تضاعفت في عهد السيسي: 900 دولار نصيب كل مصري من الديون الخارجية
الخميس - 2 سبتمبر 2021
وصل الدين الخارجي لمصر حاليا في الربع الأول من العام الحالي الى نحو 135 مليار دولار.
وحسب تقرير لـ«المبادرة المصرية للحقوق الشخصية"، ارتفعت في مصر وتيرة الزيادة السنوية في الاقتراض الخارجي بالتزامن مع اتفاق مصر مع صندوق النقد الدولي، الذي يقضي بحصول مصر على قرض قيمته 12 مليار دولار، حيث زاد الدين بأكثر من الضعف خلال الفترة ما بين عامي 2017 و2020 ».
وأوضح التقرير، الذي حمل عنوان «الدين الخارجي 2020: كورونا ترفع الاستدانة»، أن الدين ارتفع بما يقرب من أربعة أضعاف عن مستواه في عام 2010 وبلغت نسبته حوالى 35٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020، في مقابل 15٪ في 2010.
ولفت إلى أن التسارع في الاقتراض الخارجي زاد نصيب الفرد من الديون بأكثر من الضعف، ليصل إلى حوالى 900 دولار للفرد مقابل 400 فقط في نهاية العقد الأول من القرن الـ21.
وتابع: الدين الخارجي لمصر قفز من جديد خلال عام 2020 العام الأول لجائحة كورونا، ورغم ما قد يتبادر إلى الذهن من أن مواجهة الوباء هي المبرر الأساسي لتلك القفزة، فإن تحليل البيانات يعكس الاتجاه نفسه المتزايد للاقتراض الخارجي خلال السنوات العشر الأخيرة.
ولفت إلى أن الحكومة المصرية اتخذت العديد من التدابير لتفادي انخفاض قيمة الجنيه، في ظل نقص الموارد الدولارية بسبب التداعيات الاقتصادية لكورونا، وشملت تلك التداعيات خروج المضاربين في الأوراق المالية الحكومية قصيرة اﻷجل من سوق الديون المصري، بالإضافة إلى ضعف تدفقات الاستثمار الأجنبي وإيرادات السياحة، وكان اللجوء إلى الاستدانة من الخارج من أبرز التدابير التي اتخذتها الحكومة، لمواجهة تلك الظروف الطارئة.
وزاد التقرير: ما يفاقم من التأثيرات السلبية لتزايد القروض أنها لا توجه إلى مشروعات مدرة للعوائد الدولارية، كما لا توجه إلى أولويات الانفاق الاجتماعي مثل التعليم والصحة والمساعدات الاجتماعية، حيث تشير البيانات الرسمية إلى انخفاض حصة التعليم والصحة ومساعدات الفقر من إجمالي اقتراض الحكومة الخارجي إلى نسبة لا تتجاوز 3.6٪.
أذون الخزانة
ولفت إلى أن أهم أدوات الاقتراض هذا العام تمثلت في أذون الخزانة المملوكة لغير المقيمين في مصر، وهي قروض بالجنيه المصري واجبة السداد خلال أقل من سنة، وبلغت قيمتها 26 مليار دولار في يناير/ كانون الثاني 2021، ورغم أن هذه القروض لا تندرج تحت الرقم الإجمالي للدين الخارجي، فمن الضروري إضافتها إليه عند تقييم الوضع الخارجي لأن حائزيها غير مقيمين وسدادها يتم بالدولار، ومن ثم تمثل عبئا على سوق الصرف.
وتابع: كان الأجانب تخلصوا من 60٪ من أذون الخزانة التي اشتروها من السوق المصرية أثناء الإغلاق الجزئي في الفترة بين مارس/ آذار، ومايو/ أيار 2020، بسبب التخوف من الأخطار الاقتصادية التي قد تصيب العالم مع انتشار جائحة كورونا، ما أدى إلى خروج موارد دولارية، تقدر تقريبا بـ 18 مليار دولار، غير أن ارتفاع أسعار الفائدة التي تقدمها السلطات المصرية سرعان ما أغرى الأجانب بالعودة إلى إقراض الحكومة عن طريق شراء أذون الخزانة، سعيا وراء ارتفاع الأرباح (رغم تصنيف مصر كبلد مرتفع المخاطر، إلى جانب جنوب أفريقيا وتركيا) حيث تمنح مصر واحدا من أعلى معدلات العائد الحقيقي على أذون الخزانة في العالم.
