تصفية شركة حكومية مصرية كبيرة وتسريح الموظفين
الجمعة - 27 مايو 2022
في خطوة جديدة من خطوات التفريط في ممتلكات مصر، أعلن وزير قطاع الأعمال المصري، "هشام توفيق"، إنه من المقرر الإعلان عن تصفية شركة أخرى قريبا، تعد الرابعة ضمن 120 شركة بالقطاع العام، لافتا إلى أنه تم إجراء دراسة لتعويض الموظفين.
وأضاف الوزير: "نأمل بعدم تصفيات شركات أخرى، لكن حال ظهور شركة لا تستطيع التحول إلى الربح سيتم التصفية مهما كان حجمها وعدد عمالها، وقال إنه من المقرر أن تتعاقد شركة النصر للسيارات، مع شريك، في مشروع خط إنتاج السيارات.
وخلال تصريحات تلفزيونية أمس الحميس أضاف "توفيق": "شركة النصر مسؤولة عن التسعير، والتعاقد مع شريك آخر، لا يعني أن العلامة التجارية خاضعة لشركة النصر"، متابعا: تطوير العنابر يحتاج إلى أموال باهظة، وتم الاستقرار على شركة، للإنتاج على خطوطها.
توطين صناعة الدواء
وحول توطين صناعة الدواء في مصر، قال الوزير المصري: "صناعة الدواء الحقيقية ليست في مصر، ونصيب قطاع الأعمال العام أقل من 10%".
وزاد "كنا ننتج الخامات الدوائية في شركة النصر، والآن وصلنا إلى مرحلة متقدمة مع شريك صيني؛ لإنتاج بعض أنواع الأدوية في شركة النصر، لنستطيع المنافسة، مع الرغبة في التصدير للأسواق الإفريقية".
خطة واسعة لبيع أصول مملوكة للدولة
وفي وقت سابق ، حدد النظام المصري، مجموعة واسعة من الأصول الحكومية التي ستطرحها لمستثمري القطاع الخاص ضمن خطة حكومية للانسحاب الكامل من قطاعات اقتصادية محددة، في الوقت الذي تسعى فيه لجذب استثمارات بقيمة 40 مليار دولار على مدى السنوات الـ4 المقبلة.
وقال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي: "نستهدف في السنوات الـثلاثة القادمة أن ترتفع نسبة مشاركة القطاع الخاص، لتصبح 65 بالمئة من إجمالي الاستثمارات المنفذة" في البلاد من حوالي 30 بالمئة في الوقت الحالي.
وأضاف في مؤتمر صحفي: "سيتم طرح مشروعات للقطاع الخاص في قطاع السيارات الكهربائية وصديقة البيئة، كما سنطلق مشروعات كبيرة محددة مثل مشروع تحديث البيانات أو الداتا سنتر، ومشروعات شبكات نقل البترول والغاز، وكذلك التوسع في محطات إسالة الغاز، وأبراج شركات الاتصالات، وإعادة تأهيل محطات الرياح".
وأشار إلى أن الحكومة المصرية ستتيح للاستثمار الخاص في نهاية المطاف الدخول في مشروعات الطاقة المتجددة، وتحلية المياه والتعليم والأصول المصرفية.
وتتحدث الحكومة المصرية عن بيع أصول مملوكة للدولة منذ سنوات، وأعلنت في 2018 أنها ستعرض حصص أقلية في 23 شركة مملوكة للدولة، في حين تأجل هذا البرنامج مرارا بسبب ضعف الأسواق والعقبات القانونية وجاهزية الوثائق المالية للشركات، وفق "رويترز".
وتواجه الحكومة عجزا متزايدا في الميزانية وزيادة في تكاليف الاقتراض وانخفاض قيمة العملة، وكل ذلك تفاقم بسبب ارتفاع فاتورة استيراد القمح، وانخفاض عائدات السياحة في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.
وأمر السيسي، الشهر الماضي الحكومة بوضع برنامج لجذب عشرة مليارات دولار سنويا، عبر مشاركة القطاع الخاص على مدى السنوات الأربع المقبلة.
