تحركات أمريكية لإنهاء أزمة أثيوبيا .. وتحذير للقاهرة والخرطوم

الاثنين - 13 ديسمبر 2021

شهد ملف الصراع الإثيوبي الداخلي ، تحركات أمريكية لأنهاء الأزمة، من خلال زيارة المبعوث الأميركي الخاص لمنطقة القرن الأفريقي " جيفري فيلتمان " مؤخرا إلى القاهرة، و جولة أخرى تشمل تركيا والإمارات تجري الآن.. وحذرت واشنطن "القاهرة" و"الخرطوم " من التدخل لتأجيج الحرب الداخلية .. لأن ذلك سوف يؤثر على مصالحها القومية .. وقد رضخت مصر للمطالب الأمريكية بالتراجع عن تأجيج الصراع، وفي نفس السياق نفت السودان اتهام إثيوبي  لها بدعم مليشيات "تيغراي"  ، فيما قدّم الشركاء الإقليميين وعلى رأسهم الإمارات بمساعدة الصين والروس مؤخرا مساعدات لأبي أحمد .. لحسم الصراع لصالحه  وقد تزامن ذلك مع بناء شركات مصرية  سدا في تنزانيا ، لدعم إيجاد بدائل لسد العجز المائي في مصر ، ومن خلال سطور هذا التقرير نتعرض للتفاصيل.

قال دبلوماسي مصري سابق وخبير في فضّ النزاعات الدولية ، أن زيارة المبعوث الأميركي الخاص لمنطقة القرن الأفريقي جيفري فيلتمان  مؤخرا إلى القاهرة .. تأتي ضمن جولة تشمل تركيا والإمارات لإقناع القاهرة بعدم التدخل في الحرب الأهلية الدائرة بين جبهة تحرير تيغراي والجيش الإثيوبي بما يزيد من اشتعال الموقف . متابعا ، أن العالم كله يعرف أن  الدول الفاعلة في إثيوبيا  هي الصين وروسيا ومصر والإمارات وتركيا  الولايات المتحدة تعرف جيداً ماذا يفعل كل طرف من هذا الأطراف في  هذه الأزمة

وأكد الدبلوماسي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، في حديث مع "العربي الجديد"، أن خلق مزيد من الفوضى في القرن الأفريقي  يمثل تهديداً أمنياً إضافياً لمصر بعد سيناء وليبيا ..  وقد يؤدي إلى نزوح آلاف الإثيوبيين إلى السودان.

فيما أكدتا مصر والسودان  لأمريكا  ضرورة وقف عمليات البناء والملء حتى التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم بين الدول الثلاث بشأن قواعد الملء والتشغيل..  وحذرتا من تأثيره السلبي على حصتهما من مياه نهر النيل

موضحا أن حفظ الاستقرار في إثيوبيا  يمثل مصلحة عليا بالنسبة إلى مصر ..  ولذلك فإن مسألة التوصل إلى سلام بين جبهة تحرير تيغراي  والحكومة الاتحادية في أديس أبابا تعد مهمة للقاهرة  بصرف النظر عن الصراع المصري الإثيوبي بشأن سد النهضة الذي تبنيه الأخيرة .

من جانبه ، قال مصدر مصري مطلع على ملف الأزمة مع إثيوبيا:  " هناك جناحاً داخل الإدارة المصرية  وتحديداً في المخابرات العامة.. يعتقد أن تحريض جبهة تحرير تيغراي ودعمها سراً في حربها ضد حكومة أبي أحمد  يعود بالفائدة على موقف مصر في نزاع سد النهضة مع الحكومة الإثيوبي .. و هناك جناح آخر في وزارة الخارجية وهيئة الأمن القومي  يرى أن التصعيد في إثيوبيا يضر بمصر "

  وقد كررت إثيوبيا اتهامات مباشرةً للقاهرة بوقوفها وراء إثارة القلاقل في تيغراي وغيره من الأقاليم المتمردة.. وعادة ما تنفي مصر تدخلها في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، ومن بينها إثيوبيا.

