المنظمات الحقوقية تواصل فضح انتهاكات النظام المصري
السبت - 19 فبراير 2022
واصلت المنظمات الحقوقية على مدار الساعات القليلة الماضية فضح انتهاكات النظام المصري، حيث أكدت منظمة العفو الدولية أن الحقوقية هدى عبد المنعم ممنوعة من الرعاية الصحية داخل محبسها، كما طالبت "المفوضية المصرية " بالإفراج عن 6 نشطاء، فيما تصاعدت حملات رفض الحقوقيون منح"المخابرات العامة" مهمة الاحتجاز، كما كشف مركز "الشهاب " و الشبكة المصرية لحقوق الإنسان ملاحقة الإهمال الطبي للمعتقلين بسجن الزقازيق ووادي النطرون، وقد تزامن ذلك مع تأكيد تقرير لموقع “ميدل إيست مونيتور” تصاعد الضغوط على أوروبا لإجبار السيسي على احترام حقوق الإنسان ، وذلك من خلال وقف صادرات الأسلحة لمصر، ومن خلال سطور هذا التقرير نتعرض للتفاصيل .
قالت منظمة العفو الدولية، إن السلطات المصرية تمنع محامية محتجزة تعسفيا من الحصول على الرعاية الصحية اللازمة، حيث كتبت أمس الجمعة، في تغريدة لها : «تحاكم هدى عبد المنعم، محامية حقوق الإنسان المصرية والمحتجزة تعسفيا، أمام محكمة أمن الدولة طوارئ، بتهم ملفقة على خلفية نشاطها الحقوقي».
وأضافت: «في 11 أكتوبر 2021، أخبرت هدى قاضي المحكمة وأسرتها، خلال جلسة المحاكمة، بأنها تعاني من مرض بقلبها يستوجب خضوعها لعملية قسطرة للقلب، إلا أن سلطات السجن ترفض نقلها إلى مستشفى خارجي للعلاج».
واعتقلت السلطات "هدى"، مع 30 ناشطا حقوقيا، مطلع نوفمبر/تشرين الثاني 2018
من جانبها، طالبت المفوضية المصرية للحقوق والحريات، "عبدالفتاح السيسي"، باستخدام سلطاته من أجل إلغاء حكم حبس 6 من السياسيين المحبوسين بقرارات من محكمة جنح أمن الدولة العليا طوارئ.
وجاءت مطالبة المفوضية، بعد إلغاء حكم حبس الباحث "أحمد سمير سنطاوي"، وإعادة محاكمته
وشملت المطالب كلا من المحامي "زياد العليمي"، والناشط السياسي "علاء عبدالفتاح"، الصادر ضدهما حكم بالحبس 5 سنوات، والمحامي "محمد الباقر" والمدون "محمد إبراهيم" (أكسجين) والصحفيين "هشام فؤاد" و"حسام مؤنس"، الصادر ضدهم أحكام بالسجن 4 سنوات.
ويواجه المذكورون جميعاً اتهامات متشابهة بنشر أخبار كاذبة عبر حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وقضوا فترات في الحبس الاحتياطي اقتربت من 3 سنوات لبعضهم، وتجاوزت عامين ونصف للبعض الآخر.
والأحكام الصادرة عن محاكم أمن الدولة طوارئ لا يُسمح باستئنافها ولا يجوز الطعن في أحكامها، بيد أن الرئيس يحتفظ بسلطة التصديق على الأحكام أو إلغائها أو تخفيفها أو الأمر بإعادة المحاكمة.
وقالت المفوضية في مناشدتها لـ"السيسي": "بعد إلغاء حكم حبس سنطاوي وإعادة محاكمته، نذكر رئيس الجمهورية بـ6 سياسيين يواجهون المصير نفسه".
وصدر قرار إلغاء حكم حبس الباحث "أحمد سمير سنطاوي"، 4 سنوات وإعادة محاكمته مرة أخرى أمام هيئة مختلفة في 21 فبراير/شباط 2022.
وقالت "هيومن رايتس ووتش"، في تقريرها العالمي 2022، إن محاولات مصر السطحية لخلق انطباع التقدم في حقوق الإنسان لم تخفِ القمع الحكومي الوحشي لجميع أنواع المعارضة عام 2021.
وأشارت المنظمة إلى أنه رغم إنهاء حالة الطوارئ في البلاد في أكتوبر/تشرين الأول، ألحقت الحكومة أحكام مرسوم الطوارئ بقوانين أخرى، وواصلت محاكم "أمن الدولة طوارئ" مقاضاة نشطاء حقوق الإنسان والنشطاء السياسيين السلميين.
وفي يناير/كانون الثاني 2021، أضفت اللوائح التنفيذية لقانون الجمعيات الطابع الرسمي على قيود واسعة وتعسفية على منظمات المجتمع المدني المستقلة، بما يفرض على المنظمات التسجيل بحلول 11 يناير/كانون الثاني 2022، أو المخاطرة بحلها.
وانتقادات حقوقية لمنح "المخابرات العامة" بمصر مهمة الاحتجاز
وفي السياق الحقوقي، واصل عدد من الحقوقيين والسياسيين استنكارهم لقرار وزير الداخلية المصرية الأخير، بشأن إضافة مقر المخابرات العامة بالعاصمة الإدارية الجديدة ضمن الأماكن التي يجوز فيها حجز المتهمين، مؤكدين على مدى خطورته وعواقبه، واصفين إياه بالمثير للتساؤل، والذي يشي بأشياء كثيرة.
