، أو بغرامة مساوية لقيمة ما عاد عليه من نفع (أيهما أكبر)، لكل من ارتكب جريمة تهريب المهاجرين أو شرع فيها أو توسط في ذلك.

وتكون العقوبة السجن المشدد مع غرامة لا تقل عن خمسمئة ألف جنيه، ولا تزيد على مليون جنيه، أو غرامة مساوية لقيمة ما عاد عليه من نفع (أيهما أكبر)، في حال كان الجاني قد أسس أو نظّم أو أدار جماعة إجرامية منظمة لأغراض تهريب المهاجرين، أو تولى قيادة فيها، أو كان أحد أعضائها، أو منضماً إليها.

وتوقع العقوبة ذاتها إذا كانت الجريمة ذات طابع غير وطني، أو إذا تعدد الجناة، أو ارتكب الجريمة شخص يحمل سلاحاً، أو إذا كان موظفاً عاماً أو مكلفاً بخدمة عامة، وارتكب الجريمة باستغلال الوظيفة أو الخدمة العامة، أو إذا كان من شأن الجريمة تهديد حياة من يجرى تهريبهم من المهاجرين، أو تعریض صحتهم للخطر، أو تمثل معاملة غير إنسانية أو مهينة لهم، أو إذا حصل الجاني على منفعة لاحقة من المهاجر المهرب أو ذويه.

مصرع 11 غرقاً في أغسطس الماضي

وفي أغسطس الماضي ، لقي 11 شاباً مصرياً مصرعهم، وهم من قرية واحدة، قبالة شواطئ ليبيا بعد غرق القارب الذي كان يقلهم مع آخرين باتجاه إيطاليا.

وبين الحين والأخر يتكرر سيناريو الموت الجماعي من خلال مراكبٌ متهالكٌ يحمل على متنه الأمل والموت في آنٍ واحد، أتحدت عليه رغبة الهروب من الواقع الأليم مع حلم الثراء، ليقطع بهما المهاجرون بشكلٍ غير شرعي تأشيرة مرورٍ للآخرة، فالفرار من الحياة المريرة في مصر لا يمنح الشباب فرصة التفكير في المخاطرة والقدر الذي قد ينتظرهم، ولا تشغلهم وحشة البحر الذي قد يتحوّل إلى قبرٍ يبتلع أحلامهم وآمالهم وطموحاتهم، ويدفنها في أعماقه.

ولا تزال معضلة الهجرة غير الشرعية من مصر إلى أوروبا صداعاً في رأس الوطن، و معضلةٌ لم تحلها القوانين الصارمة التي تفرضها السلطات على الهجرة ومن يساهم فيها، ومحاربة سماسرة الاتجار في البشر، وآخرها مشروعى قانونينالأول خاص بتعديل بعض أحكام القانون رقم 232 لسنة 1989 فى شأن سلامة السفن، والثانى خاص بتعديل بعض أحكام قانون مكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين الصادر بالقانون رقم 82 لسنة 2016.

أرقام مفزعة عن الهجرة غير الشرعية

الأرقام الخاصة بالهجرة غير الشرعية تكشف مدي ضخامة الظاهرة ، وكانت المنظمة الدولية للهجرة قد قدّرت ضحايا الهروب خارج حدود الوطن إلى أوروبا بشكلٍ غير قانوني عن طريق البحر بـ 587 شخصاً غرقوا في البحر المتوسط في العام 2018، في حين مات 1773 غرقاً في العام 2017، طبقاً للجنة الوطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، والتي كشفت أن 58% من المهاجرين غير الشرعيين المصريين هم أطفال دون الـ18 عاماً.

ما تؤكده الأرقام أن السنوات التالية  لانقلاب 2013، شهدت أكبر عدد وفيات نتيجة الهجرة غير الشرعية من مصر عبر السواحل إلى أوروبا، وبحسب إحصائيات مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة، كان عدد ضحايا الهجرة غير الشرعية في العام 2014 قد وصل إلى 44 ألف ضحية، وتعتبر سواحل إيطاليا واليونان وتركيا في المراتب الثلاثة الأولى، كمقصدٍ للمصريين الهاربين خارج الحدود بطرق غير شرعية، مع العلم أن إيطاليا وحدها تمثل مقصد 98% من المصريين.

الفرار من الحياة المريرة في مصر لا يمنح الشباب فرصة التفكير في المخاطرة والقدر الذي قد ينتظرهم ولا تشغلهم وحشة البحر الذي قد يتحول إلى قبرٍ يبتلع أحلامهم وآمالهم وطموحاتهم

وكشفت الاحصائيات والأرقام الأخيرة الخاصة بـ"الهجرة غير الشرعية" حجم الأرواح، التي حصدتها على مدار السنوات القليلة الماضية، كالآتي:

  • 11 محافظة تضم أكبر عدد من المهاجرين غير الشرعيين وهي، "الشرقية، الدقهلية، القليوبية، المنوفية، الغربية، البحيرة، كفر الشيخ، الفيوم، أسيوط، الأقصر، والمنيا"، طبقا لدراسة بحثية حديثة أجراها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بين الشباب المصري الذي يرغب في الهجرة بصورة غير شرعية.
  • 988 عدد المهاجرين المصريين هاجروا بشكل غير شرعي لإيطاليا عام 2017، وفي نفس السنة، تم تسجيل 1773 حالة وفاة لمهاجرين غرقوا في طريقهم عبر البحر المتوسط منهم 151 أطفال.

وقد أكد المركز ال«قومي الطفولة» أن  أطفال الهجرة غير الشرعية فريسة للاتجار بالبشر، وأن 40 ألف جنيه هو المبلغ الذي يتم دفعه مقابل تسفير الأطفال عبر البحر يتقاضاها السمسار، وأشار ان 6 سنوات هى عمر أصغر مهاجر جاء بمفرده على أحد المراكب، وأن 1 من كل ستة مهاجرين أطفال مصرى ، وأن   إيطاليا تقوم  بترحيل كل من فوق 18 عام ، ولا ترحل من هو أصغر  من هذا السن  ، وأن 6 آلاف قاصر موجودون بإيطاليا يشكل المصريون النسبة الأعلى

الموجات المتتابعة من الهجرة غير الشرعية إلي أوروبا بلغت حصيلتها مايقرب من‏ 841‏ ألف شاب مصري خلال السنوات الثلاثة الماضية  نصفهم مات غرقا في البحر المتوسط ، والباقي إما ألقي القبض عليه وتم ترحيله أو مازال في سجون أوروبا والقليل منهم فقط هو من نجح فالإحصائيات الدولية تؤكد ان عدد الشبان المصريين الذين نجحوا في دخول العديد من دول الاتحاد الأوروبي خلال السنوات العشر الماضية بنحو460 ألف شاب من بينهم نحو90 ألفا يقيمون في إيطاليا بشكل غير رسمي.