بعد تقدم المفاوضات مع تركيا: مصر تلعب مجددا بـ"الورقة الليبية"
الخميس - 15 ديسمبر 2022
- النظام المصري يسعى لدور في حل الأزمة الليبية بعد إعلانه سحب اعترافه بحكومة "الدبيبة"
- تقدم في الاتصالات المصرية التركية.. وأنقرة تأمل في موافقة القاهرة على استمرار حكومة الدبيبة
- استعدادات تركية لتقديم "ضمانات" للقاهرة بمراعاة مصالحها حال التوافق بشأن المرحلة المقبلة
- نشاط واسع في القاهرة منذ مطلع ديسمبر 2022 بشأن الملف الليبي وتخطيط لاستقبال" حفتر"
- عباس كامل التقى المشري وصالح وأكد:"القاهرة تسعى بجدية للتوافق على حكومة جديدة"
- "الدبيبة" يؤكد أن الحوار الوطني هو البديل عن الصفقات المشبوهة التي تدار "بالقاهرة "
- لقاءات القاهرة أجمعت على عدم صلاحية حكومة "باشاغا" التى كانت يؤيدها حفتر و مصر
- صدمة للنظام المصري بعد إيفاد الأمم المتحدة مبعوثها "باتيلي " للقاء الدبيبة في طرابلس
- دبلوماسي مصري: أزمة الدبيبة والقاهرة تكمن في عدم التزامه باستقدام العمالة المصرية
- "الأعلى للدولة" يتجه لتعليق التواصل مع مصر وبرلمان طبرق بسبب قانون المحكمة الدستورية
- الاجتماع الاستخباري المصري التركي قرّب وجهات النظر حول ملف غاز المتوسط والازمة الليبية
إنسان للإعلام- خاص
سعت مصر، بقوة، منذ مطلع أكتوبر الماضي، لاستعادة دورها في الملف الليبي من جديد، واللعب بهذه الورقة.
في هذا الإطار تعددت اللقاءات الليبية – الليبية بالقاهرة بين الفرقاء، بحضور مبعوث الأمم المتحدة "باتيلي".
وتستهدف القاهرة استبعاد حكومة الدبيبة من المعادلة السياسية، لكنه هدف أصبح بعيد المنال، بعد التوافق الكبير بين النظام المصري وتركيا خلال اجتماع استخباري، عقد في مطلع الأسبوع الثاني من ديسمبر الجاري.
السطور التالية تكشف أهم التطورات في هذا الملف وتصاعد الأزمة الليبية، بعد قانون إنشاء محكمة دستورية ببنى غازي، و المحاولات التركية لحل الأزمة الليبية مع مراعاة المصالح المصرية.
مصر تسعي لعودة دورها في الملف الليبي
تسعى مصر لاستعادة دورها في حل الأزمة الليبية، في أعقاب تعطل المسار الذي كانت ترعاه، بعد إعلانها سحب اعترافها بحكومة الوحدة الوطنية التي يترأسها عبد الحميد الدبيبة .
وتشهد القاهرة منذ مطلع ديسمبر 2022، حالة نشاط واسعة على صعيد الملف الليبي، إذ استُقبل كل من مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا عبد الله باتيلي، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة عبد الله المشري.
كما خطط لاستقبال قائد قوات شرق ليبيا اللواء المتقاعد خليفة حفتر، بحسب مصادر ليبية محسوبة على معسكر الشرق الليبي، فيما اعتبر الدبيبة أن "الحوار الوطني هو البديل عن الصفقات المشبوهة التي تدار هنا وهناك من وراء الكواليس"، من دون أن يسمي أطرافها.
وعلى مدار الأسبوع الأول من ديسمبر ، التقى المشري وصالح، في لقاءين متتاليين في القاهرة، أحدهما كان بحضور باتيلي، وذلك قبل أن يلتقيا بشكل منفصل رئيس جهاز المخابرات العامة المصري اللواء عباس كامل، الذي يشرف على الملف الليبي، وذلك بهدف "التوصل لرؤية موحدة لحل الأزمة الليبية".
