تحت الحصار .. نقابة الصحفيين المصرية تجري انتخاباتها في عيدها الثمانين
الخميس - 22 أبريل 2021
تنطلق اليوم الجمعة 2 إبريل 2020، انتخابات التجديد النصفي لنقابة الصحفيين بمصر ، بالتزامن مع مرور ثمانون عاماً على تأسيس النقابة ، بينما يواجه الصحفيون المصريون جملة من المعارك المتعلقة بحرية نقابتهم وعملهم بل وحريتهم الشخصية، حيث يقبع عشرات الصحفيين في السجون ، وقد كشفت مصادر صحافية مطلعة في مصر أسماء المرشحين المدعومين من جهاز "الأمن الوطني" التابع لوزارة الداخلية، في انتخابات التجديد النصفي لنقابة الصحافيين المصريين، في حالة اكتمال النصاب القانوني اللازم لعقد الجمعية العمومية، المقدر بـ25 في المائة من إجمالي عدد الأعضاء الذين يحق لهم التصويت، والبالغ عددهم نحو 11 ألف صحافي ، ومن خلال سطور هذا التقرير نرصد أهم التطورات في هذا الملف ..
الأمن الوطني يحشد لانتخابات الصحفيين "بالأمر المباشر"
وقد كشفت مصادر صحافية مطلعة في مصر أسماء المرشحين المدعومين من جهاز "الأمن الوطني" التابع لوزارة الداخلية، في انتخابات التجديد النصفي لنقابة الصحفيين المصريين، المقرر إجراؤها اليوم الجمعة، في حالة اكتمال النصاب القانوني اللازم لعقد الجمعية العمومية، المقدر بـ25 في المائة من إجمالي عدد الأعضاء الذين يحق لهم التصويت، والبالغ عددهم نحو 11 ألف صحافي.
وقالت المصادر لـ"العربي الجديد"، إن القائمة أرسلت من ضباط في جهاز "الأمن الوطني" لرؤساء مجالس إدارات وتحرير المؤسسات الصحافية القومية (الحكومية) والخاصة، والذين مرروها بدورهم إلى مرؤوسيهم من القيادات الصحافية في كل مؤسسة، ومن ثم إلى رؤساء الأقسام لإخطار عموم الصحافيين بهذه الأسماء، وحثهم على انتخابهم كقائمة موحدة، وهو ما أثار حالة من الغضب الواسع بين جموع الصحافيين بسبب إملاء أسماء بعينها عليهم لانتخابها.
وتضم القائمة المدعومة على منصب النقيب رئيس الهيئة العامة للاستعلامات التابعة لمؤسسة الرئاسة، النقيب الحالي ضياء رشوان، والذي منحته الحكومة "رشوة انتخابية" تتمثل في زيادة بدل التدريب والتكنولوجيا لأعضاء نقابة الصحافيين بنسبة 20%، اعتباراً من أول يوليو/ تموز المقبل، وذلك بقيمة 420 جنيهاً (27 دولاراً تقريباً).
وأوضحت المصادر أن القائمة تضم على مقاعد العضوية (فوق سن 15 عاماً) كلاً من: عضو مجلس الشيوخ المعين من رئيس الجمهورية، ورئيس تحرير جريدة "الرأي" (أحد إصدارات مؤسسة دار التحرير القومية)، إبراهيم أبو كيلة، وعضو مجلس النقابة المنتهية مدته، ورئيس تحرير مجلة "علاء الدين" التابعة لمؤسسة "الأهرام" الصحافية، حسين زناتي، والكاتب الصحافي في المؤسسة نفسها، عضو مجلس النقابة السابق، هاني عمارة.
أما على مقاعد العضوية (تحت سن 15 عاماً)، فإن القائمة تضم كلا من: رئيس تحرير بوابة "روز اليوسف" الإلكترونية، وعضو مجلس النقابة المنتهية مدته، أيمن عبد المجيد، ورئيس قسم الحوادث في جريدة "الوطن" اليومية الخاصة، الصحافي المقرب من الأجهزة الأمنية، سامي عبد الراضي، والصحافية المسؤولة عن تغطية ملف النقابات المهنية في جريدة "الجمهورية"، دعاء النجار
وفي بيان إلى الجمعية العمومية لنقابة الصحافيين، قال عضو مجلس النقابة الحائز على أعلى الأصوات في انتخابات عام 2019، وعضو اللجنة المشرفة على الانتخابات المرتقبة، الصحافي محمود كامل: "تواترت أنباء عن حشد عدد من إدارات الصحف لقائمة محددة للمرشحين لعضوية مجلس النقابة، بحجة بررتها هذه الإدارات للزملاء بأنها تعليمات صدرت عن ضباط في جهاز الأمن الوطني".
وأضاف كامل: "تلقيت أكثر من شكوى شفاهية من زملاء أعلنوا تضررهم من هذه الضغوط التي تمارس عليهم، وتفهمت تماماً منطق الزملاء الشاكين بعدم تقدمهم بشكاوى رسمية إلى اللجنة المشرفة على الانتخابات، خوفاً من تعرضهم للبطش، وهو الأمر الذي عجزت أمامه عن التعامل مع هذه الشكاوى بشكل رسمي، بصفتي عضواً في اللجنة المشرفة على الانتخابات". وتابع: "بناءً على ذلك، أعلن رفضي التام لمثل هذه الممارسات الخطيرة، وغير المسؤولة، التي تأتي في ظل ظرف خطير تمر به بلادنا. ويعلم أي شخص عاقل مخلص لتراب هذا الوطن، أنه وقت لا مجال فيه إلا للاصطفاف دفاعاً عن أمن مصر القومي، المتمثل في الحفاظ على أمننا المائي".
وزاد كامل: "أثمّن موقف الجمعية العمومية لنقابة الصحافيين التي رفضت هذه الممارسات، وأثق في أنها لن تتأثر بها، وستنتصر لضميرها المهني الذي سيكون هو الشاهد الوحيد - بعد الله تعالى - على اختياراتها السرية أمام صناديق الاقتراع، سواء على منصب النقيب، أو لستة أعضاء يمثلون نصف أعضاء المجلس خلال عملية التصويت. عاشت نقابة الصحافيين، وعاشت إرادتنا حرة".
ونشر الكاتب الصحافي المصري المرشح على مقعد نقيب الصحافيين، كارم يحيى، صورة صادرة عن مجلس إدارة صحيفة الأهرام القومية، تحث الصحافيين على نزول الانتخابات، من خلال احتساب يوم الجمعة المقبل يوم عمل، وتوفير أتوبيسات لحشد الصحافيين.
وعلق يحيى "على طريقة الاتحاد الاشتراكي وكل الأساليب الاستبدادية الفاسدة والتصويت من خلال تجميع الناخبين في وسائل النقل الجماعي بالشركات، والتلويح بكشوف الحضور والغياب، وصولا إلى انتخابات رئاسة الجمهورية ربيع 2018، تراث من تدخّل السلطة/ رؤساء إدارات المؤسسات الصحفية يجري استعادته في انتخابات الصحفيين المصريين 2021 تحت حجة (التسهيل على الناخبين من أجل زيادة المشاركة) وطبعا دفاتر الحضور والانصراف موجودة في يوم عطلة لمتابعة من استجاب مع المعلومات المتداولة بين الزملاء، عن قائمة الأمن / الدولة إياها برئاسة رئيس هيئة الاستعلامات الحكومية واللجنة النقابية المشرفة على الانتخابات، متورطة بالأصل في انحيازات وانتهاكات ضد سلامة ونزاهة انتخابات الصحفيين وترسل لها انت وغيرك مذكرات بالانتهاكات فلا ترد ولا تتخذ أي إجراء ، وهي بالاصل من داس بالأحذية على قرار الجمعية العمومية رقم 13 في 15 مارس/آذار 2019 بحظر جمع موظف حكومي بين منصبه وبين الترشح لموقع منتخب بنقابة الصحفيين المصريين والالتزام بتطبيقه من هذه الانتخابات".
ويترشح 6 على مقعد «النقيب» و55 لعضوية مجلس النقابة، وفقاً للأرقام التي أعلنتها اللجنة المشرفة على الانتخابات ، بينما وصل عدد المرشحين في «انتخابات الصحفيين» مارس 2019، 11 لمنصب «النقيب»، وبلغ عدد المرشحين على عضوية المجلس 52 مرشحًا، بنسبة أقل من انتخابات مارس 2017، التي شهدت وجود 80 مرشحًا، 7 على مقعد «النقيب»، و73 مرشحًا على عضوية المجلس، وتقلص عددهم إلى 70 عقب استبعاد اثنين وتنازل ثالث.
وتعقد الجمعية العمومية انتخابات التجديد النصفي لنقابة الصحافيين المصريين خارج المبنى العريق للمرة الأولى، حيث تعقد في مقر نقابة ونادي المعلمين بمحافظة الجيزة، الذي يضم ساحة فضاء تبلغ مساحتها 5600 متر مربع، بما يسمح باتخاذ الإجراءات الاحترازية في مواجهة أزمة تفشي فيروس كورونا.
ويقع مبنى نقابة الصحافيين المصريين، خلف قضبان السقالات منذ ثلاث سنوات، وأمام عناصر أمنية دائمة التواجد على الرصيف المقابل للنقابة؛ منذ أن أعلن سكرتير عام مجلس نقابة الصحافيين المصريين، محمد شبانة، بدء عمليات تطوير المبنى وترميم واجهته، وحتى الآن لا تزال السقالات موضوعة رغم عدم وجود تطوير ولا عمال ولا حتى دراسة جدوى أو خطة زمنية لإنهاء التطوير.
الانتخابات تحت حصار الرشاوى الانتخابية
وتجري الانتخابات اليوم تحت سقف رشاوي انتخابية كثيرة ، فنجد في 25 مارس الماضي، أعلنت الحكومة المصرية زيادة بدل التدريب والتكنولوجيا الذي يحصل عليه أعضاء نقابة الصحافيين المصريين، بنسبة 20 في % من قيمته الحالية، بدءاً من يوليو/تموز المقبل، وهي زيادة مرتقبة وشبه حتمية، لوّح بها النقيب الحالي والمرشح المحتمل، ضياء رشوان، منذ اليوم الأول لإعلانه خوض الانتخابات على منصب النقيب
بدل التدريب والتكنولوجيا، هو عبارة عن مخصصات مالية يحصل عليها أعضاء نقابة الصحافيين المصرية شهرياً، من قبل المجلس الأعلى للصحافة (حكومي)، وقيمته نحو 2100 جنيه مصري (نحو 135 دولاراً أميركياً)، وبالزيادة الأخيرة تصبح قيمته 2520 جنيهاً (نحو 160 دولاراً).
وكون الزيادات في قيمة المخصصات المالية التي تمنحها الحكومة للصحافيين، مرهونةً في أغلب الوقت بمواعيد إجراء انتخابات التجديد النصفي لنقابة الصحافيين المصريين، في مارس/آذار كلّ عامين، وكونها مرتبطة بترشح الشخصيات المحسوبة على النظام، فإنّ هذا يجعل دائماً من زيادة بدل التدريب والتكنولوجيا بمثابة "رشوة انتخابية". هذه الجزئية نبّه لها المرشح الحالي على مقعد نقيب الصحافيين المصريين، كارم يحيى، وهو كاتب صحافي محسوب على تيار اليسار، وله مواقف نقابية بارزة، للسعي في برنامجه الانتخابي من أجل "تحرير زيادة البدل من التلاعب والفساد والإفساد" ورهنه بتوقيت الانتخابات.
وكان يحيى قد أرسل إنذاراً على يد محضر لكلّ من رئيس الحكومة، مصطفى مدبولي، ووزير المالية، محمد معيط، ورئيس اللجنة المشرفة على الانتخابات، خالد ميري، مطالباً بتقنين زيادة البدل سنوياً. وأكد أنّه "يتعين التنبه إلى ضرورة استكمال الجهد والعمل من أجل تحرير زيادة البدل تماماً، بعيداً عن الانتخابات، وأن يحصل الصحافيون على تقنين واضح صريح بلا لبس، بزيادة سنوية دورية معتبرة، ضمن ميزانية الدولة كلّ عام، وعلى أن تجاري هذه الزيادة التضخم وغلاء المعيشة. ومن هنا تأتي أيضاً أهمية المتابعة والتضامن النقابي مع الدعاوى القضائية المرفوعة بهذا الشأن. كما أنّ وصول شخصيات مستقلة بحق إلى مواقع النقيب ومجلس النقابة هو الضمانة المؤكدة لإنجاز هذا المكسب الذي تأخر كثيراً، ومن أجل التصدي للانتكاس عن مكسب اليوم، وإنهاء التلاعب مجدداً من الفاسدين المفسدين بزيادة البدل لمصالحهم الشخصية والانتخابية".
وكانت اللجنة المشرفة على انتخابات الصحفيين 2021 أعلنت فشل اكتمال النصاب القانوني الجمعة الماضية لانعقاد الجمعية العمومية لإجراء انتخابات التجديد النصفي، حيث حضر فقط 157 عضوا بواقع 145 عضوا بمقر النقابة الرئيسي في القاهرة، و12 عضوا فقط في فرعية النقابة بالإسكندرية، ويمثل هذا الرقم ما يقرب من 2% بينما كان يتطلب لاكتمال النصاب القانوني أكثر من 50% من الأعضاء أي حضور 4873 عضوا ممن سددوا الاشتراك.
وقال خالد ميري، رئيس اللجنة المشرفة على انتخابات نقابة الصحفيين 2021، في تصريح خاص لـ«الوطن» إن عدد أعضاء الجمعية العمومية يبلغ 9915، منهم 8861 سددوا الاشتراك ولهم حق التصويت، لافتا إلى أن هذا العدد كان في الجمعية الماضية، لكن بعدما أقر مجلس النقابة نتيجة لجنة قيد المشتغلين الأخيرة، وأعلنها أمس السبت، فإنه بموجب هذه النتيجة تمت إضافة 179 عضوا للجمعية العمومية.
ووفقا لكلام «ميري» فإن عدد أعضاء الجمعية العمومية يبلغ حاليا 10 آلاف و85 عضوا، منهم 9031 عضوا سددوا الاشتراك ولهم حق التصويت في انتخابات نقابة الصحفيين 2021.
انتخابات في ظل قمع الحرية
ويقبع عشرات الصحافيين المصريين في السجون ومقار الاحتجاز المختلفة، والعشرات غيرهم باتوا بدون عمل نتيجة الفصل التعسفي للصحافيين أو غلق مجال الحريات.
حيث يقبع على الأقل 29 صحافياً في السجون المصرية، وفقاً لأحدث إحصائيات نشرتها منظمة مراسلون بلا حدود، بينما يرتفع العدد لما يقرب من 80 صحافياً وإعلامياً في تقديرات حقوقية محلية، تحصي جميع العاملين في مجال الصحافة والإعلام من النقابيين وغير النقابيين.
وطبقاً لأحدث تصنيف لمنظمة مراسلون بلا حدود، بشأن حرية الصحافة في 2020، الصادر في 21 إبريل/نيسان الماضي، ظهر تراجع مصر للمرتبة 166 في التصنيف العالمي لحرية الصحافة، بتراجع 3 مراكز عن ترتيبها في العام الماضي.
وحسب وصف المنظمة تعد مصر واحدة من أكبر سجون الصحافيين بالمنطقة. ويوصّف التقرير حالة الصحافة في 180 بلداً، انطلاقاً من منهجية تُقيم مدى تعددية وسائل الإعلام واستقلاليتها وبيئة عمل الصحافيين ومستويات الرقابة الذاتية، فضلاً عمّا يحيط بعملية إنتاج الأخبار من آليات داعمة مثل الإطار القانوني ومستوى الشفافية وجودة البنية التحتية.
واعتبرت المنظمة أن مصر والسعودية التي احتلت المرتبة 170 متقدمة مركزين عن العام الماضي، قد تحولتا لأكبر سجون في العالم بالنسبة للصحافيين، بعد الصين التي تتربع على الصدارة في هذا المضمار.