النظام المصري يصعد من انتهاكاته ضد المعتقلين
الأربعاء - 3 نوفمبر 2021
- " الشبكة المصرية" تكشف تصاعد التنكيل بمعتقلي سجن ليمان المنيا ودخولهم فى إضراب ..
- "نحن نسجل" تفضح انتهاكات داخل مقرات الاحتجاز ب"ههيا" الشرقية
- "الرسالة الأخيرة" فيلم يوثق الانتهاكات في سجن العقرب بمصر
- "نيويورك تايمز": السيسي يلغي القوانين للحفاظ على سلطته.. ويواصل التنكيل بالمعتقلين بالسجون
بالرغم من محاولات النظام إظهار أن مصر على مشارف مرحلة جديدة في التعامل مع السجناء والمعتقلين، من خلال افتتاح أكبر مجمع للسجون، وإلغاء الطوارئ، نجد أن النظام المصري يصعّد من انتهاكاته ضد المعتقلين في السجون ومقار الاحتجاز ، حيث كشفت "الشبكة المصرية" تصاعد التنكيل بمعتقلي سجن "ليمان المنيا" ودخولهم فى إضراب، و"نحن نسجل" تفضح انتهاكات داخل مقرات الاحتجاز ب"ههيا" بالشرقية ، فيما قالت صحيفة "نيويورك تايمز" أن السيسي يلغي القوانين ويعدلها للحفاظ على سلطته، ويواصل التنكيل بالمعتقلين بالسجون .. وفي سياق متصل ..صدر أمس فيلم "الرسالة الأخيرة" الذي يوثق الانتهاكات في سجن العقرب بمصر، ومن خلال سطور هذا التقرير نتعرض للتفاصيل.
تلقّت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان معلومات عن دخول عدد من معتقلي سجن ليمان المنيا فى إضراب مفتوح عن الطعام نتيجة الانتهاكات العديدة في حقّهم، والتي شملت التعدي بالضرب والمنع من التريّض والحبس الانفرادي.
وقد أطلق عدد من أهالي المعتقلين في مصر استغاثات على خلفية تعرّض هؤلاء إلى انتهاكات جسيمة بدأت بعد اعتداء ضباط السجن بوحشية على أحد المعتقلين وإنزاله إلى التأديب (الحبس الانفرادي)، وهو ما دفع مجموعة من المعتقلين إلى التضامن معه والدخول في إضراب عن الطعام، فتمّ التنكيل بهم جميعاً والاعتداء عليهم من قبل الحرّاس والمخبرين، الأمر الذي تسبّب في تعرّض عدد كبير منهم إلى إصابات متنوعة، وذلك بالتزامن مع حرمان إدارة السجن المعتقلين من حقّهم في التريض والحصول على العلاج.
ودانت الشبكة المصرية ما تمارسه السلطات الأمنية في سجن ليمان المنيا، وسط غياب تام لأدوات الرقابة والمحاسبة، واستمرار جرائم التعذيب التي تُرتكب في حقّ المعتقلين. وطالبت الشبكة النائب العام المصري المستشار حمادة الصاوي بالتدخّل لوقف كلّ أشكال التعذيب والانتهاكات، وفتح تحقيق عاجل وشفّاف في تلك الأحداث، وإحالة المسؤولين عنها إلى محاكمات عاجلة. كذلك طالبت السلطات المصرية بالإقلاع عن مختلف الممارسات القمعية في حقّ المعتقلين والتي دأبت عليها في السنوات الماضية
وفي سياق متصل، وردت إلى مركز الشهاب لحقوق الإنسان شكاوى من اعتداءات بدنية وحشية على نحو عشرين سياسياً مسجونين في ليمان المنيا، وذلك بعد نقلهم إلى "التشريفة". كذلك تلقّى المركز شكوى حول خطورة حالة المسجون نادر مصطفى الجمل من محافظة الشرقية، بسبب ما تعرّض إليه من ضرب في السجن.
