تونس .. دائرة رفض انقلاب الرئيس تتسع

الأربعاء - 29 سبتمبر 2021

خاص

شهدت تونس على مدار الساعات القليلة الماضية حراكا سياسيا وشعبيا كبيرا ضد الإجراءات الاستثنئاية التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيد ، فدائرة رفض انقلاب الرئيس التونسي تتسع، و أحزاب تشكل تنسيقية لمواجهته إجراءاته الاستبدادية ،  و المنظمات الحقوقية الدولية تنتفض ضد استمرار تعطيل المؤسسات الديمقراطية ،  و الغنوشي يعلن تمسكه بصفته  النيابية  ويدعو قيس للتراجع عن مخالفة الدستور، و المرزوقي” يدعو الجيش للتخلي عن  النظام  ويطالب "قيس" و"الغنوشي" بالخروج من الحياة السياسية ،  وصحيفة ألمانية تؤكد الدور المصري في "انقلاب سعيد" ، وبسبب الأزمة السياسية  أصبحت  تونس على مشارف أزمة اقتصادية حادة حيث توالت الضغوط على السندات الحكومية  وسط مخاوف دولية من دخولها في مرحلة التعثر في سداد الديون نتيجة الأزمة المالية وعجز الموازنة القياسي ، ومن خلال سطور هذا التقرير نتعرض للتفاصيل.  

أحزاب تشكل تنسيقية لمواجهته

أعلنت أحزاب تونسية مساء أمس الثلاثاء، تشكيل تنسيقية تحمل اسم "القوى الديمقراطية المعارضة للقرارات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس قيس سعيد".

وطالبت الأحزاب الأربعة الرئيس سعيّد بالعودة عن قراراته وتصحيح المسار السياسي.

وفي مؤتمر صحفي، أعلنت التنسيقية أنها مكونة من أربعة أحزاب هي "التيار الديمقراطي، وحزب التكتل من أجل العمل والحريات، والحزب الجمهوري، وحزب آفاق تونس"

وطالب الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي قيس سعيد بالتراجع، متهما اياه باستغلال الصعوبات التي مرت على تونس.

وأضاف أن سعيّد "استفرد بالحكم دون رؤية واضحة ودون خريطة طريق، وهو يقود المرحلة دون حوار مع أحد"، مضيفا "أيدينا ممدودة للأحزاب والمنظمات والقوى للتنسيق وتوسيع جبهتنا".

من جهته، طالب الأمين العام لحزب " التيار الديمقراطي"، غازي الشواشي في تصريح لـ"عربي 21"، رئيس الجمهورية قيس سعيد بالتراجع عن القرارات الاستثنائية التي اتخذها في الثاني والعشرين من آيلول الجاري (الأمر 217) والعودة فورا للمسار الديمقراطي ومن ثم الدخول في الحوار

وقال الشواشي إن الرئيس أغلق باب الشرعية والدستور والحوار واعتدى على العقد الاجتماعي والسياسي، معتبرا الأمر الرئاسي الأخير بالانقلاب.

من جهته اعتبر الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي في تصريح لـ"عربي21" أن الاحتجاج السلمي مشروع وخاصة الاحتجاجات الأخيرة " مواطنون ضد الانقلاب"، وهي ضغط إيجابي على الرئيس، وستكون هناك تحركات سلمية مدنية حتى العودة للشرعية.

وندد الشابي برفض الرئيس الحوار والانغلاق ، لم يحاور لا من يؤيده ولا من يعارضه ، وبالتالي لا يمكن إدارة البلاد بهذا الأسلوب المنغلق .

من جانب آخر، قال أمين عام حزب العمال التونسي، حمة الهمامي، إن قيس سعيد عطل إرساء المحكمة الدستورية كي لا تكون سلاحا بيد النهضة لعزله

المنظمات الحقوقية تنتفض ضد سعيد

في سياق متصل، قالت منظمات تونسية ودولية، إن الرئيس قيس سعيّد استفرد بالسلطة بصورة غير مسبوقة.

وأوضحت المنظمات في بيان أن "الأمر الرئاسي رقم 117" الذي صدر يوم 22 سبتمبر/ أيلول، والذي ألغى ضمنيّا النظام الدستوري في تونس، هو أولى الخطوات نحو الاستبداد. نقطة التحوّل هذه تهدّد حقوق الإنسان والتطلعات الديمقراطية للشعب التونسي".

