تشريع لبيع قناة السويس.. السيسي يستكمل حلقات تركيع مصر

الأربعاء - 28 ديسمبر 2022

  • برلمان السيسي يمرر تشريعا يسمح ببيع وتأجير أصول القناة بتعديل بعض أحكام قانونها
  • المصريون انتفضوا ضد مشروع بيع القناة.. ونشطاء تذكروا أكاذيب السيسي عن بيع الرئيس مرسي لها
  • "الإخوان" طالبت المصريين بالتصدي لبيع القناة والمجلس الثوري وصفه بـ"الخيانة"
  • معارضة الداخل أطلقت حملة للدفاع عن القناة وطالبت الشعب بالاصطفاف للتصدى لمخطط البيع
  • السيسي يحاول امتصاص الغضب الشعبي بادعائه أن "الصندوق" يخضع للرقابة
  • مصادر برلمانية كشفت إنشاء هيئة القناة صندوق خاص قبل عامين بتوجيهات من السيسي
  • هدف الصندوق هو احتجاز معظم موارد القناة بعيداً عن موازنة الدولة وتوجيهها لمشروعات السيسي
  • صندوق قناة السويس نسخة مشابهة لصندوق "تحيا مصر" وسيكون بعيداً عن أي رقابة
  • الأزمة المالية دفعت  السيسي نحو التفريط في ممتلكات الوطن وأخرها قناة السويس
  • السيسي وراء تحميل القناة قروض بنحو  1.8 مليار دولار لسداد تكاليف التفريعة الجديدة
  • تعثر "القناة" في سداد 3 أقساط نصف سنوية من القرض دفع "المالية" للسداد نيابة عنها
  • أنباء عن عقد الحكومة صفقات سرية مع دولة خليجية تسعى للهيمنة على مقدرات القناة

 

إنسان للإعلام- خاص:

لم يكن يتصور مصري في عصرنا الحديث، أن يأتي يوم على دولته وتقوم بالتفريط في قناة السويس، التى حفرها المصريون بدمائهم، ونضالوا منذ إنشائها للمحافظة عليها.

ففي إجراء صادم، وافق  برلمان السيسي ، خلال ديسمبر الجاري ، على مجموع مواد مشروع قانون مقدم من الحكومة بشأن تعديل بعض أحكام قانون نظام هيئة قناة السويس رقم 30 لسنة 1975.

 التعديلات الجديدة أقرت إنشاء صندوق لهيئة قناة السويس بغرض شراء وبيع وتأجير واستئجار واستغلال أصوله الثابتة والمنقولة والانتفاع بها.

والصادم في الأمر ما أكدته مصادر برلمانية  من أن هيئة "القناة" أنشأت صندوقاً خاصاً بها قبل أكثر من عامين بتوجيهات مباشرة من السيسي، وقبل طرحه على البرلمان، وأن الهدف من الصندوق هو احتجاز الجزء الأكبر من موارد هيئة قناة السويس بعيداً عن موازنة الدولة وتوجيهها لما يعرف بـ"خطط التنمية الرئاسية"، و سيكون تحت الإشراف للسيسي يتصرف فيه  كيفما يشاء، و هو نسخة مشابهة لصندوق "تحيا مصر وسيكون بعيداً عن أي جهات رقابية.

المصريون، بكل توجهاتهم، انتفضوا في وجه هذا المشروع المشبوه، وعبروا عن رفضهم له من خلال بيانات ومنشورات على وسائل التواصل وعبر مداخلات تلفزيونية.

كانت الدولة العميقة في عهد الرئيس مرسي تحاول إلصاق تهمة بيع "القناة" به وبنظامه، ولكن مع مرور الأيام في ظل حكم المنقلب السيسي، وجد المصريين أنفسهم أمام الحقيقة المرة، وأن حاكمهم المستبد  يفرط في الأرض، والمرافق الحيوية الاستراتجيةلمصر لقاء بقائه على الكرسي.

نتناول بالتفصيل كارثة محاولة تفريط السيسي في القناة من خلال هذا الملف، ونرصد الغضب الشعبي المتصاعد من هذه الخطوة، ونكشف أبعاد الخيانة.

برلمان السيسي يقر  تشريع  بالتفريط في القناة

وافق  برلمان السيسي   ، خلال ديسمبر الجاري ، على مجموع مواد مشروع قانون مقدم من الحكومة بشأن تعديل بعض أحكام قانون نظام هيئة قناة السويس رقم 30 لسنة 1975.

وقضى مشروع القانون بإنشاء صندوق جديد لهيئة قناة السويس بغرض المساهمة بمفرده -أو مع الغير- في تأسيس الشركات، أو في زيادة رؤوس أموالها، والاستثمار في الأوراق المالية، وشراء وبيع وتأجير واستئجار واستغلال أصوله الثابتة والمنقولة والانتفاع بها.

وسجل بعض أعضاء المجلس رفضهم المشروع المعد من الحكومة في مضبطة الجلسة، ومنهم النائب عن حزب "الوفد الجديد" محمد عبد العليم داود، الذي قال في كلمته: "إنشاء صندوق بهيئة قناة السويس هو بمثابة تفريغ مصر من أموالها، وتحويل المال العام إلى مال خاص. وهذا المشروع يمثل خطراً داهماً على الدولة المصرية".

وأضاف داود: "مشروع القانون المعروض على مجلس النواب يشبه مشروع طرح أهرامات الجيزة للبيع في سبعينيات القرن الماضي، والذي تصدت له النائبة نعمات أحمد فؤاد تحت قبة البرلمان".

وتابع: "هذه قناة السويس المملوكة للشعب المصري، والتي حفرها بدمه، وليست شركة من شركات القطاع العام التي تُباع بأبخس الأثمان!".

وقال النائب عن حزب "التجمع" عاطف مغاوري: "أربأ بهيئة قناة السويس أن تلحق بمغارة علي بابا المسماة بالصناديق الخاصة، ومشروع القانون المطروح هو تشوه تشريعي، لأن قناة السويس ليست مرفقاً عادياً للدولة، وإنما هي تجسيد لإرادة الشعب المصري".

