الوراق وماسبيرو ورفح والحي السادس .. السيسي يواصل تهجير المصريين

الجمعة - 7 يناير 2022

 

على غرار جزيرة الوراق وجزيرة محمد ومثلث ماسبيرو ومدينة رفح  المصرية بسيناء .. وفي خطوة جديدة من خطوات التهجير الممنهج الذي يتبعه السيسي ونظامه مع المصريين، قرر السيسي بشكل مفاجئ إزالة حي كامل بمدينة نصر بمحافظة القاهرة، لانزعاجه من شكل " عمارات التعاونيات "، وبناء أبراج سكنية جديدة محل العقارات المقررة إزالتها، ووصل الأمر لأن تعرض الحكومة من ضمن البدائل على السكان المهجرين، شراء  شقق جديدة  بقيمة مليون و200 ألف ! يخصم منها التعويضات التي ستمنحها لهم الحكومة، ومن خلال سطور هذا التقرير سنفتح هذا الملف ونرصد تفاصيله  .

سادت حالة من الزعر والقلق بين سكان الحى السادس، غرب مدينة نصر، بشرق محافظة القاهرة، بعد إخطارهم بقرار إزالة عقاراتهم ومحالهم لإعادة تخطيط المنطقة بالكامل، مؤكدين أن الحى السادس ليس منطقة عشوائية ولا خطرة كمنطقة مثلث ماسبيرو التى تمت إزالتها..

وقال مسؤول حكومي بارز في محافظة القاهرة، إن السيسي وجه الحكومة بإزالة الحي السادس بالكامل من منطقة مدينة نصر، شرق العاصمة، وبناء أبراج سكنية جديدة محل العقارات المقررة إزالتها على مراحل عدة، تبدأ بـ125 عقاراً بإجمالي 4500 وحدة سكنية ومحل تجاري تقريباً في المنطقة المعروفة باسم "عمارات التعاونيات"، والواقعة بداية من قسم شرطة مدينة نصر (ثان)، مروراً بشارع خليفة الظافر، ووصولاً إلى محور جيهان السادات.

وأضاف المصدر في حديث خاص مع "العربي الجديد"، أن إعلان المحافظة عن إزالة الحي السادس جاء استجابة لتعليمات لأوامر السيسي ، والذي أبدى انزعاجه من مشهد "عمارات التعاونيات" القديمة التي يعود إنشاؤها إلى ستينيات القرن الماضي، عقب تفقده بعض المحاور المرورية الجديدة في القاهرة من الطائرة الخاصة به مؤخراً، وتوجيهه رئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولي، ووزير التنمية المحلية، محمود شعرواي، بالبدء في أعمال الإزالة خلال شهرين على أقصى تقدير.

وأشار المصدر إلى أن إجراءات إزالة الحي السادس سيتبعها هدم العقارات التابعة للتعاونيات في الحيين السابع والثامن بمدينة نصر، من دون المساس بالعقارات السكنية الأخرى سواء المتعلقة بالأهالي أو الشركات، مادامت غير مخالفة للاشتراطات الواردة في قانون البناء، تحت ذريعة استعادة الوجه الحضاري للعاصمة المصرية حتى تتكامل مع العاصمة الإدارية الجديدة (تبعد بحوالي 60 كيلومتراً عن مناطق وسط القاهرة).

وتابع أنه من المقرر إقامة تجمعات سكنية على طراز حديث في الأحياء الثلاثة (السادس والسابع والثامن) بعد إزالة "عمارات التعاونيات" منها، مع تخيير قاطنيها بين منحهم تعويضاً مالياً بسعر المتر في المنطقة، وفقاً لتقييم "المثمن العقاري" الذي تحدده المحافظة، أو القبول بإيجار شهري لمدة زمنية معينة، والعودة إلى المنطقة مرة أخرى بعد إعادة تطويرها، أو استلام وحدة كاملة التأثيث في مشروعات الإسكان التابعة للدولة في مدن مثل السلام والنهضة، ولكن بالأسعار الجديدة للمنطقة، مع حساب الفارق بين تعويض الوحدات الخاصة بهم، وبين السعر الجديد للوحدة.

