جاويش أوغلو: العلاقات مع مصر بحاجة لتصحيح.. وقد نعين سفيرا بالقاهرة قريبا
الجمعة - 15 أبريل 2022
شهد ملف المصالحة التركية المصرية على مدار الساعات القليلة الماضية كثير من الأحداث ومنها، ما أكده جاويش أوغلو وزير الخارجية التركي، مساء أمس الخميس، حول أن العلاقات مع مصر بحاجة لتصحيح، وأن بلاده ستعين سفيرا بالقاهرة قريبا، مما يدل على ازدياد وتيرة التقارب بين البلدين، كما أن دبلوماسيين مصريين وأتراك يستعدون لعقد جولة مفاوضات ثالثة خلال الأيام المقبلة، وأن سامح شكري يستعد لزيارة رمضانية لأنقرة كما أعلنت قناة "العربية" أن وفد أمني تركي يزور مصر خلال الأيام المقبلة، في حين يرى محللون مصريين وأتراك أن قنوات المعارضة وليبيا ومصافحة أردوغان واعترافه بشرعية السيسي تعد من العقبات التي تواجه تسريع خطوات التطبيع بين البلدين، ومن خلال سطور هذا التقرير نتعرض للتفاصيل.
أكد وزير الخارجية التركي " مولود جاويش أوغلو"أكد في تصريحات لقناة NTV التركية أن "العلاقات مع مصر بحاجة لتجديد ومن المهم جدا تطبيع العلاقات بين البلدين.. بسبب أهميتها للعديد من الدول في شرق البحر الأبيض المتوسط، والحديث يدور حول التعيين المتبادل للسفراء"
وكان الوزير التركي قد كشف أن نظيره المصري "سامح شكري" سيزور إسطنبول قريبا، وقال في كلمة خلال اجتماع لحزب العدالة والتنمية الحاكم: "سألتقي وزير خارجية مصرعلى مائدة الإفطار في إسطنبول، خلال رمضان الحالي، إذا لم يكن هناك أي طارئ"، دون أن يكشف عن الموعد الدقيق للزيارة .
و مراقبون سياسيون مصريون رحبوا بحذر بهذا الإعلان من قبل "جاويش أوغلو" .. الذي أكد أن بلاده ستتخذ خطوات لتطبيع العلاقات مع مصر لإنهاء 9 أعوام من التوترات السياسية بين الدولتين الواقعتين على البحر المتوسط، مؤكدين إن تصريحات "جاويش أوغلو" تشهد على تحول محتمل في العلاقات بين البلدين..
دبلوماسيون من مصر وتركيا التقوا مرتين في الأشهر القليلة الماضية .. في مسعاهما لبحث أسباب التوتر وكيفية التغلب عليها. . ومن المتوقع أيضا عقد الجولة الثالثة من المحادثات في الوقت الذي تستعد فيه تركيا لتعيين سفير لها في مصر
السفير الجديد سيكون "صالح موتلو سين" ممثل تركيا السابق لدى منظمة التعاون الإسلامي بين 2015 و2020... و"جاويش أوغلو" أخطر "سين" بالفعل بهذا الدور .. فيما لم تعلق مصر من ناحيتها، على تصريحات "جاويش أوغلو" بشأن تطبيع محتمل للعلاقات... ويبدو أن مصر ليست في عجلة من أمرها لاتخاذ خطوة في هذا الصدد بسبب مواقف تركيا من المطالب المصرية حول المعارضين لهم على الأراضي التركية والملف الليبي .
الفجوة بين البلدين ذات طبيعة أيديولوجية ظاهريا لكنها تخفي تحتها أسبابا اقتصادية وجيوستراتيجية معقدة .. وكانت مصر وتركيا طرفين في السباق على الموارد في شرق البحر الأبيض المتوسط، حيث تحاول تركيا أن تكون جزءا من ثروة الغاز الطبيعي في المنطقة فيما تعمل مصر جاهدة لحرمان تركيا من هذه الثروة- بحسب مراقبون -
وشكلت مصر مؤخرا منظمة شبيهة بـ"أوبك"، تضم منتجي ومستهلكي الغاز الطبيعي في المنطقة. . وتجاهلت هذه الكتلة تركيا التي تسعى جاهدة منذ أعوام لأن تكون نقطة عبور للطاقة إلى السوق الأوروبية .
فيما ردت تركيا بمحاولة عزل مصر بعدة طرق من ضمنها التواجد في جوارها المباشر.. وتحديدا في ليبيا والسودان المجاورتين.. كما كانت القاهرة غاضبة من التدخل التركي المتزايد أو "دور تركيا السلبي" في الدول العربية مثل سوريا والعراق. . تنافس البلدان أيضا على النفوذ في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وتأتي رغبة تركيا في إجراء تعديلات في علاقتها بالقاهرة ضمن جزء من حملة تركية أكبر لوضع حد للتوترات مع دول المنطقة .. بما في ذلك الإمارات والسعودية .
