المواطنون لا يشعرون بأي عوائد للاكتشافات.. غاز مصر ثروة بيد أعدائها!
الاثنين - 4 يوليو 2022
- سلسلة من الصفقات على مدار 16 عاماً مع الكيان الصهيوني أدت لإهدار ثروة مصر من الغاز الطبيعي
- السيسي أهدار ثروة مصر من الغاز باتفاقية استيراد من الكيان الصهيوني وصفتها تل أبيب بـ" التاريخية"
- خبراء: تصديق السيسي على قانون تنظيم أنشطة سوق الغاز يعد أمرا مباشرا باستيراد الغاز من الصهاينة
- لم تتحقق أية آمال مصرية مركزا إقليميا للطاقة بعد توغل الكيان الصهيوني في ملف غاز "المتوسط"
- رغم ضخامة ثروة مصر من الغاز.. الحكومة تضاعف أسعاره على المواطنين وتبيعه للأجانب "بتراب الفلوس"
- إنتاج مصر من الغاز الطبيعي 7.6 مليار قدم مكعب يوميا وتحتل المرتبة التاسعة عالميا في قدرات الإنتاج
- نسبة النمو في صادرات الغاز المسال بلغت 795 % و قيمة المباع في 2021 بلغت 4 مليارات دولار
- الدولة أعلنت تحقق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعى في سبتمبر2018 بعد اكتشاف 4 حقول كبرى بالمتوسط
- 8 مشروعات لانتاج الغاز توفر مليارات الدولارات لكن لا تصب بالكامل في الميزانية المصرية
رغم ضخامة ثروة مصر من الغاز، إلا أن المصريين لايشعرون بعوائده ، حتي الان ، ورغم ان حجم إنتاج مصر من الغاز الطبيعي بلغ 7.6 مليار قدم مكعب غاز يومى وأصبحت مصر رقم 9 على مستوى العالم من حيث قدرات الدولة على الإنتاج، إلا ان الوضع الاقتصادي لم يتغير بل ينهار، ووصل الأمر في ملف إدارة الغاز الطبيعي المصري أن هذه الثروة الضخمة أصبحت مهدرة بسبب سياسات السيسي الذي تنازل من خلالها عن كثير من الحقول للكيان الصهيوني وقبرص واليونان، بل وصل الأمر الي ان مصر اصبحت مستورد للغاز رغم ضخامة انتاجها، كما لم تتحقق أية آمال مصرية لتصبح مركزا إقليميا للطاقة بعد توغل الكيان الصهيوني في ملف غاز "المتوسط".
ومن خلال سطور هذا التقرير نرصد بالأرقام الرسمية ضخامة الثورة المصرية من الغاز وكيفية إ هدار النظام لها .
إنتاج مصر من الغاز 8ر6 مليار قدم مكعب
مؤخرا عرضت قناة إكسترا نيوز تقريرا تحت عنوان أرقام صادرات مصر من الغاز المسال بينت خلال أن نسبة النمو في قيمة صادرات مصر من الغاز المسال بلغت 795 %، وان قيمة الصادرات من الغاز المسال في 2021 بلغت 4 مليارات دولار
كما أوضح التقرير أن نسبة الزيادة في حجم الصادرات المصرية من الغاز المسال بلغت 385 % وأن حجم صادرات مصر من الغاز المسال في 2021 بلغ 6.5 مليون طن.
الدكتور جمال القليوبى أستاذ هندسة البترول والطاقة بالجامعة الأمريكية أكد أن حجم إنتاج مصر من الغاز بلغ إلى 7.6 مليار قدم مكعب غاز يومى، وفى هذه المرتبة أصبحت مصر رقم 9 على مستوى العالم من حيث قدرات الدولة على الإنتاج، والقيمة التى تزيد عن 5.5 مليار قدم من الغاز إنتاجية يومية".
وارتفع إنتاج مصر من الغاز الطبيعى إلى معدلات غير مسبوقة حيث ارتفع إلى معدلات الإنتاج من الغاز الطبيعى خلال العام الحالي حوالى 8ر6 مليار قدم مكعب يومياً .
وقد تحقق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعى المنتج محلياً بنهاية شهر سبتمبر2018، بعد اكتشاف أربعة حقول كبرى في البحر المتوسط على خريطة الإنتاج وهو ما أدى إلى التوقف عن استيراد الغاز الطبيعى المسال .
وبعد تحقيق الاكتفاء الذاتى فى سبتمبر٢٠١٨ واستئناف التصدير تحولت مصر من أكبر الدول المستوردة للغاز المسال بين أعوام 2015-2017، إلى التصدير وتبوأت المركز الثانى في شمال أفريقيا والشرق الأوسط فى إنتاج الغاز الطبيعى، والرابع عشر عالمياَ فى إنتاج الغاز الطبيعى في عام 2020 بعد أن كان ترتيبها الثامن عشر عالمياً في عام 2015.
