جيوبوليتكال: رئيس تونس مثال نموذجي للاستبداد والجيش سيطيح به
الأحد - 16 يناير 2022
قال موقع جيوبوليتيكال فيوتشرز، إن أستاذ القانون الدستوري السابق “قيس سعيد”، وصل إلى رئاسة تونس في 2019، ولم يكن مرشحًا تقليديًا، حيث أطلق حملة انتخابية متواضعة وقدم نفسه كمناهض للنخبة الفاسدة التي تخدم مصالحها وخانت ثورة 2011 التي أطاحت بالرئيس الراحل “زين العابدين بن علي”.
ولكن في يوليو/تموز الماضي، أقال “سعيّد” رئيس الوزراء وعلق البرلمان ورفع الحصانة القضائية عن أعضائه، مدعيا أن الدستور يمنحه صلاحية اتخاذ هذه الإجراءات.
وبعد شهرين من ذلك – عندما كانت البلاد ما تزال في ظل حالة الطوارئ – جمد “سعيد” الدستور، وأصدر مرسومًا ليمنح نفسه الصلاحيات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وتعهد بإدخال نظام رئاسي مع صلاحيات واسعة النطاق.
وأضاف الموقع في تقرير له، أن العديد من المراقبين يرون أن نية “سعيد” الحقيقية هي استعادة الحكم الاستبدادي الذي كان سائدا في تونس بين عامي 1957 و 2011. وتشير أفعاله إلى أنه ليس البطل الشعبي الذي يصور نفسه عليه وإنما هو غوغائي متهور ومهووس بالسلطة.
خاض “سعيد” الانتخابات الرئاسية كمرشح مستقل ومحافظ، واكتسب شعبيته بين الناخبين بعد فشل الحكومة في معالجة المشاكل الاقتصادية طويلة الأمد في أعقاب انتفاضة 2011، وجاءت معظم قاعدته من تأييد الناخبين الشباب الذين تجاوز معدل البطالة بينهم 36%.
لكن انتخابه لم يحل أيًا من المشاكل في تونس، وتزايد الانقسام والخلافات السياسية بين العديد من الأحزاب التي نشأت بعد الثورة، وأصبح عدم الاستقرار السياسي هو القاعدة، كما تصاعدت المشاكل الاجتماعية، وجاء الوباء ليفاقم الأزمة الاقتصادية.
ووصلت التوترات إلى ذروتها عندما رفض “سعيد” التعديل الوزاري في حكومة رئيس الوزراء السابق “هشام مشيشي” بالرغم أن ذلك لم يكن من صلاحياته، وتعمد تأجيج هذه الأزمة بشكل يمهد للإجراءات الاستثنائية التي اتخذها بحجة استنادها إلى المادة 80 من الدستور عام 2014، والتي تسمح للرئيس باتخاذ تدابير معينة في حالات استثنائية تهدد الدولة.
وينص الدستور صراحة على أن هذه التدابير يجب أن تؤخذ بالتشاور مع رئيس الوزراء الذي أقاله “سعيد”، ومع رئيس مجلس النواب الذي اتهمه “سعيد” بالخيانة.
تلاعب سياسي
في ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلن “سعيد” عن مشاورات (على الإنترنت) تستمر 3 أشهر لصياغة منصة دستورية وانتخابية جديدة استعدادا لاستفتاء دستوري في يوليو/تموز المقبل، قبل الانتخابات التشريعية في ديسمبر/كانون الأول.
ومع ذلك، فإن تونس (التي يستطيع 76% من المواطنين فيها الوصول إلى شبكة الإنترنت) تتبنى النهج البوليسي في التعامل مع الإنترنت، ويتعرض النشطاء الذين يعبرون عن آرائهم للملاحقة القضائية، ويعتقد الرئيس السابق “منصف المرزوقي” الذي يعيش في فرنسا، أن “سعيد” سوف يستخدم بيانات المشاركين ليتلاعب بالانتخابات ويعتقل المنتقدين.
يصوّر “سعيد” كل قادة المعارضة بأنهم عملاء أجانب خونة، بغض النظر عن توجهاتهم السياسية، حتى إن “سعيد” انقلب على أولئك الذين دعموا انقلابه، وهم الأحزاب اليسارية و”الاتحاد العام التونسي للشغل” المؤثر في تونس.
وظنت هذه الأحزاب بسذاجة أن الرئيس كان معارضًا لحزب “النهضة” فقط ولكن سرعان ما أدركوا أنه لا يريد أن يتقاسم السلطة مع أي حزب أو شخصية سياسية، وقد رفض بدء حوار وطني حول مستقبل تونس، كما أنه منع السياسيين من الظهور على التلفزيون الحكومي.
وينتقد “سعيد” باستمرار وسائل الإعلام والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني. وجرت محاكمة غيابية لـ”المرزوقي” وحُكم عليه بالسجن لمدة 4 سنوات لمشاركته في مظاهرة في باريس ضد تدابير “سعيد” ولمطالبة الحكومة الفرنسية بعدم دعم نظامه.
كما أحجم “سعيد” عن التشاور مع الهيئة العليا المستقلة للانتخابات حول الاستفتاء والانتخابات التشريعية، وقال أيضا إنه يجب أن يكون واضحا لجميع التونسيين أن رئيس الدولة هو القائد الأعلى للقوات المسلحة والمجتمع.
وحث سفراء مجموعة الدول الصناعية السبع “سعيّد” على تحديد جدول زمني لإعادة تنشيط المؤسسات الديمقراطية في تونس، بما في ذلك جمعية تأسيسية منتخبة بشفافية، لكن “سعيد” حدد بالفعل خطته لتونس. فهو يقول إنه يريد تنفيذ نظام من اللامركزية الديمقراطية، مما يمنح المناطق الجغرافية السبع في البلاد فرصة في الحكم الذاتي في نظام ما بعد الأحزاب السياسية.
على خطى القذافي
في الواقع، يريد “سعيّد” تكرار نموذج الجماهيرية الليبية التي كانت تحت حكم الرئيس الليبي السابق “معمر القذافي”، أيّ “دولة الجماهير”، عبر نظام للسيطرة على تونس من خلال مخبريه والمتزلفين إليه.
الجيش التونسي هو من يحدد مصير “سعيد”، لكنه لن يتحرك ضده لحماية المعارضة التي لا يكن لها احترامًا، ولن يتحرك الجيش للإطاحة بـ”سعيد” إلا إذا حدثت انتفاضة شعبية مثل تلك التي حدثت في ديسمبر/كانون الأول 2010 وأطاحت بـ”بن علي”.
وما يزال هناك بعض التونسيين الذين يرون “سعيد” كمخلص لهم، لكن الأرجح أن وهمهم سيتلاشى بعد رؤيتهم له على حقيقته “مجرد زعيم استبدادي”.
المصدر: علامات أونلاين