خلافات بين شركاء "30 يونيو" قبل الحوار الوطني وتكتل لليبراليين ضد اليساريين

السبت - 11 يونيو 2022

أظهرت تطورات الأحداث في مصر قبل بدء الحوار الوطني الذي دعا له عبد الفتاح السيسي في الاسبوع الأول من يوليو 2022 عن وجود خلافات طاحنة بين المعارضين الذين يعتقد كل فريق منهم أن بإمكانهم انتزاع مكاسب من السيسي لصالح تياره العلماني، في ظل غياب ورفض واستبعاد التيار الاسلامي.

كشف موقع "عربي بوست"، 10 يونيو 2022، نقلا عن مصادر متطابقة عن اتصالات متبادلة تمت بين مجموعة من رموز القوى الليبرالية من أجل تشكيل تيار ليبرالي جديد سموه "التيار الوطني الحر"، بهدف المشاركة في الحوار الوطني من خلال هذا التيار الذي يحتضنه حزب المحافظين.

ويعني هذا سعي الليبراليين لمحاولة قطم جزء من كعكة الحوار الوطني بدلا من انفراد التيار اليساري والناصري بالتفاوض وحده مع نظام السيسي لاستعادة تحالف 30 يونيو الذي مهد للانقلاب العسكري علي أول تجربة ديمقراطية مصرية.

ويضم التيار الوطني الحر عدداً من رموز القوى الليبرالية في مصر، في مقدمتهم عمرو موسى والسيد البدوي وأكمل قرطام ومحمود أباظة، رئيس حزب الوفد السابق، بالإضافة إلى الصحفي عمرو الشوبكي، وحسام بدراوي، عضو لجنة السياسات بالحزب الوطني المنحل، وإيهاب الخولي عضو المجلس الرئاسي لحزب المحافظين.

وقالت المصادر إن حزب المحافظين شهد خلال الأسبوعين الماضيين لقاءات وتحركات مكثفة من أجل التحضير للحوار الوطني، ولفتت المصادر إلى أن رموز القوى الليبرالية التي وافقت على الانضمام للتيار الوطني الحر، ستجتمع بمقر حزب المحافظين عقب عودة عمرو موسى من الخارج.

رفض تعيين ضياء رشوان

ولا يعني هذا عدم وجود تنسيق بين المعارضة اليسارية والليبرالية إذ أصدروا جميعا بيانا أمس الجمعة باسم "أحزاب الحركة المدنية" بحضور الرموز اليسارية والناصرية والليبرالية بمقر حزب المحافظين، يرفضون فيه تسمية الأمين العام لجلسات الحوار الوطني ضياء رشوان نقيب الصحفيين المصريين بشكل منفرد من قِبَل لجنة الحوار الوطني دون التنسيق مع الأحزاب والقوى السياسية التي أعلنت موافقتها على المشاركة في الحوار.

وأصدرت تلك الأحزاب بياناً أكدت فيه رفضها لبيان لجنة الحوار الوطني وقراراتها المنفردة، التي جاءت "مخالفة لجلسات التشاور التي عقدت على مدار شهر كامل بين لجنة الحوار الوطني والقوى السياسية المدعوة للمشاركة في الحوار الوطني"، على حد وصف البيان. في تلك الجلسات تم الاتفاق على تسمية الأمين العام لجلسات الحوار الوطني بالتشاور وليس بقرار منفرد.

وأشارت مصادر مطلعة إلى أن عمرو موسى رحب بفكرة التيار الوطني الحر من أجل إعادة التيار الليبرالي للحياة، ومن أجل "تحقيق مشاركة فعالة وحقيقية في الحوار الوطني".

وقال "عربي بوست" أن أكمل قرطام، رئيس حزب المحافظين، قام بزيارة محمود أباظة رئيس حزب الوفد السابق في منزله الأربعاء 9 يونيو بهدف التنسيق للمرحلة المقبلة والتوافق على فكرة التيار الوطني الحر.

تفسيران لدعوة السيسي

وقالت مصادر حزبية إن هناك اتجاهين داخل الحركة المدنية والأحزاب والمعارضة المصرية في تفسير دعوة السيسي للحوار الوطني.

الاتجاه الأول يرى أن السيسي ونظامه باتوا يدركون خطورة الوضع الاقتصادي الراهن، وأنهم بحاجة لتوسعة قاعدة الحوار من أجل تحميل المعارضة جزءاً من مسؤولية الوضع الراهن، وأن النظام جاد في دعوته للحوار الوطني.

ويرى هذا الفريق أنه لا بدَّ من استخدام ما سموه "رفع غطاء الحلة" الذي اضطر إليه النظام مؤخراً تجنباً للانفجار لتحقيق أكبر قدر من المكاسب في مجال الحريات.

بينما يرى فريق آخر أن الحوار الوطني لا يزيد عن كونه مناورة الهدف منها الحصول على قرض صندوق النقد الدولي الذي تطالبه جهات دولية بعدم تقديم أية قروض لنظام السيسي إلا بعد تحقيق إصلاح سياسي حقيقي.

ويرى أنصار هذا الاتجاه أن المكسب الوحيد مما سموه "حدوته الحوار الوطني" هو الإفراج عن أكبر عدد ممكن من المعتقلين.

