دعم ألماني أوروبي لإثيوبيا مع أقتراب الملء الثالث لسد النهضة
السبت - 4 يونيو 2022
- المدير العام لسد النهضة أعلن أن الملء الثالث سيكون في أغسطس و سبتمبر ولا تراجع
- ألمانيا دعت للعودة للمفاوضات الثلاثية التي يقودها الاتحاد الأفريقي دون تحديد لقواعد التفاوض
- مدير سد النهضة أكد تضرر مصر والسودان من الملء وأن بلاده لن توقف إتمام المشروع
- الخارجية السودانية: تصريحات مدير سد النهضة تزيد من التوتر وتمثل خرقا للاتفاقات السابقة
- خبراء : إشارات إثيوبيا حول تداعيات سد النهضة خطيرة وتهدد مستقيل مياه النيل في مصر والسودان
- الرقعة الزراعية المصرية مهددة بالتراجع بنسبة تصل إلى 72٪ وتوقعات بانخفاض الناتج القومي
شهد ملف سد النهضة الكثير من الأحداث مؤخرا، ومنها نجاح إثيوبيا في زيادة الدعم الأوروبي من خلال الدعم الألماني المباشر للجانب الإثيوبي في ملف سد النهضة، كما دعت ألمانيا للعودة للمفاوضات الثلاثية التي يقودها الاتحاد الأفريقي بشأن سد النهضة دون اي تحديد لقواعد التفاوض.
في الأثناء، أكد كيفلي هورو مدير سد النهضة، في تصريحات لقناة "العربية"، تضرر مصر والسودان من عملية الملء وأن لا شئ سيثني بلاده عن أتمام هذا المشروع.
وفي المقابل أكدت لخارجية السودانية، في بيان لها، أن تصريحات مدير سد النهضة تزيد من حدة التوتر للعلاقات بين البلدين وتمثل خرقا للاتفاقات السابقة.
وقد حذر خبراء من أن إشارات إثيوبيا حول تداعيات سد النهضة خطيرة وتهدد مستقيل مياه النيل في مصر والسودان، ومن خلال سطور هذا التقرير نتعرض للتفاصيل ونرصد أهم التطورات في هذا الملف .
دعم ألماني أوروبي لإثيوبيا
نجحت إثيوبيا في زيادة الدعم الأوروبي من خلال الدعم الألماني المباشر للجانب الإثيوبي في ملف سد النهضة ، الذي أعلن من خلال تصريحات المدير العام للسد أن الملء الثالث سيكون في أغسطس و سبتمبر المقبلين، وأن البدء في تجربة التوربين الثاني لإنتاج الكهرباء وهو التوربين 9 الذي سيبدأ في منتصف يوليو المقبل عمله، مصرحا أن خطورة السد على مصر و السودان لا تعنينا".
وبحسب وكالة الأنباء الإثيوبية، أعرب السفير هينريتش تولكين المستشار الخاص لسياسة المناخ والطاقة الدولية في وزارة الخارجية الألمانية، عن دعم بلاده القوي للجهود الجارية من أجل تحقيق تقدم في المفاوضات الثلاثية التي يقودها الاتحاد الأفريقي بشأن سد النهضة الإثيوبي.
من جانبه، أعرب السفير هنريتش تولكين عن رغبة بلاده في مواصلة دعم الجهود على مستوى الحوض لتعزيز التعاون في المنطقة، كما أكد دعم ألمانيا للمفاوضات الثلاثية التي يقودها الاتحاد الأفريقي بشأن سد النهضة الإثيوبي الكبير.
وذلك خلال لقاء السفير فسها شاول، المدير العام للشؤون الإفريقية في وزارة الخارجية الإثيوبية، مؤخرا ، بالمستشار الخاص لسياسة المناخ والطاقة الدولية في وزارة الخارجية الألمانية.
وأعلن السفير تولكين دعم ألمانيا للمفاوضات الثلاثية التي يقودها الاتحاد الأفريقي بشأن سد النهضة الإثيوبي الكبير، وفقا لوزارة الخارجية الإثيوبية.
في المقابل أعلن السيسي أنه بحث مع مفوض الاتحاد الأوروبي أوليفر فارهيلي ، موقف مصر الثابت في التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة.