وتابعت بأنه "رغم الإقرار بمحدودية النظام السياسي الذي أرساه "دستور 2014"، فإننا ندعو إلى أن يكون أي إصلاح لهذا النظام في إطار الاحترام الكامل للدستور، وخاصة الفصل بين السلطات، مع الضمان الكامل للحريات الأساسية وحقوق الإنسان"

وانتقدت المنظمات تفرد سعيد بـ"سلطة التشريع في كل المجالات، سواء تعلقت بتنظيم قطاع العدالة والقضاء، أو الإعلام والصحافة والأحزاب السياسية والنقابات والجمعيات والمنظمات والهيئات المهنية، وكذلك تمويلها، أو تنظيم قوات الأمن الداخلي والديوانة، وضبط قانون الانتخابات، والحريات وحقوق الإنسان، والأحوال الشخصية، والسلطة المحلية، والقانون الأساسي للميزانية"

كما أكدت منظمة«رايتس ووتش» إن  استفراد قيس سعيد بالسلطة  غير مسبوق  في تونس  ، وأن الأمر الرئاسي رقم 117 الذي صدر يوم 22 سبتمبر، والذي ألغى ضمنيًّا النظام الدستوري في تونس، هو أولى الخطوات نحو الاستبداد. نقطة التحول هذه تهدد حقوق الإنسان والتطلعات الديمقراطية للشعب التونسي.

وكانت المنظمات الموقعة على البيان:

التحالف التونسي للكرامة ورد الاعتبار
الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية
الرابطة التونسية للمواطنة
الشبكة التونسية للعدالة الانتقالية
الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان
محامون بلا حدود
اللجنة الدولية للحقوقيين
المخبر الديمقراطي
المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب
المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب
جمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية
جمعية بيتي - تونس
جمعية صوت شباب الكريب
جمعية مسرح الحوار – تونس
جمعية نشاز
منظمة العفو الدولية فرع تونس
منظمة لا سلام بدون عدالة
هيومن رايتس ووتش

الغنوشي: ما زلت متمسكا بصفتي النيابية وأدعو الرئيس للتراجع عن إجراءاته غير الدستورية

وفي سياق متصل ،كشف راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان التونسي -المعطلة أعماله- في حوار خاص مع الجزيرة نت عن موقفه من موجة الاستقالات التي ضربت الحزب، كما وجه رسائل خاصة لرئيس الجمهورية قيس سعيد بشأن الإجراءات التي اتخذها 25 يوليو/تموز الماضي، ورد على الاتهامات التي تحمله مسؤولية الأزمة السياسية في البلاد.

 

وحول استقالة 100 عضو من الحركة قال الغنوشي أنا آسف شديد الأسف لهذه الاستقالات التي لا شك أنها تؤثر على الحركة وعلى تماسكها، إلى جانب أن المستقيلين قد استثمرت فيهم الحركة لعشرات السنوات، ومناضلين ضمن هياكلها وقيادتها. هؤلاء الإخوة سارعوا إلى إعلان الاستقالة رغم أنه كان بالإمكان الحوار والبحث عن الحلول الوسطى في أفق المؤتمر المقبل قبل نهاية هذه السنة، ولكن لكل تقديره ، وباعتقادي مثل هذه الاستقالات تدفعنا إلى تطوير مؤسساتنا لتكون فضاءات حوار وإدماج لكل التوجهات الموجودة داخل الحركة، والرهان على التجديد في الفكر والسياسة والخطاب وفسح المجال أمام القيادات الشابة للحركة، نحن حريصون على أن يظل للصلح مكان وألا يفسد الخلاف للود ولسابق العشرة قضية.

وأكد الغنوشي أن إجراءات قيس سعيد تتجه إلى حل البرلمان ، وأن ما حدث    خطوة في هذا الاتجاه، والأستاذ قيس سعيد يسلك هذا المنهج منذ إعلانه تفعيل الفصل 80 من الدستور، فقد صرح أنه سيحترم الإجراءات الدستورية ولكنه أخل بها لاحقا، وأعلن أن تعليق البرلمان سيكون لمدة شهر ولكنه قام بتعليقه لاحقا إلى أجل غير مسمى، وهو إجراء غير دستوري ويمس مؤسسة سيادية تم انتخابها بنفس شروط انتخاب رئاسة الدولة ولها نفس الشرعية.