وقال مدبولي؛ إنه "تم بالفعل تحديد أصول بقيمة تسعة مليارات، وبدء خطوات تنفيذ تسييل تلك الأصول خلال الفترة الحالية، مضيفا أنه تم تحديد أصول بقيمة 15 مليار دولار بصورة فورية، حيث إن مجموع ذلك يفوق المستهدفات للسنتين الأوليين".
ومن بين الأصول التي سيتم بيعها في البورصة بنهاية عام 2022 أسهم في عشر شركات حكومية وشركتين تابعتين للجيش.
وأفاد رئيس الوزراء بأنه سيتم "دمج أكبر سبعة موانئ مصرية تحت مظلة شركة واحدة، وسيتم طرح نسبة منها في البورصة، كما سيتم دمج أكبر الفنادق المميزة… أيضا تحت مظلة شركة واحدة يتم تقييمها من خلال بنوك استثمارية دولية، على أن يتم طرح نسب منها في البورصة للمصريين، ويمكن للمستثمرين المشاركة، وبذلك نعمل على توسيع ملكية وحوكمة إدارة هذه المؤسسات التابعة للدولة".
وفيما يتعلق بالمشروعات الكبرى، بين مدبولي أنه سيتم طرح نسب من المشروعات التي تنفذها الدولة في قطاع النقل الحديث، مثل المونوريل أو القطار فائق السرعة أو القطار الكهربائي، للقطاع الخاص للاستثمار وإدارة هذه المشروعات خلال الفترة المقبلة.
وحول إجمالي الدين، أفاد مدبولي بأن خطة الحكومة المصرية خلال السنوات الأربع المقبلة، خفض هذا الدين من نحو 86 بالمئة إلى 75 بالمئة، أي أن يكون الدين بالنسبة للناتج (المحلي الإجمالي) أقل من 75 بالمئة.
وتابع: "كما نستهدف خفض العجز في الموازنة إلى 6.2 بالمئة هذا العام، وسنعمل على خفضه إلى خمسة بالمئة
الخبراء يحذرون من خطة البيع
وبعد إعلان الحكومة المصرية عن "وثيقة سياسة ملكية الدولة"، التي تحدد المجالات التي ستتخارج منها لصالح القطاع الخاص، والمجالات التي ستستمر فيها بالشراكة مع القطاع الخاص، والأخرى التي ستزيد فيها استثماراتها، خلال السنوات الثلاث المقبلة.
ووفق الوثيقة، فإن على رأس تلك الأنشطة "الاستزراع السمكي"، و"الثروة الحيوانية"، و"قطاع المجازر"، و"التشييد"- عدا مشروعات الإسكان الاجتماعي- و"أنشطة إنتاج برامج التليفزيون والأفلام السينمائية"، و"تجارة التجزئة"، و"صناعات السيارات"، و"الأجهزة الكهربائية"، و"الأثاث"، و"الجلود"، و"الأسمدة"، و"الزجاج".
وفي المقابل، بحسب الوثيقة، تُبقي الحكومة على استثماراتها في 45 نشاطا، مع الاتجاه لتخفيضها والسماح بمشاركة أكبر للقطاع الخاص، من بينها "الإسمنت"، و"الحديد"، و"الألومنيوم"، و"اللحوم"، و"الطيور"، و"الأعلاف"، و"الألبان"، و"السجائر والدخان"، و"محطات توليد الكهرباء"، و"شبكات النقل والتوزيع"، و"محطات معالجة مياه الصرف"
وفي توجه ثالث، تشير الوثيقة لقرار الدولة الإبقاء على استثماراتها في نحو 27 نشاطا مع الاتجاه لزيادتها مستقبلا، ويتعلق أغلبها بأنشطة "البنية التحتية"، و"القطاعات ذات الأبعاد الاستراتيجية والاجتماعية"، مثل "التعليم"، و"الصحة".
