تقرير يفضح فشل السيسي في إنهاء « قوائم الانتظار» بالمستشفيات

الاثنين - 21 فبراير 2022

 

في الوقت الذي تشهد الموازنة العامة للدولة، تخصيص أقل من نصف الحد الدستوري للصحة، فيما تأتي أولوية الإنفاق للعاصمة الإدارية الجديدة، وإلى سداد الديون وفوائدها،  نشر موقع " مدى مصر" تقريرا حكوميا يفضح فشل مبادرة عبد الفتاح السيسي في إنهاء قوائم الانتظار مرضى الجراحات والتدخلات الحرجة، والذي أكدت مصادر بوزارة الصحة أنه كان السبب في إقالة معد التقرير مدير الغرفة المركزية للمبادرة الدكتور كريم سلام، بعد أن أظهر قصور في تطبيق المبادرة الرئاسية.

وكان الدكتور خالد عبد الغفار، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، والقائم بعمل وزير الصحة والسكان، أصدر الأربعاء الماضي قرارًا بإقالة سلام من منصبه بالإشراف على تطبيق المبادرة الرئاسية، وكذلك من منصب وكيل وزارة الصحة بالقاهرة والإطاحة به خارج الوزارة، دون توضيح أسباب القرار

ورجح مصدر مسؤول بوزارة الصحة، طلب عدم كشف اسمه لـ«مدى مصر»، أن إقالة سلام جاءت على خلفية تقارير أعدها قبل رحيله، متعلقة بنتائج مشروع إنهاء قوائم الانتظار، مشيرًا إلى أن سلام سبق واعترض أوجه التقصير من قبل المستشفيات الجامعية التابعة لوزارة التعليم العالي في إنجاز إجراء العمليات الجراحية لحالات قوائم الانتظار، وكذلك إلى تقديم سلام خلال الشهرين الماضيين العديد من الشكاوي على بعض السياسات في إدارة مشروع إنهاء قوائم الانتظار

وحسب المصدر، كانت الأمانة العامة بمجلس الوزراء أرسلت في 12 ديسمبر الماضي خطابًا إلى الدكتور خالد عبد الغفار، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، والقائم بعمل وزير الصحة، تطالبه بالإفادة بالموقف التنفيذي للقضاء على قوائم الانتظار، وشدد الخطاب الذي حصل «مدى مصر» على نسخة منه بعرض النتائج على رئيس الوزراء شخصيًا، وهو ما تبعه توجه عبد الغفار لسلام بإعداد تقرير بنتائج المبادرة. وجاء تقرير سلام متضمنًا كافة التحديات التى تعوق استكمال مبادرة الرئيس لإنهاء قوائم الانتظار، لافتًا إلى وجود 28 ألفًا و614 حالة بقوائم الانتظار

وذكر التقرير الذي أعده سلام وحصل «مدى مصر» على نسخة منه، أن القطاع الطبي يعاني من نقص كبير في القوة العاملة، ونقص إمدادات المستلزمات الطبية للمستشفيات الحكومية، مشيرًا إلى أنه يبلغ متوسط الاحتياج الشهري من القرنيات 335 قرنية في مقابل توريد 75 قرنية فقط خلال شهر أكتوبر الماضي، في حين أن حالات الانتظار بلغت حوالي 726 حالة انتظار، بالإضافة إلى نقص إمدادات مستلزمات القساطر القلبية وجراحات القلب المفتوح وجراحات العظام

وأوضح التقرير أن نقص الإمدادات انعكس على التشغيل اللازم لإجراء العمليات، وكذلك على نسب مشاركة مستشفيات قطاع الطب العلاجى في تخصصات هامة مثل جراحة القلب المفتوح وجراحة الأورام والقسطرة المخية والحرفية وزراعة الكبد والكلى، حيث لم تتخط عدد عمليات القسطرة المخية أكثر من 19 حالة منذ إضافتها للمشروع وحتى تاريخه، وعدد 42 حالة قسطرة طرفية فقط، وعدد 283 حالة قلب مفتوح خلال ثلاث سنوات تقريبًا، حسب التقرير

وكشف التقرير أيضًا عن تحديات في نسبة مشاركة مستشفيات هيئة التأمين الصحي في تخصصات قساطر القلب وجراحات القلب المفتوح، وجراحات المخ والأعصاب للأطفال، والأورام الدقيقة (جراحة مخ وأعصاب في أطفال مصر بمتوسط 9 حالات فقط شهريًا)

وأشار التقرير إلى تحدٍ آخر متعلق بنسبة إنجاز المستشفيات الجامعية في تخصصات القلب المفتوح، وجراحات المخ والأعصاب وخاصة الأطفال، والأوعية الدموية والقساطر الطرفية رغم الإمكانيات والكوادر البشرية المتاحة في مستشفيات «التعليم العالي»، وكذلك مقارنة بالسعات الاستيعابية المرسلة.