وقال مصدر ليبي مقرب من عقيلة صالح، لـصحيفة "العربي الجديد"، إنه من المقرر أن يصل إلى القاهرة خلال الساعات المقبلة وفدان من أعضاء مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، لاستكمال "المشاورات الليبية - الليبية"، بشأن التوافق حول القاعدة الدستورية وشروط الترشح للانتخابات الرئاسية، التي كانت العقبة الرئيسية خلال اجتماعات القاهرة السابقة، التي عُقدت خلال فترة تواجد المستشارة الأممية السابقة ستيفاني وليامز.
وكشف المصدر أن صالح والمشري "بحثا في القاهرة النقاط الخلافية الرئيسية"، مشيراً إلى أنهما "توافقا على استكمال المشاورات التي ترعاها مصر". وأوضح أن المشري وصالح "بحثا مع كامل، مصير السلطة التنفيذية في ليبيا، في أعقاب انتهاء صلاحية حكومة الوحدة الوطنية، وتمسك مصر بمقاطعتها".
في المقابل، علمت "العربي الجديد" أن "هناك رغبة مصرية في عقد لقاء رسمي لصالح والمشري مع السيسي، وهي الرغبة المرهونة بتوافق بين الجانبين لإنجاز اتفاق سياسي برعاية القاهرة".
وفي الوقت الذي تتمسك فيه مصر برفض التعاطي مع حكومة الوحدة الوطنية، وجّه الدبيبة رسائل عبر طرف إقليمي، باستعداده لتجاوز أي خلافات وإزالة الأسباب التي دفعت إلى تأزم العلاقات مع مصر، وذلك في الوقت الذي تتجه فيه العلاقات بين مصر وتركيا (الداعم الرئيسي لحكومته) نحو التحسن، في أعقاب اللقاء الذي جمع السيسي والرئيس التركي رجب طيب أردوغان في قطر على هامش افتتاح كأس العالم لكرة القدم.
وتشير معلومات من القاهرة إلى وجود حراك لمحاولة الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة تتولى الإشراف على مرحلة قصيرة لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، إذ يرفض المشري الاعتراف بحكومة فتحي باشاغا المكلفة من مجلس النواب في فبراير/شباط الماضي، كما يؤمن في الوقت الحالي بفقدان حكومة الدبيبة الكثير من المؤهلات التي تمكّنها من الاستمرار في قيادة السلطة التنفيذية بشكل يقود البلاد نحو الاستقرار".
كما تشير المعلومات إلى "تباين بين مكونات معسكر شرق ليبيا، بشأن حكومة باشاغا"، ففيما "ترى أطراف داخل ذلك المعسكر ضرورة التمسك بالحكومة التي كلفها مجلس النواب، لا تتمسك أطراف أخرى بها، معتبرة أن باشاغا لم يكن اختياراً موفقاً، خصوصاً بعدما فشل في الحصول على ثقة الكيانات القبلية والمجموعات المسلحة ذات التأثير الحاسم في غرب ليبيا. وهو ما يجعل التوافق مع المجلس الأعلى للدولة بشأن تشكيل سلطة تنفيذية جديدة، أمراً سهلاً بحال تم التوافق على النقاط الخلافية، لتكون بعد ذلك الكرة في ملعب مصر، لتنهي الجانب المتعلق بالبعد الإقليمي، بالتوافق مع تركيا في هذا الإطار".
ويأتي هذا في الوقت الذي أكد فيه صالح، عقب لقائه الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، مؤخرا في القاهرة، أن "الجميع يدعو للانتخابات"، موضحاً أن ليبيا "يوجد فيها إعلان دستوري انتخب بناءً عليه المؤتمر الوطني ومجلس النواب وهيئة صياغة مشروع الدستور، وبالتالي هناك قاعدة دستورية قائمة ومشروع جديد لدستور دائم"، معرباً عن "أمله أن يتم التوافق عليه".
في المقابل، أكد الدبيبة في تصريحات صحافية أنه "مستعد للتواصل مع الجميع من دون استثناء وتجاوز كل الخلافات، والاستجابة لأي مبادرة لتعزيز الثقة بين مكونات الشعب الفاعلة وليست السلبية".
ولفت أمام مؤتمر "المجتمع المدني نحو الانتخابات" في طرابلس مؤخرا إلى أن "ما يعطل الانتخابات هو قانون إجرائها، وهذا الأمر تتحمّله الأجسام التشريعية والاستشارية التي تتعمد التعطيل الممنهج لها"، في إشارة إلى مجلسي النواب والدولة.