بدوره، أعلن ممثل حزب "المصري الديمقراطي" إيهاب منصور رفض الحزب مشروع القانون، قائلاً: "عدم وحدة الموازنة أحد العيوب الأساسية للسياسة المالية العامة للدولة، ومصر تعاني من زيادة عدد الصناديق والحسابات الخاصة التي وصل عددها إلى 7 آلاف صندوق، وكان فائضها العام الماضي وحده نحو 36 مليار جنيه، لم يستقطع منها سوى 3 مليارات جنيه لدعم الموازنة".

وطالب منصور الحكومة بـ"إعادة ترتيب أولويات الإنفاق، وبحث سبل زيادة معدل النمو الذي بلغ 5.5 في المائة، في حين أن معدل زيادة الديون وصل إلى 12 في المائة، أي ما يعادل ضعف معدل النمو"، مستطرداً: "الحكومة تقترض الآن لسداد الديون، وليس للإنتاج والتشغيل، وهذا أمر خطير على الاقتصاد المصري".

وقال النائب فريدي البياضي: "الحكومة تعد مشروعاً جديداً كل فترة بشأن أحد الصناديق الخاصة، وبذلك تأخذ من إيرادات الدولة بعيداً عن موازنتها، أو عن رقابة البرلمان. الحكومة عومت الجنيه، وغرقتنا في الديون، وغرقت معاها الطبقات المتوسطة والفقيرة".

وأضاف: "هذه الحكومة يجب أن تسمى حكومة الصناديق الخاصة، وأقول للجميع: كفاية إفراغ لموازنة الدولة، وكفاية صناديق جديدة، وكفاية سياسات خاطئة، وكفاية كل هذا الوقت على الحكومة. الحكومة الحالية يجب أن تقال، بل يجب أن تحاكم!"، على حد تعبيره.

مائة مليار جنيه مصري رأسمال الصندوق

وللصندوق الجديد في سبيل تحقيق أهدافه أداء جميع الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية، ويقدر رأس ماله المرخص به بمائة مليار جنيه مصري (نحو 4 مليارات دولار)، ورأس مال مصدر ومدفوع يبلغ عشرة مليارات جنيه تسدد من هيئة قناة السويس. ويجوز زيادة رأس مال الصندوق نقداً أو عيناً بموافقة الجمعية العمومية له، ووفقا للضوابط والإجراءات الواردة بالنظام الأساسي للصندوق، بحسب مشروع القانون.

وتعد أموال الصندوق من الأموال المملوكة للدولة ملكية خاصة، وتتكون من: رأس مال الصندوق، ونسبة من إيرادات هيئة قناة السويس، أو تخصيص جزء من فائض أموال الهيئة لصالح الصندوق بعد الاتفاق مع وزير المالية في بداية العام المالي.

وفي حالة عدم الاتفاق يتم العرض على مجلس الوزراء لإقرار ما يراه مناسباً؛ إضافة إلى عائد وإيرادات استثمار أموال الصندوق، والموارد الأخرى التي تحقق أهدافه، ويقرها مجلس الإدارة، ويصدر بقبولها قرار من رئيس الوزراء.

ويكون للصندوق موازنة مستقلة، يتبع في وضعها وإعداد القوائم المالية لها معايير المحاسبة المصرية، وتبدأ السنة المالية للصندوق وتنتهي في الموعد المقرر بنظامه الأساسي، ويُرحل فائض الصندوق من عام إلى آخر.

كما يكون للصندوق حساب خاص ضمن حساب الخزانة الموحد بالبنك المركزي، وتمنح الخزانة العامة للدولة أموال الصندوق المودعة بالحسـاب نفس العائد الذي تمنحه البنوك التجارية، ويجوز فتح حساب بأحد البنوك التجارية بعد موافقة وزير المالية.

ونص مشروع القانون على أن تخضع كافة حسابات الصندوق، والحسابات الختامية له، إلى رقابة الجهاز المركزي للمحاسبات. ويتولى مراجعة حسابات الصندوق مراقب حسابات أو أكثر، ويقوم بمراجعة القوائم المالية السنوية تمهيداً لعرضها، وعرض تقرير مراقب الحسابات، على مجلس إدارة الصندوق.

كذلك نص على أن يكون للصندوق مجلس إدارة برئاسة رئيس هيئة قناة السويس، وعضوية أربعة من أعضاء مجلس الإدارة أو المديرين بهيئة قناة السويس، يحددهم النظام الأساسي للصندوق، وثلاثة أعضاء من ذوي الخبرة في المجالات الاقتصادية والقانونية والاستثمارية أو غيرها من المجالات ذات الصلة بأغراض الصندوق، يختارهم رئيس مجلس الوزراء. وتكون مدة عضويتهم أربع سنوات قابلة للتجديد لمدة مماثلة.

ويصدر بتشكيل مجلس الإدارة، ونظام عمله، قرار من رئيس الوزراء، بناءً على عرض رئيس هيئة قناة السويس، ويحدد القرار من يحل محل الرئيس عند غيابه

ويجتمع مجلس إدارة الصندوق بناءً على دعوة من رئيسه مرة كل شهر على الأقل، أو كلما دعت الحاجة إلى ذلك، ولا يكون انعقاد المجلس صحيحاً إلا بحضور أغلبية أعضائه، على أن يكون من بينهم رئيس مجلس إدارة الصندوق أو من ينوب عنه.

وتصدر قرارات مجلس إدارة الصندوق بأغلبية أصوات الأعضاء الحاضرين، وفي حالة التساوي يُرجح الجانب الذي منه رئيس مجلس إدارة الصندوق. ويكون للصندوق مدير تنفيذي من ذوي الخبرة العملية في مجال الاستثمار متفرغ لإدارته، ويكون تعيينه لمدة عامين قابلة للتجديد، ويمثل الصندوق في صلاته مع الغير وأمام القضاء، ويصدر بتعيينه، وتحديد اختصاصاته، ومعاملته المالية، قرار من مجلس إدارة الصندوق.

ويصدر النظام الأساسي للصندوق المنشأ وفق أحكام القانون بقرار من رئيس الجمهورية، بناءً على عرض رئيس هيئة قناة السويس، وموافقة مجلس الوزراء، وذلك خلال ستين يوماً من تاريخ العمل بالقانون.