ويقع سجن ليمان المنيا على طريق مصر أسوان - المنيا، علماً أنّ قراراً يحمل رقم 874 لسنة 2014 نصّ على إنشاء عدد من السجون في محافظة المنيا، ويتضمّن القرار إنشاء سجنَين، الأوّل "سجن ليمان المنيا" الذي يوضع فيه الرجال المحكوم عليهم بعقوبتَي المؤبّد والسجن المشدّد، والثاني "سجن شديد الحراسة المنيا" وهو سجن عمومي
وبحسب شهادات محتجزين سابقين أدلوا بها للجبهة المصرية لحقوق الإنسان، فإنّ النزلاء يعانون من اكتظاظ الزنازين، في حين أنّ التريّض يتفاوت بحسب سياسة إدارة السجن، فقد يكون نصف ساعة أو ساعة واحدة أو ساعتَين اثنتَين. ومع تغيير هيكل إدارة السجن في إحدى المرّات، مُنع التريّض ومُنع الخروج كلياً من الزنازين لمدّة سنة كاملة. بعد ذلك، صار التريّض مرّة واحدة في الأسبوع لمدّة ساعة واحدة، ثمّ صار مرّتَين أو ثلاث مرّات في الأسبوع. لكن من يأتي إلى السجن بغرض "التغريب"، فإنّه يُمنع كلياً من الخروج للتريّض.
وتصف رسالة بعثت بها مجموعة من المعتقلين في السجن بأنّ زنزانة التأديب غير إنسانية، ولا تتوفّر فيها دورة مياه فيُضطرون إلى قضاء حاجتهم بطرق تهدّد وضعهم الصحي. وقد أوضح محتجز سابق للجبهة المصرية أنّ الوضع في السجن الأوّل لا يختلف كثيراً عن الوضع في السجن الثاني، لأنّ الإدارة تنتهج سياسة التعنّت وممارسة الانتهاكات والاعتداءات الجسدية في حقّ السجناء وتنكّل بهم في السجنَين.
تنكيل ضابط مباحث ههيا بالمعتقلين
وفي نفس السياق ، رصدت منظمة "نحن نسجل" انتهاكات عدة داخل مقرات الاحتجاز في مركز شرطة ههيا في محافظة الشرقية بإشراف ضابط المباحث الرائد إسلام نجيدة والضابطين محمد عاطف و أحمد فتح الله.
وأوضحت أن عنابر الاحتجاز بالمركز اكتظت بالمعتقلين من أصحاب التوجهات السياسية المختلفة نتيجة للحملة الأمنية المستمرة داخل المحافظة، وتم الاعتداء الجسدي على كل من يتذمر من تكدس الزنازين وتم تعرية خمسة سجناء بشكل تام وإهانتهم جسديا ونفسيا.
كما تم منع دخول الطعام إلا مرة واحدة إسبوعيا بعد أن كان مرتين، بالإضافة إلى استمرار زيادة أعداد المحتجزين بما يفوق الطاقة الاستيعابية للزنزانة، وهو ما يهدد سلامة الجميع ويعمل على انتشار الأمراض فى ظل انعدام أي رعاية صحية دون مراعاة لأدنى معايير السلامة .
وناشد أهالي المحتجزين بسجن مركز شرطة ههيا كل من يهمه الأمر، بالتحرك لرفع الظلم الواقع على ذويهم والتعاطي مع شكواهم والتحقيق فيها، ومحاسبة كل المتورطين فيما يحدث من انتهاكات بحق ذويهم.
"الرسالة الأخيرة".. فيلم يوثق الانتهاكات في سجن العقرب بمصر
وفي سياق متصل ، تداول بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي في مصر فيلما وثائقيا عن ظروف الاعتقال داخل "سجن شديد الحراسة 992" بمنطقة سجون طرة جنوب محافظة القاهرة، والمعروف إعلاميا بـ"سجن العقرب"، متضمنا شهادات لحقوقيين وأسر بعض المعتقلين داخل هذا السجن سيئ السمعة، والذي شهد العديد من حوادث الوفاة بالإهمال الطبي المتعمد منذ انقلاب 3 تموز/ يوليو 2013 وحتى الآن.