ورغم هذه الثروة الضخمة من الغاز مازال المصريين لايشعرون بثمارها في معيشتهم اليومية ، والوضع الاقتصادي ، بالرغم من أن إعلاميي النظام بشروا المصريين بعد اكتشاف حقل ظهر "بالذهب والياقوت"، ولكن مرت الأيام ولم يجد المصريون الا الفقر والديون .
"صفقات خاسرة" مع إسرائيل في مجال الطاقة
ودفعت سلسلة الصفقات التي أُبرمت على مدار 16 عاماً بين مصر والكيان الصهيوني إلى تساؤل مراقبين حول مدى استفادة القاهرة من تلك الصفقات، خصوصاً بعد تحوُّل الأخيرة المفاجئ من مصدّر إلى مستورد للغاز بموجب اتفاقية عام 2019، في وقت تحدث فيه خبراء عن "اكتفاء مصر الذاتي" من الغاز الطبيعي عقب بدء انتاجها الغاز بكميات هائلة بعد اكتشاف حقل "ظُهر"، الذي يصنّف كأكبر الحقول المكتشفة في البحر الأبيض المتوسط.
وتربط القاهرة بتل أبيب سلسلة من صفقات التعاون في مجال الغاز الطبيعي، أُبرمَت أولاها خلال عهد مبارك، حين اتفق البلدان عام 2005 على تصدير مصر كميات كبيرة من الغاز إلى إسرائيل بسعر زهيد قدّره مختصون بأقلّ من نصف متوسط السعر العالمي.
وأثارت تلك الاتفاقية جدلاً واسعاً، خصوصاً بعد سقوط نظام مبارك عام 2011، إذ كانت القاهرة حينها تصدّر كل مليار وحدة غاز حرارية لإسرائيل بسعر 4 دولارات فقط، في وقت كانت دول إقليمية أخرى تشتري الغاز فيه بسعر يتراوح بين 7 و10 دولارات للكمية ذاتها.
ثم وافقت مصر على عرض دولة الاحتلال فيما بعد ، ووُقّعت اتفاقية استيراد القاهرة للغاز الصهيوني في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2019، وسط تحوُّل لافت أصبحت فيه القاهرة فجأة مستورداً بدلاً من مصدّر، ليعود خطّ أنابيب العريش-عسقلان إلى العمل، لكن باتجاه عكسي، الأمر الذي وصفته تل أبيب وقتها بـ"اتفاق تاريخي"، أو كما عبّر رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو واصفاً الأمر بـ"يوم عيد" ، وتبلغ قيمة الاتفاق 19 مليار دولار، تحصل مصر بموجبه على 85 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي من حقلَي "تمار" و"لوثيان" الواقعين بالمياه الإقليمية التابعة للصهاينة .
وفي هذا الصدد تعلّق منى سكرية، مؤسِّسة شركة "رؤى استراتيجية للشرق الأوسط" للاستشارات، بأن مصر "ربطت موافقتها النهائية على الاتفاقية مع إسرائيل بإيجاد حل لتعويض بقيمة مليارَي دولار هي مطالَبة بدفعها لشركات إسرائيلية، في أعقاب تعليق الإمدادات سنة 2012".
انتقد الباحث خالد فؤاد، المتخصص في شؤون الطاقة وقضايا الشرق الأوسط، عملية استيراد القاهرة غاز تل أبيب، معتبراً بذلك أن إسرائيل "تجني أرباحاً اقتصادية وجيوسياسية على حساب مصر".
وعلى صعيد آخر يرى مراقبون أن تل أبيب تعرّض أمن مصر القومي للخطر وتضرب مصالحها الاستراتيجية في مقتل، بعد عقد إسرائيل اتفاقية تعاون استراتيجي مع الإمارات في سبتمبر/أيلول 2020، يُنقل بموجبها النفط الإماراتي عبر خط إيلات-عسقلان، بما يؤدي إلى تبعات صعبة المراس إذ يؤثّر في عائدات قناة السويس ويقلّل أهميتها، وينعكس مباشرةً على أمن مصر القومي.
وكان رئيس هيئة قناة السويس المصرية أسامة ربيع أكد أن المشروع الإسرائيلي-الإماراتي "يمكن أن يقلّل حركة المرور عبر قناة السويس بنسبة تصل إلى 16%".
دولة الاحتلال سرقت غاز مصر وتبيعه لها
في سياق متصل أكد متخصصون وخبراء دوليون أن تصديق السيسي على قانون تنظيم أنشطة سوق الغاز الذي أصدره مؤخرا ، أمرا غير مقبول وغير قانوني ، وإنه يعد أمرا مباشرا من السيسي باستيراد الغاز من إسرائيل واليونان اللتان استولتا على حقلي الغاز المصري ليفياثان، وأفروديت، والتي يقدر قيمة احتياطيات الحقلين بأكثر من 200 مليار دولار.