اختفاء قيادات المعارضة

قبل عدة سنوات، اختفى السيد البدوي، رئيس حزب الوفد ومالك مجموعة قنوات الحياة السابق من المشهد السياسي وتناثرت أقاويل حول منعه من السفر وإجباره عن بيع القناة لجهاز المخابرات، كما تم عزله من رئاسة شركة سيجما للأدوية وشيئاً فشيئاً توراى البدوي عن الأنظار، وأصبح طيّ النسيان، قبل ان يظهر مجددا على قنوات السلطة ليهاجم الإخوان والرئيس مرسي ربما كثمن لعودته.

وفى توقيت متقارب ابتعد الأمين العام السابق للجامعة العربية ووزير الخارجية الأسبق عمرو موسى عن المشهد السياسي، مكتفياً بتقديم مذكراته عبر دار الشروق التي يمتلكها صديقه إبراهيم المعلم.

تبعهم اختفاء باقي رموز القوى السياسية والوطنية، خصوصاً في ظل مشهد سياسي وإعلامي في مصر كان قاصراً ومقتصراً خلال السنوات الماضية على عبد الفتاح السيسي فقط ومؤيديه.

لكن مع وطأة الظروف الاقتصادية المؤلمة التي تمر بها مصر بفعل عدة عوامل منها تبعات جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، دعا السيسي خلال حفل إفطار الأسرة المصرية في شهر رمضان الماضي إلى إجراء حوار وطني بين كافة القوى السياسية والرموز الوطنية من أجل رسم خارطة طريق لمصر خلال الفترة القادمة. هنا، وعادت بعض أسماء المعارضة الليبرالية للواجهة من جديد.

بعد دعوة السيسي، بدأت رموز القوى السياسية التقليدية تعود للظهور الإعلامي مرة أخرى.

البداية كانت مع المرشح الرئاسي السابق ورئيس حزب الكرامة السابق حمدين صباحي الذي كان أبرز الحاضرين من المعارضة خلال خلال حفل الإفطار.

بعده ظهر رئيس حزب الكرامة الحالي وعضو البرلمان السابق الصحفي أحمد طنطاوي مع قناة "بي بي سي"، وما ذكره من تصريحات مثيرة.

بالتوازي، كانت هناك تحركات أخرى في البيت الليبرالي انطلاقاً من بوابة حزب المحافظين، الذي يترأسه عضو البرلمان السابق ورجل الأعمال أكمل قرطام.

تعليمات بعدم الهجوم على المعارضة

وعلم "عربي بوست" من مصادر صحفية أن تعليمات صدرت لرؤساء تحرير الصحف ومقدمي البرامج في الفضائيات المصرية بعدم الهجوم على رموز المعارضة خلال الفترة المقبلة من أجل تهيئة الأجواء للحوار الوطني.

وقال مصدر صحفي مطلع إن أحد المواقع الشهيرة نشر تقريراً هاجم فيه أحد قيادات المعارضة من المقرر أن يشارك في الحوار الوطني، فتلقى رئيس تحرير هذا الموقع اتصالاً من جهة أمنية أخبرته فيه أن الهجوم على المعارضة وتشويه رموزها غير مطلوب هذه الأيام، لأن هناك حواراً وطنياً في الأفق، وطلبت الجهة الأمنية من رئيس التحرير عدم تكرار هذا الأمر.

وتتباين وجهات النظر داخل تيار اليسار المصري بين مؤيد ومعارض للحوار، فمن يؤيد هذا الاتجاه يرى أن الإفراج ولو عن معتقل واحد هو مكسب في حد ذاته، بينما يرى آخرون أن الحوار الوطني "تمثيلية" لإطالة عمر النظام.

وقال مصدر حقوقي إن نظام السيسي في مهب الريح، ونصح المعارضة بعدم الاقتراب منه، فهو نظام زائل لا محالة، على حد تعبيره.

يركز الحوار الوطني هذه المرة على معالجة الأولويات السياسية والاقتصادية لمصر، والمضي قدما نحو ما يطلق عليه "الجمهورية الجديدة".

وفي نهاية الحوار، من المفترض الخروج بمجموعة من "التوصيات" وتقديمها إلى السيسي الذي أكد أنه سيحضر المراحل الأخيرة من الحوار شخصيا.

الأكاديمية الوطنية للتدريب التي تنظم الحوار قالت إن عددا من القوى السياسية ومراكز الأبحاث أرسلت بالفعل مقترحات وأفكارا حول كيفية المضي قدما في الحوار وما النتائج المنتظرة. شكلت الأكاديمية لجنة لتجميع ومراجعة هذه الأفكار في خارطة طريق شاملة وموحدة للحوار.

و اقترح نقيب الصحفيين ضياء رشوان الشهر الماضي التركيز خلال الحوار على القوانين المتعلقة بالصحافة، وسبل إتاحة ممارسة مهنية جادة وحرة، وتحسين الأوضاع المهنية والمادية وتسهيل عمل الصحفيين، فيما اقترح رئيس حزب الوفد عبد السند يمامة مناقشة تعديلات دستورية وتعديلات لقوانين انتخابات المحليات والبرلمان وقانون الأحزاب

المصدر: مواقع+ وسائل تواصل