د. عز الدين الكومي يكتب: "الاختيار 3" هل يمهد لإعدمات جديدة؟
الاثنين - 25 أبريل 2022
اعتمد مسلسل الاختيار 3 على رواية نظام الانقلاب في سرد الأحداث ومحاولة تطويعها لإرسال الرسائل التي يريد إرسالها للشعب بأن قائد الانقلاب أنقذ البلاد والعباد من شر حكم الإخوان!! .
وكذلك محاولة تلميع صورته بالرغم من حالة الفشل التي لم تعد خافية على أحد ، إضافة لحكم البلاد بالحديد والنار والتوسع فى فتح السجون والمعتقلات .
ويأتي المسلسل كمحاولة مكشوفة من أجهزة مخابرات النظام التي تسعى لتقديم شخصية قائد الانقلاب باعتباره المنقذ الذي أنقذ مصر وعبر بها إلى بر الأمان من خلال الانقلاب العسكري الدموي ضد الرئيس محمد مرسي - رحمه الله - بتواطؤٍ من العسكر وقوى الشر الدولية والإقليمية .
كما سعى المسلسل لإظهار جماعة الإخوان والرئيس محمد مرسي - رحمه الله - على أنهم إرهابيون كانوا يهدفون لتخريب مصر وأنهم يعملون لصالح جهات خارجية ، ومع كل ذلك لم يستطع المسلسل تقديم دليل مقنع على ذلك ، فهو ببساطة شديدة _ وبالرغم من المليارات التى أنفقها قائد الانقلاب لشراء أسلحة لاتحتاج البلاد إليها _ لايزال يشعر أنه فاقد الشرعية ، لذلك فقد تفتق ذهنهم عن فكرة هذا المسلسل في محاولة منهم لطمس الحقائق وتزييف التاريخ على الرغم من أن شهود العيان على فترة حكم الرئيس مرسي _ رحمه الله _ وما تبعها من مذابح وفظائع واغتيال للحرية والديموقراطية .. لايزالون على قيد الحياة !! .
فقد يتمكن كاتب من تزوير مرحلة تاريخية مضت وانقضت ومات من حضرها وعاش أحداثها ، أما أن يزوّرها وأصحابها ما زالوا أحياءً يرزقون .. فهذا هو الفجور بعينه!! .
نعم صحيح .. قد يحدث ذلك في بعض الأوقات ، كما فعل النظام الناصري لتشويه نظام الملكية من خلال عدد من الأفلام التي اعتمدت على الرواية الرسمية ساعتها والتي تؤكد فساد النظام الملكي مثلاً ، مستغلين في ذلك عدم الوعي الكافي لدى أفراد الشعب ، وسيطرة النظام ساعتها على الآلة الإعلامية وتوجيهها كيفما شاء .
لكن النظام الانقلابي الآن لايريد أن يفهم أن الأوضاع اليوم اختلفت عما كانت عليه إبّان الحقبة الناصرية!! .
فالنظام الانقلابي يحاول تزييف تاريخ قريب متجاهلاً دور الإعلام البديل ومواقع التواصل الاجتماعي و السوشيال ميديا ، والتي عجز حتى الآن عن السيطرة عليها ومحاولة تدجينها ، اللهم إلا من لجان إلكترونية مأجورة "ذباب إلكتروني" تبثُّ الأكاذيب مقابل حفنة من المال ، ومع ذلك فشلت أمام إصرار الناشطين على فضح النظام وتفنيد أكاذيبه ونشر فضائحه !! .
وقد حرص منتجوا مسلسل الاختيار على تقديم صورة كل من حاول معارضة النظام باعتاره مخرب وإرهابي ويشارك في حرب كونية ضد المحروسة!! ، أو أنه منساق وراء أوهام الإرهابيين أصحاب الأجندات الخارجية ، وذلك سعياً منهم لهدم ماتبقى من تعاطف مع جماعة الإخوان المسلمين ، وفي نفس الوقت إظهار صورة وردية لجلاوزة الشرطة ، وأنهم يحرصون على حياة المواطن وإنقاذه من المؤامرات التي يحيكها الإرهابيون ، كما أنهم يحاولون إظهار رجل الشرطة المعروف بصورته المقيتة لدى المواطنين وهو يمارس عليهم القهر والبلطجة والاستعلاء والاحتقار كأنهم عبيد له .. على أنه حمل وديع يتعامل بالقانون ، وأنه يعمل كل ذلك بدافع الوطنية والحرص على الوطن وحمايته من المتآمرين !! .
ومن جهة أخرى يبدو أن قائد الانقلاب يشعر بعقدة النقص ، فيحاول أن يجسد لنفسه شخصية قوية كانت شوكة في حلوق الإخوان من خلال مقارعته للرئيس محمد مرسي رحمه الله ومن خلال رفضه مقترحات الإخوان وأنه رفض أن يحكم مكتب الإرشاد ووقف لهم بالمرصاد عندما كان وزيرًا للدفاع ، ليبيّن أن العسكر هم الدرع الواقي ضد المتآمرين ! رغم أن الحقيقة عكس ذلك تماماً ، وذلك ما يلحظه أي متابع للصور والفيديوهات المنتشرة على مواقع التواصل ، وكيف أن السيسي كان يظهر بجوار الرئيس مطأطئ الرأس ناظراً إلى الأرض !! .
كما يحاول المسلسل التغطية على الخراب الاقتصادي الذي تسبب فيه الانقلاب العسكري وكبّل البلاد بالديون ، وكذلك بيع الأرض ومقدرات الشعب ، والتفريط في مياه النيل .
ولكي يستمر النظام الانقلابي أطول فترة ممكنة فهو يحاول بذر الشقاق بين أبناء الشعب عملاً بالنظرية التي تتبعها الدول الاستعمارية لإخضاع الشعوب المحتلة "فرق تسد" .
ويرى بعض المحللين أن النظام الانقلابي _ من خلال هذه الأعمال الدرامية التى تنتجها أجهزة مخابراته _ أنه يمهد للقيام بأعمال إجرامية جديد استكمالاً لمذابح رابعة والنهضة وأخواتهما .
فمن خلال حالة الشحن النفسي التي عمد إليها المسلسل فقد يقوم بمجزرة جديدة بحق قيادات الإخوان المحكومة بالإعدام في محاكمات هزلية تفتقد لأبسط قواعد العدالة المعروفة ، وأن المسلسل يحاول أن يشحن الشعب معنوياً لتقبل تنفيذ أحكام الإعدام بحق قيادات الإخوان باعتبارهم إرهابيين مخربين عملاء للخارج .
ولكن على النظام أن يعلم أنه لو حدث ذلك فستكون دماؤهم الزكية لعنة على قاتليهم ، وسيكون ذلك بمثابة المسمار الأخير في نعوشهم جميعاً بإذن الله تعالى.
(وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون).