النظام يتلاعب بإمبراطوريات الحديد .. عز "يرث" أبو هشيمة بمباركة "سيادية"

الجمعة - 3 ديسمبر 2021

في ظل سيطرة الأجهزة السيادية وهيئاتها الاقتصادية على صناعة الحديد في مصر، نجد أن النظام بدأ التلاعب برجال الأعمال في هذا المجال خاصة أحمد أبو هشيمة وأحمد عز، وقد أثارت خطة المجموعة الاقتصادية داخل جهاز المخابرات العامة المصرية، المساهم الأكبر في شركة "حديد المصريين"، لإخراج رجل الأعمال أحمد أبو هشيمة من الشركة التي يمتلك فيها حصة تقدر بـ18 في المائة، واستبداله برجل الأعمال أحمد عز، تساؤلات حول أسباب الإطاحة بأبو هشيمة من الشركة التي تسيطر على نسبة كبيرة من سوق الحديد والواعدة في مصر والعالم، وهو الذي كان رجل النظام المدلل لسنوات، لصالح رجل أعمال نظام مبارك، والمقرب من جمال مبارك نجل الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك. علماً بأن جمال مبارك يثير هو وشقيقه علاء، حفيظة عبد الفتاح السيسي من وقت لآخر، بسبب ظهورهما الإعلامي، فضلاً عن أن السيسي يرى فيهما منافسين محتملين لشعبيته وسلطته، وفي سياق متصل، واصلت الحكومة  المصرية تدمير قلاع الحديد، وقامت بعد تصفية شركة حلوان للحديد والصلب، بطرح أراضي "الشركة " للبيع في مزادات عامة بعد التصفية، ومن خلال سطور هذا التقرير نرصد أهم التطورات في هذا الملف وتفاصيلها.

 

أثارت خطة المجموعة الاقتصادية داخل جهاز المخابرات العامة المصرية، المساهم الأكبر في شركة "حديد المصريين"، لإخراج رجل الأعمال أحمد أبو هشيمة من الشركة التي يمتلك فيها حصة تقدر بـ18 في المائة، واستبداله برجل الأعمال أحمد عز، تساؤلات حول أسباب الإطاحة بأبو هشيمة من الشركة التي تسيطرعلى نسبة كبيرة من سوق الحديد والواعدة في مصر والعالم، وهو الذي كان رجل النظام المدلل لسنوات، لصالح رجل أعمال نظام مبارك، والمقرب من جمال مبارك نجل الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك. علماً بأن جمال مبارك يثير هو وشقيقه علاء، حفيظة الرئيس عبد الفتاح السيسي من وقت لآخر، بسبب ظهورهما الإعلامي، فضلاً عن أن السيسي يرى فيهما منافسين محتملين لشعبيته وسلطته

في السياق، قالت مصادر في مجال الأعمال في مصر، لـ"العربي الجديد"، إن النظام الحالي "ليست لديه مشكلة مع النظام السابق ورجاله، طالما أنهم ليسوا من المرتبطين بأي صورة بجماعة الإخوان المسلمين، والدليل هو أنه أعاد لهؤلاء أموالهم ليتصرفوا فيها كما كان الوضع في السابق، وآخر القرارات في هذا الإطار، هو رفع التحفظ على أموال علاء وجمال مبارك". وأضافت المصادر، أن "النظام الحالي نصح علاء وجمال مبارك، بالابتعاد عن الساحة بعد تخوّفه من جماهيريتهما، وهو ما حدث بالفعل، إذ لم يُلاحظ أي ظهور لهما في الفترة الأخيرة"

وأشارت المصادر إلى أن "النظام الحالي يسعى لاستغلال كل رجال الأعمال السابقين من رجال النظام السابق، حتى يتم إعداد رجال الأعمال التابعين له"، مؤكدةً أن "صناعة مثل صناعة الحديد، يمتلك فيها أحمد عز خبرة طويلة وعلاقات جيدة بالبنوك، تؤهله للتوسع في السوق لصالح شركة النظام"