ويؤكد الفيلم أن "سجن طرة 992 شديد الحراسة يعدّ واحدا من أكثر السجون قهرا وظلما وعذابا؛ فهو أقسى سجون مصر، وأكثرها رعبا، وقد شيُد السجن كقلعة حصينة عام 1993، وأحيط بسور ارتفاعه سبعة أمتار، وعليه أبراج حراسة وبوابة مصفحة من الداخل والخارج"
ولفت الفيلم الوثائقي إلى أن هذا السجن "ينقسم إلى أربعة مبانٍ، كل مبنى من الأعلى على شكل حرف (H)، ويتكون من أربعة عنابر، كل عنبر يضم 20 زنزانة، ليصبح عدد زنازين هذا السجن 320 زنزانة"
وأوضح أنه "بمجرد إغلاق البوابة الخارجية المصفحة ينعزل كل عنبر تماما عن باقي السجن، ويغيب كل شيء وراء الزنازين الضيقة، ويحرم التواصل مع أي إنسان، حتى إن الصوت لا يتسرب إلى الزنازين المجاورة بسبب الكميات الهائلة من الخرسانة المسلحة".
وأشار إلى أن "الزنزانة داخل هذا السجن ضيقة جدا، وتبلغ مساحتها 7 أمتار مربعة تقريبا، وفيها حمام إسمنتي ومسطبة إسمنتية للنوم، وفي بابها الحديدي فتحة صغيرة لإدخال الطعام للسجين، وتفتقر إلى التهوية وأشعة الشمس، وفيها مصباح تتحكم به إدارة السجن"
واستطرد الفيلم قائلا: "لا تغيب أصوات المساجين من شدة التعذيب في سجن العقرب؛ ففي غرف التعذيب تتعدد الوسائل، منها العصيّ وأجهزة الصعق الكهربائي وسلاسل السقف لتعليق المساجين".
وتقول منظمات حقوقية إن "المعتقلين يتعرضون للضرب والصعق بالكهرباء، وحتى للتحرش والاغتصاب، بالإضافة إلى تعليقهم لساعات طويلة، يضاف إلى هذا التعذيب التجويع والحرمان من الدواء ومنع دخول الطعام ونقص الأفرشة".
ونوّه الفيلم الوثائقي إلى أن "منع الزيارات العائلية عن هذا السجن هو جزء من التعذيب، حيث يعاني أهالي المعتقلين في سبيل رؤية ذويهم، ولمَن أتيحت لهم هذه الفرصة فغرف الزيارة بواجهات زجاجية والتحدث يتم عبر الهواتف فقط".
وعرض الفيلم جانبا من شهادة المعتقل المصري، محمود عبد المجيد صالح (46 عاماً)، التي كتبها بيده حول الأوضاع داخل سجن العقرب، الذي وافته المنية بداخله، نتيجة الإهمال الطبي ومنع العلاج عنه.
قبل وفاته بأيام، كتب صالح رسالته الأخيرة قائلا: "من وراء الشمس نناديكم يا أصحاب الضمائر الحية، صرخة من خلف الأسوار، من جوعى لا يشبعون، ومن عطشى لا يرتوون، ومن عرايا لا يكتسون، ومن مرضى لا يشفون".
أسوأ من أبو غريب وجوانتامو
وأضاف صالح: "هذه رسائل من داخل أقبح سجون أعتى ديكتاتوريات العصر. أسوأ من أبو غريب، وغوانتنامو، وسجن (جمال) عبدالناصر الحربي. من سجن العقرب في مصر نناديكم، لا بد أن هناك أحدا ما في الخارج يشعر بنا"
و"سجن العقرب" هو سجن شديد الحراسة يقبع فيه أعداد كبيرة من كوادر وقيادات "جماعة الإخوان"، وغيرهم من المعارضين لسلطة الانقلاب العسكري في مصر، وتؤكد العديد من المنظمات الحقوقية المحلية والدولية أن المعتقلين فيه يتعرضون لـ"انتهاكات حقوقية مختلفة"، بينما تنفي السلطات المصرية صحة تلك الاتهامات.
ومنذ إنشائه، يستقبل هذه السجن على نحو خاص، المعتقلين من المعارضة، أو الجماعات الإسلامية، واُعتقل فيه وزراء ورموز من نظام حسني مبارك بعد الإطاحة به في أعقاب اندلاع ثورة 25 كانون الثاني/ يناير 2011، وأيضا قيادات معارضة للانقلاب على الدكتور محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا في تاريخ مصر.
"نيويورك تايمز": السيسي يلغي القوانين ويعدلها للحفاظ على سلطته
وفي الإطار الحقوقي ، نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا أعدته مراسلتا الصحيفة في القاهرة فيفيان يي وندى رشوان، قالتا فيه إن مصر ستوسع من صلاحيات الرئيس من خلال قانون سيقوي يد الحكومة الديكتاتورية، في وقت بدا وكأنها تخفف من سيطرتها الأسبوع الماضي بعد رفع حالة الطوارئ الطويلة.