ويقضي القانون، الذي صدق عليه السيسي، بإنشاء جهاز تنظيم أنشطة الغاز على أن يكون له الشخصية الاعتبارية ويتبع وزير البترول مباشرة، بعدما كانت الشركة المصرية للغاز هي الوحيدة التي لها حق استيراد الغاز وتسويقه للموردين المحليين.
ويسمح القانون للشركات الخاصة بإدارة مفاوضات مباشرة مع الشركاء في حقول الغاز الصهيونية الأمر الذي يمكنه التعجيل بدفع صفقات الغاز الطبيعي مع مصر، وفقا لموقع "جلوبس" الإسرائيلي.
وعلق الخبير الدولي، نائل الشافعي، على قانون تنظيم سوق الغاز، الذي يسمح للشركات الخاصة باستيراد الغاز، عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" قائلا: "إسرائيل تهلل: مصر تفتح الطريق أمام استيراد الغاز الإسرائيلي، وسلم لي على حقل ظهر، الذي قلت منذ أول يوم للإعلان عنه أنه حقل ضخم مكتشف منذ سنة 2002 ولكن إنتاجه سيكون "إسميا/شكليا" فقط لتبرير مد أنابيب إلى دمياط ليستخدمها حقل ليفياثان الإسرائيلي للتصدير إلى مصر والإسالة فيها".
وأكد نائل في مقال سابق له تحت عنوان ثروات مصر الضائعة في البحر المتوسط،أن حقلي الغاز المتلاصقين، ليفياثان (الذي اكتشفته إسرائيل في 2010) وأفروديت (الذي اكتشفته قبرص في 2011) باحتياطيات تُقدر قيمتها قرابة 200 مليار دولار، يقعان في المياه المصرية (الاقتصادية الخالصة)، على بعد 190 كم شمال دمياط، بينما يبعدان 235 كم من حيفا و 180 كم من ليماسول، وهما في السفح الجنوبي لجبل إراتوستينس الغاطس المُثبت مصريته منذ عام 200 قبل الميلاد.
هل تكسب مصر من نقل "الغاز الإسرائيلي" إلى أوروبا؟
مؤخرا، وفي خطوة قد تنقذ أوروبا اقتصاديا من تداعيات تراجع تدفقات الغاز الروسي إلى القارة العجوز بفعل الحرب الأوكرانية؛ وقع الاتحاد الأوروبي بالعاصمة المصرية القاهرة مع الكيان الصهيوني ومصر مذكرة تفاهم لتصدير الغاز الطبيعي إليها مدة 3 سنوات، قابلة للتجديد تلقائيا لمدة عامين.
ولكن؛ وفيما بدا أنها مكافأة أوروبية لمصر أو إعانة سريعة أو دعم عاجل لإنقاذها من أزمتها الاقتصادية والمالية، أعلنت المسؤولة الأوروبية، توفير 100 مليون يورو للقاهرة لمواجهة أزمة الغذاء والأسعار، مؤكدة أن "لديهم التزاما قويا بالشراكة مع مصر"
تأتي الاتفاقية الثلاثية بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل ومصر اعتمادا على اتفاقية تصدير الغاز الطبيعي الإسرائيلي إلى مصر الموقعة 18 شباط/ فبراير 2018، بين مجموعة "دلك" الإسرائيلية وشركة "دولفينوس" المصرية بقيمة 15 مليار دولار لبيع 7 ملايين متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويا، لمدة 15 عاما.
ورغم مرور نحو 4 سنوات من ذلك الاتفاق، ومن حديث السيسي؛ إلا أنه لم يتحقق ذلك الحلم برغم اكتشاف مصر للعديد من حقول الغاز بعد ذلك التاريخ، وقبله، والتي كان أهمها حقل ظهر عام 2015، أكبر حقل مصري جرى اكتشافه بالبحر المتوسط.
وفي القاهرة تأسس "منتدى غاز شرق المتوسط"، في كانون الثاني/ يناير 2019، بهدف إنشاء سوق غاز إقليمي، وتأمين العرض والطلب بين الدول الأعضاء، وهي مصر، واليونان، وقبرص، وفلسطين، والأردن، وإسرائيل، وإيطاليا، وفرنسا.
ومع كل ذلك لم تتحقق أية آمال مصرية لتصبح مركزا إقليميا للطاقة، بل إن اليونان وقبرص وإسرائيل وبرغم شراكتهم القوية مع السيسي، إلا أنهم استثنوا مصر من اتفاق خط أنابيب شرق المتوسط "إيست ميد" لمد أوروبا بالغاز في 30 كانون الثاني/ يناير 2020.