من جهة أخرى، تلقى أبو الغيط اتصالاً هاتفياً مؤخرا من باتيلي. وقال المتحدث باسم الأمين العام للجامعة العربية، إن باتيلي "استعرض الاتصالات التي يجريها مع الأطراف المعنية في ليبيا وعلى المستوى الإقليمي، سعياً لإنجاز الاستحقاق الانتخابي بناءً على قاعدة دستورية متفق عليها، جنباً إلى جنب مع تنفيذ كافة الاتفاقات المبرمة بين الأطراف الليبية".
وأضاف أن الأمين العام "أكد من جانبه دعم جامعة الدول العربية لجهود المبعوث الأممي، وكافة الجهود لإنهاء الأزمة عبر حل ليبي- ليبي، كما ناشد الأطراف الفاعلة في ليبيا التجاوب مع هذه المساعي حفاظاً على وحدة البلاد وسيادتها واستقرارها"."1"
الخطط المصرية للتعامل مع الأزمة الليبية
وفي سياق متصل، قالت مصادر دبلوماسية في الجامعة العربية، وأخرى غربية في القاهرة، إن "التطورات الأخيرة على صعيد الملف الليبي، جاءت بمثابة ضربة قوية للتحرك المصري الأخير، الذي دعا المجتمع الدولي إلى عدم الاعتراف بحكومة الوحدة الوطنية الليبية، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، بدعوى انتهاء صلاحية الاتفاق السياسي، الذي تشكلت بموجبه، في يونيو/حزيران الماضي".
وقال دبلوماسي غربي بالقاهرة، انخرطت بلاده في لقاءات دورية بشأن الوضع في ليبيا: إن "هناك حالة من الصدمة تسيطر على الدوائر الرسمية المصرية، في أعقاب استهلال المبعوث الأممي الجديد إلى ليبيا عبد الله باتيلي عمله بلقاء الدبيبة في طرابلس، بعد أيام من الدعوة المصرية للأمم المتحدة بإعلان موقفها تجاه شرعية حكومة الوحدة الوطنية من عدمها".
يشار إلى أن القاهرة تصف حكومة الدبيبة بـ"منتهية الصلاحية"، وتعلن بوضوح الاعتراف بالحكومة المكلفة من مجلس النواب في فبراير/شباط الماضي، ويرأسها فتحي باشاغا.
وناقش الدبيبة مع المبعوث الأممي الجديد إلى ليبيا، في أكتوبر 2022 الماضي، بحسب بيان رسمي، خريطة الطريق التي توصلت لها لجنة عودة الأمانة للشعب، التي بدأت عملها نهاية مارس/آذار الماضي.
وذكر البيان أن الدبيبة "أكد دعم حكومته للمهام المنوط بها باتيلي، من أجل تحقيق الاستقرار والوصول للانتخابات. وقدم الدبيبة خلال اللقاء عدداً من العروض التوضيحية بشأن مؤشرات الإنفاق الحكومي وعدالة التوزيع، وملامح خريطة الطريق التي توصلت لها لجنة عودة الأمانة للشعب".
وفي التاسع من أكتوبر/تشرين الأولالماضي ، دعا وزير الخارجية المصري سامح شكري، الأمم المتحدة لتحديد موقفها من حكومة الدبيبة. وطالب شكري، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره اليوناني نيكوس ديندياس في القاهرة، الأمم المتحدة باتخاذ موقف واضح إزاء "شرعية أو عدم شرعية" الحكومة المنتهية ولايتها في ليبيا.
وقال الدبلوماسي الغربي، لـ"العربي الجديد"، إن "استهلال المبعوث الأممي زيارته لليبيا مؤخرا وبدء مهام عمله بلقاء الدبيبة، بمثابة رد واضح على الدعوة المصرية. حيث تضمنت الخطوة إشارة واضحة للموقف الأممي الذي يعترف بشرعية حكومة الوحدة، ما يعني مواصلة دعم خطواتها لحين إجراء الاستحقاقات الانتخابية وتسليم السلطة لحكومة منتخبة، كما روج الدبيبة مع تصاعد الأزمة بينه وبين الحكومة المكلفة من مجلس النواب".