السيسي يكذب على المصريين

وفي محاولة لطمأنة المصريين قال السيسي، إن أرباح قناة السويس منذ عام 1975 بلغت نحو 220 مليار دولار، معقبا: "بتكلم عن الافتتاح الجديد سنة 75 قناة السويس جابت 220 مليار دولار، لو حد كان شال 10 % من الرقم ه وحطه في صندوق، كان زمان النهاردة بنتكلم معايا 50 مليار دولار.. لكن يدخل يعمل تطوير في القناة ما عملوش.. يدخل مع حد مشروعات ما عملوش..عاوز يعمل خدمة مجتمعية متقدمة لمدن القناة ما فيش.. قلتله لا ما ينفعش الكلام ده".

وأضاف السيسي، خلال افتتاح مصنعى إنتاج الغازات الطبية والصناعية ومحطة توليد الطاقة الثلاثية بمجمع الصناعات الكيماوية بأبو رواش بمحافظة الجيزة، الأثنين 26 ديسمبر :"جه الدكتور معيط والدكتور مصطفى .. لا يا أفندم والنبى إرحمنا والفلوس اللى هتخصمها علشان الصندوق مش هنقدر، قلتله يا دكتور مصطفى افتكر لما جت أنت والمهندس شريف الفلوس بتاعتك ما تتحولش وقلت خليها عندك في وعاء، وكنت متحمس للفكرة، وجه المهندس شريف ووزير المالية قلتلهم اسمعوا كلامي وهتشوفوا، دلوقتي وزارة الإسكان بقت بتشتغل بـ 8 مليارات جنيه في الشهر.. وزارة الإسكان وهيئة المجتمعات بتشتغل بـ 8 مليارات جنيه في الشهر، بلد عايزة مليون وحدة سكنية في السنة يبقا الوزارة دي تعملها 400 ألف والقطاع الخاص يعمل شوية كمان معاه علشان ميبقاش اللى إحنا شايفينه في العشوائيات".

وأعترف السيسي  بتصميمه على مواصلة مشروع الصندوق قائلا :" أمال الصندوق دخل البرلمان ليه؟.. علشان يديله حصانة برلمانية ما حدش يقدر ياخد منه ولا يتصرف فيه طبقا للمعايير اللى تم التصديق عليه بيها والقواعد اللى اتحطت وأجهزة الدولة الرقابية تفتش عليه وجهة سيادية مسؤولة عليه برضه وكل حاجة."1"

الاستيلاء على أموال القناة بعيداً عن الموازنة

وفي نفس السياق، كشفت مصادر برلمانية مصرية أن هيئة قناة السويس أنشأت صندوقاً خاصاً بها قبل أكثر من عامين بتوجيهات مباشرة من السيسي، أي قبل مناقشة مجلس النواب لمشروع القانون المقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون نظام الهيئة رقم 30 لسنة 1975، وموافقته على مجموع مواده.

وأضافت المصادر أن الهدف من الصندوق هو احتجاز الجزء الأكبر من موارد هيئة قناة السويس بعيداً عن الموازنة العامة للدولة، وتوجيهها مباشرة لما يعرف بـ"خطط التنمية الرئاسية"، أي أنها ستكون تحت الإشراف المباشر لرئيس الجمهورية يتصرف بها كيفما يشاء، عوضاً عن توجيه هذه الأموال إلى وزارة المالية، وإدراجها بطبيعة الحال ضمن الإيرادات العامة للدولة.

وأوضحت أن صندوق هيئة قناة السويس هو نسخة مشابهة لصندوق "تحيا مصر"، الخاضع مباشرة لإشراف السيسي بعيداً عن أي جهات رقابية، محذرة من إمكانية فرض المزيد من الضرائب والرسوم في بنود الموازنة العامة خلال الفترة المقبلة، من أجل تعويض العجز الحاصل في إيرادات الدولة بسبب إنشاء صندوق الهيئة، وتوجيه أموالها لصالحه بدلاً من الموازنة.

وبحسب المصادر، فالصندوق الجديد  سيتم من خلاله  تحويل المال العام إلى مال خاص، وهذا توجه لدى الدولة في السنوات الأخيرة، ويظهر بوضوح في تصريحات رئيس الجمهورية التي يطالب فيها كل هيئة في الدولة بالاعتماد على مواردها الذاتية، وتنميتها بأي طريقة ممكنة.

وأفادت المصادر بأن هذا التوجه يمهد إلى اعتماد قطاعات خدمية هامة مثل الصحة والتعليم على مواردها الذاتية، وعدم تمويل مشروعاتها كلياً من اعتمادات الموازنة العامة، وبالتالي خصخصة خدماتها المقدمة إلى المواطنين بصورة تدريجية لزيادة مواردها.

الأمر الذي اتضح مؤخراً في الزيادة الكبيرة لمصاريف المدارس الحكومية، والتوسع في إنشاء الجامعات الخاصة والأهلية، فضلاً عن المضي قدماً في مخطط بيع المستشفيات العامة، والتوجيه الرئاسي بتوسيع الشراكة مع القطاع الخاص في قطاع الصحة.

وفي 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قال السيسي خلال فعاليات المؤتمر الاقتصادي: "هيئة قناة السويس اعتادت أن توجه دخلها إلى الموازنة العامة ووزارة المالية فقط، وعندما سألت رئيس الهيئة عما تملكه من أموال، قال لي: لا توجد أموال. قلت له كيف مؤسسة عملاقة مثل الهيئة لا يكون لها ملاءة مالية بقيمة 300 أو 400 مليار جنيه".

وأضاف السيسي في كلمته: "وجهت رئيس الهيئة بإنشاء صندوق إيرادات لها مع العمل على تنميتها، وعدم إنفاق أي شيء منه إلا بعد العودة لي شخصياً، وعدم تحويل أي أموال من الهيئة مرة أخرى إلى وزارة المالية، لأن هذا المسار لا يحقق النجاح. أنا أترك كل مسؤول يطحن نفسه من أجل تدبير الأموال اللازمة للتمويل، وصندوق الهيئة به الآن 80 مليار جنيه، ومن المتوقع أن يصل إلى 300 أو 400 مليار جنيه خلال 4 سنوات".

واختص مشروع القانون صندوق الهيئة بأداء جميع الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية، على أن يقدر رأس ماله المرخص به بمائة مليار جنيه مصري (نحو 4 مليارات دولار)، ورأس مال مصدر ومدفوع يبلغ عشرة مليارات جنيه تسدد من هيئة قناة السويس. وتجوز زيادة رأس مال الصندوق نقداً أو عيناً بموافقة الجمعية العمومية له، ووفقاً للضوابط والإجراءات الواردة بالنظام الأساسي للصندوق.

وتتكون موارد الصندوق من رأس ماله، ونسبة من إيرادات هيئة قناة السويس، أو تخصيص جزء من فائض أموال الهيئة لصالح الصندوق بعد الاتفاق مع وزير المالية في بداية كل عام مالي، إضافة إلى عائد وإيرادات استثمار أموال الصندوق، والموارد الأخرى التي تحقق أهدافه، ويقرها مجلس الإدارة، ويصدر بقبولها قرار من رئيس الوزراء."2"

ومن المقرر أن يستكمل مجلس النواب بداية من الثاني من يناير المقبل، إجراءات إقرار مشروع  قانون الصندوق بطرحه للتصويت وموافقة غالبية ثلثي أعضائه قبل عرضه على الرئيس السيسي للتصديق عليه ونشره في الجريدة الرسمية لإدخاله حيز التنفيذ."3"

أزمة الدولار وراء تفريط السيسي في القناة   

ومن الواضح أن الأزمة المالية وتصاعدها بمصر، تدفع السيسي نحو الجنون؛ حيث تصل موارد مصر الدولارية لنحو 90 مليارا سنويا؛ أبرزها من تحويلات المصريين بالخارج بنحو 32 مليار دولار، والصناعة نحو 43 مليارا، والسياحة نحو 11 مليارا ونحو 6 مليارات دولار من عوائد قناة السويس. بينما تصل احتياجات التمويل إلى نحو 125 مليار دولار سنويا؛ تتمثل في 90 مليارا حجم فاتورة الاستيراد ونحو 40 مليار لسداد أقساط وفوائد الديون سنويا. هذه الفجوة التي تقدر بنحو (30 إلى 40 مليار دولار سنويا) يغطيها السيسي بالديون وبيع أصول الدولة في دوامة  لا يبدو أن لها نهاية.

يترتب على ذلك زيادة حجم الديون، والتفريط في أصول الدولة، ووضع الدولة المصرية كلها بثرواتها وإمكانتها تحت وصاية مؤسسات التمويل الدولية كصندوق النقد الدولي. وبالتالي فإن مصر وفق هذه  السياسات تتجه نحو  مرحلة جديدة  من الغزو عبر بوابة الاقتصاد وتضخم الديون.

ولا يوجد دليل على انهيار الأوضاع الاقتصادية في مصر أكثر من الأرقام الرسمية للموازنة العامة الدولة للعام المالي الحالي (22/23)؛ فلأول مرة في تاريخ مصر  لا تكفي كل موارد الدولة المحتملة نحو (1.517) تريليون جنيه، لسداد بند خدمة الديون فقط والذي يصل إلى (1.655) تريليون جنيه.  بينما بلغ بند المصاريف في الموازنة  نحو (2.1) تريليون جنيه. بعجز قدره (558) مليار جنيه.  والقروض المحتملة  تبلغ نحو (1.524) تريليون جنيه (نحو 60 مليار دولار).

أمام هذه الحقائق المرعبة أصيب الديكتاتور السيسي بالجنون؛ فقد أوتي من حيث لا يتوقع؛ وتسببت مشروعاته العبثية في استنزاف السيولة الدولارية في البلاد على مدار سنوات ما بعد الانقلاب في صيف 2013م؛ فقد أهدر الجنرال نحو 8 مليارات دولار على مشروع تفريعة قناة السويس التي لم تحقق إضافات مقنعة في حجم الإيرادات.

كما أهدر  عشرات المليارات من الدولارات على مشروع العاصمة الإدارية والتي تتكلف نحو 58 مليار دولار وفق المخطط المرسوم للمشروع في مرحلته الأولى. بخلاف صفقات السلاح التي بلغت عشرات المليارات من الدولارات أيضا وهي الصفقات التي أريد بها شراء شرعية النظام من الدول الكبرى المصنعة للسلاح؛ لأن نوعية الأسلحة التي تم شراؤها لم تحقق نجاحا يذكر في حماية الأمن القومي الذي لا يزال مهددا ومكشوفا أمام كل عدو؛ ولعل المثال الصارخ على ذلك هو الاستكبار الإثيوبي في أزمة المياه وسد النهضة وإصرار أديس أبابا على تحويل النيل إلى بحيرة إثيوبية وتسليع المياه.

أمام هذا الوضع المعقد يحاول السيسي الخروج من الورطة بشتى الطرق لكنه في سبيل ذلك يتجه إلى سن تشريعات صدامية مع جميع فئات الشعب؛ فقانون المحال العامة الذي بدأ تطبيقه منذ يوم  11 ديسمبر 22م، والذي يدفع الحكومة نحو صدام مباشر مع نحو 7 إلى 8 ملايين محل وإجبارهم على دفع عشرات الآلاف من أجل رسوم الترخيص والانضمام إلى المنظومة الإلكترونية بخلاف الضرائب والتأمينات وغير ذلك. كذلك دخل السيسي في صدام مباشر مع نحو 9 ملايين من أعضاء النقابات المهنية (الأطباء ـ المهندسين ـ المحامين ـ الصيادلة  وغيرهم) بسبب إلزامهم بالانضمام إلى منظومة الفاتورة الإلكترونية  بدءا من 30 إبريل 2023م. وحاليا تعيد الحكومة قانون التصالح في مخالفات البناء بغرامات أعلى  من أجل تحصيل المليارات  من جيوب المواطنين في ظل ظروف شديدة الصعوبة  وارتفاع معدلات التضخم التي التهمت قيمة الجنيه والغلاء الذي طال كل شيء.

وأتت فكرة صندوق قناة السويس الهادف لخصخصتها في هذا السياق الجنوني ، الذي من خلاله فقدت مصر اجزاء استراتيجية من أراضيها ، ومنها تيران وصنافير.

وفي تقرير نشرته وكالة رويترز، قال خبراء اقتصاديون إن الأوضاع المالية في مصر لا تزال في وضع محفوف بالمخاطر، على الرغم من خفضين كبيرين لقيمة العملة هذا العام وحزمة إنقاذ جديدة من صندوق النقد الدولي بقيمة ثلاثة مليارات دولار.

ومع مدفوعات فوائد الديون التي من المقرر أن تمتص أكثر من 40 بالمئة من عائدات الحكومة العام المقبل، ونقص للعملة الأجنبية لا يزال يضر بالاقتصاد، يظل المستثمرون حذرين، على الرغم من ارتداد المعنويات بعد صندوق النقد الدولي."4"

السيسي وراء إغراق القناة في الديون

وكشف خبراء أن تدخل رئاسة الجمهورية في إدارة الموارد المالية لقناة السويس منذ مشروع التفريعة وتوسعة القناة عام 2014، وراء تحميل هيئة قناة السويس بقروض كبيرة كانت في غنى عنها، ولم يعلم الشعب تفاصيلها إلا بعد سنوات.

 بلغت قروض الهيئة من البنوك 1.4 مليار دولار من 8 بنوك حكومية (الأهلي – مصر – التجاري الدولي- العربي الأفريقي- القاهرة- الإمارات دبي الوطني – المشرق – العربي)، وقرض آخر بقيمة 400 مليون دولار، من تحالف لأربعة بنوك، لدفع مستحقات الشركات الأجنبية التي عملت في مشروع تفريعة القناة الجديدة، بطول 9.5 كيلومترات. تسدد القروض بواقع 300 مليون دولار كل سنة، يرى خبراء أنها تحقق فائدة متراكمة تصل إلى 50% من قيمة القرض، كل 5 سنوات.

طلبت الحكومة من رئيس هيئة قناة السويس الفريق أسامة ربيع الظهور في العديد من البرامج التلفزيونية، للدفاع عن مشروع القانون

أشارت دراسات مالية نشرت بصحف محلية، إلى تعثر الهيئة عن سداد 3 أقساط نصف سنوية من القرض عامي 2017 و2018، فلجأت الإدارة إلى ترحيل الدين للموازنة العامة، بما اضطر وزارة المالية إلى سداد 600 مليون دولار نيابة عن القناة. كانت الهيئة قد تلقت تحذيرات من الخبراء بعدم جدوى تنفيذ مشروعات التوسعة التي اقترحها النظام، لتكون مشروعا قوميا، ينفذ خلال عام فقط، بقرض قيمته 64 مليار جنيه، من مدخرات المواطنين والبنوك.

التزم مميش في تلك الفترة بالترويج بأن التوسعة ستعمل على مضاعفة دخل القناة عقب الانتهاء منها، متوقعا زيادة الإيرادات من 5.3 مليارات دولار إلى 13.2 مليارا عام 2023، مع الزيادة السنوية في حركة التجارة الدولية بنسبة 3%. ارتفعت الإيرادات ولكن بالقدر الذي حددته بيانات موقع CEIC DATA المتخصص في تحليل البيانات، واعترف بها الرئيس الحالي للهيئة، حيث ارتفعت إيرادات قناة السويس بنسبة 20% فقط عام 2021/ 2022، لتسجل 7 مليارات دولار، مقارنة بـ 5.84 مليارات دولار في العام السابق."5"

رفض شعبي لبيع القناة وغضب متصاعد

وفي مقابل هذه الخطوة غير المسبوقة في تاريخ مصر، أعلن كثير من السياسيين والنشطاء بالداخل المصري والخارج، بخلاف نواب ببرلمان السيسي،  رفضهم مشروع القانون، وسجلت بعض الشخصيات العامة اعتراضها عليه

وكتب المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، على صفحته في فيسبوك قائلاً: "قناة السويس خط أحمر. بأرواح الشعب حفرناها، وبإرادة الشعب أممناها، وبدماء جيش الشعب حررناها. هي ملك الشعب، ولن يسمح لحكومة فاشلة بالتفريط فيها".

بدوره، قال وزير الدولة للإعلام السابق أسامة هيكل: "الأمر خطير للغاية، ويحتاج إلى مراجعة فورية. قناة السويس مرفق استراتيجي لا يجوز التفريط فيه جزئياً أو كلياً، ولا حتى التفكير في الأمر، لأن القناة ليست مجرد أصل من أصول الدولة، ولا يمكن السماح بالبيع أو الشراء فيها لأي سبب من الأسباب" ، وأضاف هيكل عبر صفحته في فيسبوك: "هذه المادة (مشروع القانون) تحتاج إلى إعادة نظر فوراً، وأن ينظر إليها من أجهزة الأمن القومي بعين المسؤولية، قبل أن يعرض المشروع على رئيس الجمهورية لتوقيعه. وأتمنى أن يستخدم الرئيس حقه في إعادة المشروع لمجلس النواب مرة أخرى لمزيد من الدراسة. إلا قناة السويس يا سادة!"، على حد تعبيره.

وقد أثار مشروع القانون المقدم من الحكومة بتدشين صندوق هيئة قناة السويس ، جدلًا واسعًا، بين  الخبراء  واكد بعضهم انه سفتح الباب أمام  استيلاء  وكلاء ملاحيين عالميين، في مقدمتهم الوكيل الإماراتي، لشراء   القناة  ومقدمة لسيطرة الأجانب على إيرادات القناة وإدارتها.

من جانبه أكد الرئيس السابق لهيئة قناة السويس والمستشار الحالي للسيسي  للموانئ، الفريق مهاب مميش، بأن «تأسيس الصندوق يفتح الباب لوجود الأجانب في إدارة القناة، في سابقة لم تحدث منذ سنوات طويلة، ليقوموا بتغيير النظام الذي تقوم عليه ويحقق عائدًا وأرباحًا قياسية»، مضيفًا: «من غير المعقول تغيير نظام ناجح والتحول إلى نظام مختلف كليًا يسمح بدخول أجانب مجلس إدارة الهيئة».

وأكد مميش في تصريحاته التي نشرها موقع «المصري اليوم»، مؤخرا، قبل حذفها، فيما بعد ، على استحالة إقرار مشروع القانون، مفسرًا بأن تغيير نظام عمل قناة السويس الناجح ودخول الأجانب سيسبب حالة فزع لدى المواطنين، وذلك لارتباط المصريين وجدانيًا بالقناة التي شقوها مرتين.

عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، محمد بدراوي، أوضح لـ«مدى مصر» أسباب تلك المخاوف، كون فكرة إنشاء الصندوق المقترحة من الحكومة تقوم على استقطاع جزء من إيرادات القناة والإبقاء عليها داخل الصندوق لاستثمارها وتحقيق عوائد منها لاستخدامها في حالة الطوارئ أو عند تطوير القناة، والفكرة تبدو جيدة وحسنة النية، لكن الشيطان يكمن في التفاصيل، بحسب بدراوي.

ويفسر بدراوي بأن مشروع القانون المقترح من الحكومة صيغ بعبارات مطاطة لم تحدد نسبة معينة يتم اقتطاعها من إيرادات القناة أو فوائضها لصالح الصندوق الجديد، فضلًا عن أنه لم يحظر تملك الأجانب أيًا من أصول القناة، كما هو الحال في قانون حظر تملك الأجانب لأراضي سيناء مثلًا.

النقطة الأخيرة اعتبرها بدراوي بيت القصيد، مشيرًا إلى أن عدم تحديد النسبة التي سيتم اقتطاعها من إيرادات القناة لصالح الصندوق، وتركها لاتفاق مع رئيس الوزراء، هو أمر غير آمن، فقد يتم الاتفاق على إيرادات القناة كلها أو نصفها أو جزء كبير منها، ما يجعل ثقل قناة السويس، كمورد رئيسي للعملة الصعبة، ينتقل من الهيئة العامة لقناة السويس، وبالتبعية من الموازنة العامة للدولة، إلى مجلس إدارة الصندوق الجديد، فضلًا عن أن صياغة القانون نفسه تسمح لهذا الصندوق بالدخول في استثمارات مختلفة والمضاربة في البورصة مع مستثمرين، سواء كانوا مصريين أم أجانب، وهو ما ينذر بسيطرة الأجانب، القادرين على شراء الأصول المملوكة للهيئة، على مجلس إدارة الصندوق وقراراته فيما بعد."6"

وفي الوقت الذى أحكمت الأجهزة الأمنية قبضتها على الصحف ووسائل الإعلام، لعدم تناول الموضوع بحقيقته، أصيب المصريون برعب على مستقبل "القناة" باعتبارها "أيقونة وطنية" يُمنع المساس بها. وتحولت المناقشات الساخنة على وسائل التواصل الاجتماعي، إلى مباراة مشتعلة بين الرافضين والداعمين لمشروع القانون، أطراف تخشى التفريط في "أيقونة الوطن" التي بذل عشرات الآلاف أرواحهم في حفرها، وقضى مئات آلاف آخرون أثناء الدفاع عنها، منذ بداية الاحتلال الإنجليزي نهاية القرن التاسع عشر، وامتدادا بالعدوان الإسرائيلي الفرنسي البريطاني عام 1956، ومرورا بحرب 5 يونيو 1967، وما بعدها من عمليات الاستنزاف وحرب أكتوبر 1973.

الخائفون يؤكدون أن الحكومة التي تنازلت عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية ويأمرها صندوق النقد الدولي بالتفريط في مؤسسات الدولة، وبيعها للأجانب، من أجل قروض لمشروعات لا يستفيد منها الشعب، لن تتورع عن التفريط في أيقونة الوطن التي تدر نحو 7 مليارات دولار لموازنة الدولة سنويا.

وفي مقابل الهجوم الشرس على خطوة الحكومة خصخصة قناة السويس بشكل غير مباشر، اعتبر رئيس مجلس النواب حنفي جبالي حملة الرفض التي تحولت إلى موجة شعبية، على كافة وسائل التواصل الاجتماعي، عارية من الصحة، يقودها "بعض المحسوبين على النخبة المثقفة".

لم ينشغل جمهور الغاضبين بتفاصيل مشروع القانون الذي لا يزيد عن مادتين، رغم أهمية كل جزء فيهما، إلا بجملة فاصلة، وهي أن الصندوق له حق "شراء وبيع وتأجير واستئجار واستغلال الأصول الثابتة والمنقولة والانتفاع بها"، معتبرين تلك العبارة هي بداية خصخصة قناة السويس.

وتوالت الأنباء، بأن الحكومة عقدت صفقات سرية مع دولة خليجية تسعى إلى الهيمنة على مقدرات القناة، وتريد السيطرة على قناة السويس منذ فترة، ومع تراكم الديون على مصر، تسعى إلى إقراض الحكومة عدة مليارات من الدولارات، من أجل المشاركة في ملكيتها أو الحصول على حق الانتفاع بها لفترة لا تقل عن 25 عاما.

وأبدى الخبراء تعجبهم من إصرار الحكومة على إنشاء "صندوق خاص" لاستثمار قناة السويس، بينما لديها 6 شركات كبرى تقوم بهذه الاستثمارات منذ سنوات، وعلى رأسها شركات "التمساح" لإنشاء السفن والكراكات، التي تعمل في تعميق وحفر القناة، بالإضافة إلى الهيئة الاقتصادية لقناة السويس، التي أصبحت بمثابة شركة قابضة تهيمن على الأراضي وكافة المشروعات الكائنة حول مجرى القناة، وأنشأت أخيرا شركة مساهمة برأسمال 10 مليارات جنيه، مع مجموعة السويدي، تتولى إنشاء وتطوير الموانئ والمناطق الحرة والتجمعات الصناعية القريبة من مجرى القناة.

وقال الخبير الاقتصادي، عبد النبي عبد المطلب، لـ "العربي الجديد": عند إعداد دستور 2012، ودستور 2013، طالبنا بالنص على "عدم المساس بقناة السويس والمنطقة المحيطة بها، أو طرح أسهمها في البورصة، أو بيع جزء منها أو كلها، أو تأجير جزء منها أو كلها"، وعندما اطلعنا على التعديلات التي طلبتها الحكومة على القانون رقم 30 لسنة 1975، الذي يحدد نظام الهيئة، وقرأنا التعديلات عدة مرات، لم نفهم الغرض من التعديل المقترح، إلا في إطار أن يتجه للخصخصة، الذي أتمنى أن يكون غير ذلك.

