حظر النقاب بمدارس مصر.. قرار وزاري يفجّر معركة إعلامية
الأحد - 17 سبتمبر 2023
إنسان للدراسات الإعلامية – جهاد يونس
حشد الإعلام المصري الانقلابي كل طاقاته للدفاع عن قرار وزير التربية والتعليم، رضا حجازي، بشأن مواصفات الزي المدرسي الموحد لجميع الطلاب بالمدارس الرسمية والخاصة للعام الدراسي 2023-2024، والذي يتضمن حظر ارتداء الفتيات النقاب في المدارس الحكومية والخاصة، ومنحهم الحرية فيما يتعلق بالحجاب بشرط علم ذويهن.
نص القرار، على أنه "يشترط في الغطاء الذي تختاره الطالبة برغبتها ألا يحجب وجهها"، في إشارة إلى منع النقاب. وأضاف: "لا يعتد بأي نماذج أو رسوم توضيحية تعبر عن غطاء الشعر.. مع الالتزام باللون الذي تختاره مديرية التربية والتعليم المختصة".
على الفور، تصدى إعلام الانقلاب لحشد التأييد للقرار، وجند لذلك علماء دين تابعين للسلطة، ومختصين في التربية، ومسئولين في وزارة التعليم، وأولياء أمور مؤيدين للقرار، وعير ذلك ممن صادف القرار المعيب صدى في نفوسهم.
أين الأولويات؟
بررت الوزارة قرارها بأنها تسعى للحد من التمييز بين الطلاب، متناسية قضايا تعليمية كبرى مثل تحسين الجودة التعليمية ورفع كفاءة المعلمين والنهوض بالتعليم المصري من المراتب المتدنية في التصنيفات العالمية
ونشر موقع الشروق وغيره خبرا بعنوان" أحمد كريمة: النقاب ليس واجبا وأؤيد منعه في المؤسسات التعليمية"، وذلك من واقع مقابلة للدكتور أحمد كريمة، الأستاذ بجامعة الأزهر مع المذيع الموالي للانقلاب يوسف الحسيني في برنامج «التاسعة"، حيث قال كريمة إن قرارا وزارة التعليم بشأن منع وحظر ارتداء النقاب داخل المؤسسات التعليمة قرار صائب».وأن النقاب لا يعتبر واجب أو سنة لكن الواجب هو تغطية شعر المرأة بالحجاب وليس الوجه"
وتابع «كريمة»: «ارتداء النقاب حرية شخصية لكنه ليس واجبا»، واختتم: «ارتداء النقاب خارج العمل حرية شخصية وأمر مباح لكن داخل العمل يجب منع ارتداء النقاب"(الخبر: أحمد كريمة: النقاب ليس واجبا وأؤيد منعه في المؤسسات التعليمية)
كما نشر موقع "المصري اليوم" تعليقا لمذيع الانقلاب محمد الباز قال فيه: "النقاب ليس من الإسلام، بل زي اجتماعي، اللي ترتديه على دماغي من فوق، لكن 90% من مرتديات النقاب ليس تدينًا وإنما لأسباب اجتماعية ونفسية، والنقاب يؤدي لمشاكل نفسية عنيفة، يجعل البنت معزولة، خاصة لما يفرض عليها وهي صغيرة" (الخبر: الباز: النقاب ليس من الإسلام ويؤدي لمشاكل نفسية عنيفة)
كما وصف المذيع التابع للأمن أحمد موسى القرار بأنه "بداية مهمة لتدمير بذرة التطرف"، حسب قوله ( الخبر: أحمد موسى: تعرضت لسيل من السباب والشتائم بسبب النقاب)
ولم يصدر عن الأزهر أي تعليق على الموضوع، إلا أن البعض أعاد نشر مقطع فيديو قديم يظهر فيه شيخ الأزهر أحمد الطيب، وهو يعلق على موضوع النقاب قائلا: " النقاب ليس فرضا ولا سنة ولا مندوبا ولا مستحبا بل هو مباح، وليس عليه ثواب ولا عقاب وليس أمر شرعي، بل هو من الزينة مثله مثل الخاتم"
حرب معلنة
ونشرت cnn بالعربية حوارا مع الكاتبة فريدة الشوباشي عضو مجلس النواب المصري، التي قالت من جانبها: إن قرار وزارة التعليم بمنع ارتداء النقاب تأخر كثيرًا مما أدى إلى تفشي هذا النمط من الملابس بين بعض طالبات المدارس، ووصفت ارتداء النقاب بالسلوك الرجعي والمدمر؛ لأنه يؤدي إلى فرز طائفي في الشارع، على حد وصفها.
وطالبت الشوباشي، بمنع ارتداء النقاب، حتى في الأماكن العامة - على حد قولها - مضيفة أنها ترفض ركوب المصاعد مع أية سيدة ترتدي النقاب لتخوفها من عدم معرفة هوية من يستقل معها المصعد، لافتة إلى واقعة هروب محمد بديع مرشد جماعة الإخوان المسلمين بعد فض اعتصام ميدان رابعة عام 2013 مرتديًا النقاب. (الخبر: مصر.. "التعليم" تمنع النقاب في المدارس)
كما أعاد موقع الأقباط متحدون نشر القرار تحت عنوان (قرار طال انتظاره.. التعليم بمصر تحظر النقاب في المدارس) (الخبر: قرار طال انتظاره.. التعليم بمصر تحظر النقاب في المدارس.. والحجاب بموافقة ولي الأمر ورغبته)
معارضون للقرار
كما نشر موقع القدس العربي خبر تحت عنوان "حزب النور السلفي: سنلجأ إلى القضاء والبرلمان لمنع قرار حظر النقاب في المدارس المصرية"، حيث انتقد القرار أحمد حمدي خطاب، عضو الهيئة البرلمانية لحزب النور في مجلس النواب، وقال في بيان نشرته الصفحة الرسمية للحزب على فيسبوك: إن قرار حظر ارتداء النقاب مُخالف للدستور ومرجعيته للشريعة الإسلامية في المادة الثانية، ومخالف للدستور الذي أقر بحفظ الحرية الشخصية في مواده.