في مقابل ذلك، قال دبلوماسي مصري سابق إن "الأزمة بين الدبيبة والقاهرة ليست جوهرية، خصوصاً أن مصر تعاملت معه بترحاب عند توليه رئاسة حكومة الوحدة، على عكس سابقه فائز السراج، حيث زار الدبيبة مصر وسط استقبال رسمي حافل، كما زار رئيس الوزراء المصري (مصطفى مدبولي) طرابلس، وكذلك رئيس جهاز المخابرات العامة اللواء عباس كامل نهاية العام الماضي"
وأضاف أن "الأزمة تكمن في تهرب الدبيبة من تنفيذ التزامات، بموجب الاتفاقيات الموقعة بين حكومته والحكومة المصرية، متعلقة بالتوسع في استقدام العمالة المصرية لتصل إلى نحو مليوني عامل خلال السنوات الثلاث التي تتبع توقيع الاتفاقيات، وهو ما لم يحدث، حيث لم يتجاوز حجم العمالة المصرية التي استقدمتها حكومة الوفاق مئات الأشخاص فقط منذ توقيع الاتفاق" في إبريل/نيسان 2021
وأشار الدبلوماسي السابق إلى أنه "من بين الأمور الأخرى التي عكرت صفو العلاقات بين حكومة الدبيبة ومصر، تنصل رئيس الحكومة من مجموعة من الاتفاقيات الاقتصادية، والتي كان على رأسها تنفيذ عدد من الشركات المصرية لمشروع الطريق الدائري حول طرابلس، ومشروعات أخرى كانت مصر تعول كثيراً عليها لإنعاش خزينة الدولة".
ورغم الموقف المصري المعلن من حكومة الدبيبة، إلا أن الدبلوماسي السابق يرى أن "صانع القرار المصري لا يزال حذراً في موقفه تجاه حكومة الدبيبة، ربما لاعتبارات متعلقة بالعمالة المتواجدة بالفعل في ليبيا في الوقت الراهن، في مرحلة لا تتحمل أي موقف ضد تلك العمالة".
وكانت القاهرة استقبلت جلسة مشاورات مهمة في اكتوبر الماضي ، بين رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، والمبعوث الأميركي لليبيا ريتشارد نورلاند، بحضور مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف، ورئيس جهاز المخابرات العامة المصري اللواء عباس كامل
وجاء اللقاء بعد يوم من زيارة غير معلنة قام بها رئيس المخابرات العامة المصري إلى مدينة بنغازي، حيث التقى هناك بقائد قوات شرق ليبيا خليفة حفتر، ورئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب فتحي باشاغا.
وتبحث مصر في الوقت الراهن مجموعة من السيناريوهات بشأن التعامل مع الأزمة الليبية في ظل التطورات الجديدة، والتي تضمنت استمرار فاعلية الاعتراف الأممي بحكومة الوحدة الوطنية. وتتضمن تلك السيناريوهات مقترحات من بينها ما يتعلق بتصحيح مسار العلاقة مع حكومة الوحدة، حال استمر التعاطي الدولي معها إلى فترة مؤقتة جديدة
كما تسعى الحكومة المصرية في الفترة الراهنة، لمحاصرة التحرك التركي الأخير في ليبيا، بعد توقيع أنقرة مذكرة تفاهم مع حكومة الدبيبة، تقضي بالسماح للشركات التركية بالتنقيب عن النفط والغاز في المياه الليبية.
وأعلنت كل من مصر واليونان اعتراضهما رسمياً على تلك الاتفاقية. واعتبرتا، أخيراً، أن حكومة الوحدة الوطنية الليبية "منتهية الصلاحية، ولا يحق لها التوقيع على اتفاقيات دولية". وطالبتا الأمم المتحدة بإعلان موقف واضح بشأن شرعية الحكومة التي تتخذ من طرابلس مقراً لها من عدمه.
في مقابل ذلك، كشف دبلوماسي غربي، تحدث لـ"العربي الجديد"، عن تحرك جديد من جانب القاهرة وأثينا، على صعيد منتدى غاز شرق المتوسط، الذي يتخذ من العاصمة المصرية مقراً له، ويضم في عضويته إسرائيل والأردن والسلطة الفلسطينية وقبرص إلى جانب مصر واليونان وأميركا بصفة مراقب.
