تصاعد الاحتجات في آخر ثلاثة أعوام .. و2261 احتجاجاً في النصف الأول من 2020

الجمعة - 23 أبريل 2021

تصاعد الاحتجات في آخر ثلاثة أعوام .. و2261 احتجاجاً في النصف الأول من 2020

تقارير حقوقية: تصاعد وتيرة الغضب الشعبي بسبب الفساد والاستبداد والفشل الاقتصادي

تذهب تقديرات موقف إلى أن نظام الطاغية عبدالفتاح السيسي يدفع المصريين دفعا نحو الانفجار الشعبي الذي سيكون هائلا ومدويا. ويستند محللون في تقديراتهم تلك إلى قاعدة "لكل فعل رد فعل مساو له في المقدار ومضاد له في الاتجاه".

وقالوا إن قوة الغليان الشعبي سوف تصل إلى مرحلة انفجار واسع ستطيح أمامها كل مؤسسات القوة داخل النظام؛ وهو ما يمكن أن يفضي إلى  سيناريوهين: الأول، إعادة هندسة النظام من جديد بما يلبي تطلعات الشعب نحو الحرية و الاستقلال.

والثاني، أن يفضي ذلك إلى فوضى كبيرة لا يمكن احتواؤها سوف تستغلها قوى إقليمية ودولية للتدخل بشكل أكثر سفورا في الشأن المصري على غرار ما حدث في سوريا.

ولن يكون المتهم في ذلك الشعب المظلوم الذي يبحث عن العدل والإنصاف بل هم الطغاة الذين دفعوا الشعب إلى التمرد على هذه الأوضاع الجائرة.

ويبرهن على حالة الغليان التي تسود الدوائر والأوساط الشعبية، انتفاضة 20 سبتمبر 2020م، حيث خرج عشرات الآلاف من المصريين يعبرون عن غضب عارم تجاه الظلم الفاجر والقوانين الجائرة والتضييق الحكومي على حرية التعبير، وتأميم الفضاءين السياسي والإعلامي..

وقد حققت انتفاضة 20 سبتمبر زخما ثوريا وإعلاميا هائلا، وأكدت هذه الانتفاضة أن مصر تشهد حالة من الغليان المتواصل الذي أوشك على الانفجار.

ومن خلال هذا التقرير نرصد تصاعد الغضب الشعبي علي مدار الاعوام الثلاثة الماضية .

 2261 احتجاجاً في النصف الأول من 2020 رغم كورونا وقيود السلطة:

بحسب تقرير لمنصة العدالة الاجتماعية (منظمة مجتمع مدني مصرية)، شهدت مصر نحو 2261 احتجاجًا، خلال النصف الأول من العام 2020، برغم جائحة كورونا وقوانين حظر التجول، إلى جانب التضييق الحكومي على حرية التعبير لمنع أي شكل من أشكال المعارضة أو الاحتجاج.

ورغم هذه القيود فإن المحتجين استخدموا مجموعة متنوعة من أدوات التعبير عن الاستياء من الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، خلال أشهر النصف الأول من العام.

رصدت المنصة الاتجاهات العامة للاحتجاج خلال النصف الأول من العام، والفئات الأكثر احتجاجًا أيضًا، والاحتجاجات التي جرت بشأن الجائحة، حيث جاءت الاحتجاجات الاجتماعية في الصدارة لتصل إلى 1998 احتجاجًا وتلتها الاحتجاجات الاقتصادية بواقع 158 احتجاجًا، وأخيرا بلغ عدد الاحتجاجات العمالية 105 احتجاجات.

ووثق الفريق 41 حالة إيذاء للنفس في النصف الأول من 2020، انتهت 31 حالة منها بالوفاة، بما يشير إلى ارتفاع حاد في عدد الحالات، مقارنة بإحصائيات منتصف عام 2019، التي سجلت 15 حالة فقط.

وتظل الشكاوى والبلاغات متصدرةً لأشكال الاحتجاجات الاجتماعية، ومع ذلك، اتخذ 58 احتجاجًا شكل التظاهر أو الاعتصام داخل أماكن العمل أو قطع الطرق، حسب التقرير الحقوقي.

