بعد القبرص واليونان .. مصر والصهاينة يواصلان التلاعب بورقة غاز المتوسط
الجمعة - 22 أكتوبر 2021
الحكومة الصهيونية تستعد لمد خط أنابيب بري جديد إلى مصر لزيادة صادراتها من الغاز الطبيعي.. وتركيا: لن يكتب النجاح لأي مبادرة بمعزل عن تركيا في شرقي المتوسط
شهدت الساعات القليلة الماضية تطورات كبيرة في ملف التطبيع بين مصر والكيان الصهيوني ، خاصة في مجال الغاز الطبيعي ، حيث أعلنت الحكومة الصهيونية أنها تدرس وستنفذ مد خط أنابيب بري جديد إلى مصر لزيادة صادراتها من الغاز الطبيعي، ووفق وزارة الطاقة الإسرائيلية، فإن الخط سيربط شبكتي الغاز الطبيعي المصرية والإسرائيلية عن طريق شمال شبه جزيرة سيناء، وتقدر تكلفة الخط الجديد بحوالي 200 مليون دولار، وتزامن ذلك مع تصاعد التوتر في ملف غاز شق المتوسط خاصة بعد بيان القمة الثلاثية التي جمعت مصر واليونان وقبرص ، والذي استهدف تركيا بشكل واضح ، وفي المقابل ردت تركيا في بيان رسمي ، أنه لن يكتب النجاح لأي مبادرة بمعزل عن تركيا في شرقي المتوسط، ومن خلال سطور هذا التقرير نرصد التفاصيل لهذه الأحداث والتطورات
بحسب وزارة الطاقة الإسرائيلية، فإن خط الأنابيب البري سيربط شبكتي الغاز الطبيعي المصرية والإسرائيلية عن طريق شمال شبه جزيرة ..
وقالت مصادر بصناعة الغاز لـ"رويترز" إن التقديرات تشير إلى أن خط الأنابيب سيكلف حوالي 200 مليون دولار، وقد يصبح جاهزا لتشغيله خلال 24 شهرا
وكان وزير البترول والثروة المعدنية المصري "طارق الملا"، ونظيرته الإسرائيلية، "كارين الحرّار"، بحثا في أغسطس/آب الماضي، التعاون الجاري بين الجانبين في مجال الغاز الطبيعي، والخطط المستقبلية فيما يخص استقبال الغاز الإسرائيلي لإسالته في مصانع إسالة الغاز الطبيعي المصرية وإعادة تصديره
وفي فبراير/شباط الماضي، اتفق وزيرا الطاقة الإسرائيلي والمصري على بناء خط أنابيب جديد للغاز بين حقل ليفياثان البحري في شرق البحر المتوسط ومصر؛ بهدف زيادة شحنات الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا.
مباحثات لإسالة الغاز الإسرائيلي في مصر
وفي منتصف أغسطس الماضي بحث وزير البترول والثروة المعدنية المصري "طارق الملا"، مع نظيرته بحكومة الاحتلال ، "كارين الحرّار"، التعاون الجاري بين الجانبين في مجال الغاز الطبيعي، والخطط المستقبلية فيما يخص استقبال الغاز الإسرائيلي لإسالته في مصانع إسالة الغاز الطبيعي المصرية وإعادة تصديره.
كما ناقش الوزيران هاتفيا، التعاون فى إطار منتدى غاز شرق المتوسط، حيث أكدا على ضرورة وأهمية تعزيز التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف بين أعضاء المنتدى لإطلاق إمكانات الغاز الكاملة في المنطقة، بحسب بيان صحفي مشترك
واعتبر "الملا" أن تعزيز التعاون الثنائي ومتعدد الأطراف في مجال الغاز الطبيعي بين أعضاء منتدى غاز شرق المتوسط "سيكون له تأثير جوهري وسيمتد ليتخطى منطقة شرق المتوسط".
من جانبها، أكدت "كارين الحرار" أن مصر شريك هام لإسرائيل في كافة المجالات، "حيث يكسب التقارب الجغرافي بالإضافة إلى تشابه الخصائص البيئية، هذا التعاون في قطاع الطاقة، أهمية كبيرة"
وقالت: "أتمنى أن يحقق هذا التعاون مع المهندس طارق الملا النجاح في الاستفادة من الإمكانات والخبرات لكل دولة؛ بهدف الوصول لأمن الطاقة لكافة شعوب المنطقة".
ومصادرلصحيفة "جلوبس" الامريكية : مصر تقدمت بطلب الأنبوب الجديد
قالت مصادر حكومية في دولة الاحتلال الإسرائيلي إن مصر طالبت تل أبيب بتدشين أنبوب بري جديد لنقل الغاز إليها، تمهيدا لزيادة كميات الغاز التي تشتريها القاهرة منها، وهو ما يستنفد حقولا بينها "كاريش" المتنازع عليه مع لبنان.