وقال الدبلوماسي إن القاهرة "بدأت بالفعل في مخاطبة أعضاء المنتدى لاجتماع طارئ في العاصمة المصرية لبحث الوضع الراهن على ضوء الاتفاقية الجديدة بين أنقرة وطرابلس"."2"
تصاعد الازمة الليبية في الأيام الأخيرة
وفي سياق متصل ،تصاعدت الأزمة الليبية خلال الأيام الماضية، حيث كشف مسؤول ليبي عن توجه لأعضاء في المجلس الأعلى للدولة بتقديم طلب لرئاسة المجلس بتعليق كافة قنوات التواصل والتفاوض مع البرلمان الليبي بسبب القرارات التي اتخذها في جلسته الأخيرة.
وقال عضو اللجنة السياسية وعضو لجنة إعداد القاعدة الدستورية بمجلس الدولة الليبي، محمد الهادي، في تصريحات خاصة لـموقع "عربي21" إن "أعضاء من مجلس الدولة يطالبون رئاسة المجلس بعقد جلسة سريعة وعاجلة للرد بقوة على ما قام به مجلس النواب في جلسته الثلاثاء من مساس بالسلطة القضائية".
وأضاف المسؤول الليبي، وهو أحد الموقعين على الطلب: "سنطالب أيضا بتعليق التواصل مع مجلس النواب في كل الملفات بيننا من قاعدة دستورية ومناصب سيادية وسلطة تنفيذية ما لم يرجع عن قراره بخصوص المحكمة الدستورية ويلتزم بالاتفاق السياسي والشراكة الوطنية"، وفق قوله.
وأكد الهادي أن "هذه التصرفات والخطوات من قبل البرلمان ورئيسه عقيلة صالح، ستعطل لقاء رئيسي المجلسين وكافة التفاهمات بينهما ومنها اللقاء المزمع عقده الأسبوع القادم"، كما رأى.
وأضاف: كنا سنتوجه كلجنة مسار دستوري من المجلسين إلى العاصمة المصرية القاهرة خلال الأيام القادمة لاستئناف جلسات المسار الدستوري وحل الخلاف في النقاط المتبقية بيننا، لكن هذه الخطوة من قبل مجلس النواب ستعطل كل شيء، وإن لم يتراجع عن قراره فربما تفشل كل المفاوضات السابقة".
وأقر مجلس النواب الليبي، مؤخرا ، قانونا لإنشاء محكمة دستورية في مدينة بنغازي في شرق البلاد عن الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا في العاصمة طرابلس.
ناقشت جلسة رسمية للمجلس عقدت في بنغازي، مقترحا مقدما من رئيسه عقيلة صالح، يقضي بتشكيل محكمة دستورية تتكون من 13 عضوا.
وقال الناطق باسم المجلس عبد الله بليحق، في بيان إن "مجلس النواب أقر بالأغلبية قانون المحكمة الدستورية" دون مزيد تفاصيل.
ومن جانبه، أعلن رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي، خالد المشري رفضه لقانون استحداث محكمة دستورية في بنغازي، الصادر عن البرلمان في شرق البلاد.
وأكد المشري في تغريدة في حسابه على موقع تويتر أن القانون يحتاج إلى دستور أو قاعدة دستورية لإقراره وليس قانونا.
ومنتصف تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، صوّت المجلس بأغلبية الحاضرين على إحالة مشروع قانون المحكمة الدستورية إلى المجلس الأعلى للقضاء والمحكمة العليا لإبداء الرأي في مدى ملاءمة نصوصه لأصول تشكيل المحاكم.
وينص مقترح القانون على أن "تحال كل الطعون المرفوعة أمام الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا بطرابلس إلى المحكمة الدستورية في بنغازي بمجرد صدور قانون تشكيلها".