وذلك مع السماح بمشاركة القطاع الخاص ببعض الأنشطة من الـ27 نشاطا منها "تجارة الجملة"، و"محطات إنتاج مياه الشرب"، و"شبكات توزيع المياه"، و"إنشاء الأرصفة، والبنية التحتية في النقل البحري"، و"السكك الحديدية"، و"مترو الأنفاق"، و"النقل الجوي"، و"صناعات السفن"، و"خدمات التليفون الأرضي والاتصالات اللاسلكية"، و"البث الإذاعي والتلفزيوني".
وتشير الوثيقة إلى أن الحكومة تسعى لزيادة نسبة مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد إلى 65 بالمئة، خلال 3 سنوات صعودا من 30 بالمئة حاليا، وذلك عبر إتاحة أصول مملوكة لها بقيمة 40 مليار دولار للشراكة مع القطاع الخاص المصري أو الأجنبي.
وتستهدف الدولة المصرية التخارج من الصناعات الهندسية بنسبة 77 بالمئة، والمعدنية بنسبة 40 بالمئة، والكيماوية بنسبة 75 بالمئة، والنسيجية بنسبة 90 بالمئة، والغذائية والمشروبات بنسبة 73 بالمئة، والطباعة والتغليف بنسبة 78 بالمئة، والصناعات الدوائية بنسبة 50 بالمئة.
خبراء مصريون قدموا لـ"عربي21"، قراءتهم الاقتصادية لوثيقة سياسة ملكية الدولة، ومدى توافقها مع الواقع المصري، وفرص وإمكانيات تلك الوثيقة في تخفيف أثقال الدولة وإنعاش الاقتصاد، ومدى خطورة تخارج الدولة من بعض المشروعات التي ذكرتها الوثيقة.
وقال المستشار السياسي والاقتصادي الدولي حسام الشاذلي: "لا شك أن النظام المصري ورئيس وزرائه قد استنفذوا كل المصطلحات الاقتصادية والسياسية التي تتلاعب بتوصيف المنظومة الاقتصادية في مصر، وتحاول تقديم نموذج تلو الآخر للشعب المصري، في محاولات يائسة لإخفاء حقيقة الوضع المتردي لمنظومة القروض التي بناها النظام".
الشاذلي الذي يرأس جامعة "كامبردج المؤسسية" بسويسرا، أضاف لـ"عربي21": "لكن في هذه المرة، فمن الواضح أن رئيس الوزراء قد أفلست مصطلحاته فخرج علينا هذه المرة بوثيقة الفنكوش أو ما أسماه وثيقة سياسة ملكية الدولة، وهي وجه آخر للخصخصة أو بيع الأصول، أو في حقيقة الأمر هي وثيقة سياسة القفز من المركب الغارق".
وتابع: "حقيقة الأمر أن القروض الكارثية لصندوق النقد الدولي التي تعدت مخصصات مصر بمراحل، حيث بلغت أكثر من 12 مليار دولار، مازال الشعب المصري يحاول أن يعرف أين أُهدرت في ظل التردي الواضح في قيمة العملة، وفي جودة الحياة وارتفاع معدلات الفقر في البلاد وسوء منظومات الصحة والتعليم والغذاء"
وأكد أن "تلك القروض اشترط آخرها الذي تحاول المنظومة الفوز به، أن يتم عرض بعض المشاريع التي تملكها القوات المسلحة للبيع في البورصة، ويبدو أن هذا الأمر هو السبب الحقيقي في تلك الوثيقة الفنكوشية".
ويرى أن "النظام استقر على خطوة مدمرة جديدة في منظومة اقتصاده المسموم، وهي ما أسماه تقليل استثمارات الحكومة في قطاعات بعينها، ليحل محلها وبلا شك استثمارات للقطاع الخاص من دول ومؤسسات مختلفة، تسلم قطاعات جديدة من حياة المصريين للأجانب".
وقال الشاذلي: "يجب علينا أن نعي بأنه لا مجال للرجوع للنظام المصري ولا مجال للإصلاح، فقد خرجت الأمور عن السيطرة، وبات بيع الأصول المهمة هو المخرج الوحيد الذي قد يمنح قبلة الحياة لفترة وجيزة للنظام قبل الإفلاس".