ونقلت صحيفة "غلوبس" الاقتصادية عن مصادر في وزارة طاقة الاحتلال، أنه في حال تم تدشين الأنبوب الجديد، فإن هذا التطور سيعزز قدرة تل أبيب على استنفاد الطاقة الكامنة في حقول "تمار" و"ليفيتان"، و"كاريش" المتنازع عليه مع لبنان، والذي من المتوقع أن يتم استخراج الغاز منه بكميات تجارية في غضون أشهر.
وشددت المصادر على أنه في حال وافقت حكومة الاحتلال على الطلب المصري، فمن المتوقع أن تتولى شركات إنتاج الغاز تمويل المشروع الذي تقدر كلفته بـ200 مليون دولار، لأنه لن يُستثمر أي مبلغ من الخزانة الإسرائيلية في المشروع الجديد.
وأوضحت أنه في حال وافقت تل أبيب على طلب القاهرة، فإن الأنبوب الجديد سيعمل إلى جانب الأنبوب القائم حاليا ولن يكون بديلا عنه، مشيرة إلى أن هناك بعض الإشكاليات الفنية التي يعانيها الأنبوب الحالي بشكل لا يمكنه من استيعاب كميات أكبر من الغاز.
وأوضحت الصحيفة أن "المجلس القطري للغاز" في دولة الاحتلال هو الجهة المخولة بالموافقة على الطلب المصري أو رفضه، مشيرة إلى أنه يستدل مما صدر عن مسؤولي وزارة الطاقة الإسرائيلية على أن الاتصالات بين الطرفين بشأن تدشين الأنبوب الجديد بدأت منذ فترة طويلة نسبيا.
وكشفت الصحيفة أن كميات الغاز التي تستوردها مصر من دولة الاحتلال زادت منذ التوصل إلى صفقة شراء الغاز التي وقعت بين الجانبين، من دون أن تقدم إيضاحات حول ذلك.
وفي تقرير سابق له ، اعتبر معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى الزيارة النادرة لوزير الطاقة المصري "طارق الملا" في فبراير الماضي ، لدولة الاحتلال بمثابة تأمين لطريق تصدير الغاز الإسرائيلي عبر مصر، وصنفها كتطور كبير في العلاقات الثنائية في مجال الطاقة
وأورد مدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة "سايمون هندرسون"، في تحليل نشره بالموقع الرسمي للمعهد، أن زيارة "الملا" في 21 فبراير/شباط هي الأولى لمسؤول مصري رفيع المستوى من البلد المجاور منذ عام 2016، والأولى على الإطلاق لوزير طاقة، إذ لم ترسل القاهرة رسميا على مدار الـ 15 عاماً الماضية، إلى مثل هذه الزيارات، سوى وزيرَي خارجيتها واستخباراتها.
وخلال زيارة الوزير المصري، تم الإعلان عن خط أنابيب جديد، لكن مساره لم يتحدد بعد. وتم رسمه على المخططات متجها مباشرة عبر قاع البحر المتوسط.
وأشار "هندرسون" إلى أن إسرائيل تضخ بعض الغاز بالفعل إلى مصر عبر خط أنابيب يمر بشبه جزيرة سيناء، إلا أن هذا الخط معرّض لخطر التفجير من قبل المتمردين.
وأكد التقرير أن القاهرة تبدو حساسة تجاه احتمال قيام دولة الإمارات بتصدير المنتجات النفطية إلى أوروبا عبر خط الأنابيب الإسرائيلي "إيلات – عسقلان"؛ لأن ذلك سيقلل من أرباح مصر من قناة السويس أو خط أنابيب "سوميد" أو كليهما.
ويخص تحليل "هندرسون" إلى أن إسرائيل مستفيدة في كل الأحوال من سعي مختلف الأطراق الإقليمية لتصدير غازها إقليمها، مشيرا إلى أن دولة الاحتلال تنتج حالياً مستويات قياسية من الغاز وتصدره، وتتمتع بطاقة احتياطية تخولها الاستفادة من الانتعاش الاقتصادي العالمي حتى في ضوء الانتكاسات المحتملة واستمرار تحديات جائحة كورونا.
ومصر تلعب بورقة غاز المتوسط للضغط علي تركيا
أصبح من الواضح أن مصر تلعب بقوة بورقة غاز شرق المتوسط علي تركيا من أجل مكاسب سياسية ، من خلال التحالفات والاتفاقيات مع قبرص واليونان .
