تلتهم أصول الدولة وتذهب للأجانب.. مستوى قياسي للأموال الساخنة في مصر
الأربعاء - 29 ديسمبر 2021
ارتفعت حيازات الأجانب من الديون المقومة بالجنيه إلى مستوى قياسي بلغ 34 مليار دولار في سبتمبر 2020، حيث تواصل أسعار الفائدة المصرية جذب المستثمرين الأجانب الباحثين عن العائد (الأموال الساخنة).
ساهمت تدفقات المحفظة في سد عجز ميزان مدفوعات البلاد التي خلفها انهيار عائدات السياحة، لكن ارتفاع سعر الفائدة في مصر في يزيد من تكاليف خدمة الديون ويجعلها أكثر عرضة لأهواء التدفقات الرأسمالية الدولية.
سابقا، نشر موقع "عربي 21" تقريرا حول خطورة الأموال الساخنة على الاقتصاد المصري، أوضح فيه الخبير الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي أن لمصر تاريخا مع مثل هذه الإجراءات حتى قبل ثورة 25 يناير، مشيرا إلى أن البنك المركزي اتجه لاستعادة الأموال الساخنة مرة أخرى، بعد تحرير سعر الصرف في تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، حيث رفع سعر الفائدة لتصل إلى 20%، وعليه تدفقت إلى السوق المصري، ووصلت إلى 23 مليار دولار .
ويضيف الخبير الاقتصادي قائلا: "الحكومة اعتمدت على هذه الآلية لزيادة المعروض من النقد الأجنبي، ولكن التكلفة التي تحملتها الموازنة العامة، كانت كبيرة للغاية، نتيجة سعر الفائدة المرتفع، وحصول هذه الأموال على العائد السريع من خلال بيع أذون الخزانة كل 3 أشهر، ما أدى لزيادة المدفوعات على هذه الديون للخارج".
ومع اتجاه البنك المركزي لتخفيض سعر الفائدة، فإنه من المتوقع أن يخرج جزء آخر منها، وهو ما يدعم التوقعات بارتفاع سعر الدولار مرة أخرى.
ويوضح الصاوي أن آلية "الأموال الساخنة"، هي الأسوأ بين باقي الآليات الاقتصادية التي يمكن اللجوء إليها، وعادة ما يتم اللجوء إليها في الظروف الاستثنائية للوضع الاقتصادي، وليس كأصل وقاعدة كما هو حاصل في الاقتصاد المصري، لأنها تؤدي لإرباك السياسة النقدية وسعر الصرف، بالإضافة لكونها من أكثر الوسائل التي يتم استخدامها في غسل الأموال، نتيجة ضخها من خلال صناديق الاستثمار الأجنبية، التي تستثمر في الدين العام الحكومي بمصر.
ويرى الخبير الاقتصادي ورئيس مجلس مؤسسة الأهرام السابق، ممدوح الولي، أن الحكومة المصرية تعتمد على الفوائد الناتجة من الأموال الساخنة، ولكنها حسب تعبيره فائدة سريعة لها آثار كارثية.
وأوضح الولي في حديثه لـ"عربي21" أن المستثمر الأجنبي ينعش التداول في البورصة، كما أن الأموال التي يضخها تساعد في وجود احتياطي من النقد الأجنبي، ولكنه احتياطي وقتي وليس دائما، كما أن إنعاش البورصة يكون شكلي ويخدم مصالح الأجانب فقط.
ويؤكد الولي، أن البنك المركزي المصري، اعتمد على الأموال الساخنة لسد العجز في نقص السيولة النقدية، باعتبار أن المستثمر الذي يخرج من السوق، بعد حصوله على عائد بيع الأذون كل 3 أشهر، يدخل غيره، وهكذا، وهو ما تعتمد عليه الحكومة في بناء احتياطيها النقدي.
ويشير إلى أن الحكومة المصرية والبنك المركزي، قدما الكثير من الضمانات والإغراءات للمستثمرين الأجانب، لجذبهم للاستثمار بأذون الخزانة والبورصة، للحفاظ على توفير السيولة الأجنبية، ومن الامتيازات سعر الفائدة المرتفع، والتي وصلت إلى 20%، قبل أن تعود إلى الانخفاض، بينما الفائدة بدول اليورو خلال 2019 تصل إلى صفر بالمئة، كما أن وزارة المالية دخلت كضامن لأموال المستثمرين، وألغت الضرائب التي كانت مفروضة على الأرباح.
ويوضح الولي أن هذه المكاسب التي تتحدث عنها الحكومة نتيجة بيع أذون الخزانة، لها كوارث حقيقية على الاقتصاد المصري، لأنها تأكل من أصل الاحتياطي النقدي الحقيقي للدولة، الناتج عن تحويلات المصريين وعوائد السياحة وقناة السويس، لأن المستثمر الذي يدفع مليون دولار لمدة 3 أشهر، فإنه عند خروجه يأخذها وعليها فائدة لا تقل عن 16 بالمئة، وهذه الفائدة يتم صرفها من أصل الاحتياطي النقدي.
ويشير الولي إلى الجانب الآخر لخطورة الأموال الساخنة، وهو عدم استخدامها في إقامة مشروعات تنموية وتوفير فرص عمل، أو حتى فرض ضرائب عليها، كما يحدث بأوروبا والأسواق الأخرى المستقرة، وهو ما يجعل المستثمر الأجنبي في أموال الحافظة، هو المستفيد الوحيد، وليس الاقتصاد المصري الذي يخسر جزءا من أصل رصيده من الاحتياطي الأجنبي.