وأضاف: القرار خالف قرار المحكمة الإدارية العليا الذي نص على أن النقاب أمر مباح وهو حرية شخصية لا يجوز منعه. (الخبر: حزب النور السلفي: سنلجأ إلى القضاء والبرلمان لمنع قرار حظر النقاب في المدارس المصرية)
وفي السياق، انتقد عدد كبير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي قرار الوزارة، فالشيخ حاتم الحويني (نجل الشيخ أبو إسحاق الحويني) ساءه قرار وزارة التربية والتعليم، فكتب معلقا: "ثلاث سنوات تغطي الفتاة وجوهها بالكمامة طاعة للحكومه ولا أحد يعترض!! وعندما تغطي وجهها بالقماش طاعه لله تنقلب الموازين والمفاهيم! وهنا تبدأ الحرب! هو احنا في فرنسا لا حول ولا قوّة إلا بالله".
وأضاف الحويني: "اللهمّ إنّا هذا منكر لا يرضيك. لا بدّ للفتيات ألا يخضعن لمثل هذا، وعلى أولياء الأمور الوقوف في ظهر هؤلاء الفتيات ويدعمهنّ حتى يرجع هؤلاء إلى الحق والعدل. ما هو الضرر في ارتداء الفتاة النقاب؟! اختلت الموازين فعلا والله!".
واختتم قائلا: "ألسنا في بلد مسلم! ألسنا في بلد الأزهر! يمنع النقاب بحجّة أنّه سنّة! ولا يمنع التبرج المحرّم بحجّة أنّه حريّة؟"!
واستنكرت فنانة كويتية القرار في تغريدة لها على موقع أكس -تويتر سابقا- قائلة: "كما نرغب أن يكون لنا كامل الحرية فيما نلبس أيضاً نرغب للآخر بكامل حريته… يرتدي ما يشاء سواء كان ارتداؤه للشيء نابعاً من اعتقاد ديني أو موروث عادات وتقاليد ولكم مني كل الحب". (الخبر: فنانة كويتية تنتقد منع النقاب في المدارس المصرية لهذا السبب )
وتداول نشطاء الخبر معلقين بأن الخطوة القادمة هي تدريس الشذوذ الجنسي بالمدارس، إلى أن نصل لطمس كلي للهوية الإسلامية، واعتبر آخرون، بعيدا عن جدلية النقاب دينيا، أن القرار تعسفي يمس حرية المرأة في اختيار ملابسها، ويفرض معايير اجتماعية معينة على الفتيات، وأنه قد يساهم في التمييز ضد الفتيات المحجبات.
ويرى البعض ان هذه الخطوة ما هي بداية لخطوات اجرأ منها قد تستهدف الحجاب نفسه في ظل حكومة تكره أي مظاهر للتدين وتمضي قدما نحو العلمانية
ليست المرة الأولي
الجدل حول النقاب ليس جديدا في مصر، فقد سبق أن سمحت محكمة القضاء الإداري للجامعات بمنع الطالبات المنقبات من أداء الامتحانات النصفية عام 2010، وزعمت حينها أن النقاب "يسمح للطالبات بالتنكر في زي طالبات أخريات، لذلك فإن حظره في الامتحانات يضمن المساواة في الفرص لجميع الطالبات".
وقوبل هذا القرار باحتجاجات من بعض الطالبات ومجموعات حقوق الإنسان، الذين جادلوا بأنه انتهاك لحق المرأة في حرية الدين، كما تم انتقاد القرار من قبل بعض العلماء. (الخبر: نقاب جامعة القاهرة... موجة جدال وغضب حول قرار المنع)
وسبق أن قضت المحكمة الإدارية العليا في مصر، بحظر النقاب بين أعضاء هيئة التدريس بالجامعات، ورفضت المحكمة الطعن الذي تقدم به 82 منقبة من أعضاء هيئة التدريس بجامعة القاهرة لإلغاء قرار محكمة القضاء الإداري، وقرار الدكتور جابر نصار رئيس الجامعة الأسبق رقم 1448 لسنة 2015، بشأن حظر النقاب لأعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة من طلبة الدراسات العليا داخل المعامل البحثية ومراكز التدريب العلمية لطلبة الدراسات العليا. (الخبر: مصر.. حكم نهائي بحظر النقاب بين أساتذة الجامعات)
وترتدي غالبية النساء الحجاب في مصر، البلد العربي الإسلامي الذي يجاوز عدد سكانه 105 ملايين نسمة، ويعتبر البعض منهم النقاب فريضة مثل الحجاب تماماً، فقرار منع النقاب وقع صادما لفئة كبيرة من الشعب، وقد تباينت ردود الأفعال على القرار الوزاري بين مؤيد ومعارض. (خبر: حظر النقاب في مدارس مصر.. جدل بمواقع التواصل واستدعاء للأزهر)