 

وقال الغنوشي أنا ترأست المجلس النيابي المنتخب من الأغلبية البرلمانية بعد أن انتخبت من الشعب في الانتخابات التشريعية لسنة 2019، وما زلت متمسكا بصفتي النيابية على رأس المؤسسة التشريعية التونسية، احترامًا لهذا التعاقد ولا يمكن أن ينزع عني هذه الصفة إلا السادة النواب أنفسهم، أو بقرار إرادي مني تقديرا لمصلحة وطنية، ودون ذلك فهو خرق جسيم لمقتضيات الدستور وهروب من معركة الديمقراطية.

مؤكدا أن المظاهرات التي انتظمت يوم 26 سبتمبر/أيلول الجاري وشارك فيها مواطنون من اتجاهات مختلفة ومستقلين ومن المتخوفين على التجربة الديمقراطية بالبلاد، فهي تدحض بلا شك الادعاء بأن الشارع في صف السياسة التي ينتهجها رئيس الدولة.

وبمقاييس الانتخابات، النهضة هي الحزب الأول، وهذا ما نطقت به الصناديق وإلى أن يحل استحقاق آخر فستبقى كذلك.

والمرزوقي” يدعو الجيش للتخلي عن “قيس”

من جانبه دعا الرئيس التونسي السابق منصف المرزوقي قوات الجيش والأمن من للتخلي عن الرئيس الحالي قيس سعيد، إلى حين التمكن من “عزله ومحاكمته”.

وكتب المرزوقي على صفحته في موقع فيسبوك “هنيئا لشعب المواطنين يوم النصر هذا. وصلت رسائلكم لكل المعنيين بالأمر. للدكتاتور المتربص: التوانسة يا هذا لا يحكمون بالمراسيم وإنما بالقوانين والمؤسسات والدستور الذي وصلت بفضله للحكم والذي أقسمت بالدفاع عنه وكذبت على الله وعلى الشعب. للعالم الخارجي هذا الدكتاتور المتربص والمتخلف نصف قرن عن زمن التونسيين لا يمثلنا. نحن التوانسة أكثر من أي وقت مضى شعب مواطنين لا شعب رعايا فما بالك بأن نكون شعب رعاع كالذي يساند هذا المنقلب على الشرعية”.

وأضاف “للمؤسسة الأمنية والعسكرية والدولة العميقة: لا تراهنوا على متطفل على الوطنية وآت من خارج الزمان والمكان وسيرحل سريعا، رأيتم ”شعبه” البذيء الذي يسبّ ويحرق الكتب، ورأيتم اليوم من هو الشعب الحقيقي الذي يجب أن تكونوا منه وإليه. رسالة إلى القيادات الشابة على الميدان: يجب المرور إلى المرحلة الثانية من التجميع والتخطيط والتنفيذ لتكبر كرة الثلج من أسبوع لأسبوع كل سبت وأحد في كل مدينة إلى أن يتحقق الهدف: العزل والمحاكمة واستئناف بناء دولة القانون والمؤسسات وتدارك السنوات السبع العجاف”.

 

المرزوقي: لا بد من إزاحة سعيد والغنوشي

كما دعا الرئيس التونسي الأسبق منصف المرزوقي، أمس  الثلاثاء، إلى استبعاد الرئيس قيس سعيد ورئيس البرلمان راشد الغنوشي من المشهد للخروج من الأزمة بسبب "انقلاب" الرئيس.

وقال المرزوقي، في تدوينة له على صفحته في "فيسبوك" "رجلان يجب إزاحتهما من طريق تونس، وإلا فإنهما سيتسببان في خراب الوطن كما تتسبب ''تفشة'' (نتفة) لا تجاوز بضعة ميلمترات في ذبحة صدرية أو جلطة دماغية لأنها سدّت شرياناً حيوياً في القلب أو الدماغ".