ولفت التقرير إلى أن «أعلى معدل انتظار في المستشفيات الجامعية بنسبة حوالي 37%، يليها التأمين الصحي 18%، وأمانة المراكز الطبية المتخصصة بنسبة 16% تقريبًا للحالات التى مر عليها أكثر من 14 يومًا»

وأوضح التقرير أن مستشفى الدمرداش الجراحي أجرت في مجال القسطرة الطرفية خمس عمليات شهريًا فقط، ومستشفى الأزهر في دمياط أجرت في تخصص المخ والأعصاب 15 عملية شهريًا، فيما أجرت مستشفى أطفال أبو الريش في تخصص جراحات القلب 26 عملية شهريًا.

وطالب سلام في نهاية التقرير بعدة توصيات منها: قيام مستشفيات التعليم العالي بزيادة معدلات الإنجاز بما يتلاءم مع الإمكانيات المتاحة والكوادر البشرية، فيما اختتمت التوصيات بطلب موجه لقطاع الشؤون المالية والإدارية بوضع منظومة موحدة لحوافز العاملين في منظومة المشروع القومي لإنهاء قوائم الانتظار بالمستشفيات التابعة لوزارة الصحة والسكان تحفيزًا لهم.

وأوضح مصدر آخر بوزارة الصحة أن سلام استمر في إعداد تقارير أسبوعية منذ ديسمبر الماضي تمهيدًا لعرضها على مجلس الوزراء، وكان آخرها تقرير بنتائج المشروع خلال الفترة من 26 يناير الماضي حتى 2 فبراير من الشهر الجاري، متضمنًا الحالات التي ما زالت على قوائم الانتظار، والحالات التي قدم العلاج الدوائي لها وغير مغطاة بخدمات التأمين الصحي.

وفي يوم 11 فبراير، جاء الرد من قبل مجلس الوزراء على التقارير الخاصة بنتائج مشروع قوائم الانتظار، بموافقة رئيس الجمهورية على التوصيات التي رفعها سلام للجهات المعنية المنوطة بمتابعة مشروع إنهاء قوائم الانتظار.

وقال المصدر بعد مرور أربعة أيام من ذلك التاريخ، فوجئنا بقرار الإطاحة بسلام، وهو ما يثبت الادعاء الذي يتم تداوله داخل أروقة وزارة الصحة بصلة التقرير بقرار الإقالة، حسب المصدر.

الموازنة خصصت أقل من نصف الحد الدستوري للصحة

وشهدت موازنة الدولة للعام المالي 2021، التي بدأ تطبيقها في مطلع يوليو الماضي ، زيادة في العديد من بنود الإنفاق العام، لكن هذه الزيادة لا تلائم التحديات التي فرضها وباء كورونا على الاقتصاد والخدمات الأساسية، وعلى رأسها الصحة، كما أن جانبًا كبيرًا منها يوجه إلى سداد الديون وفوائدها بما يحرم المواطنين من الاستفادة بأموالهم في تحسين أحوالهم خلال الأزمة التي يمرون بها.

فمع استمرار الجائحة وتداعياتها، ظل قطاع الصحة في المرتبة الخامسة في أولويات الإنفاق الحكومي، ورغم زيادة مخصصاته بنحو 15 مليار جنيه عن العام السابق، فإنها ما زالت لا تتجاوز نصف ما حدده الدستور، على خلاف التأكيدات الحكومية حول التزامها بالنسبة المستهدفة.

واستقرت مخصصات دعم العلاج على نفقة الدولة دون زيادة، في الوقت الذي تزايد فيه الاحتياج لهذا الدعم بسبب تراجع مستويات المعيشة والآثار الخطيرة للإصابة بكورونا في كثير من الحالات.  

وانخفض دعم التأمين الصحى والأدوية بشكل طفيف كما هو موضح في الشكل التالي، رغم استمرار وباء كورونا.

بلغ الإنفاق على الصحة 108.7 مليار جنيه في الموازنة الجديدة، بزيادة نحو 16% عن العام السابق، وهي زيادة لا تتناسب مع تداعيات العام الذي يفرض فيه فيروس كورونا نفسه بقوة على القطاع الطبي في كل أنحاء العالم

والإنفاق على الصحة لا يتجاوز 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي في الموازنة الجديدة، وهي نصف النسبة التي حددها الدستور والبالغة 3% من الناتج كحد أدنى.

بل يتخذ الإنفاق على قطاع الصحة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي اتجاها تراجعيا، في الوقت الذي كان يتعين فيه على الحكومة رفعه تدريجيا حتى يصل إلى النسبة المتفق عليها فى الدستور بحلول العام المالى 2016/2017.

فبصدور الدستور المصرى عام 2014 أصبحت الحكومة ملزمة بزيادة نسبة الإنفاق على التعليم والصحة لتصل إلى نحو 10% من الناتج المحلى الإجمالي خلال 3 سنوات، ويصير هذا استحقاقا دستوريا لابد من تنفيذه، وبموجبه يحصل التعليم الجامعي وقبل الجامعي على 6% من الناتج المحلي، والصحة على3%. ولكن ما حدث خلال تلك الفترة هو العكس، فقد اتخذت تلك المخصصات منحنى نزوليا.