بناء 6 سجون جديدة .. وتوثيق حقوقي يؤكد : الحريات الأكاديمية تحتضر

الثلاثاء - 7 ديسمبر 2021

شهدت الساحة الحقوقية على مدار الساعات القليلة الماضية توالي مزيدا من التقارير الحقوقية الدولية والمحلية التي تكشف جرائم النظام المصري الحقوقية ، حيث أصدر البرلمان الإيطالي تقرير جديد حول مقتل الطالب "روجيني" ، يطالب  مصر بإحالة مصر للمحكمة الجنائية الدولية ، كما أكد تقرير أخر – قبل أيام - تورط نجل السيسي بشكل مباشر في الجريمة والإشراف على تعذيبه، وفي سياق متصل وثق تقرير ل"الشبكة العربية " استمرار التنكيل بالباحثين المصريين والأجانب واحتضار الحريات الأكاديمية ، وتزامن ذلك مع  إعلان "الداخلية "   إنشاء 6 سجون جديدة ضمن مجموع السجون بوادي النطرون والذي افتتحه السيسي في أكتوبر الماضي ، وذلك لاستيعاب مزيد من المعارضين في المرحلة المقبلة ، ومن خلال سطور هذا التقرير نتعرض للتفاصيل.

حمَّل تقرير جديد صادر عن لجنة برلمانية إيطالية أمس الإثنين، أجهزة الأمن المصرية، مسؤولية خطف وتعذيب وقتل الطالب الإيطالي "جوليو ريجيني"، عام 2016 في القاهرة، وهو التقرير الثاني خلال الأيام القليلة الماضية ، وطالب بإحالة مصر للمحكمة الجنائية الدولية لخرقها اتفاقية مناهضة التعذيب.

حيث تحدث تقرير آخر بشكل مباشر عن تورط "محمود" نجل "عبدالفتاح السيسي" في هذه القضية الشائكة ، وإشرافه بشكل مباشر على تعذيب ريجيني.

من جانبها ، استعرضت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان أشكال التضييقات والانتهاكات التي يتعرّض لها الباحثون والأكاديميون بمصر، سواء كان مصدرها وزارة التعليم العالي أو الجامعات نفسها وما يماثلها من مجالس إدارية أو كانت تدخلات أمنية لفرض شكل معين من الأبحاث المسموح بمناقشتها والتي لا بد أن تتوافق مع الرؤى الرسمية للدولة وللجهات الأمنية، مرورا بمخاطر إلقاء القبض عليهم ومحاكمتهم أو وضعهم قيد الحبس الاحتياطي التعسفي، وصولاً لعملهم في مناخ غير آمن قد يعرض حيواتهم للخطر، دون حماية رسمية من الدولة.

وفي ورقة بعنوان "الحريات الأكاديمية تحتضر"، أوضحت الشبكة الفجوة القائمة بين النصوص القانونية والمواثيق الدولية وبين تطبيقها على أرض الواقع، واستشهدت ببعض النماذج بعينها ليس بغرض الرصد والتوثيق ولكن كأمثلة داعمة لشكل الحياة الأكاديمية المصرية أخيرًا ولما يتعرض له الأكاديميون.

وطبقا للتقرير الصادر مساء أمس الأثنين ،  شهدت مصر في السنوات الماضية تعديا حادا على الأكاديميين والباحثين وأساتذة الجامعة، لا سيما المحسوبين على صفوف المعارضة لمنعهم من إبداء آرائهم بحرية، أو تعطيلهم عن كتابة المقالات والأبحاث التي قد لا تتوافق مع رؤى المنظومة الأمنية. كما نرى خلطا واضحا بين العمل الأكاديمي والرأي السياسي، فتتم معاقبة هؤلاء الأساتذة مرة بالحبس على ذمة قضايا سياسية، ومرة ثانية بالتعنت ضدهم في وظائفهم ومحاولات إيقافهم وفصلهم عن العمل أو تضييق الخناق عليهم بتحقيقات إدارية غير منصفة وتدور حولها شكوك التدخلات الأمنية وانعدام استقلالية القرار.

وأوردت الشبكة العربية نماذج من أكاديميين وباحثين تعرضوا لتضييقات وانتهاكات خلال السنوات الماضية، منهم الدكتور يحيى القزاز، والدكتورعبد الفتاح البنا، والدكتور أيمن منصور ندا، والدكتورة منار الطنطاوي، والباحث باتريك جورج، والباحث أحمد سمير سنطاوي، والباحث والأكاديمي وليد سالم، والدكتور أحمد التهامي، والدكتورة نجوى شتا، والدكتور حسن نافعة والدكتور حازم حسني.

وانتهت الشبكة إلى ضرورة سرعة الإفراج عن جميع الباحثين والأساتذة والأكاديميين المحبوسين احتياطيا على ذمة قضايا سياسية أو الذين هم قيد المحاكمة أو صدرت ضدهم أحكام في قضايا رأي، وضرورة توقف أجهزة الأمن عن ترصد الباحثين والأساتذة الجامعيين والبحث في نواياهم.