كما أنه "لا يجوز الطعن بعدم دستورية القوانين إلا من رئيس مجلس النواب أو رئيس الحكومة أو 10 نواب أو 10 وزراء"."3"
تقدم في الاتصالات المصرية التركية حول ليبيا
في سياق متصل، شهدت الاتصالات المصرية التركية التي أعقبت اللقاء الذي جمع السيسي ونظيره التركي رجب طيب أردوغان في قطر أخيراً (في 20 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي على هامش افتتاح كأس العالم لكرة القدم)، تطوراً ملحوظاً، حيث عقد مسؤولون رفيعو المستوى من البلدين اجتماعاً خلال الأيام القليلة الماضية، شهد التباحث حول العديد من الملفات التي تهم البلدين، ومن بينها الملف الليبي وملف شرق المتوسط.
ووفق "العربي الجديد"، فإن اجتماعاً مصرياً تركياً جرى خلال الأسبوع الثاني من ديسمبر الجاري، على مستوى استخباري، وبحث مجموعة من القضايا المشتركة بين البلدين، وإمكانية إنهاء الملفات الخلافية في إطار المباحثات الجارية لاستعادة العلاقات بشكل كامل قبل منتصف العام المقبل.
ووفق المعلومات التي حصلت عليها "العربي الجديد"، فإن الملف الليبي "حظي بالجانب الأكبر من المناقشات خلال الاجتماع الذي شهد تمثيلاً رفيع المستوى من الجانبين".
وبدا خلال الاجتماع أن هناك توافقاً بين الجانبين، حول عدم تشكيل حكومة جديدة في ليبيا، مع بحث مصير ملفي الحكومتين الحاليتين في هذا البلد، حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وتلك المكلفة من قبل البرلمان، برئاسة فتحي باشاغا. وأبدى الجانب التركي تمسكه ببقاء حكومة الدبيبة، فيما أبدى الجانب المصري تمسكه ببقاء الحكومة المكلفة من مجلس النواب برئاسة باشاغا.
وتحاول أنقرة إقناع القاهرة، ببقاء حكومة الدبيبة إلى حين إجراء الانتخابات في ليبيا، مع الوصول إلى صيغة ترضي القاهرة بشأن إدارة العلاقات مع الجانب الليبي، بحيث يكون المجلس الرئاسي الليبي هو المختص بملف التواصل بين مصر وليبيا حتى إجراء الانتخابات.
وترفض مصر الاعتراف بشرعية الدبيبة في الوقت الراهن، معتبرة أن حكومته باتت منتهية الصلاحية بعدما انتهت في يونيو/حزيران الماضي صلاحية الاتفاق السياسي الذي جاءت بموجبه.
وأبدى الجانب التركي استعداده لتقديم "ضمانات كافية" للقاهرة، في حال تمّ التوافق على الصيغة المقترحة بشأن المرحلة المقبلة في ليبيا إلى حين إجراء الانتخابات. كما شدّد على أن تمسك أنقرة بالاتفاقيات الموقعة مع حكومة الوحدة الوطنية، غير مقصودة به القاهرة، وأن أنقرة تسعى للدفاع عن مصالحها في مواجهة أطراف أخرى مثل اليونان التي تتنازع مع تركيا على المياه الاقتصادية في البحر المتوسط.
وفي وقت سابق، أكد وزير الخارجية التركي، مولود جاووش أوغلو، أن السبيل الوحيد إلى توحيد ليبيا هو إجراء انتخابات نزيهة وديمقراطية، وأن تركيا تدعم الوحدة بين الأطراف، لافتاً إلى أن الوضع في ليبيا هشّ حيث لا تزال قضية الشرعية مفتوحة.
وقال جاووش أوغلو، مؤخرا، في كلمة له خلال الدورة الثامنة لملتقى "حوارات المتوسط" السنوي الذي انعقد في العاصمة الإيطالية روما، إن هناك بعض الأطراف التي تحاول التنافس مع بلاده في ليبيا، مشيراً إلى "وجود ميداني لروسيا مع مجموعة" في إشارة إلى مجموعة مرتزقة "فاغنر" العسكرية الروسية.
ولفت الوزير التركي إلى إن "هناك تعاوناً أكبر من المنافسة بين مختلف الأطراف"، آملاً "أن نتمكن أيضاً من العمل جنباً إلى جنب مع مصر". وشدّد على أن أنقرة "تتطلع إلى العمل مع كل من مصر والإمارات لتحقيق المصالح والأمن في ليبيا، وإعادة الاستقرار هناك".