وأوضح المصدر أن محافظة القاهرة طرحت خياراً رابعاً على الأهالي يتمثل في تسلمهم وحدة سكنية جديدة بمشروع "غاردينيا سيتي" بحي مدينة نصر، وتقسيط الفارق بين ثمن الوحدة القديمة، والذي لن يجاوز 450 ألف جنيه في أحسن الأحوال للوحدة الـ90 متراً، والوحدة الجديدة البالغ ثمنها مليوناً و200 ألف جنيه للوحدة الـ120 متراً، وذلك على مدة زمنية تصل إلى 10 سنوات.

في السياق نفسه، عقد نائب محافظ القاهرة للمنطقة الشرقية، إبراهيم صابر، لقاءً مع بعض السكان القدامى في الحيين السادس والسابع لشرح خطة الحكومة بشأن تطوير المناطق غير المخططة، وبحث أنسب الحلول لتعويض الأهالي المقررة إزالة مساكنهم، مدعياً أن الهدف من هذا المشروع هو إعادة تخطيط المنطقة مع توفير البديل المناسب للسكان بنفس المكان، أو تعويضهم مالياً ارتباطاً بسعر المنطقة.

وظهر الغضب واضحاً خلال حديث السكان الحاضرين للاجتماع، والذين فوجئوا بإخطارهم بقرار إزالة عقاراتهم من دون مقدمات، رغم امتلاكهم لجميع مستندات ملكية وحداتهم السكنية التي يقطنون فيها منذ عشرات السنين، وعدم مخالفتها لأي من قوانين البناء في الدولة، مؤكدين أنها ليست منطقة عشوائية أو خطرة مثل "مثلث ماسبيرو" التي تمت إزالتها بغرض التطوير، كما أنها ليست من المباني القديمة الآيلة للسقوط كما تدعي الحكومة.

وأبلغ الأهالي نائب محافظ القاهرة برغبتهم في التعاقد مع أكبر المكاتب الهندسية والاستشارية، من أجل تطوير وتجميل عقاراتهم ووحداتهم السكنية على نفقتهم الخاصة، ومن دون تحميل الدولة أية أعباء، مبينين أن المنطقة أسسها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر تحت إشراف أكبر المهندسين والمعماريين في ذلك الوقت، وبالتالي يرفضون قرار الحكومة تهجيرهم منها، وتمسكهم بالبقاء فيها إثر رفضهم جميع الاقتراحات التي طرحتها المحافظة بشأن تعويضهم

وبناء على توجيهات السيسي ، تتجه حكومة الانقلاب ، نحو إزالة 122 بلوكا سكنيا يضم 3500 مسكن يضم آلاف الأسر والعائلات، وشرع حي غرب مدينة نصر في حصر رغبات السكان بشأن توفير مساكن بديلة في المنطقة التي تمتد من  خلف قسم شرطة مدينة نصر ثان حتى الخليفة الظافر، وفقا لموقع "مدى مصر" نقلا عن مصادر مطلعة بإدارة الحي تعزو هذه القرارات إلى تعليمات عليا.

اللافت في الأمر أن الحكومة لم تكترث لموقف المواطنين المتضررين من قرارها، ولم تشاركهم في صنع القرار بشأن إزالة مساكنهم وإقامة مساكن بديلة بدعوى التطوير. وتعتزم الحكومة إزالة البلوكات القديمة وإقامة مشروع سكني متكامل دون المساس بالمباني المختلفة والمؤسسات الحكومية كالمدارس والمستشفيات وغيرها.

وتستهدف حكومة السيسي بناء أبراج سكنية ضمن مبادرة السيسي الخاصة بتوفير 100 ألف وحدة سكنية مفروشة بنظام الإيجار، وإتاحتها للمتزوجين حديثاً، مع صرف تعويضات مالية لملاك تلك العقارات، أو نقلهم إلى وحدات بديلة في منطقة الأسمرات بحي المقطم.