إثيوبيا تعلن عن المضي بالملء الثالث
وفي أثناء ذلك أعلنت إثيوبيا، الجمعة، أن عملية الملء الثالث لسد "النهضة" ستكون في آب/ أغسطس وأيلول/ سبتمر المقبلين.
جاء ذلك على لسان مدير مشروع السد، كيفلي هورو، في تصريحات لقناة "العربية" السعودية، أشار فيها إلى "احتمال تضرر مصر والسودان من عملية الملء"
وقال هورو إن إثيوبيا "لن تسمح بوقف تشييد هذا المشروع، ولن تفعل ذلك ولن تسمح بتعطيله"، داعيا القاهرة والخرطوم إلى "التحلي بالعقلانية".
وأضاف: "من المؤكد أن الملء سيكون في موسم الأمطار المقبل، وهذا سيكون في آب/ أغسطس وأيلول/ سبتمبر المقبلين"، مؤكدا أنه "يستحيل وقف الملء فنيا".
وكان عضو مجلس النواب الفيدرالي الإثيوبي محمد العروسي، قد قال في حوار مع "عربي21" إن "مراحل الملء الثالثة لسد النهضة تتم بشكل آلي، بمعنى أن كميات التخزين تزيد بزيادة هطول الأمطار، وتقل بقلتها".
وبينما تتجمد المفاوضات الثلاثية منذ نحو عام، تتمسك القاهرة والخرطوم بالتوصل أولا إلى اتفاق ثلاثي حول ملء وتشغيل السد لضمان استمرار تدفق حصتهما السنوية من مياه نهر النيل، غير أن إثيوبيا ترفض ذلك وتؤكد أن سدها الذي بدأت تشييده قبل نحو عقد لا يستهدف الإضرار بأحد.
وقامت إثيوبيا بالملء الثاني في تموز/ يوليو 2021، بعد عام من آخر مماثل، وسط رفض مصري سوداني باعتبار ذلك "إجراءات أحادية".
تنديد سوداني
وكانت الخارجية السودانية، أصدرت مؤخرا بيانا علقت من خلاله على التصريحات الإثيوبية بشأن سد النهضة
وقالت الخارجية السودانية إن "تصريحات مدير سد النهضة الإثيوبي كيفلي هورو التي استبعد فيها إيقاف عمليات ملء السد التي توقع حدوثها في أغسطس وسبتمبر المقبلين، تزيد من حدة التوتر للعلاقات بين البلدين وتمثل خرقا للاتفاقات السابقة".
وطالبت الوزارة في بيان المسؤولين الإثيوبيين بالكف عن مثل هذه التصريحات غير المنضبطة والالتزام بمبادئ الدبلوماسية عبر الحوار والتفاوض كخيار لحل الخلاف بين الدول الثلاث بشأن سد النهضة.
وأفادت الدبلوماسية السودانية بأنها تابعت بقلق تلك التصريحات التي وصفتها بـغير المسؤولة، مشيرة إلى أن مدير سد النهضة تجاهل في تصريحاته موقف السودان الثابت من عملية ملء وتشغيل السد إلا بعد التوصل إلى اتفاق قانوني منصف وملزم يحقق مصالح شعوب الدول الثلاثة”.
وكما جاء في البيان “لعل من المدهش عدم اكتراث المسؤول الإثيوبي للأضرار المحتملة على الجانب السوداني رغم اعترافه باحتمال تأثر كل من السودان ومصر بعملية الملء الثالث ، ما يشير إلى أن إثيوبيا تريد المضي قدما في مواقفها الأحادية السابقة”.
وشددت الخارجية السودانية على ضرورة الالتزام بالمواثيق والعهود وعملية التفاوض الجارية التي تحفظ حق الأطراف الثلاثة بغية الوصول لتسوية شاملة لأزمة سد النهضة تحقق المصالح المشتركة حتى لا تتحول نعمة السد إلى نقمة.