تصلب نظام السيسي يخفي في جوهره هشاشة ستكون سببا في سقوطه

وكان الباحث «تيموثي كالداس» قد حذر في ورقة بحثية نشرها معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط في ديسمبر 2019 من تصلب نظام السيسي وأن هذا التصلب الظاهر يخفي في جوهره هشاشة ستكون سببا في سقوط النظام في مصر بصورة فوضوية للغاية.

وتحت عنوان «استبداد السيسي الهش.. لماذا سيكون انهيار النظام في مصر فوضويا للغاية؟» يحذر "كالداس"  من رهان الدول الغربية على الاستقرار الظاهر لنظام السيسي الذي كرسه بوسائل وحشية.

ويقر أن قبضة السيسي على السلطة في هذا الوقت قوية للغاية، لكن الطريقة التي عزز بها هذه السلطة تجعلها أيضا هشة للغاية وحساسة للصدمات غير المتوقعة

 ويرى "كالداس" أن النظام رغم تمكنه من إخماد الاحتجاجات التي خرجت استجابة لدعوة الفنان والمقاول محمد علي في سبتمبر 2019م، فإن الأمر مسألة وقت حتى تندلع شرارة أخرى و جولة أكبر من الاحتجاجات التي لن يتمكن النظام من إخمادها بسهولة.

لكن الأكثر خطورة على مستقبل مصر هو عدم وجود آلية للانتقال السلمي للسلطة كما شوهد في تونس، إضافة إلى عدم وجود مساحة لإعداد قيادات بديلة موثوقة؛ وبذلك فإن الخوف من انتقال السلطة، رغم حتميته، أجبر السيسي على اتخاذ إجراءات من شأنها أن تجعل أي عملية انتقال للسلطة في مصر فوضوية للغاية.

وينتهى "كالداس" إلى أن نصل السيسي الحاد الصلب ربما يكون قد أطاح بخصومه وركز السلطة في يديه، لكنه عندما يواجه تحديا أكثر صعوبة فقد لا يتراجع ولكنه ربما ينهار تماما؛ فالمخاطر المرتبطة بهشاشة النظام المصري كبيرة للغاية ولا يمكن التنبؤ بها على حد سواء.

الانتفاضة القادمة ستكون اقتصادية الدوافع بعد تركز الثروة بيد فئة محدودة  

وتتوقع الأكاديمية الأمريكية «إيمي أستون هولمز»، التي عملت سابقا كأستاذ مشارك بالجامعة الأمريكية بالقاهرة خلال فترة ثورة يناير، أن تكون الثورة أو الانتفاضة القادمة في مصر اقتصادية الدوافع بامتياز. وتفسر ذلك بأن  الطبقة الحاكمة الثرية والتي تمثل نحو (1%) باتت تمتلك بحلول 2014 حوالي نصف مقدرات البلاد بنسبة  49%، مما يعني أن مليون مواطن مصري يستحوذون على نصف ثروة البلاد، فيما يتصارع 99 مليون مصري على النصف الباقي، وأن الغياب المهول للعدالة الاجتماعية، برأي هولمز: "هو وصفة لتحركات قادمة لا يرى المشاركون فيها أي مستقبل لهم في بلد تعوزه الحرية والرفاه على السواء".

ويذهب مركز "ستراتفور" البحثي لما هو أبعد من ذلك بالتأكيد على أن «ولع السيسي» بالقوة لابد أن يتسبب في زواله عاجلا أم آجلا. ومع كل يوم يبقاه في منصبه فإنه يعطي شعبه سببا جديدا للاعتقاد بأن التمرد هو السبيل الوحيد للتغيير السياسي.

تصاعد الاحتجاجات الاجتماعية والعمالية منذ العام 2018 وتآكل شعبية السيسي

في اكتوبر 2020، رصدت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان (منظمة مجتمع مدني مصرية) في تقريرها ربع السنوي الثالث 131 فعالية احتجاجية، و42 محاكمة بينها 3 محاكمات عسكرية، مثُل فيها 996 مدنياً أمام المحاكم العسكرية.