وعلى الرغم من أن الصفقة لم يعلن عن إتمامها رسمياً، إلا أن شركة "حديد عز" صرحت في بيان للبورصة المصرية أخيراً، بأنه "في ما يتعلق باستثماراتها في شركات قائمة، فإنه في حال اتخاذ السلطة المختصة في الشركة وكل الأطراف ذات الصلة، قراراً بشأن أي استثمارات في شركات قائمة، فإن الشركة ستفصح عنه في حينه، وفقاً للإجراءات القانونية والقواعد ذات الصلة". وأضافت أن "هذا سيحدث بعد التقييم المالي والتدقيق القانوني اللازمين لأي استثمار جديد"، موضحةً أن "الشروط الحاكمة في هذه الحالة هي جودة وحداثة الأصول والتقنيات المستخدمة في الشركة محل الاستثمار، وسلامة وكفاءة هيكلها التنظيمي، واحترافية مواردها البشرية".

وأكدت الشركة أنها "تنفذ حالياً استثماراً يوشك على الاكتمال، يستهدف زيادة طاقتها الإنتاجية من الصلب السائل، بما يضمن استمرار إنتاج وتصدير الصلب المسطح"، وهو ما يؤكد أنباء استحواذها على حصة أبو هشيمة في شركة "حديد المصريين" المملوكة للمخابرات العامة. فمن أين بدأت القصة

لم يكن يتخيل الشاب أحمد أبو هشيمة، ابن ضابط الشرطة اللواء حمدي أبو هشيمة، وتاجر حديد الخردة السابق، أن يصبح بين ليلة وضحاها رجل الإعلام والصناعة الأول في مصر، مثله مثل الشاب أحمد عز الذي ورث تجارة الخردة والحديد عن والده، وكان عازفاً هاوياً للطبول في فرقة صغيرة، قبل أن يصعد بشكل سريع داخل الحزب الوطني المنحل، إبان فترة حكم مبارك، ويصبح صاحب أكبر مصنع للحديد والصلب في البلاد.

تتشابه قصتا صعود رجلي الأعمال أحمد أبو هشيمة وأحمد عز، في عالم السياسة والأعمال، واللتان أعقبهما قصة هبوط، لكن الاختلاف بين الرجلين، أن عز بدأ أخيراً قصة صعود جديدة على حساب أبو هشيمة.

صعود أبو هشيمة

كان أبو هشيمة مجرد موظف في شركة "قوطة للصلب" المملوكة لرجل الأعمال البورسعيدي المشهور ورئيس مجلس إدارة النادي المصري، عبد الوهاب قوطة، وكان صديقاً لابنه. وكان مفتاح حصول أبو هشيمة على ثقة آل قوطة ومن ثم نفوذه في الشركة، هو زواجه من ابنتهم، والتي مهدت له طريق الصعود داخل الشركة.

واجهت الشركة بعد ذلك مشاكل قضائية بسبب ديون للبنوك التي أخذت تلاحق آل قوطة. وفي هذه الأثناء، أخذ نجم أبو هشيمة يلمع في تجارة الحديد، بمساعدة والده اللواء حمدي أبو هشيمة. ويقال إن أبو هشيمة الشاب ساعد في القضاء على إمبراطورية "آل قوطة" وورث تجارتهم، بعد جولة في المحاكم مع العائلة في عام 2006، انتهت بتطليقه لابنتهم.

