تقرير: "إسرائيل" تعطشّ الدول العربية التي أبرمت معها اتفاقيات سلام

الاثنين - 12 يوليو 2021

يتعمد الكيان الصهيوني تعطيش الشعوب العربية التي أبرمت حكوماتها اتفاقيات سلام مع الكيان. ووفق تقرير نشرته صحيفة رأي اليوم اللندنية، تشتري المملكة الأردنية المياه من "إسرائيل"، كما تبيع دولة الاحتلال المياه للفلسطينيين من موارد تنهبها أصلا من الأراضي الفلسطينية المحتلة، بجانب دعم أثيوبيا فنيا وتقنيا لإنشاء سد النهضة وتزويد إثيوبيا بالدفاعات الجوية اللازمة لحماية السد.

يعاني الأردن وفلسطينيو الضفة الغربية وقطاع غزة من نقص مريع في المياه؛ وتتفاقم الأزمة المائية في الأردن نتيجة تدفق اللاجئين من سوريا، فيما تستغل “إسرائيل” نهبها للمياه العربية، من ناحية، وتقنياتها الخاصة بإنتاج المزيد من المياه المحلاة، من ناحية أخرى، كي تبيع المياه للعرب مباشرة من محطات التحلية، أو كي تنخرط في إنشاء مرافق تحلية مماثلة في البلدان العربية.

وفي الأردن تحديدًا، تتواصل أزمة المياه الحادة، بل تفاقمت خلال فصل الشتاء الأخير بسبب كميات الأمطار الشحيحة نسبيًا في أنحاء المملكة الهاشمية.

وفي إطار اتفاقية وادي عربة بين إسرائيل والأردن، يتلّقى الأخير إمدادات مائية منتظمة من بحيرة طبريا.  إلا أن بعض الخبراء الإسرائيليين يحثون حكومتهم بأن تزيد كثيرًا كميات المياه التي تبيعها للأردن (والتي تنهبها “إسرائيل” أصلا)، لمنع حدوث أزمة إنسانية خطيرة، ستنعكس عواقبها السياسية والاقتصادية على “إسرائيل” أيضًا. ومن المتوقع أن تتفاقم الأزمة بسبب النمو السكاني والتقديرات حول انخفاض هطول الأمطار في المنطقة بسبب أزمة المناخ.

المفارقة أن الحكومة الأردنية تشتري من الاحتلال الإسرائيلي المياه التي يسرقها الأخير أصلًا من أصحابها الفلسطينيين، بينما ترفض الحصول على نفس كمية المياه وأكثر عبر نهر اليرموك من سوريا.

وخلال العقود الأخيرة مارست “إسرائيل” سياسة التهويل بخصوص شح المياه المزعوم؛ إذ طالما حاولت أوساط إسرائيلية رسمية تسويق الزعم القائل بأن فلسطين (التاريخية) تعاني من الجفاف المائي، لتبرير مواصلة هيمنتها المطلقة على المياه الفلسطينية، وحجبها بالتالي عن الفلسطينيين الذين يعانون أحيانًا من العطش الحقيقي، كما في قطاع غزة ومنطقة الخليل في فصل الصيف على سبيل المثال؛ ناهيك أن أكثر من 95% من المياه “العذبة” في غزة ملوثة وغير صالحة للشرب.

الوقائع الهيدرولوجية على الأرض، وعمليات النهب الإسرائيلي الضخم للموارد المائية الفلسطينية والعربية، تُكذب المزاعم الإسرائيلية حول الجفاف المائي.  فالمعدل السنوي طويل الأمد (عشر سنوات) لهطول الأمطار في منطقة القدس على سبيل المثال لا الحصر، قريب جدًا من معدل الأمطار في العواصم الأوروبية؛ فكمية الأمطار في القدس أعلى من برلين، وكمية الأمطار في رام الله أكثر من باريس!

واللافت أن “إسرائيل” لا تمتلك كميات كبيرة من الموارد المائية في نطاق حدود الأرض المحتلة عام 1948، وإنما تعتمد على مصادر مائية خارج هذه الحدود، وتحديدًا في الضفة الغربية وحوض نهر الأردن ولبنان وسوريا.

ويقدر حجم المياه المنهوبة إسرائيليا من مصادر تقع خارج نطاق الأرض المحتلة عام 1948 بنحو 1103 ملايين متر مكعب سنويا، منها حوالي 453 مليون متر مكعب من أحواض الضفة الغربية، والباقي، أي نحو 650 مليون متر مكعب، من حوض نهر الأردن.  وتعادل هذه الكميات ما يقارب 57% من مجمل الاستهلاك الإسرائيلي.

الوضع المائي الذي كان سائدًا منذ ما قبل اتفاقيات أوسلو وحتى اليوم لم يتغير في الجوهر، بل وضعت تلك الاتفاقيات قيودا ضخمة على أية عملية تطوير لقطاع المياه الفلسطيني، وثبتّت وكرّست الهيمنة الإسرائيلية المطلقة على مصادر المياه في الضفة الغربية والتي كانت قائمة أصلاً قبل الاتفاقيات

من هنا، يستخدم الاحتلال المياه سلاحاً للتنكيل المنهجي والمنظم بالفلسطينيين، والتلذذ بتعطيشهم وإذلالهم، لتخليد تبعيتهم له.

المفارقة المثيرة للاشمئزاز أن الكيان الصهيوني لا يستخدم سلاح المياه ليعطّش الفلسطينيين فحسب، بل أيضًا الشعوب العربية التي وَقَّعَت حكوماتها معه اتفاقيات استعمارية وتتعاون معه أمنيًا ومخابراتيًا، مثل الأردن ومصر؛ حيث دعمت “إسرائيل” أثيوبيا فنيا وتقنيا لإنشاء سد النهضة الذي إن أنجزت المرحلة الثانية من عملية تغذيته بمياه نهر النيل، فسيتسبب ذلك في تعطيش ملايين المصريين وجفاف مساحات زراعية مصرية واسعة. كما أن “لإسرائيل” وجود أمني وعسكري في أثيوبيا، فضلًا عن الدفاعات الجوية الإسرائيلية لحماية السد الإثيوبي.

السبب السياسي الكامن خلف الغموض الإسرائيلي الخاص بحقيقة الواقع المائي الإسرائيلي؛ يكمن في أن “إسرائيل” تستخدم مسألة المياه كوسيلة ضغط على العرب؛ فتستغلها لتحسين موقعها التفاوضي وعلاقاتها مع كل من الأردن والفلسطينيين وابتزاز الأخيرين.

 ورغم التعتيم الإسرائيلي الذي لا يزال يجعل من الصعب على “إسرائيل” أن تصبح قوة مائية إقليمية (كما الغاز الطبيعي الذي تنهبه حاليا إسرائيل من البحر المتوسط)، لم يعد هناك أدنى شك في أن الوفرة المائية الإسرائيلية المتوقع تعاظمها، ستحدث تغييراً كبيرًا في الوضع الاقتصادي والسياسي بالمنطقة.

المصدر    رأي اليوم