وقالت أنقرة في رد فعل على اجتماعات مصر واليونان وقبرص ، إنه لا يمكن أن يكتب النجاح لأي مبادرة بمعزل عن تركيا وجمهورية شمال قبرص التركية في شرقي المتوسط .
جاء ذلك في بيان لوزارة الخارجية التركية الثلاثاء تعليقا على البيان المشترك الذي صدر عقب القمة الثلاثية التاسعة بين زعماء اليونان وقبرص ومصر واستضافتها أثينا.
وأكدت الخارجية أن البيان الذي صدر عقب القمة “يعد مثالا جديدا على السياسات العدائية التي ينتهجها الثنائي اليوناني – القبرصي ضد تركيا وقبرص التركية”.
ولفتت إلى أن انضمام مصر لهذا البيان “مؤشر على أن الإدارة المصرية لم تدرك بعد العنوان الحقيقي الذي يمكنها أن تتعاون معه شرقي المتوسط”.
وأضافت “لقد أظهرنا للصديق والعدو أنه لا يمكن أن يكتب النجاح لأي مبادرة شرقي المتوسط لا تشارك فيها تركيا وجمهورية شمال قبرص التركية”.
وأكدت أن تركيا “تدعم مشاريع الطاقة التي من شأنها زيادة التعاون بين دول المنطقة إلا أنه ينبغي أن تكون تلك المشاريع شاملة ولا تتجاهل حقوق ومصالح تركيا والقبارصة الأتراك”.
كما لفتت الخارجية إلى أن “هذه الدول ساهمت في انجرار ليبيا إلى عدم الاستقرار من خلال دعمها لمجموعات غير شرعية، وأن قيامها حاليا باستهداف مذكرات التفاهم التي أبرمتها تركيا مع الحكومة الليبية الشرعية ينم عن عدم احترام لمصالح وسيادة ليبيا في المقام الأول”.
وفي وقت سابق قالت وزارة الخارجية في جمهورية شمال قبرص التركية إن البيان المشترك لا يعكس الحقائق السياسية والقانونية في الجزيرة.
وأكدت أن البيان الذي أصدرته قبرص مع اليونان ومصر هو في حكم العدم بالنسبة لقبرص التركية.
الموقف المصري ازدواجي في قضية شرق المتوسط
من جانبه قال المحلل السياسي التركي عبد المطلب إربا إن “موقف مصر ازدواجي وغير ثابت وأنها لم تحدد جبهتها” بخصوص بعلاقتها مع تركيا.
وتابع “الحوار بين الدولتين كان متقدما وكاد يصل إلى لقاء وزيري الدولتين، ومصر أبدت نيتها لذلك لكنها خطت خطى عكس الاتجاه فيما يخص شرق المتوسط”.
جاء كلام إربا تعليقا على القمة التي جمعت مصر باليونان وقبرص، الثلاثاء الماضي ، في أثينا.
وأضاف المحلل التركي في تصريحات للجزيرة مباشر أن “مصر بدأت تغير وجهتها وهذا سيؤثر في علاقاتها مع تركيا من جديد، مع أن الأخيرة أكبر دولة لها حدود على المتوسط”.
وأعاد إربا التشديد على ما جاء في بيان الخارجية التركية تعقيبا على بيان القمة الثلاثية التاسعة، قائلا إن “أي حل بدون تركيا في المنطقة لا يمكن الاعتراف به”.
وأوضح أن مصر فقدت 40 ألف كيلومتر من خلال اتفاقيتها مع اليونان، مع أنها اتفاقية غير شرعية بالنسبة لتركيا.
مؤكدا ضرورة أن تقرر مصر موقفها بوضوح، وأن تركيا تدعو كل الأطراف المعنية إلى احترام القوانين الدولية
من جهته رأى السفير حسين هريدي مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق أن البيان الذي صدر عن الخارجية التركية تعقيبا على بيان القمة الثلاثية “لم يكن مفاجئا” لأنه سبق لها إصدار مثله في مناسبتين سابقتين.
وقال هريدي للجزيرة مباشر إن “مصر دخلت في حوار مع تركيا بناء على رغبة أبدتها، العام الماضي، وطرح الطرفان وجهة نظرهما بشأن العلاقات الثنائية وأوضاع شرق المتوسط وشمال أفريقيا وتحديدا الليبية منها”.
واستطرد “مصر لا تعادي تركيا وأكدت منذ طرح مبادرة شرق المتوسط عام 2014 أن هذه المبادرة ليست موجهة ضد أي دولة بالمنطقة مضيفة أن المبادرة مفتوحة أمام أي دولة”.
وأضاف أن مصر قالت إن المبادرة متاحة لكل الدول التي ترغب في الانضمام “شرط أن تعلن استعدادها الالتزام واحترام قواعد القانون الدولي واتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار”.