وقالت الصحيفة إن مجلس النواب وافق على تعديلات لقانون الإرهاب الوطني يوم الأحد الماضي، ووسع سلطاته وستذهب التعديلات إلى السيسي لكي يوافق على التعديلات، والذي سيكون مجرد إجراء شكلي. وتعطي التعديلات الرئيس السلطة لاتخاذ "إجراءات لحماية الأمن القومي والنظام العام" بما في ذلك فرض منع التجوال من بين صلاحيات أخرى
وتقول الصحيفة إن التعديلات الجديدة أثارت أسئلة حول ما إذا كانت الحكومة تقوم باتخاذ الخطوات الكافية للانفتاح كما تحاول الحكومة إظهار هذا. وحاولت الحكومة الرد على انتقادات حقوق الإنسان من أمريكا والدول الغربية التي ظلت تنتقد سجل البلد، من خلال إعادة تقييم لعدد من ممارساتها في مجال معاملة السجناء وقرار السيسي عدم تجديد قوانين الطوارئ المفروضة منذ أربع سنوات والتي انتهت في الشهر الماضي
ومنحت حالة الطوارئ الحكومة سلطات واسعة للرقابة والاعتقال والتنصت وغير ذلك من الأساليب الأخرى باسم مكافحة الإرهاب، بما في ذلك السلطة لسحق التظاهرات واعتقال المعارضين والتحكم بالحياة اليومية للمصريين، وهذه قواعد موجودة بطريقة أو بأخرى منذ 40 عاما.
وفي الوقت الذي رحب فيه بعض المدافعين عن حقوق الإنسان إلا أن الكثيرين انتقدوا تحركات الحكومة لمعالجة مظاهر القلق من حقوق الإنسان، ووصفوها بأنها "خبطة علاقات عامة" وبخاصة أن التعديلات منحت الرئيس والجيش سلطات كتلك التي فرضت عليهم عندما كانوا تحت قوانين الطوارئ. وبتعديل قانون الإرهاب، ستشهد مصر توسيعا لدور الجيش الذي توسعت سلطاته ومسؤولياته في عدد من المجالات، من تصنيع الباستا والفنادق إلى القضاء، ومنذ تولي السيسي السلطة في انقلاب عسكري قاده عام 2013. ولو أقر الرئيس التعديلات فستظل المنشآت العامة وللأبد تحت حماية الجيش والشرط
وتشمل التحكم وحراسة أنابيب الغاز والنفط ومحطات الوقود والجسور وسكك الحديد. وأي شخص يتهم بانتهاك هذه المنشآت أو تسبب بضرر لها فسيحاكم أمام المحاكم العسكرية. ومن التعديلات التي أقرها البرلمان يوم الإثنين هي البحث في الجيش وقادته الحاليين والسابقين، وضرورة الحصول على إذن من الحكومة المصرية وإلا كان عرضة للغرامة المالية بـ 50.000 جنيه مصري أي ما يقابل 3.200 دولار
وتقول الصحيفة إن توقيت التشريع أثار شكوكا حتى بين أعضاء البرلمان الذين عادة ما يختمون على القرارات ومعظمهم من حلفاء الرئيس. وقالت مها عبد الناصر من الحزب الاشتراكي الديمقراطي المصري "نحن لسنا ضد تشديد العقوبة للكشف عن أسرار الجيش المصري أو التجسس، لكن لدينا تحفظات حول التوقيت وتزامنه مع قرار الرئيس إلغاء حالة الطوارئ وصدور استراتيجية حقوق الإنسان"
وقالت إن تشديد العقوبات لنشر معلومات عن الجيش المصري تناقض استراتيجية حقوق الإنسان التي وعدت المصريين بحرية التعبير. وعبر نائب آخر وهو محمد عبد العالم من حزب الوفد سابقا وليس متحالفا بالكامل مع الحكومة، كعبد الناصر أو المعارضة، عن قلقه من التعديلات والتي قد تعقد من عمل الصحافيين والباحثين، مضيفا أنه يحترم الجيش ويجب ألا يشك أحد بوطنيته.