دروس معركة " الأقصى " .. فضحت المطبعين
الاثنين - 10 مايو 2021
تقرير – يوسف أحمد
رغم هجوم جيوش الاحتلال الجرار أكثر من مرة خلال اليومين الماضيين على المعتصمين والمصلين في المسجد الأقصى، والمتضامنين مع أهالي حي الشيخ جراح المطرودين من منازلهم ضمن مخطط التهويد، وإصابة 269 مصليا، انهزمت قوات الاحتلال امام صمود وصلابة اهل الرباط واستعدادهم للشهادة دفاعا عن مقدساتهم.
تكبيرات عيد الفطر سمعها أهالي القدس وكافة العواصم العربية والعالمية مبكرا حين دخل المصلون المسجد الأقصى، يوم 26 رمضان بعد الاعتداء الأول عليهم، وهم يكبرون ويهللون "الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا"، رغم قنابل الغاز والصوت والرصاص المطاطي.
الاعتداءات علي المصلين كانت مقصودة لإخلاء ساحة الأقصى منهم تمهيدا لدخول "جماعات الهيكل" الصهيونية للمسجد الأقصى وتدنيسه اليوم 28 رمضان للاحتفال بذكري الهيكل، والتمهيد أيضا لإجلاء عشرات الفلسطينيين عن منازلهم في حي الشيخ جراح شرق القدس.
https://twitter.com/arwaib/status/1390800051887345669
المستوطنون يستغلون مناسباتهم الدينية لأجل تكثيف اقتحامات الأقصى وتدنيس وتهويد هذا المكان المقدس، و"جماعات الهيكل" تُكثف دعواتها لتنظيم اقتحامات جماعية واسعة للمسجد الأقصى ويقوم قطعانها بمسيرات يهودية يومية استفزازية في القدس استعدادا لهذا الاقتحام في ذكرى ما يسمى بـ "يوم توحيد القدس".
الاستراتيجية الصهيونية تهدف من وراء هذه الاقتحامات لتطبيع وجودهم في المسجد حتى يصبح أمرًا طبيعيًا، في مسعى لاقتطاع جزءً منه وبعدها تتوسع شيئًا فشيئًا، وصولًا إلى هدمه وبناء الهيكل المزعوم مكانه.
الجماعات الصهيونية المتطرفة قالت في دعوتها قطعان المستوطنين للإحتشاد في ساحة الاقصي يوم 28 رمضان، عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومواقعها المختلفة: "سنحتفل بمرور 54 عامًا على تحرير جبل الهيكل والعودة التاريخية لشعب إسرائيل... في يوم القدس نصعد إلى الهيكل".
28 منظمة وجمعية استيطانية، 21 منها مدعومة من أحزاب سياسية في الكنيست، والأخرى من اللوبي والجمعيات اليهودية حول العالم، أعلنت مشاركتها في مخطط وبرنامج إحياء ما يسمى "يوم القدس".
https://twitter.com/rdooan/status/1390785065718853637?fbclid=IwAR3NKfj02700o3sjwyKxHrelVeEzwqhndTp90dk4W6S5qBkccaseeI5C0qY
شرطة الاحتلال كانت تُغلق برنامج الاقتحامات بالعشر الأواخر من رمضان في كل عام، لكنها خلال السنوات الأخيرة سمحت للمستوطنين بتنفيذ اقتحاماتهم عبر باب المغاربة، ما أدى لاندلاع مواجهات بين المصلين وقوات الاحتلال.
ولا يستبعد مدير المسجد الأقصى تراجع "منظمات الهيكل" عن دعواتها لاقتحام الأقصى أواخر رمضان، بعدما حدث في محيط باب العامود وانتصار المقدسيين في معركتهم ضد الاحتلال.
دروس المواجهة والصمود
ما جري في الأقصى من اعتداء علي المسجد وسعي لإخراج عائلات من بيوتها لصالح المستوطنين في حي الشيخ جراح أعاد قضية فلسطين للأضواء وفضح المطبعين العرب الذين احتالوا علي الشعوب بدعاوي أن التطبيع هو لحماية الفلسطينيين ومنع ضم باق أراضيهم للدولة الصهيونية.
ضاقت الأرض بالمطبعين الذين زعموا أن الفلسطينيين باعوا ارضهم وهم يرون النساء قبل الرجال يواجهن المحتل، وتواروا عن الأنظار وتركوا لجانهم الالكترونية تهاجم أهالي القدس بدعاوي أن بينهم "إخوان" يريدون تأجيج الصراع العربي الصهيوني!.
فضحهم ركل جنود الاحتلال للمصلين بأقدامهم وهم علي سجادة الصلاة، وتحطيم أبواب المصلي القبلي بالمسجد الاقصي، وإطلاق الرصاص المطاطي والغاز وقنابل الصوت في صحن المسجد، وصمود شباب القدس وهم يقفزون علي جنود الاحتلال بأيديهم العارية للتصدي لعدوانهم. https://twitter.com/DrHamami/status/1391011263891841028?s=09
رغم أن احتلال فلسطين بدأ عام 1948، وتوالت أجيال وراء أجيال وسعي المطبعون العرب لفرض أمر واقع جديد بالاعتراف بدولة الاحتلال، قادت الأجيال الجديدة حملة التضامن مع أهلنا في الأرض المحتلة عبر مواقع التواصل.