وتابع المرزوقي: "الحلّ الوحيد الذي دافعت عنه، ولا أزال، للخروج من الأزمة الخانقة التي ورط فيها الانقلاب تونس شعباً ودولة، من غير انقلاب طبي جديد، أي في إطار الشرعية وتحت راية الدستور، هو استقالة أو إقالة الرئيس غير الشرعي، قيس سعيد، بحراك شعبي لا يجب أن يتوقف، ثم تقلد المنصب كما ينص على ذلك الدستور من قبل رئيس البرلمان لحين إجراء الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها".

وصحيفة ألمانية: انقلاب سعيّد جاء بمشورة جنرالات مصريين

 وفي سياق متصل ، قالت صحيفة ألمانيّة إن الانقلاب الذي قام به الرئيس التونسي قيس سعيد على الدستور، تم بعد أخذه المشورة من جنرالات مصريين.

ونشرت صحيفة "فرانكفورتر" الألمانية مقالا للخبير السياسي راينر هيرمان، قال فيه إن تونس ظلّت مختبرا للديمقراطية في العالم العربي لمدة 10 سنوات، وكانت بالفعل في طريقها إلى ديمقراطية كاملة، وهو ما يعني "شوكة في خاصرة حكام مصر والخليج".

وتابع بأنه منذ بداية انتخاب سعيّد رئيسا للبلاد في تشرين أول/ أكتوبر 2019، بدأ العمل في مصر تحديدا من قبل جنرالات على آلية لقلب الدستور، وإنهاء العملية السياسية.

وأضاف أن جنرالات مصريين قدموا لسعيد خدمات استشارية بشكل مباشر قبل شهرين من إقالته رئيس الحكومة هشام المشيشي، وتجميده عمل البرلمان.

وفي نهاية تموز/ يوليو الماضي، أي بعد أيام فقط من الانقلاب، قالت مصادر خاصة لـ"عربي21" إن السفير الأمريكي في تونس دونالد بلوم، طلب من الرئيس قيس سعيّد مغادرة ضباط المخابرات المصريين والإماراتيين المتواجدين في تونس، قائلا إن الأخيرين رافقوا عملية الانقلاب.

 وأوضحت المصادر أن الضباط كانوا قدموا إلى تونس بذريعة تقديم مساعدات لمقاومة جائحة كورونا قبل أسبوعين تقريبا، ولم يغادروها حتى اللحظة.

تونس على مشارف أزمة اقتصادية حادة

كما تضغط الأزمة السياسية في تونس على السندات الحكومية، وسط مخاوف دولية من دخولها في مرحلة التعثر في سداد الديون نتيجة الأزمة المالية وعجز الموازنة القياسي، وتأخر الرئيس قيس سعيّد في إعلان تشكيل حكومة جديدة بعد قرابة 60 يوما من التدابير الاستثنائية وتعليق أعمال البرلمان.

وقالت وكالة رويترز، أمس الثلاثاء، إن سندات الحكومة التونسية تتعرض لضغط جديد، وبلغت تكلفة التأمين ضد مخاطر تخلفها عن السداد مستوى قياسيا، مع استمرار تصاعد المخاوف بشأن الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد.

وذكرت الوكالة أن  بيانات "تريدويبط أظهرت أن سندات 2024، التي يصدرها رسميا البنك المركزي للبلاد، تراجعت نحو سنت اليوم ليجرى تداولها عند 83.535 سنتا باليورو. (اليورو= 3.2787 دينار تونسي).

كما أظهرت بيانات من "آي.إتش.إس ماركت" أن مبادلات مخاطر التخلف عن سداد الائتمان لأجل 5 سنوات قفزت إلى 840 نقطة أساس، بزيادة 22 نقطة أساس عن إغلاق يوم الاثنين، وأكثر من مثلي مستوياتها في بداية العام.

ويأتي تعرّض السندات التونسية للضغط الشديد اليوم رغم عدم تخلف السلطات المالية عن سداد قرضين خارجيين يوم 21 سبتمبر/ أيلول الجاري، الأول بقيمة 203 ملايين يورو والثاني بقيمة 52 مليون دولار، من أصل 8.3 مليارات دينار (2.96 مليار دولار) من مجموع القروض التي يحين أجلها هذا العام. (الدولار= 2.8065 دينار تونسي.