د. عز الدين الكومي يكتب: فداك أبي وأمي يا رسول الله
الاثنين - 13 يونيو 2022
يتعرض النبي صلى الله عليه وسلم بين فينة وأخرى لهجوم الكافرين والمنافقين من أهل المشرق والمغرب ، وكان آخر هجوم منذ أيام من أحد عباد البقر (عليه من الله ما يستحقه) .
فوجب علينا كمسلمين ومؤمنين برسالته صلى الله عليه وسلم أن نتحرك ونثور لنصرته ، ولا ننتظر تكليفاً يصدر إلينا من أحد ، فحق رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا يحتم علينا نصرته والدفاع عنه وعدم الانشغال عن ذلك بمال أو ولد قال تعالى : {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ }[سورة التوبة].
وعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : [لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ] رواه البخاري ومسلم.
فلابد أن يكون حُبّنا للنبي صلى الله عليه وسلم أقوى من أيّ حُبّ ، ولو كان حُبَّ المرء لنفسه .
فعن عبد الله بن هشام رضي الله عنه قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخِذٌ بيَدِ عمرَ بن الخطاب فقال له عمرُ : يا رسول الله لأنتَ أحَبّ إليّ مِن كل شيء إلا مِن نفسي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «لا والذي نفسي بيده ، حتى أكون أحبّ إليك من نفسك» فقال له عمر : فإنه الآن والله ، لأنت أحبّ إليّ من نفسي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «الآن يا عمر».
وسئل علي رضي الله عنه : كيف كان حبّكم لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال : “كان والله أحبّ إلينا من أموالنا وأولادنا وآبائنا وأمهاتنا ، ومن الماء البارد على الظمأ”.
أيها المسلم لابد أن يكون لك دور في نصرة نبيك صلى الله عليه وسلم ، ليس فقط بالهشتاجات ، أو الكتابة على وسائل التواصل ، بل باتباعك لهديه واقتفائك أثره والسير على طريقه ومنهجه .
وكذلك مقاطعة التعامل مع كل من يسيئ إليه صلى الله عليه وسلم ، فسلاح المقاطعة يوجع هؤلاء كثيراً لأنهم عباد دنيا وليسوا طلاب آخرة .
فهم يظنون أنهم بهذا الهراء سينالون من الإسلام ورسول الإسلام صلى الله عليه وسلم ، وأن ذلك سيصرف المسلمين عن دينهم .
ونحن نقول لهم هيهات .
وما أجمل ما قاله الخطيب الإدريسي : “إن الإسلام إذا حاربوه اشتد ، وإذا تركوه امتدّ ، والله بالمرصاد لمن يصدّ ، وهو غني عمن يرتدّ ، وبأسه بالمجرمين لا يُردّ ، فإن الله لايعجزه أحد ، فجدّد الإيمان جدّد ، ووحّد الله وحّد ، وسدّد الصّفوف سدّد” .
وصدق صاحب الظلال رحمه الله إذ يقول : “هذا دين رفيع ، لا يعرض عنه إلا مطموس . ولا يعيبه إلا منكوس ، ولا يحاربه إلا موكوس .
ورحم الله عمر المختار حينما كان يعلم الصغار القرآن ، فسأله رفيقه المجاهد يوسف بورحيل : ألا يكفيك قتال الطليان لكي تجهد نفسك بتلقين “تحفيظ” الصبية القرآن”. فأجاب عمر : (يا بو رحيل : قتالنا ليس قتال بندقية ، بل هو قتال عقيدة ، وما تسلط الطليان علينا إلا لأننا تركنا تعاليم قرآننا) .
فالإسلام كلما حاول أعداؤه محاربته والعمل على إنهائه واستئصال شأفته ازداد صلابة وقوة ، وإذا تركوه ولم يحاربوه امتد وانتشر اعتمادا على قوته الذاتية ، بل من عجائب هذا الدين العظيم أن دخل فيه أقوام كانوا من المحاربين له ، الصادّين عن سبيله ، وكانوا من أشد الناس نكاية له ولأتباعه ولنا في التتار عبرة .
وقد احتلت فرنسا سنة 1897 “بوركينا فاسو” ونسبة المسلمين يومئذ 40 بالمائة ، فقَتَلُوا واضْطَهَدوا وأذَلوا ونَصَّرُوا وحَارَبوا هذا الدين ، وعندما رحلت فرنسا عن هذا البلد كانت نسبة المسلمين 65 بالمائة .
وبالرغم من الحرب التى يشنها أعداء الإسلام ضد هذا الدين وأهله إلا أنه أصبح قضية العالم كله ، كتابه الأول هو أكثر الكتب مبيعا حسب صحيفة لوموند الفرنسية ، واسم محمد يتصدر الأسماء في بريطانيا حسب شبكة (BBC Arabic) ، وارتفع عدد معتنقي الإسلام حسب إذاعة “آر . تي . آل “.