وفصّل التقرير الفعاليات الاحتجاجية على مدار الثلاثة أشهر الماضية، في 50 فعالية اجتماعية وعمالية، و23 فعالية خاصة بجماعة الإخوان المسلمين وتحالف دعم الشرعية، و5 فعاليات طلابية، و49 فعالية غير مصنفة.

ولفت التقرير إلى أن شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، كان هو أكثر الشهور التي شهدت فعاليات احتجاجية حيث شهد وحده 68 فعالية مختلفة.

وحسب التقرير، تعرضت 57 فعالية مختلفة للاعتداء من قبل الأجهزة الأمنية، فيما مرت 65 فعالية دون اعتداء من قبل الأجهزة الأمنية، فضلاً عن حل 9 فعاليات عمالية واجتماعية.

كما رصد التقرير 38 انتهاكاً متنوعاً لحرية الإعلام، والحكم على 15 متهماً بالإعدام على مدار الثلاثة أشهر الماضية.

وسبق أن أوضح منتدى العاصمة للدراسات السياسية والمجتمعية في تقريره السنوي للحالة المجتمعية أن عام 2019 اتسم بكثرة الاحتجاجات، فقد رُصد 161 احتجاجًا، تعددت دوافعها، وامتدت رقعتها في أرجاء البلاد، وارتكزت معظمها في القاهرة (42 احتجاجًا) اختلفت الأهداف والدوافع لها وتنوعت الشرائح العمرية والاجتماعية المشاركة، مشيرًا إلى تباين التعامل الأمني معها حيث رصد 46 اعتداءً من قوات الشرطة على المواطنين.

و رصد تقرير حقوقي حول حالة المسار الديمقراطي في مصر خلال عام 2018، زيادة عدد الاحتجاجات العمالية والاجتماعية على الاحتجاجات السياسية لأول مرة منذ 2013، رغم التشديد الأمني والقمع الذي تُواجه به تلك الاحتجاجات.

وقال التقرير السنوي الخامس للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، بعنوان "غضب متصاعد"، إنه "لأول مرة منذ استيلاء الجيش على السلطة في مصر، في يوليو/تموز 2013، ورغم استمرار الاحتجاجات السياسية، لا سيما من المؤيدين للرئيس محمد مرسي، يتصاعد الغضب والاحتجاجات العمالية والاجتماعية، ورغم عدم إدراج كل أشكال الاحتجاجات العمالية والاجتماعية مثل الانتحار  لأسباب اقتصادية، أو التلويح بالإضراب أو التظاهر أو العرائض، إلا أن الرقم لا يزال متجاوزاً للاحتجاجات السياسية"

وأضاف التقرير أن "اتجاه بوصلة القمع نحو التيارات المدنية والعلمانية، يسار، وقوميين، وليبراليين، ومجموعات غير مسيّسة، يدل على تآكل شعبية وحجم تأييد السيسي ونظامه السياسي في مصر".

المونيتور: النقابات تحشد العمال ضد قوانين الانقلاب الجديدة المثيرة للجدل

وفي سياق متصل، قال موقع "المونيتور": إن احتجاج الجامعة العمالية كان صدى لحركات عمالية مماثلة خلال الأشهر الماضية في مصر تركزت بشكل رئيسي في الشركات المملوكة للدولة، تعكس قلقًا متزايدًا بشأن تداعيات سلسلة من القوانين والتشريعات الأخيرة التي تؤثر على القطاع وتزايد هشاشة العمل وانعدام الأمن الوظيفي، وكلاهما تفاقم بالتزامن مع جائحة فيروس كورونا.

وأشارت المونيتور إلى أن 123 احتجاجًا على صلة بالعمل حتى الآن هذا العام، شارك فيها آلاف العمال بدأ عدد الحشود في الزيادة في يوليو، بعد تخفيف الإجراءات الوقائية المفروضة للحد من انتشار فيروس كورونا، بحسب الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان.

ونقل الموقع عن "الشبكة" أن القطاعات التي شهدت المزيد من الاحتجاجات تشمل المنسوجات والصناعية والنقل والاتصالات.

ونبهت إلى أن الحشود تبنت أساليب احتجاجية متنوعة كالتجمعات والاعتصامات والشكاوى والإضرابات إضافة لانتحار عدد من العمال بسبب الظروف الاقتصادية السيئة!