وفيما جددت التأكيد على حق إثيوبيا في التنمية، أشارت إلى أن ذلك يكون دون إحداث أضرار ذات شأن بالسودان، مبينة أن تصريحات مدير السد تسمم الأجواء الإيجابية التي سادت خلال الأشهر القليلة الماضية، كما تمثل نكوصا عن مقترح السودان الداعي للالتزام بالرباعية (الأمم المتحدة والولايات المتحدة والإتحاد الإفريقي والبنك الدولي) في عملية التفاوض”.
مفاوضات دون جدوى
ويبدو أن الحل العسكري توقف في مصر، بعدما بات مقررا عقد اجتماع ثلاثي (مصر وأثيوبيا والسودان) في منتصف يونيو المقبل، بخصوص سد النهضة بوساطة من الإمارات التي عرضت استضافة المفاوضات في أبو ظبي، بعد فشل جولتين سابقتين، وفقا لمصادر متطابق
ومع اقتراب موعد الملء الثالث للسد المقرر مطلع يوليو المقبل، عولت أجنحة الانقلاب مجددا على المفاوضات وسط اتهام من عموم المراقبين بأن استبعاد الحل العسكري كارثة أمام الإصرار الإثيوبي على النيل من حق مصر التاريخي بنهر النيل وتعطيش المصريين
وقال السفير محمد مرسي عبر (Amb Mohamed Morsy) "أعلنت إثيوبيا أنها ستبدأ قريبا عملية الملء الثالث لبحيرة سد النهضة".
واعترفت أن هذا الملء سيؤثر علي مصر والسودان ، وصفت السودان هذا الموقف وهذه التصريحات بأنها غير مسئولة، أتمنى تخصيص مسار مستقل في الحوار الوطني المرتقب لقضية الوجود والمصير، السدود الإثيوبية يديرها بشكل علمي ورصين وسري محترفون ، ويشارك فيه محترفون ووجوه ودماء جديدة ، مستقلة تماما فكرا ومصلحة وانتماء ، لعل أحدهم يأتينا بفكر من خارج هذا الصندوق المحكم الإغلاق الذي تضيق علينا خياراته ومخارجه يوما بعد يوم ".
وقال الأكاديمي د.محمد حافظ أستاذ هندسة السدود "ووفقا للدراسة المنشورة في دورية ليترز إنفيرومنتال ريسرش Environmental Research Letters في 11 يونيو الحالي، فإن متوسط إجمالي عجز الميزانية السنوية المتوقع للمياه في مصر خلال فترة الملء مع أخذ عوامل أخرى مرتبطة بجيولوجية خزان سد النهضة في الاعتبار، قد يصل إلى قرابة 31 مليار متر مكعب في السنة، وهو ما يتجاوز ثلث إجمالي ميزانية المياه الحالية لمصر، في حالة عدم إنجاز جهود التخفيف والمواجهة المحتملة من قِبل السلطات المصرية المعنية"
على أثر ذلك، فإن الرقعة الزراعية المصرية مهددة بالتراجع بنسبة مقلقة، قد تصل إلى 72٪، كما يُتوقع أن ينخفض الناتج القومي للفرد في مصر بنسبة قد تصل إلى 8٪ ومن ثم وصول معدل البطالة إلى نسبة قد تصل إلى 25٪ وفق الدراسة".
وخلص إلى أنه "تذكروا أنه بعد 15 يوما سيبدأ فعلا التخزين الثالث وملء سد السرج لأول مرة ونهاية الخيار العسكري".
إشارات إثيوبيا خطيرة
وأكد خبراء أن تصريحات مدير السد، كيفلي هورو، عن مخاوف مصر والسودان من التأثيرات السلبية لعمليات الملء التي من المتوقع أن تبدأ مرحلتها الثالثة بعد أسابيع تعد هخطيرة وتطور كبير في هذا الملف.
واتفق خبراء ومعنيون بالسد الإثيوبي -في مصر- "استفزازية وغير مسؤولة"، وشددوا على وجود أضرار محتملة على مصر -وإن كانت لن تتأثر مباشرة بعملية الملء الثالث- لاعتبارات مرتبطة بضعف الإمكانيات الإثيوبية.