وحسب التقرير: ساهم هذا الوضع في ارتفاع مخصصات سداد القروض الخارجية، والتزاماتها المحتملة إلى 50٪ من احتياطيات النقد الأجنبي في سبتمبر/ أيلول 2020، أي أن أكثر من نصف الاحتياطيات الدولية التي يحتفظ بها البنك المركزي موجهة لسداد مستحقات ديون قصيرة الأجل. وإذا كان أحد مؤشرات سلامة سوق الصرف هو عدد الشهور التي تغطيها تلك الاحتياطيات من اللوازم المستوردة، فقد بلغ هذا المؤشر 8 أشهر في كانون الأول/ ديسمبر 2020 ،إلا أنه باستبعاد مستحقات الديون قصيرة الأجل فإن حقيقة الوضع هي أن المتبقي من الاحتياطيات لا يغطي سوى 4 أشهر من الواردات.
وزاد: تزايدت المبالغ السنوية التي تخرج من مصر لسداد أعباء ديونها خلال السنوات الأخيرة. وأوضح أنه خلال العام المنتهي في مارس/ آذار 2020 كان عليها أن تسدد مبلغا قياسيا يقدر بـ 28.6 مليار دولار، وهو مبلغ يفوق إجمالي الصادرات، ويعادل خمسة أضعاف دخل قناة السويس.
وواصل: يساوي هذا المبلغ إذا تم حسابه بالجنيهات نحو 3 أضعاف ميزانية التعليم الحالية، وحوالى 5 أضعاف ميزانية الصحة، ومخصصات سداد القروض هي موارد كان من الأولى أن تبقى في مصر وتوجه من أجل التنمية العادلة والخضراء.
تدوير الديون
وحسب التقرير: تضطر مصر بسبب سداد تلك المبالغ الكبيرة سنويا، إلى إعادة تدوير ديونها، أي إعادة الاقتراض من أجل السداد، ما يطرح أسئلة عن هشاشة الاقتصاد المصري وإلى أي مدى تمت تقوية قدراته خلال تلك السنوات العشر التي زادت فيها القروض بهدف أن يصبح أكثر قدرة على مواجهة وامتصاص الصدمات، دون الاعتماد بشكل أساسي على الاقتراض الخارجي.
ولفت إلى تناقض هذا الوضع مع سياسات الاقتراض الرشيد حيث يفترض أن تخطط الدولة احتياجاتها التنموية، ثم تقوم بتقدير النقد الأجنبي المطلوب توفيره وفقا لتلك الاحتياجات، ومن ثم معرفة ذلك القدر من الدولارات الذي تحتاج إليه ولا تغطيه مواردها الرئيسية من العملة الصعبة، والتي تشمل الصادرات، وجذب الاستثمارات الخارجية، وعائدات السياحة وتحويلات العاملين في الخارج وقناة السويس.
وأوصى التقرير بضرورة توفر مزيد من الشفافية والرقابة والمحاسبة على أوجه إنفاق الدين الخارجي، وإعادة فتح النقاش العام للمفاضلة بين الديون الخارجية والديون الداخلية، وإعادة ملف الديون الخارجية إلى يد الحكومة، ووضعه تحت إشراف البرلمان، بحيث لا ديون خارجية من دون استئذان البرلمان، أيًّا كانت الجهة المقترضة.
ودعا إلى وضع خطة خمسية معلنة مسبقا للمشروعات المراد تمويلها بالاقتراض الخارجي، وخطة موازية لتنمية الموارد الدولارية التي تتيح السداد يقرها البرلمان، وتحاسب الحكومة على درجة التزامها بتنفيذها، ووضع سقف قانوني للاقتراض الخارجي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، وسقف آخر لاقتراض البنك المركزي الخارجي كنسبة من الاحتياطيات من النقد الأجنبي.
كما طالب بإعادة هيكلة الدَّين الخارجي بغرض إطالة آجال السداد، والعودة إلى نسبة 90٪ ديون طويلة الأجل، ونشر شروط القروض وشروط سدادها.
المصدر القدس العربي