دفع هذا الصهاينة للتحرك ودفع مواقع التواصل الغربية للتواطؤ مع الاحتلال، فحظرت منصة "انستجرام" هاشتاج "#الأقصى" ومنعت تداوله وتوقف عددا كبيرا من حسابات الناشطين الفلسطينيين بعدما بث الفلسطينيون عبرها مشاهد اقتحام المسجد، ما دفع النشطاء لمقاطعة بعضها أو ارسال رسائل احتجاج دفعت انستجرام للاعتذار بدعاوي مشاكل فنية!.
النشطاء الذين يبثون مباشرة على إنستغرام من خارج وداخل القدس، تفوقوا على كل الإعلام العربي الذي لم يمنح القدس الحيز الذي تستحقه في نشراتهم
كل المليارات التي صرفها من سعوا لتمييع وقتل القضية الفلسطينية وغسيل عقول الأجيال علي مدار سنوات على محطات تافهة تروج لبرامج مسابقات تافهة ذهبت سدى، وأثبتت فلسطين أنها لا تزال البوصلة في وجدان كل العرب والمسلمين وبكل اللهجات وكل اللغات.
هذا هو الإرهاب الحقيقي
وسط ردود الفعل الرسمية العربية الباهتة، وغياب التصدي للممارسات الصهيونية، بزغ الأزهر كما أمل كثيرون للتصدي للاعتداءات والتأكيد أن هذا هو الإرهاب الحقيقي.
قال شيخ الأزهر في بيان: "إنَّ اقتحام ساحات المسجد الأقصى المبارك، وانتهاك حرمات الله بالاعتداء السافر على المصلين الآمِنين، ومن قَبلِها الاعتداء بالسلاح على التظاهرات السلمية بحي الشيخ جراح بالقدس وتهجير أهله -إرهابٌ صهيوني غاشم في ظل صمت عالمي مخزٍ".
شدد علي أن الأزهر الشريف، علماء وطلابا، ليتضامن كليًّا مع الشعب الفلسطيني المظلوم في وجه استبداد الكيان الصهيوني وطغيانه، داعيًا الله أن يحفظهم بحفظه، وينصرهم بنصره فهم أصحاب الحق والأرض والقضية العادلة.
وانتقدت دار الإفتاء المصرية "أهل الغدر الذين لا يرقبون في مؤمن إلًّا ولا ذمة، الذي استباحوا هذه الحرمات واقتحموا بيت الله ومسجده الأقصى ودنسوا قدسيته، وأرهبوا آمِّين الصلاة فيه، وأخرجوا الآمنين من بيوتهم، وشردوا ساكنيها".
كان محزنا انشغال الكثير من الجمعيات والتيارات السلفية في معركة "هل زكاة الفطر عينية أم مالية؟" وعدم التضامن مع القدس واقتحام المسجد الاقصي، بينما جاءت مواقف الاتحاد الأوربي والأحزاب المسيحية للتضامن مع أهالي القدس والتنديد بممارسات الصهاينة في المسجد الأقصى أكثر قوة.
https://twitter.com/EUinArabic/status/1391026078957936645
غزة تنصر القدس
رغم ما هم فيه من بلاء كورونا وحصار خانق، ظهرت غزة كعادتها هي المنتصر بالفعل لا بالقول للقدس، وأصبح أهل القدس يرددون مقولات قادة القسام التي تهدد الاحتلال بالرد لو لم يتوقف الاعتداء علي الاقصي وأهالي القدس.
قرر الجيش الإسرائيلي رفع حالة التأهب والاستعداد لاحتمالات اندلاع تصعيد قريب، على خلفية تهديدات قائد القسام محمد الضيف، والأحداث الجارية بالشيخ جراح في مدينة القدس.
أحداث القدس قد تسفر عن اندلاع حرب رابعة بين غزة والصهاينة وتصعيد قريب مع بدء إطلاق بعض الصواريخ التحذيرية من غزة.
في أعقاب تهديدات قائد الذراع العسكري لحركة حماس، محمد الضيف، لإسرائيل بوقف العدوان على سكان الشيخ حراج بالقدس، قررت المنظومة الأمنية الإسرائيلية رفع حالة التأهب بالشرطة والجيش، والاستعداد لاحتمالات اندلاع موجه عمليات بالضفة، او تجدد إطلاق الصواريخ من غزة.
في إسرائيل يعتبرون أن حماس أجلت الرد على تدخل إسرائيل وإلغاء الانتخابات بعدما قتل 45 صهيونيا في احتفال تلمودي، ولكن أمامها الأن فرصة جديدة للرد، بسبب القدس، وفي يوم القدس، ولذلك تشير التوقعات الإسرائيلية الى اندلاع تصعيد جديد مع حركة حماس بغزة.
باحثون إسرائيليون يرون أن حماس تسعى لتثبيت معادلة جديدة أمام إسرائيل، وهي أنها سترد على أي قضية تخص السكان الفلسطينيين، سواءا بالضفة أو القدس، وإنها تثق بقدراتها وجاهزيتها للرد على الأحداث في القدس وقد ترجمت ذلك عمليا قبل أيام بعد المظاهرات في باب العامود.
المشهد بالقدس ليس بعيدا عن أعين القيادة العسكرية لحركة حماس، فالهتافات المؤيدة لحماس تتردد في أرجاء المسجد، والمرابطون والمتظاهرون في الأقصى يطلبون من القسام ضرب تل أبيب، وحماس لن تتخلى عن سكان القدس.