ومن جانبه، وجه القيادي بحزب الوفد مدحت خفاجي رسالة شديدة اللهجة لرئاسة الجمهورية، يحذر فيها من المساس بوضع قناة السويس والتفريط في أصولها، باعتبارها "أيقونة وطنية سالت على أرضها دماء آلاف المصريين، ومن أجلها خاض الوطن 4 حروب كبرى، لكي يحافظ على سيادتها وأصولها"، مبديا دهشته من تمرير البرلمان لهذه التعديلات، لأسباب اقتصادية، بينما "القناة" هي المورد الثالث للدخل القومي، بعد تحويلات المصريين للخارج وعوائد السياحة، التي تدر مليارات الدولارات سنويا للدولة.

مخاوف من رهن القناة بتعثر الصندوق

ويبدي آلاف المشاركين في حملة الحفاظ على القناة على وسائل التواصل الاجتماعي، مخاوفهم من رهن أو بيع قناة السويس في حالة تعثر الصندوق ذاته أو اقتراضه أموالا دون أن يتمكن من ردها، لا سيما أن مبدأ الاقتراض يظل مفتوحا له من الداخل والخارج."6"

وطلبت حكومة السيسي،  من رئيس هيئة قناة السويس الفريق أسامة ربيع الظهور في العديد من البرامج التلفزيونية، للدفاع عن مشروع القانون، دون أن تسمح في المداخلات الهاتفية لأي من النواب أو الخبراء الاقتصاديين المعارضين للقانون بالظهور لعرض وجهة النظر المختلفة.

وقال ربيع: "لا مساس بقناة السويس لأن الصندوق سيكون مملوكا لهيئة القناة، وسيساهم بشكل كبير في دعم مصادر تمويلها، وفقا لأفضل المعايير والقواعد الدولية، ومجابهة الأزمات والحالات الطارئة التي تحدث نتيجة الظروف الاستثنائية أو القوة القاهرة وسوء الأحوال الاقتصادية"."7"

وفي نفس السياق ، خيّم شبح إفلاس الدولة على تغريدات المصريين على "تويتر"، وذلك بعد إقرار مجلس النواب المصري مشروع قانون بإنشاء صندوق مملوك لهيئة قناة السويس، واستعاد المغردون ذكرى حفر القناة والذين ماتوا خلال ذلك، وأيضاً ذكرى التأميم عام 1956، وصولاً إلى السياسات الاقتصادية الفاشلة التي أدّت إلى استمرار بيع الأصول المصرية بهدف سداد الديون.

وكتب الأستاذ الجامعي عمار علي حسن: "يبدو أننا قد انتهينا من بيع الأثاث، وبدأت مرحلة بيع جدران البيت. أتحدث عن قانون ينظره البرلمان الآن عن إنشاء صندوق لهيئة قناة السويس، يكون من حقه شراء وبيع وإيجار واستئجار الأصول الثابتة والمنقولة والانتفاع بها. يا لضيعة أرواح الذين استشهدوا في التأميم، والذين دفعوا أثمانا بسببه".

من جهته، قدم المحامي نجاد البرعي اقتراحاً حول الصناديق الخاصة، فكتب: "في ظني إن توحيد الميزانية هو الطريق الوحيد للإصلاح المالي. والإصلاح المالي هو أحد الطرق التي يمكن أن توصلنا إلى وضع اقتصادي أفضل، وهو ما سيحسن من وضع الناس طبعا. لا يجب أن تكون هناك أي موازنات مستقلة أو صناديق خاصة".

فيما كتب المهندس نائل شافعي: "منذ يومين وصلني على الخاص طلب إبداء رأيي في بيع أسهم بقناة السويس لسداد ديون مصر، واستشهد المرسل ببيع أرامكو ببيع أسهم. فرددت برفض قاطع. وبعد يومين نرى أن مجلس النواب يوافق على بيع أسهم قناة السويس".

وبعد سرد مبسط عبر 3 تغريدات لمعركة إلغاء الامتياز على القناة، قارن الأديب إبراهيم عبد المجيد بين تمسك الماضي وتخلي الحاضر: "مش لازم تاريخ القناة والحفر، والضحايا المصريين بعشرات الآلاف ولا حرب 56، والمقاومة المصرية العظيمة كله معروف. بالمناسبة إبراهيم ناصف الورداني كان صيدليا تعلم في سويسرا وإنكلترا وكان عمره 24 سنة"."8"

إدانات حزبية لقانون خصخصة قناة السويس

وفي سياق متصل، تواصلت إدانات الأحزاب المصرية إزاء تعديل قانون نظام هيئة قناة السويس.

وأعلن حزب الكرامة، رفضه القاطع لتعديل قانون هيئة قناة السويس لإنشاء صندوق خاص غرضه المعلن هو استثمار أصول الهيئة، وتنمية فوائضها المالية، مؤكداً أن "التعديل يفتح في واقع الأمر باباً خلفياً للفساد، ويزيد من معاناة الاقتصاد المصري الجريح، ويعمق اختلالاته الهيكلية التي بدأت مع تجربة إنشاء الصناديق الخاصة المريرة".

وختم الحزب بالقول: "على السلطة الحاكمة أن تتوقف عن سياسة الحكم بالصناديق الخاصة، وتعيد النظر في مبدأ وحدة الموازنة العامة الذي يتطلبه الظرف الراهن، بعد الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تسببت فيها سياسات تفتقر للرشد، أو أولويات هذا الوطن ومشكلات أبنائه".

كذلك أصدرت أحزاب العربي الناصري والاشتراكي المصري والوفاق القومي بياناً مشتركاً، دعت فيه الرئيس المصري إلى عدم التصديق على تعديل القانون في حالة إقراره نهائياً من مجلس النواب، مؤكدة أن "الشعب المصري، وكل قواه السياسية الوطنية الحية، ترفض هذا القانون بوصفه يمثل خطراً داهماً على الدولة، ويكرر مآسي الصناديق السيادية البعيدة عن رقابة السلطة التشريعية، بوصفه ستاراً لخصخصة ملكية قناة السويس جزئياً أو كلياً".