أصبح أبو هشيمة فجأة يسيطر على ما يقرب من 7 في المائة من سوق الحديد، حيث اقتحم مجال التصنيع قبيل ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، وتم استخدامه من قبل شركاء آخرين لإنشاء شركة "حديد المصريين". وفي ذلك الوقت، وبينما كان أبو هشيمة يخطو أولى خطواته في عالم صناعة الحديد، كان رجل الأعمال أحمد عز، مسيطراً بشكل شبه تام على صناعة الحديد والصلب من خلال شركته "عز" التي استحوذت سابقاً على شركة "الدخيلة للصلب" والتي كانت مملوكة للحكومة، في صفقة شابتها تهم فساد

لم يكن اسم أبو هشيمة معروفاً للكثيرين في مصر، حتى زواجه من الفنانة اللبنانية هيفاء وهبي في إبريل/نيسان من عام 2009، وهو ما حدث بالتزامن مع تأسيس شركة "حديد المصريين"

بعد اندلاع ثورة 25 يناير، انقلبت الآية مع انهيار نظام مبارك وحزبه "الوطني" الذي كان أحمد عز أحد رجاله الأقوياء، والذي دخل السجن واضطر للتخلي عن إدارة شركاته، فأفسح المجال لأبو هشيمة، وأخذ يصعد هذا الأخير في علم الحديد والإسمنت وكذلك الإعلام.

بعد الثورة مباشرة، سارع أبو هشيمة إلى عرض خدماته على المجلس العسكري الحاكم آنذاك، وبعد أن كان لا يجد لنفسه مكاناً إبان حكم مبارك، حيث كان عز مسيطراً، راح يقدم خدماته للمجلس العسكري، باعتباره رجل أعمال "وطنيا"

تملّق للسيسي

أثبت أبو هشيمة ولاءه لنظام السيسي بأن اشترى صفحتين بجريدة "التايمز" البريطانية للدعاية لانقلاب 30 يونيو، والترويج للسيسي على أنه أنقذ البلاد من خطر جماعة الإخوان وما إلى ذلك من دعايات للنظام. وعندما زار السيسي الولايات المتحدة للمرة الأولى عام 2014، سبقه أبو هشيمة إلى هناك واشترى مساحة لعرض إعلان كبير في ميدان "تايمز سكوير" بالعاصمة واشنطن. وبعدها بدأ تمويل حزب "مستقبل وطن" الذي أسسته المخابرات الحربية، وبذلك أصبح أبو هشيمة أحد المقربين بشدة من السيسي

بدأ أبو هشيمة بعد ذلك في بناء "إمبراطورية إعلامية" تقوم فقط على تمجيد النظام الجديد وتبشر به، ثم بعدها دخل في صناعة السينما من خلال شركة "إعلام المصريين"

وتقول مصادر لـ"العربي الجديد" إن "أبو هشيمة اتهم من أجهزة أمنية بأنه أصابته لوثة الشهرة والظهور الإعلامي، فسخّر المؤسسة الإعلامية التي يديرها لإرضاء هوسه بالشهرة، وأخذ ينفق الأموال التي دخلت هذه المؤسسة بعد الانقلاب عن طريق الإمارات، بلا حساب، حتى وصل إلى مرحلة أنّ الأجهزة الأمنية أصبحت غير مقتنعة به لإدارة الشركة، وترى أنّه تسبب في خسائر كبرى، في إطار ما كان يسمى بخطة تطوير إعلام المصريين، فأزاحته عن منصبه، وأسندت رئاسة مجلس إدارة الشركة إلى وزيرة الاستثمار السابقة داليا خورشيد".

وفي ديسمبر/كانون الأول عام 2017، أسست المخابرات العامة شركة "إيغل كابيتال" للاستثمارات المالية، برئاسة الوزيرة السابقة داليا خورشيد، وأُعلن عن استحواذ الشركة على حصة رجل الأعمال أحمد أبو هشيمة في مجموعة "إعلام المصريين"، المالكة لقنوات "ON".

وأخيراً لم يتبق لأبو هشيمة سوى حصة 18 في المائة من شركة "حديد المصريين"، والتي من المنتظر أن تنتقل لأحمد عز، ومنصب نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري، وعضوية مجلس الشيوخ.