في عام 2020 كانت تركيا ثالث أكبر مستورد لمصر.. كما كانت خامس أكبر مصدر للسوق المصرية... وفي العام نفسه، بلغ التبادل التجاري بين البلدين 4.6 مليار دولار
محللون مصريون : الكلام عن التطبيع الكامل بين البلدين أسهل من تحقيقه على أرض الواقع. .. ولا تزال ليبيا قضية شائكة بين القاهرة وأنقرة حيث كانت العاصمتان تدعمان أطرافا متعارضة في الصراع .. وتعترض مصر على وجود "مقاتلين ومرتزقة أجانب في ليبيا"، بمن فيهم أولئك الذين نقلتهم تركيا- على حد زعمهم -
من جانبه قال المحلل السياسي التركي "فراس رضوان أوغلو": "سيكون ملف المقاتلين الأجانب في ليبيا قضية عالقة بين البلدين، لكنني أعتقد أنهما سيتوصلان إلى اتفاق في هذا الصدد".
مصر اعترضت بقوة خلال لقائاتها بالأتراك على استضافة تركيا لقنوات تلفزيونية تعارض نظام السيسي.. وقال "رضوان أوغلو" إن "تركيا في حاجة ماسة لتغيير سياساتها الإعلامية تجاه مصر وإلا لا يمكننا توقع أي تحسن في العلاقات مع الدولة العربية
مسؤول تركي كبير سابق أكد أن هناك قضية أخرى عالقة بين البلدين تتمثل في "ما إذا كان أردوغان على استعداد لمصافحة السيسي أم لا"... وفي عدة مناسبات في الماضي ألمح "أردوغان" إلى أنه لن يرغب في مقابلة "السيسي" شخصيا لكنه سيسمح لأعضاء آخرين في حكومته بإجراء محادثات مع القاهرة ..
وفي نفس الصدد أكد تقرير لموقع "الخليج الجديد" أن مازال هناك نقطة جوهرية في الخلاف القائم بين البدين، تتعلق بشرعية "السيسي" التي لم يقر بها الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" .. رغم مرور نحو 8 سنوات على بقائه في سدة الحكم.
مصادر دبلوماسية تركية أكدت أن القاهرة طالبت بأن يتم الاعتراف بـ"السيسي" كرئيس شرعي منتخب في بلاده.. وذلك من أعلى السلطة في تركيا أي أن يكون ذلك على لسان "أردوغان "، ويتمسك الجانب المصري بهذه النقطة تحديدا وإن تأخر تطبيع العلاقات على مستوى الرئيسين أو أخذ وقتاً أطول.. في الوقت الذي يستمر التطبيع فيه على مستوى وزراء الخارجية وتعيين السفراء
كما أشار التقرير أن هناك إشارات سياسية إيجابية لافتة بتحقيق انفراجة كبيرة في العلاقات المتوترة بين البلدين منذ العام 2013 ، منها ما صدر عن الحكومة المصرية قبل أيام في منح المواطنين الأتراك تيسيرات دخول لمدة عام وفق 3 شروط محددة هي تقديم تذكرة وصول وعودة وحجز فندقي مؤكد وحمل النقد الكافي بما لا يقل عن ألفي دولار أو بطاقة ائتمانية..
ورصد الباحث بالشأن التركي، "سعيد الحاج" للعربي الجديد، 3 سيناريوهات محتملة للعلاقات المصرية التركية مستقبلا .. الأول: مصالحة شاملة وتطبيع كامل للعلاقات بين البلدين، وفق النموذج القطري .. أو إنهاء القطيعة وعودة العلاقات بالحد الأدنى عبر تبادل السفراء دون تجاوز الخلافات الجوهرية بين الجانبين وهو الأرجح .. أو ببقاء الحال على ما هو عليه .
لغة الاقتصاد حاضرة بقوة إذا أخدنا في الاعتبار أن حجم الاستثمارات التركية في مصر يصل إلى 5.6 مليار دولار.. فيما وصل حجم الاستثمارات المصرية في تركيا إلى 1.5 مليار دولار
تقرير "الخليج الجديد" :مع الضغوط القاسية التي تتعرض لها المحفظة المالية المصرية، واللجوء إلى السعودية والإمارات وقطر لضخ ودائع جديدة في المركزي المصري وشراء حصص في شركات حكومية.. تبدو مصر في حاجة لتركيا كما فعلت مع قطر؛ لجني مكاسب سياسية واقتصادية خلال الفترة المقبلة
ومن جانبها، أعلنت قناة "العربية" إن وفدا أمنيا تركيا رفيع المستوى سيزور مصر خلال الأسابيع المقبلة .. ويجري حاليا وضع الترتيبات لزيارة الوفد التركي للتشاور حول عدد من الملفات العالقة. .. وسيناقش الطرفان "العمل على التقارب الأمني وتبادل المعلومات وملف الإخوان وذلك ضمن ملفات أخرى ستطرح للنقاش بين الجانبين، منها سحب العناصر الأجنبية من ليبيا تدريجيا.. فضلا عن قضايا أخرى تمس الوضع الليبي.