وفي 28 ديسمبر 2021م،  وجه السيسي، على هامش احتفالية أقامها في مدينة أسوان الجديدة، الحكومة ببناء 100 ألف وحدة سكنية للإيجار "حتى يسكن المتزوجون حديثاً مقابل سداد الإيجار"، قائلاً "والله لأعملها (أفعلها)، بحيث يذهب الزوجان إلى الوحدة السكنية بملابسهما فقط، ويدفعان الإيجار المطلوب من دون أعباء أخرى"، على حد تعبيره. وزعم السيسي أن "الدولة تدخلت في مجال الإسكان ليس بغرض المنافسة، أو الوقوف ضد أحد، ولكن لوقف القبح، والبناء العشوائي"، وزاد: "وقف البناء داخل الدولة سيكون على مراحل، ولن نسمح لأحد -باستثناء الدولة- بالبناء في مشاريع الإسكان لمدة 10 سنوات من الآن، إلى حين وضع آليات منضبطة بشأن التراخيص وخلافه".

تجارب سابقة

إذ تبتعد تجارب السيسي في نقل السكان عن منطق العقل أو الرحمة أو الإنسانية، رغم تشدقه بالإنسانية والحفاظ على المصريين خلال خطاباته فقط، وقد قام بتهجير أهالي مثلث  ماسبيرو ، وجزيرة الوراق ، وجزيرة محمد ، ومنطقة الهرم  .

وتعرض الحكومة تعويضا هزيلا لا يرقى لسعر السوق نهائيا، أو نقل السكان لمساكن إيواء صغيرة المساحة، ثم مفاجئة الساكن المنقول بعيدا عن عمله ومنطقة إقامته بأن الشقة نظام إيجار أو حق الانتفاع فقط له دون ورثته، على الرغم من نقله من مسكنه المملوك له، وهو ما يمثل قمة التوحش العسكري الذي دمر بنية المجتمع المصري، ويشرذم بناءه الاجتماعي واستقراره الاقتصادي والمجتمعي.

غضب المصريين يجتاح  مواقع التواصل الاجتماعي

وقد سادت حالة من الغضب المصريين ، من هذا القرار نظراً لانعدام الثقة في القرارات التي تتخذها الحكومة، معتبرين القرار خطة تهجير ممنهجة، من دون مراعاة لظروف سكان المنطقة المعيشية.

و‏‏كتب مصطفى غاندي: "بداية السقوط كانت من هناك، كل الناس اللي هللت وكبرت لتهجير أهل سيناء، وكل الناس اللي كانت بتدافع عن العنف والقمع اللي وقع على أهالي شمال سيناء، طالهم الظلم وبنفس الأسلوب، وبرضه طلعلهم ناس يهللوا لتهجيرهم".

وعلقت نجوى بأن ‏"الحي السادس بمدينة نصر يلحق بمثلث ماسبيرو، إزالة المباني القديمة وبناء أبراج جديدة، اضرب القاهرة بالرافال يا ريس وسويها بالأرض".

كتبت شيرين وجدي: ‏"مرعب جداً إحساس الناس بعدم الأمان، وانهم ممكن يصحوا يلاقوا نفسهم في الشارع أو بديل وضيع، شيء مرعب".

وغرد محمد علي موسى: ‏"بالمناسبة برضه، الناس مش حتهتم بآثار ولا أي شكل حضاري، طالما هم مهددين في أمنهم وملكيتهم إنسى الكلام ده، ماحدش هايحس بأهمية تراث وهو ملكيته الخاصة بتروح وغير آمن، بالنسبة له هاتبقي شوية حجر بلا قيمة".

وعن غياب التوعية الحقيقية شارك أحمد سعد: ‏"فيه فيديو للأهالي بتوع مدينة نصر مع ممثل الفاشي، واحدة ست بتسأل على قانون المنفعة العامة وانها متعرفش إنه اتعمل، وده بيودينا إن مافيش أي وسيلة للناس العادية، أو أقل إنهم يعرفوا أي أخبار تخصهم، وطبعاً مش باتكلم كمان عن الحقايق مش البروباغندا".

فيما علقت الناشطة ياسمين عبد الفتاح ساخرة : " حي الشيخ جراح بمدينة نصر !"