وكان حزب التحالف الشعبي الاشتراكي قد اتهم نظام الحكم الحالي بـ"إهدار كل مكتسبات نضال الشعب المصري التاريخية، بعد أن أغرق البلاد في الديون الخارجية"، محذراً من تداعيات خصخصة هيئة قناة السويس، وإمكانية مبادلة ديون الدولة بأسهم القناة، بعد الإعلان عن تدشين صندوق جديد للهيئة بغرض واحد هو بيع أصولها.

كما انطلقت الادانات للمعارضين بالخارج وعلى مقدمتهم جماعة الاخوان المسلمين التى رفضت المساس بالقناة ، ووصفتها بالخط الأحمر والاستراتيجي، وطالبت بالتصدي السياسي لهذه القوانين المدمرة لثروة مصر .

كما اطلقت قنوات المعارضة الخارجية (وطن ومكملين والشرق) حملات للتصدي لهذه الجريمة في حق مرفق وطني استراتيجي خطير .

و دشنت "الحركة المدنية الديمقراطية" في مصر، حملة (شعبية) قالت إنها تهدف للدفاع عن قناة السويس.

وقالت الحركة، في بيان، إنه "عملاً بمبدأ وحدة الموازنة وسيادة الشعب، تدعو الحركة كل القوى الوطنية للمشاركة في تأسيس الحملة الشعبية للدفاع عن قناة السويس"، وأكدت الحركة أنها دشنت الحملة "انطلاقاً من إدراك أن المهمة الأولى التي ينبغي أن تنشغل بها كل القوى الوطنية هي مواجهة المخاطر التي ينطوي عليها مشروع قانون صندوق قناة السويس، سواء من زاوية حماية الموارد الاقتصادية والسيادة الوطنية والأمن القومي، وتأكيد دور المجتمع والبرلمان في الرقابة على كل الموارد".

وأوضح البيان أن أهداف الحركة هي "سحب مشروع صندوق قناة السويس الذي تقدّمت به الحكومة لمجلس النواب، وعدم صدوره نهائياً إلا بعد الموافقة عليه (مادة.. مادة) ثم التصديق عليه ونشره في الجريدة الرسمية" ، وأضافت أنه "من أجل هذا الهدف، تحتشد كل القوى بهدف سحب المشروع".

وذكرت أن "هذا الهدف العريض عابر للخلافات السياسية والفكرية في القضايا الأخرى، وهو لا يخلط هدف إسقاط القانون بأي مواقف من السلطة ومؤسسات الحكم، تراها أطراف في الحملة تأييداً أو معارضة". وأوضحت أن "الحملة بطبيعتها مؤقتة بتحقيق هدفها، وتلتزم بالمسارات السلمية والدستورية"."9"

كما أصدرت حركة الاشتراكيين الثوريين المصرية بيانًا أعلنت من خلاله رفضها لما وصفته بـ"خصخصة قناة السويس"، ردًا على إعلان الحكومة المصرية عن تعديل القانون رقم 30 لسنة 1975 بشأن نظام هيئة قناة السويس.

وقالت الحركة في بيانها"بعد أن تنازل السيسي عن تيران وصنافير دعمًا لعلاقاته بالسعودية وإسرائيل لتثبيت أركان حكمه، ها هو يعود ليوجه حكومته إلى تمرير مشروع قانون خصخصة قناة السويس، عبر برلمان فصلته أجهزة المخابرات بعيدًا عن الشعب المصري وقواه الحية".

واعتبرت الحركة أن المشروع الحكومي لتعديل القانون رقم 30 لسنة 1975، بشأن نظام هيئة قناة السويس، يهدف إلى "إنشاء صندوق خاص جديد للهيئة يجري تمويله من إيرادات الهيئة وفائض أرباحها، ويعتبر من أشخاص القانون الخاص وليس العام، وأهدافه صريحة في الاستثمار وتأسيس شركات وشراء، أو بالأحرى بيع أصول وخلافه". "10"

المصادر:

  1. "مصر تقر تشريعاً يسمح ببيع وتأجير أصول هيئة قناة السويس" ، العربي الجديد، 19 ديسمبر 2022 ، https://cutt.us/2MSPP
  2. "صندوق مصري للاستيلاء على أموال قناة السويس بعيداً عن الموازنة العامة"، العربي الجديد، 20 ديسمبر 2022،

https://cutt.us/CDOOR

  1. رنا ممدوح ، "مستشار قناة السويس السابق: الهدف من الصندوق فصل ملكية القناة عن إدارتها ونتفاوض مع كيانات كورية للشراكة" ، مدي مصر ، 24 ديسمبر 2022، https://cutt.us/M4cKg
  2. "ازمة الدولار تدفع السيسي نحو الجنون.. يتجه لبيع الأرض للأجانب وخصخصة القناة" ، بوابة الحرية والعدالة ،  21 ديسمبر 2022 ، https://cutt.us/nonEj
  3. عادل صبري، "صندوق قناة السويس: خشية الشارع المصري من الخصخصة"، 22 ديسمبر 2022، https://cutt.us/xeGoi
  4. رنا ممدوح، "صندوق قناة السويس».. بيعٌ أم تطوير؟، مدي مصر، 21ديسمبر 2022،  https://cutt.us/W4j09
  5. عادل صبري، "صندوق قناة السويس: خشية الشارع المصري من الخصخصة"، 22 ديسمبر 2022، https://cutt.us/xeGoi
  6. صفية عامر، "لمصريون يعترضون على إنشاء صندوق قناة السويس" العربي الجديد ،20 ديسمبر 2022، https://cutt.us/zUZ24
  7. "إدانات حزبية مصرية لقانون خصخصة ملكية قناة السويس" ، العربي الجديد، 20 ديسمبر 2022، https://cutt.us/St09r
  8. ""الاشتراكيين الثوريين" المصرية ترفض خصخصة قناة السويس" ، العربي الجديد، 21 ديسمبر 2022، https://cutt.us/fxbiW