بعد تحذير "إيكونومست" من مصير سريلانكا: أزمة سيولة قد تعصف ببنوك مصر

الخميس - 28 يوليو 2022

بعدما أكد أحدث تقرير للإيكونومست، أن مصر من اوائل الدولة المرشحة لتكرار السيناريو السريلانكي، وبعد نشره بساعات تصدر هاشتاج #مصر_مليانه_غضب، الذي لا يزال منتشرا في مصر.

وضع اقتصاديو المجلة مصر على رأس قائمة من الدول التي يرتفع فيها الدين العام مقارنة بالناتج المحلي، بنسبة 93.5%، متفوقة على دول يفترض أنها تمر بظروف شديدة الخصوصية، مثل تونس والسلفادور والأرجنتين وباكستان وأوكرانيا.

وكما كان الحال في أغلب التقارير التي صدرت في هذا الموضوع في الفترة الأخيرة، احتلت مصر مكانة متقدمة فيما نشرته ايكونوميست، التي أكدت العديد من النقاط التي حفظناها عن ظهر قلب مؤخراً، من كثرة ما رددها المحللون، بل ومسؤولون مصريون أيضاً، خلال الأشهر الأربعة الأخيرة.

تقول إيكونوميست إن ما حدث في سريلانكا هو علامة على ما يمكن أن نراه في بلدانٍ أخرى، بعد أن ارتفع عبء الديون في الدول الفقيرة إلى مستويات غير مشهودة في عقود، نتيجة لارتفاع تكلفة الغذاء، وتباطؤ الاقتصاد، والارتفاع الحاد في معدلات الفائدة حول العالم، وهو ما يدفع الاقتصادات الناشئة إلى عصر "الآلام المكثفة للاقتصاد الكلي".

وتحت عنوان " جرس إنذار للبنوك المصرية"، كتب شريف عثمان في "العربي الجديد"، الأربعاء 27 يوليو 2022م: تحدثت المجلة عن ارتفاع سعر الدولار مقابل سلة من عملات العالم بنسبة 12% منذ بداية العام، إلا أن الارتفاع مقابل العملة المصرية، كما تظهره أسعار العملات المعلنة لدى البنوك العاملة في مصر تجاوز عشرين بالمائة.

وأشارت المجلة العريقة إلى أن القدرة على الحصول على التمويل المطلوب تراجعت في العديد من تلك البلدان، وأن تكلفة الاقتراض في بعضها ارتفعت إلى مستويات غير مشهودة منذ عقود، أو على الإطلاق، ليتجاوز الفارق بينها وبين سندات الخزانة الأميركية المعيارية عشرة بالمائة، مشيرةً إلى أن بعض البلدان من هذه المجموعة لن تتحمل الضغوط، وأن السندات التي أصدرتها حكومات تلك الدول يتم تداولها حالياً عند مستويات شديدة الانخفاض.

ووضعت المجلة مصر كأول دولة تنتمي إلى هذه المجموعة، بفعل مجموعة من السياسات الخاطئة وسوء الحظ، إلا أن هذه المعلومات أيضاً لم تكن جديدة، حيث قرأناها في تقارير أخرى سابقة.

أشار اقتصاديو المجلة إلى أن بعض الدول ذات الدخول المتوسطة أصبحت في وضعٍ أفضل مما كانت عليه في السابق، بسبب الحصول على احتياجاتها من التمويل من البنوك المحلية، إلا أن هذا الوضع، وفقاً للمجلة، يعني إمكانية تعرّض البنوك لضغوط في حالة اقتراب الحكومات من أزمات سيولة.

ونقلت إيكونوميست عن صندوق النقد الدولي تقديره بوصول استثمارات البنوك المحلية في الدين العام في بلدانها إلى نسبة 17% من الناتج المحلي فيها خلال العامين الأخيرين، أي أكثر من ضعف النسبة في الاقتصادات المتقدمة، مشيرةً إلى أن نسبة الاستثمار في الديون السيادية إلى إجمالي أصول البنوك المحلية وصلت في مصر إلى 40%.

انتهى كلام المجلة عن مصر بعد أن بين خطورة ما يمكن أن يحدث للبنوك المصرية حال تزايد أزمة السيولة، خاصة بالعملة الأجنبية، التي تعاني منها الحكومة المصرية والبنك المركزي المصري، بعد سلسلة من المفاجآت غير السعيدة، كان أهمها خروج عشرات المليارات من الدولارات من الأموال الساخنة، التي أخطأ البنك المركزي في الاعتماد عليها لفترة طويلة في دعم سعر الجنيه مقابل الدولار، وفي سد عجز الحساب الجاري المزمن.

ويزداد الأمر سوءاً بالنسبة للبنوك المصرية لو أخذنا في الاعتبار ما أعلنه البنك المركزي مطلع الشهر الحالي من تراجع صافي الأصول الأجنبية لدى القطاع المصرفي، بما فيه البنك المركزي المصري، للشهر الثامن على التوالي، ليصل إلى سالب 305 مليارات جنيه، أي ما يقرب من 16 مليار دولار بالسعر الحالي، أو أكثر من 19 مليار دولار بسعر ما قبل تخفيض قيمة الجنيه المصري في مارس/آذار الماضي.

ويمثل هذا المبلغ رقماً يتعين إضافته للدين الخارجي المصري، رغم أن الدائن هو البنوك المحلية وعملاؤها، وذلك لأن سداده سيكون بالعملة الأجنبية.

التطورات الأخيرة تمثل جرس إنذار للبنوك المصرية، وهو ما يتطلب درجة من الوعي في التعامل مع هذا الموقف شديد الحساسية، فمن ناحية نجد أن الأمر يزداد خطورة بالتأكيد بالنسبة لتلك البنوك، وفي نفس الوقت هناك دور يتعين على تلك البنوك لعبه من أجل دعم البنك المركزي والحكومة المصريين.

ومع تأكيد البنك المركزي المتكرر على أن ودائع العملاء، سواء بالجنيه المصري أو بالعملة الأجنبية، ليست قريبة من الأزمات في الوقت الحالي، إلا أنه من المؤكد أيضاً أن الحالة التي كانت عليها البنوك المصرية، خاصةً بعد إجراءات الإصلاح الكبرى التي خاضتها مطلع الألفية الجديدة، والتي جعلت من القطاع المصرفي الناجي الوحيد خلال ثورة يناير 2011 وما بعدها، لم تعد مضمونة في اللحظة الراهنة.

اللافت ان هناك جيلا من الشباب نجى من محاولات التخريب المتعمدة والتخدير التي تبنتها السلطة ويعلن عن رغبته في الحصول على حقه الطبيعي داخل بلده