مواصلة تدمير قلاع الحديد الحكومية

وفي سياق متصل ، وافق برلمان السيسي ، في الأسبوع الجاري ،  على مشروع قانون مقدم من الحكومة بشأن الإذن لوزير المالية بضمان "الشركة القابضة للصناعات المعدنية" في الحصول على قرض لصالح شركة الحديد والصلب (تحت التصفية) بقيمة 1.25 مليار جنيه، (الدولار يساوي 15.70 جنيهاً)، وذلك لسداد مستحقات العاملين بها عقب قرار تصفية الشركة.

ونص مشروع القانون على أن "يؤذن لوزير المالية، نيابة عن الحكومة المصرية، بضمان الشركة القابضة للصناعات المعدنية لدى البنوك المحلية، في ما تحصل عليه من تمويل لسداد مستحقات العاملين في شركة الحديد والصلب".

كما نص على "تقديم الشركة القابضة ضمانة عينية لوزارة المالية، تتكون من أراض فضاء مملوكة لشركة الحديد والصلب، تعادل قيمتها الضمانة المالية التي ستصدرها الوزارة، إلى حين وفاء الشركة بالتزاماتها محل الضمانة".

وأعلن وزير قطاع الأعمال العام، هشام توفيق، الثلاثاء، طرح أراضي شركة "الحديد والصلب" للبيع في مزادات عامة، عقب تحويل نشاطها من الاستخدام الصناعي إلى العقاري لرفع ثمنها السوقي، وإعادة تقييم المساحة الشاسعة لتلك الأراضي، التي تعادل مساحتها مدينة الشيخ زايد في محافظة الجيزة.

وزعم توفيق، في كلمته أمام البرلمان، أن قرارات الوزارة تستهدف الحفاظ على حقوق الدائنين، وتعويضات العاملين لدى الشركة، مبيناً أن حصيلة بيع أراضي الشركة، بالإضافة إلى "الخردة الحديد" الموجودة في مصانعها، ستصل إلى ملياري جنيه تقريباً، وهو ما يغطي المستحقات المطلوبة لسداد تعويضات العاملين.

وأضاف أن الوزارة صرفت التعويضات لقرابة 500 عامل من أصل 6 آلاف عامل في شركة الحديد والصلب، موضحاً أن إجمالي مساحة أراضي الشركة المقرر بيعها، الواقعة بالقرب من نهر النيل في منطقة حلوان، جنوبي العاصمة القاهرة، يبلغ 6 ملايين متر مربع تقريباً

وكانت شركة الحديد والصلب قد أعلنت التزامها بدفع مبلغ مقطوع قيمته 14 ألف جنيه لكل عامل، عن كل عام من أعوام الخدمة الفعلية، بحد أقصى 450 ألف جنيه، مضافاً إليه المقابل النقدي لرصيد الإجازات، وذلك على آخر شهر شامل تم صرفه للعامل في الشهر السابق لصدور قرار التصفية، وفقاً لما تقضي به لائحة نظام العاملين المعمول بها بالشركة.

وقرر مجلس إدارة الشركة إغلاق أبوابها، ووقف حضور العاملين فيها اعتباراً من 30 مايو/أيار 2021، في إطار إجراءات التصفية المتوقع انتهائها خلال عامين. وجاء قرار التصفية بعد 67 عاماً من تأسيس الشركة، مع فصل شركة المناجم والمحاجر عن الشركة الأم، إيذاناً بدخول القطاع الخاص شريكاً فيها خلال المرحلة المقبلة.

وأرجعت الجمعية العامة سبب التصفية إلى ارتفاع خسائر الشركة، وعدم قدرتها على العودة إلى الإنتاج والعمل مجدداً، إذ تراكمت مديونياتها خلال السنوات الماضية لصالح شركات الكهرباء والغاز الحكومية، لتصل إلى نحو 5.3 مليارات جنيه في ختام العام المالي 2018-2019

ويبلغ رأس مال الحديد والصلب ملياري جنيه، وهو مُوزع بنسبة 83% للشركة القابضة للصناعات المعدنية، و17% لهيئات ومؤسسات وبنوك عامة، وقطاع خاص، وفقاً لقوائم الشركة المالية.