وفي مقابل الملف الليبي، شهد الاجتماع الذي ضم مسؤولين مصريين وأتراكا، طرح الجانب التركي "بشكل مباشر" انضمام أنقرة إلى منتدى غاز شرق المتوسط، والحصول على دعم مصر في تلك الخطوة، في ظل الاتجاه إلى توسيع عضوية المنتدى، وهو الأمر الذي وعد الجانب المصري بدراسته على ضوء التطورات الأخيرة في العلاقة بين البلدين، ومدى استجابة انقرة للمطالب المصرية.
واستضافت القاهرة، مؤخرا، الاجتماع الثامن لوزراء منظمة منتدى غاز شرق المتوسط، والذي شهد تسلم وزير البترول والثروة المعدنية المصري، طارق الملا، رئاسة الدورة المقبلة للمنتدى خلال عام 2023 من الرئيسة الحالية للمنتدى عام 2022 ووزيرة الطاقة والصناعة القبرصية، ناتاشا بيليديس
وجاء ذلك بحضور وزراء الطاقة ورؤساء الوفود في الدول الأعضاء (مصر وقبرص وفرنسا واليونان وإسرائيل وإيطاليا والأردن وفلسطين). كما حضر الاجتماع كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي بصفة مراقب.
وبحسب بيان مصري، فقد تناول الاجتماع "إنجازات المنتدى خلال العام الحالي، ومن بينها الانتهاء من إعداد وإقرار استراتيجية المنتدى طويلة الأجل والتي تتضمن مهمة ورؤية المنتدى إلى جانب وضع خطة تنفيذ شاملة لتحقيق أهداف المنتدى".
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2018، عُقدت في جزيرة كريت اليونانية قمة ثلاثية جمعت الرئيس القبرصي نیکوس أنستاسیادس، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء اليوناني أنطونيس ساماراس، تم الاتفاق فيها على إنشاء منتدى غاز شرق المتوسط، يكون مقره القاهرة، ويضم الدول المنتجة والمستوردة للغاز ودول العبور في شرق المتوسط، بهدف تنسيق السياسات الخاصة باستغلال الغاز الطبيعي، بما يحقق المصالح المشتركة لدول المنطقة، ويسرّع من عملية الاستفادة من الاحتياطيات الحالية والمستقبلية من الغاز بتلك الدول.
وفي سياق تطوير الاتصالات بين القاهرة وأنقرة لتصل إلى مستوى الرؤساء، ناقش الاجتماع الذي عقده مسؤولون من البلدين، ثلاثة مواعيد محتملة، أحدها في إبريل/نيسان المقبل، لعقد قمة بين السيسي وأردوغان، ترتبط جميعها بالتوافق حول ملاحظات البلدين، ومطالب كل منهما تجاه الآخر.
وكشف مصدر دبلوماسي تركي، أن رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي بين البلدين إلى مستوى السفراء "بات وشيكاً"، مشيراً إلى أن موعد تلك الخطوة ربما يكون في مارس/آذار المقبل.
من جهته، قال دبلوماسي مصري سابق، إن "استعادة العلاقات المصرية التركية بشكل كامل وطبيعي، باتت أقرب من أي وقت مضى، إذ إن الواقع يؤكد أن مجالات الخلاف بين البلدين تقلصت إلى حد كبير، فلا تركيا لديها أي تحفظات على المطالب المصرية في ليبيا، ولا مصر تريد الإضرار بالمصالح التركية في المتوسط"."4"
يذكر أن سامح شكري، أعلن في اكتوبر الماضي في حواره مع قناة "العربية" السعودية، عن توقف الجلسات الاستكشافية بين بلاده وتركيا، بعد انعقاد جولتين منها، ما يعكس وجود توترات جديدة بين الجانبين حول الملف الليبي، رغم ما أحرزاه من تقدم في تطبيع العلاقات على مدار عامين
وزير الخارجية المصري، برر عدم استئناف مسار المباحثات مع تركيا بقوله إنه "لم تطرأ تغيرات في إطار الممارسات من قبل أنقرة"، مشيرا إلى غضب مصر من التواجد العسكري التركي بليبيا، مؤكدا أن "من الأمور التي تثير القلق هو عدم خروج القوات الأجنبية من ليبيا حتى الآن".
