انقلاب "سعيّد" بدأ قبل 2019: هؤلاء هم لاعبو رقعة الشطرنج في تونس
السبت - 28 آغسطس 2021
تحت عنوان "من يقف خلف الانقلاب «حتى إشعار آخر»؟، نشر الكاتب الفلسطيني وائل عصام مقالا في "القدس العربي"، اليوم السبت، "، ومما جاء فيه:
كما كان متوقعا، مدد الرئيس التونسي قراراته المتعلقة بتجميد البرلمان إلى «أجل غير مسمى» ما يعني تفرده بالتحكم بالسلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية حتى إشعار آخر. لكن كيف يمكن لرئيس حديث عهد بالساحة السياسية وتحالفاتها، لا يملك حزبا نافذا في البلاد، أن يمارس كل هذا التحكم والهيمنة، بوجود قوى سياسية وحزبية عريقة في تونس؟
من الطبيعي أولا أن هناك تأييدا ضمنيا من المؤسسة العسكرية والأمنية لقرارات الرئيس، لأنه من دون هذا الدعم من تلك المؤسسات سيكون من المحال على الرئيس تنفيذ قرارات تتطلب إجراءات أمنية، كإقفال مقر البرلمان، ومنع النواب من دخوله مثلا، إضافة لهذه المؤسسات، تدور تكهنات حول مجموعة من الشخصيات والمستشارين التي تحيط بقيس سعيد، ولعبت أدوارا مؤثرة في الأحداث الأخيرة في تونس، التي وصفها الكثير من المراقبين بأنها انقلاب مكتمل الأركان.
يعتقد بعض المراقبين في تونس أن شقيق الرئيس سعيد والإعلامي نزار الشعري، والتنسيقيات المحلية التي كانت تهيئ لاجتماعات سعيد، خلال الحملة الانتخابية، كلها أطراف تعمل في محور الرئيس التونسي، وتوفر له دعما من شبكة علاقات مرتبطة مع دول خارجية (مصر والإمارات والسعودية) لها رغبة حثيثة في إبعاد التيار الإسلامي الإخواني من المشهد السياسي التونسي. لكن كيف بدأت ملامح هذه المجموعة الداعمة للرئيس سعيد تتشكل منذ الحملة الانتخابية الرئاسية عام 2019؟
تعتقد مصادر وثيقة الاطلاع في أروقة الحراك السياسي التونسي، أن هناك لوبيا أو فريقا يضم مجموعة شخصيات تدعم الرئيس، وتنسق تحركاته منذ ترشيحه للانتخابات.. وحسب مطلعين فإن القصة بدأت قبل الانتخابات الرئاسية بعامين، عندما نشر أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد تدوينة أعلن فيها نيته الترشح للرئاسة في انتخابات 2019، التدوينة حينها أثارت استغراب البعض، لكن في المقابل لم يكن أحد من المراقبين والمتابعين يعرف جيدا من هو أستاذ القانون الذي قال عنه زملاؤه وطلبته أنه منضبط في عمله، قليل التفاعل، ولم يكن رجل سياسة، ولم يعرف عنه أنه مارسها من قبل، ما عدا مشاركاته في اللجان الوطنية، كلما تعلق الأمر بالقانون الدستوري. أما التونسيون فقد تعرفوا عليه من خلال ظهوره الإعلامي بعد ثورة 2011 بلغته العربية الفصحى اللافتة، وكاريزمته الجامدة، قبل أن يصبح ساكن قصر قرطاج، إثر فوزه في الانتخابات في الدور الثاني على منافسه رئيس حزب قلب تونس نبيل القروي.
في خضم كل ذلك ينفي قيس سعيد تلقيه دعما ماليا من أي جهة، حتى إنه أعاد قبل أيام قصة الرجل الذي حاول أن يعطيه مبلغ 35 دينارا تونسيا، حوالي 9 يوروات، لكنه رفض، وهو ما يجعل الكثيرين في محل حيرة كيف لرجل أن يخوض حملة رئاسية توصله إلى كرسي الحكم، من دون أن يكون لديه داعمون، في المقابل يقول أنصار سعيد أنهم صرفوا على حملتهم الرئاسية من جيوبهم الخاصة، ومن تبرعات الشباب التواق إلى الانعتاق، الذي رأى في قيس سعيد أملا في تونس جديدة، وهو ما يتعارض مع تصريحات بعض الشباب، الذين قالوا إنهم كانوا قد نسقوا في منطقتهم مع شخص مسؤول ممثل للحملة لجمع الناخبين من الطلبة، خاصة من خلال توفير حافلات خاصة نقلتهم يوم التصويت من جامعاتهم إلى مراكز التصويت في محافظاتهم، والعودة بعد الإدلاء بأصواتهم. ويؤكد الشباب أن هناك علاقة وثيقة من المنسقيين المحليين ومنظمة تونيفيزيون التي يرأسها الشعري.
ربما ستكشف الأيام المقبلة خيوطا جديدة عن الفريق الداعم والحزب الخاص الذي يعتمد عليه الرئيس الذي لا حزب له.
المصدر القدس العربي