وكما قال الله تعالى : {يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} .
وكلنا يعلم أن محاولات النيل من الإسلام ومن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لم تتوقف ، فقد ظهرت الرسوم المسيئة للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لأول مرة في صحيفة دنماركية عام 2005 ثم عاودت صحيفة شارلي إبدو الفرنسية ونشرها لهذه الرسوم عام 2006 ، وهى عبارة عن 12 رسمة كاريكاتورية للنبي محمد صلى الله عليه وسلم ، بعضها تظهره يحمل قنبلة بدلا من العمامة ، أو كشخصية مسلحة يحمل سكينا وحوله سيدتين منتقبتين … إلخ .
وقد دافع ماكرون الذي يضيق على المسلمين في فرنسا عن هذا الفجور وهذه الوقاحة باعتبارها “حرية رأي”
كما أن فتاةً موتورة في إحدى غابات سولوفاكيا أقدمت على تصوير نفسها وهي تقوم بالتبول على القرآن الكريم وتمزق صفحاته بعد أن تبولت عليه ، ثم سكبت البنزين وأشعلت النيران فيها ، ووجهت بعض التهديدات إلى المسلمين في بلادها ووصفتهم بالطفيليات .
وقالت : “سوف أطاردكم جميعا خطوة بخطوة بغض النظر إذا كانت امرأة أو طفل أو رجل ، وسوف أنتقم من أي شخص سيكون في طريقي ، أنا لا أهتم بالشكاوى الجنائية”.
وأخيراً كتب “نافين كومار جيندال” المتحدث باسم الحزب الحاكم في الهند والذي يقوده رئيس الوزراء “ناريندرا مودي” في تغريدة مسيئة إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، ونشرها على حسابه الرسمي بتويتر عن سبب زواج النبي محمد من السيدة عائشة وهي لم تبلغ حينها عشر سنوات .
وتبعه مدير قناة Sudarshan News الهندية “سوريش شافانكه” المقرب من رئيس حكومة الهند مودي يهدد كل من يمس هندوسي فى أي دولة ويدعو لضرب القبة النبوية بالصواريخ بالتعاون مع إسرائيل قائلاً : “لنهجم نحن معاً على الحرمين” !
وعلى الفور قام الهولندي المتطرف والمعروف بعدائه للإسلام “خيرت فيلدرز” بالتهجم على الإسلام والمسلمين ، والتطاول على النبي “محمد” ، منتهزاً أزمة تصريحات المتحدثة باسم الحزب الحاكم في الهند “نابور شارما” ، التي تطاولت على النبي صلى الله عليه وسلم ، وطالب الحكومة الهندية بعدم الانصياع لمطالبات الدول الإسلامية بتقديم اعتذار ، واصفا المسلمين بالإرهابيين .
وقال في عدة تدوينات له عبر حسابه على “تويتر” معلقا على فيديو نابور شارما : “لا تستسلموا أبدا للإرهابيين الإسلاميين مثل القاعدة ، فهم يمثلون البربرية ، يجب على الأمة الهندية بأكملها أن تلتف حول نيبور شارما الآن وتدعمها ، لقد وضعني تنظيم القاعدة وطالبان على قائمة الاغتيالات منذ سنوات ، درس واحد : لا تنحني أبدًا للإرهابيين ، أبداً” .
والموضوع ليس حالة فردية كما يحلو للبعض تصويره ولكنه موضوع ممنهج وتقوم عليه مراكز دراسات وأبحات لا حصر لها .
فبحسب توصيات مركز راند والكونغرس فإن “الإسلام المعتدل” لا يمكن تحقيقه في وجود مناهج التعليم المستندة إلى القرآن والسنة ؛ لأنهما يؤصلان للمفاهيم الإسلامية المتطرفة والتي منها مفهومُ الجهاد ؛ واعتبارُ عداوةِ اليهودِ عقيدةً .
وكانت صحيفة يديعوت أحرونوت الصهيونية قد ذكرت بتاريخ
18_ 3_ 1978 :” نجحنا في إبعاد الاسلام عن معركتنا مع العرب طوال ثلاثين عاما ، ويجب أن يبقى الإسلام بعيدا عن المعركة إلى الأبد ، يجب أن نمنع استيقاظ الروح الإسلامية في المنطقة المحيطة بنا بأي شكل و بأي أسلوب ، و لو اقتضى الأمر الاستعانة بأصدقائنا باستعمال العنف و البطش”
وصدق الله تعالى إذ يقول:(قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ۚ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ ۖ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ)أل عمران 188.
وهذا التطاول على دين الإسلام والرسول الكريم لن يتوقف إلا باتخاذ مواقف جادة تردع هؤلاء المتطاولين على مقام النبوة.
هذه المواقف لن تكون بالشجب والاستنكار على استحياء ولكن بغضبة ملياري مسلم بمقاطعة منتجات هؤلاء المارقين؟!!