وأضاف: "أزعم بأنه لا مفر من إعادة هيكلة اقتصادية شاملة للمنظومة في مصر، قائمة على تغيير سياسي يسمح بمناقشة شروط جديدة مع المؤسسات المدينة والممولة، ويبدأ برنامجا إصلاحيا شاملا يعتمد أوليات جديدة".
تلك الأولويات وفق الخبير المصري "تبني صناعة تكنولوجية جديدة، وتسمح بتطوير سوق متقدم يعتمد على الشركات الصغيرة والمتوسطة، ويدعم سياسة مختلفة للتعليم والبحث العلمي، تركز على أولويات التعليم المؤسسي والتحول الرقمي، وقد يكون هذا هو السببل الوحيد لإنقاذ مصر من إفلاس محقق"
الخبير الاقتصادي والأكاديمي المصري الدكتور أحمد ذكرالله، قال؛ إن "هذه الوثيقة التي جاءت مدمجة، والتي تتوالى تسريباتها وتتناول شرح الأمور المدمجة بها صحف محلية وخبراء وثيقو الصلة بالدولة، يوجد بها مجموعة من الخطوط العريضة التي يمكن تناولها بالتحليل والنقد"
وفي حديثه لـ"عربي21"، كشف عن الخط الأول منها، موضحا أن "الدولة أعلنت صراحة عن مشروع كبير لخصخصة ما تبقى من القطاع العام وعدد ضخم من ملكياتها بمشروعات متنوعة، هذا العدد الكبير لم يكن مطروحا على طاولة الدولة منذ القرض الأول لصندوق النقد نهاية 2016، ما يعني أنه توجه مصري جديد"
أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة جامعة الأزهر، أكد أن "ذلك يعني ببساطة أن الدولة تواجه مشكلة في إيرادات النقد الأجنبي، تأثرا بمجموعة من العوامل الكثيرة منها؛ أقساط وفوائد القروض المستحقة العام الحالي والقادم والذي يليه".
ولفت إلى أنه "قد يكون هذا التوجه هو نوع من الإجبار فرضه صندوق النقد الدولي، أساسه التنازل عن الخطط العامة أو مشروعاتها العامة، لقاء الحصول على قرض جديد من الصندوق"
وأشار إلى أن "حديث الوثيقة عن الخصخصة قد يشمل كلا الأمرين معا، بمعنى أن هناك توجها من الدولة بالتنازل عن الأصول وإجبار من الصندوق على ذلك في الوقت نفسه، وهو ما يقابله حاجة مصرية حثيثة إلى الأموال بالعملة المحلية أو الأجنبية يوفرها برنامج خصخصة".
الخبير الاقتصادي المصري الأمريكي محمود وهبة، انتقد الوثيقة واعترض على لفظ "التخارج"، مؤكدا أنه "كلام لصندوق النقد غير صالح للاستخدام الآدمي"
وتساءل: "هل يشمل التخارج خروج الجيش والصندوق السيادي من هذه القطاعات؟ وكيف تسترد الشركات والأصول من الجيش والصندوق السيادي؟"
ومن جانبه قال الناشط السياسي، والمهندس الاستشاري ممدوح حمزة، إن شركة موانئ دبي العالمية أرادت شراء ميناء واحد فقط في أمريكا فانقلبت أمريكا، ورفض الكونغرس والمخابرات الأمريكية العرض معتبرين أن موانئ أمريكا أمن قومي يجب ألا يمتلكه أجنبي.
وأضاف حمزة، في مقطع فيديو، نشره عبر صفحته على "فيسبوك" تعقيبا على إعلان الحكومة دمج أكبر سبعة موانئ مصرية تحت مظلة شركة واحدة، وطرحها للبيع في البورصة: "السيسي هيدمر مصر.. السيسي هيبعها عشان يدفع اللي عليه ويظل في الحكم.. السيسي هيبيع ومش هيسد بس هيكون دمر مصر"، واختتم حمزة مقطع الفيديو موجها حديثه للمصريين قائلا: "فوقوا البلد بتضيع".