بتمويل خارجي يهدد الأمن القومي.. الحكومة المصرية ترهن مرافق الدولة!

السبت - 22 مايو 2021

تنامت مخاوف بعض المراقبين وخبراء الاقتصاد من رفع الحكومة المصرية يدها بشكل تدريجي عن الاستثمار في المرافق والخدمات العامة، ما يعني دخول شبكات تمويل دولية تمكن دولا بأكملها من التدخل بعمق في مفاصل الدولة المصرية وتعريض أمنها القومى للخطر.

وبحسب "الجزيرة نت"، بدأت مصر تغرد بعيدا فيما يتعلق بسياستها الاقتصادية التي انتهجها النظام الحالي منذ 2014، وبرزت بشكل أكبر في أعقاب تحرير سعر صرف الجنيه عام 2016، وابتعدت عن سياسات الأنظمة السابقة التي كانت تقوم بتوفير دعم واسع، وتقديم الخدمات العامة بأسعار رمزية من أجل استمرار الاستقرار السياسي.

في إطار تلك السياسات الاقتصادية التحررية، بات بإمكان الجهات والهيئات المسؤولة عن إدارة المرافق والخدمات العامة في الدولة الاقتراض بضمان موارد تلك المرافق المستقبلية، من أجل تمويل مشروعاتها ذاتيا، وسط انقسام كبير بين مؤيدين ومعارضين.

وزادت تلك الخطوة من تنامي مخاوف بعض المراقبين وخبراء الاقتصاد عن رفع الحكومة يدها بشكل تدريجي من الاستثمار في المرافق والخدمات العامة التي تقدمها للمواطنين أسوة برفع يدها عن الدعم كما جرى بقطاعات واسعة في الكهرباء والمياه والطاقة والغاز، وبالتالي رفع أسعار الخدمات أو رهن أصولها لسداد ديونها.

ووافقت هيئة الرقابة المالية، مؤخرا، على مشروع قانون لتعديل قانون سوق رأس المال رقم 95 لسنة 1992، بهدف استحداث آلية (بديل تمويل غير تقليدي) تتيح توفير التمويل اللازم للجهات القائمة على شؤون المرافق والخدمات العامة بالدولة لتمكينها من القيام بأعمالها وأنشطتها في مشروعات البنية التحتية.

هذه الخطوة ليست مفاجئة، وفق أستاذ الاستثمار والتمويل الدكتور وائل النحاس "فهي تأتي استكمالا لخريطة برنامج صندوق النقد الدولي، التي بدأت بتقليص الدعم وبيع الخدمات أو المنتجات بأسعار التكلفة، ثم الانتقال للمرحلة التالية وتحقيق ربحية في القطاعات التي تملكها الدولة والتي تحتاج إلى آلية للتمويل لتطوير تلك المرافق والخدمات، وتوريق الدَين هو آلية جديدة من آليات التمويل".

ورأى -في تصريح للجزيرة نت- أن مثل هذا القانون يعني أن كل هيئة سوف تقترض لنفسها بعيدا عن اقتراض الحكومة نفسها، من أجل أن تحسن خدماتها من جهة، وتسدد ما عليها من ديون من ناحية أخرى، وهذا سيقلل الضغوط على الموازنة العامة للدولة.

وبشأن ما يثار من مخاوف تتعلق برفع أسعار المرافق والخدمات العامة، أكد النحاس أن الدولة بالفعل تخلصت من عبء الدعم في العديد من القطاعات، وأصبحت تحقق أرباحا تستطيع من خلالها سداد الالتزامات، لكنه أشار إلى ضرورة وضع قواعد لضمان جدية المستثمرين حتى لا يؤدي ذلك إلى عكس المطلوب مما يحدث قصورا في الخدمات.

من جانبه،  علق الدكتور أحمد خزيم الخبير الاقتصادي ورئيس منتدى التنمية والقيمة المُضافة، على مشروع القانون، محذرا من أنه يثير العديد من المخاوف التي تتعلق بأسعار الخدمات العامة المقدمة للجمهور، وضمانات حماية حقوق المستثمرين في حال عدم تحقيق الموارد المتوقعة، وتأثير ذلك على ملكية المرافق والخدمات.

وتساءل: ماذا لو أن تلك المرافق العامة لم تحقق أرباحا؟ مجيبا بأن هذا يعني رهن أصول تلك المرافق للبيع من أجل سداد ما عليها من ديون ومستحقات، وهو أمر في غاية الخطورة.

وحذر الخبير الاقتصادي من أن الاقتراض سيرفع، بلا شك، أسعار الخدمات لأنها سوف تحمل على المستهلك، نهاية المطاف، الذي يعاني في الأصل من زيادة الأسعار وتقليص الدعم وتراجع الدخول، وبالتالي سيكون ذلك على حساب سقوط المزيد من أصحاب الطبقات الوسطى للفقيرة والفقيرة للمعدمة.

و أكدت سلوى العنتري رئيسة قطاع البحوث السابقة بالبنك الأهلي أن "إن الاقتراض الضخم يستلزم ضمانات ضخمة، وبما أن الضمانة هنا هي موارد المرافق العامة فهذا يثير تساؤلًا حول سعر الخدمة المقدم، وماذا عن قطاعات مثل الصحة والتعليم والأصل فيها أنها غير ربحية؟".

وتساءلت في تصريحات صحفية: ماذا لو لم يحقق المشروع الإيرادات المرجوة، من الضامن هنا؟ وهل يحق للمكتتبين في السندات -حال تعثر الجهة في سداد مستحقاتهم- الحجز، مثلا، على المرفق؟ كلها أسئلة يجب أن يتم معالجة الإجابات عنها والانتباه لها.

المصدر الأساسي:   الجزيرة نت