كما طالبت بعودة جميع الأساتذة المفصولين تعسفيا أو الموقوفين عن العمل أو الذين أُجبروا على الاستقالة إلى مناصبهم مرة أخرى، وبأن تميز إدارة الجامعات المصرية بين ما هو عمل سياسي، وما هو عمل أكاديمي محض، والتوقف عن معاقبة الأساتذة إداريا طبقًا لمواقفهم وآرائهم السياسية، وتعزيز استقلالية الجامعات واستقلالية قرارات مجالس الإدارة، دون أي تدخل مباشر أو غير مباشر أو ضغوط أمنية عليهم.

فضلًا عن المطالبة بدعم حق الباحثين في اختيار الموضوعات التي يرونها مناسبة من أجل العمل عليها، وضمان حق الأساتذة في التعبير عن آرائهم في إطار عملهم الأكاديمي أو خارجه بكل حرية ودون خوف أو مواربة، وعدم تدخل الأجهزة الأمنية في اختيار مجالس إدارات الجامعات وتعيينها، وأن تعود مجالس الإدارة بالانتخاب مرة أخرى، وتعزيز العمل الطلابي وتفعيله داخل الجامعات، وعلى رأسه عودة الاتحادات الطلابية المنتخبة بشكل نزيه.

يشار إلى أن المادة 21 من الدستور المصري نصت على أنّ "الدولة تكفل استقلال الجامعات والمجامع العلمية واللغوية، وتوفير التعليم الجامعي وفقًا لمعايير الجودة العالمية، وتعمل على تطوير التعليم الجامعي وتكفل مجانيته في جامعات الدولة ومعاهدها، وفقًا للقانون. وتلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي للتعليم الجامعي لا تقل عن 2% من الناتج القومي الإجمالي تتصاعد تدريجيًا حتى تتفق مع المعدلات العالمية".

ويمكن النظر إلى مستوى الحرية الأكاديمية في مصر من خلال التقرير السنوي لمؤشر الحرية الأكاديمية والذي هو نتاج جهد تعاوني من قبل باحثين بجامعة فريدرش-ألكسندر، وجامعة إرلانغن- نورنبرغ في ألمانيا، ومعهد V-Dem في جامعة غوتنبرج في السويد، والمعهد العالمي للسياسة العامة في برلين، وشبكة باحثون في خطر في جامعة نيويورك، والذي صنّف مصر ضمن الفئة الأخيرة، أي الفئة الأسوأ والأدنى في مستوى أداء الحريات الأكاديمية لعام 2021.

وطبقا لهذا المؤشر، حصلت مصر على أسوأ الدرجات وجاءت ضمن الفئة الخامسة والأخيرة التي ضمّت دولًا من بينها الصين وإيران وكوريا الشمالية واليمن وسورية والبحرين والسعودية والإمارات وتركيا وغينيا الإستوائية وإريتريا وكوبا، بل إن المؤسف أن درجات بعض الدول التي تحكمها حكومات شمولية قمعية كالصين وإيران حازت على درجات أعلى من مصر في تقييم الحريات الأكاديمية، بل إن اليمن الذي يخوض حروبا وصراعات داخلية جاءت في مرتبة أعلى من مصر أيضا، ما يشير إلى مدى التدني الذي تمر به مصر في ملف الحريات الأكاديمية.

وزير الداخلية المصري يصدر قرارا بإنشاء 6 سجون جديدة

وعلى صعيد حقوقي متصل ، نشرت الجريدة الرسمية في مصر (الوقائع)، الإثنين، قرار وزير الداخلية المصري، اللواء "محمود توفيق"، بإنشاء 6 سجون جديدة، بمنطقة وادي النطرون بمحافظة البحيرة، شمالي البلاد.

وينص القرار على عمل تلك السجون كمراكز للإصلاح والتأهيل، تنفذ بها العقوبات المقيدة للحرية وفقاً لأحكام القانون رقم 396 لسنة 1956 بتنظيم السجون.

وتبلغ سعة المجمع الذي يعد أحد أكبر السجون في العالم، وجرى افتتاحه، أكتوبر/تشرين الأول الماضي، نحو 34 ألف سجين.

ويتوافر بالسجن الجديد، الذي فضلت السلطات تسميته بـ"مركز الإصلاح والتأهيل"، مجمع محاكم يوفر 8 قاعات لجلسات المحاكمة، ومقار للقضاء والنيابة العامة، أي أن المحتجز داخله لن يرى العالم الخارجي، في أي من مراحل التقاضي.

وسيضاف المجمع الجديد إلى 35 سجنا جديداً أنشئت بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، ما يرفع إجمالي عدد السجون في البلاد إلى 78 سجنا.

وكان السيسي"، قد أعلن في اتصال هاتفي بالتليفزيون المصري، في الأول من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إن مجمع السجون لن يكون الأخير، قائلاً: "إحناهنفتح أكبر مجمع سجون، وده واحد من 7 أو 8 هيتم افتتاحهم، واحنا جايبين نسخة كاملة من النسخة الأمريكية".