في لقاء تلفزيوني يوم الجمعة قبل الماضي، أقر مدير سد النهضة باحتمال تأثر مصر والسودان بعمليات الملء، قائلا "قد تكون هناك آثار جانبية، لا نستطيع إنكار ذلك، لكنه ليس بالضرر الحقيقي، هذه الآثار الجانبية تكون خلال فترات الملء، وفيما عدا ذلك في أوقات التشغيل الاعتيادية ما يدخل (من مياه) هو ذاته ما يخرج".
وردا على تصريح هورو بأن هناك اتفاقا على الملء خلال فترة زمنية تتراوح بين 5 و7 سنوات، نقلت صحيفة "الأهرام" المصرية -عن مصدر فني مُطلع على سير المفاوضات- تأكيده أن مصر لم تتفق على ملء السد الإثيوبي في عدد سنوات محددة.
وأوضح المصدر أن الطرح المصري طوال فترة التفاوض يؤكد أن يكون ملء سد النهضة على "مراحل" وليس خلال "عدد سنوات محددة"، وأن تعتمد كل مرحلة للملء على الظروف الهيدرولوجية القائمة للنيل الأزرق، سواء كان هناك (فيضان مرتفع أو جفاف أو جفاف ممتد)؛ ولذا فأي حديث عن عدد سنوات لملء سد النهضة غير صحيح.
وتعقيبا على التصريحات المفاجئة لمدير سد النهضة، رأى الخبير في الأمن القومي والعلاقات الدولية اللواء محمد عبد الواحد أنها كانت متوقعة هذه الفترة، بعد أن كان واضحا خلال الأسابيع السابقة أن هناك التزاما إثيوبيا بعدم الخروج بتصريحات تثير قلقًا بالمنطقة.
وحول دلالات التصريح، شدد عبد الواحد -في حديث للجزيرة نت- على أن له دلالات خاصة قد تكون موجهة إلى الداخل الإثيوبي، لكنه يبقى موجهًا للخارج ولم يكن له داع، حسب قوله.
أما عن قراءة القاهرة للموقف الإثيوبي الجديد من تداعيات بناء السد، فأوضح الخبير الأمني أن بلاده لا ترحب بمثل هذا التصريح الذي يحمل أخطاء فنية ومهنية، في وقت غاية الحساسية، حتى لو كان موجها للداخل الإثيوبي.
ورأى عبد الواحد أن السلوك الإثيوبي مع بلاده غير متسق مع قواعد القانون الدولي والاتفاقيات الدولية المنظمة للمجاري المائية والأنهار الدولية، مشيرا إلى أن أديس أبابا تتصرف بشكل منفرد وتنتهك اتفاقية المبادئ التي وقعتها مع القاهرة والخرطوم عام 2015
وفي ما يتعلق بالتداعيات المحتملة على مصر حسبما أشار مدير السد، أكد الخبير الأمني المصري أنه لا شك هناك أضرار، أولها يرتبط بكون السد عملاقا بني على نهر دولي عابر للحدود، وتحجز بحيرته الضخمة المياه عن مصر، وهذه المياه يصيبها البخر والتسرب والهدر.
وأشار أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، الأكاديمي المصري عباس شراقي، إلى أنه كان من الأولى أن تكون معبرة عن "القيام بدراسات هندسية مطلوبة وعلى استعداد لاستئناف المفاوضات وعرضها على مصر والسودان لتبديد المخاوف".
ومن الناحية الفنية، شكك شراقي في قدرة إثيوبيا على تحقيق أهدافها في الملء الثالث، موضحا أن التخزين سيتم عن طريق حجز مياه الأمطار الأولى خلال شهر يوليو/تموز المقبل التي تقدر بحوالي 7 مليارات متر مكعب عند سد النهضة، في حين لا يستطيع السد إمرار أكثر من 1.5 مليار متر مكعب شهريا، قد تزداد إلى 3 مليارات في حال فتح البوابة الثانية.
وأضاف أن تشغيل التوربين (الثاني) غير مؤثر في الوقت الحالي، وبالتالي التخزين يكون في يوليو/تموز المقبل، وقد يمتد إلى الأسبوع الأول من أغسطس/آب، ولن يكون بأي حال من الأحوال من مياه سبتمبر/أيلول المقبل، مشددا على أنه في جميع الحالات أي كمية مياه يتم تخزينها هي من الإيراد السنوي لمصر .