فيما شدد المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس في تصريحات صحفية مؤخرا على  أن إنهاء الاشتباكات في إثيوبيا لا يمر من خلال الحل العسكري...  وأعرب عن رغبة بلاده في استخدام الوسائل الدبلوماسية

  بالتزامن مع جولة المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الأفريقي  جيفري فيلتمان .. أصبح من الواضح ان هناك رغبة أمريكية في أنهاء الأزمة الأثيوبية والعودة للمفاوضات في أزمة سد النهضة

واعتبر عضو مجلس النواب الفدرالي الإثيوبي  محمد العروسي رهان مصر على استمرار الاضطرابات في إثيوبيا لتعطيل قضية سد النهضة هو رهان خاسر..  "لأن الاتفاق عليه بين الإثيوبيين أكبر من السد نفسه وهو الأمر الذي توافق عليه الجميع ويراه الإثيوبيون عنوانا لوحدتهم ورمزا لتنميتهم.. و لا أعلم شيئا توافقوا عليه بكافة أعراقهم ودياناتهم مثل سد النهضة وهو مشروع قومي وصرح حضاري لا أعتقد أنه قابل للتغيير لدى أي طرف من الأطراف "

من جانبه ، قال الباحث في الشأن الأورومي جمال محمد غَرَيْ: " مصر تراهن، بلا شك  أن تساعدها الأحداث الجارية في قلب موازين الأمور في إثيوبيا من أجل أن الخروج من أزمة سد النهضة بأقل ضرر .. لكن خروج جبهة التيغراي منتصرة لا يعني التزاما إثيوبيا بذلك

بينما نفت من جانبها وزارة الخارجية السودانية أمس الأحد اتهامات إثيوبية للخرطوم بدعم جبهة "تحرير تيغراي " .. وفتح أراضيها لها لحسم الصراع ضد حكومة أبي أحمد ..وشددت على التزامها بمبادئ حسن الجوار..  وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى..  معتبرة أن "ما أوردته الوكالة الإثيوبية لا أساس له من الصحة مطلقا".

كما أعلن وزير الموارد المائية والري المصري  "محمد عبدالعاطي" مؤخرا ..     إن بلاده أبدت مرونة كبيرة خلال مراحل التفاوض المختلفة لرغبتها في التوصل لاتفاق عادل وملزم فيما يخص ملء وتشغيل سد النهضة .. إلا أن ذلك لم يقابل بحسن نية من الجانب الإثيوبي

 موضحا أن مصر تعتمد بنسبة 97% على مياه نهر النيل وتصل احتياجاتها المائية إلى نحو 114 مليار متر مكعب سنويا يقابلها موارد مائية لا تتجاوز 60 مليار متر مكعب سنويا..  ، بعجز يصل إلى 54 مليار متر مكعب  ويتم سد هذه الفجوة من خلال إعادة استخدام الميا  واستيراد محاصيل زراعية بما يعادل نحو 34 مليار متر مكعب سنوي

مصادر دبلوماسية مصرية كشفت مؤخرا عن اتصالات أجراها المسؤولون الإثيوبيون في فريق التفاوض الخاص بسدّ النهضة.. مع نظرائهم المصريين من خلال مسؤولين عن الملف في الاتحاد الأفريقي  لعرض بدء جولة جديدة من المفاوضات تحت مظلة الاتحاد

سد جديد في تنزانيا :

وبحثا عن بدائل لسد العجز المائي .. وزير الإسكان المصري "عاصم الجزار" .. يعلن عن أن العمل في سد "جوليوس نيريري" الذي تنفذه الشركات المصرية بتنزانيا يشهد تطورا كبيرا .. وكشف "الجزار" أن المشروع يشمل ملايين الأطنان من الأعمال الخراسانية وآلاف الأطنان من الحديد وما يقرب من 8 آلاف عامل.. منهم أكثر من 6500 عامل تنزاني  وهذا يعكس قوة الإدارة المصرية للمشروع

مضيفا أن "المشروع له تأثير اقتصادي كبير على المنطقة المحيطة..  بجانب تدريب العمال التنزانيين على استخدام المعدات الحديثة التي يرونها للمرة الأولى"

مشروع السد التنزاني يهدف إلى توليد الطاقة الكهرومائية حيث تبلغ سعته التخزينية حوالي 34 مليار متر مكعب..  وتنفذ المشروع شركتا المقاولون العرب والسويدي المصرية، وتبلغ تكلفته حوالي 2.9 مليار دولار