وفي تقديره لدلالات إعلان مصر توقف المفاوضات مع الجانب التركي الآن، قال الكاتب والمحلل السياسي التركي مصطفى أوزجان: "من البداية كانت طريقة القاهرة باردة في ملف تطبيع العلاقات بين البلدين"."5"
كما يذكر ان وزير الخارجية اليوناني، نيكوس دندياس، كشف فى نوفمبر الماضي، أن لدى بلاده اتفاقا مع مصر يقضي بمقاطعة الحكومة "المؤقتة" في طرابلس، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، مشددا على أن رفضه لقاء وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش أمس الأول، يأتي في هذا السياق.
وهاجم دندياس في مقابلة مع صحيفة "Ta Nea Savvatokyriako" اليونانية، ترجمتها "عربي21"، الاتفاقيات التركية الليبية، وقال إن حكومة الدبيبة غير مخولة بالتوقيع عليها، مؤكدا أن لقاءه برئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، واللواء المتقاعد، خليفة حفتر، يأتي في ظل مواقفهما المعلنة ورفضهما للوجود التركي في ليبيا باعتباره "ضارا وغير مقبول"، وفق قوله
وشدد الوزير اليوناني على أن الغرض من زيارة بنغازي يكمن في "الحفاظ على علاقة قوية مع شرق ليبيا، ومع مجلس النواب الذي يُعطي قوةً لموقفنا ضد الاتفاقيات، خصوصا أن عقيلة صالح وخليفة حفتر كانا على الخط الذي نودهما أن يكونا عليه بخصوص الوجود التركي"
وأضاف أن "الحكومة المؤقتة في طرابلس لديها تفويض محدّد ولا يسمح لها بتوقيع اتفاقيات، وقد أكدت الأمم المتحدة أنها غير مخولة بالتوقيع على الاتفاقيات"، وفق قوله، مشددا على أن "مصر لا تريد أي اتصالات مع حكومة الدبيبة، لأن الأخيرة لم تُجرِ الانتخابات فحسب؛ بل تغتصب السلطة وتريد البقاء فيها، وتستغل موارد ليبيا، وتوقع اتفاقيات أيضًا مع الأتراك، وهذا أمر غير ممكن".
وحول تفاصيل ما حدث في مطار معيتيقة بطرابس قال: "طلب منا رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي زيارة طرابلس ولقاءه، فوافقنا على ذلك تنازلا شخصيا له، بشرط عدم وجود اتصالات رسمية مع الحكومة المؤقتة، وكان الاتفاق أن ألتقي المنفي ثم أغادر، لكن ظهور وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش، كان يعني أن الاتفاق لم يُحترَم، ولذلك قررت المغادرة".
وكانت أزمة اندلعت بين أثينا وطرابلس، على خلفية إلغاء وزير خارجية اليونان زيارته لطرابلس فور وصوله مطار معيتيقة، فيما اتهمت أثينا الحكومة الليبية بخرق اتفاق مسبق يقضي بعدم لقاء وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش."6"
المصادر:
- "زحمة لقاءات ليبية في القاهرة... القاعدة الدستورية وحكومة جديدة" ، العربي الجديد، 3 ديسمبر 2022، https://cutt.us/7PARo
- "خطط مصرية للتعامل مع الأزمة الليبية بعد لقاء باتيلي-الدبيبة" ، العربي الجديد، 19 أكتوبر 2022، https://cutt.us/xVODo
- علاء فاروق ، "أزمة بين "الأعلى للدولة" والبرلمان الليبي.. وطلب بتعليق التواصل" ، عربي21، 7 ديسمبر 2022، https://cutt.us/i3MWy
- "تقدم في الاتصالات المصرية التركية: ليبيا والغاز وتعزيز التمثيل الدبلوماسي" ،العربي الجديد، 9 ديسمبر 2022، https://cutt.us/tMa3z
- "مصر تعلن توقف "الحوار" مع تركيا.. ما علاقة الملف الليبي؟" ،عربي21، 30 اكتوبر 2022، https://cutt.us/E570S
- حسين مصطفى ، "وزير خارجية اليونان: لدينا اتفاق مع مصر لمقاطعة حكومة الدبيبة" ، عربي21، 19نوفمبر 2022 ، https://cutt.us/G0AV6