وأعربوا عن استغرابهم، في تصريحات لـ"عربي21"، بشأن اعتبار العاصمة الإدارية أماكن احتجاز، بعد أن كان يروج لها على أنها تمثل مستقبلا واعدا لمصر اقتصاديا وسياسيا، مؤكدين أن الأمور لا تبشر بخير عقب صدور هذا القرار، والذي يحمل دلالات خطيرة مثيرة للقلق.
في سياق تعليقه، قال مدير مركز "ضحايا " لحقوق الإنسان، هيثم أبو خليل، إن هذا القرار في منتهى الخطورة، ويؤكد التوسع في القمع، وغياب القانون والعدالة في مصر، ويشي بأمور كثيرة مثيرة للتساؤل، خاصة أن النيابة العامة هي المسؤولة عن أماكن الاحتجاز في مصر كلها، وعليه يكون السؤال هنا: هل ستتمكن النيابة العامة من مراقبة مثل هذه الأماكن والتفتيش عليها؟
من جانبه، قال مدير "الشبكة المصرية لحقوق الإنسان" أحمد العطار: الحقيقة أن صدور القرار الأخير لوزير الداخلية المصري مثير لعلامات الاستفهام الكثيرة، ويستحق منا دراسة أعمق، وينتابه الكثير من الشكوك وعلامات الاستفهام، ومنها على سبيل المثال وليس الحصر؛ في التوقيت الذي يتم فيه انتقاد ملف حقوق الإنسان بمصر محليا ودوليا والمطالبات الدولية لعبد الفتاح السيسي بوقف القمع واحترام حقوق الإنسان .
ويتساءل العطار في حديثه لـ"عربي21" عن تحديد العاصمة الإدارية الجديدة بالذات، رغم وجود أماكن أخرى كثيرة في مصر مخصصة للاحتجاز الرسمي والاحتجاز غير الرسمي، كمقر الأمن الوطني، مشيرا إلى أن العاصمة الإدارية يروج لها باعتبارها مستقبل مصر، فلماذا يجعلها مقرا للاحتجاز لجهاز المخابرات العامة، والمتوقع أن يتم فيه استخدام التعذيب وأشكال المعاملة غير الآدمية كوسيلة أساسية لانتزاع الاعترافات.
بدوره، قال مدير مركز "تكامل مصر"، مصطفى خضري، إن هذا القرار له شقان: الأول إداري تنظيمي، حيث إن المشرع جعل عملية إنشاء وترخيص أماكن الاحتجاز القانونية من سلطات وزير الداخلية، لذلك لا يمكن الترخيص بإنشاء مقرات الاحتجاز القانونية، حتى ولو كانت خاضعة للمخابرات العامة، إلا من خلال وزير الداخلية.
وأضاف خضري، في حديثه لـ"عربي21"، أن الشق الثاني، وهو الشق السياسي، والذي يحتوي على دلالات خطيرة من وجهة نظري، حيث احتوى نص القانون على اختصاص هذا المقر باحتجاز المتهمين في قضايا تخص الأمن القومي أو أمن الدولة من جهة الخارج، وهي عبارات قانونية متسعة المعاني، تشمل تقريبا معظم السلطات التي كان يستحوذ عليها جهاز الأمن الوطني منذ استيلاء السيسي على الحكم.
الإهمال الطبي يلاحق المعتقلين بسجني الزقازيق ووادي النطرون
وفي سياق متصل، أدان مركز الشهاب لحقوق الإنسان الانتهاكات والإهمال الطبي الذي يتعرض له المعتقلين بسجن الزقازيق العمومي، ومنهم المعتقل " أحمد محمود أمين محمود الكفراوي " البالغ من العمر ٤٧ عاما بعد إصابته بسرطان في عظام الظهر داخل محبسه بسجن الزقازيق العمومي
وذكر المركز الحقوقي أن الكفراوي أصبح في حالة متأخرة ، وفقد نصف وزنه و لا يقوى على الحركة ، وطالب بالإفراج الفوري عنه وتوفير العلاج اللازم له.
يذكر أن الضحية من أبناء محافظة السويس وتم اعتقاله منذ 20 سبتمبر 2019 ويتم تجديد حبسه على ذمة قضية باتهامات مسيسة ، ويقبع منذ ذلك التاريخ داخل سجن الزقازيق العمومي .
كما أطلقت أسرة المعتقل "محمد فتحي حسن هريدي" البالغ من العمر ٥٤ عاما ، والذي أصبح لا يستطيع الحركة داخل محبسه بسجن وادي النطرون ، بعد تدهور حالته الصحية منذ اعتقاله في فبراير 2014.
وذكرت الأسرة في استغاثتها التي وثقتها الشبكة المصرية لحقوق الإنسان ، أنه مصاب بانزلاق غضروفي وخشونة في الركبة وعرق النسا وتضخم البروستاتا والقلب وكذلك بعدة أمراض مزمنة، مثل ارتفاع في ضغط الدم، ومرض السكري وأصبح شبه قعيد خلال الستة أشهر الأخيرة، ورغم الأعراض شديدة الصعوبة التي تظهر عليه ، لم يتلقَ الرعاية الصحية اللازمة داخل السجن، ولم يتم عرضه على طبيب متخصص، رغم تقديم عدد من البلاغات والشكاوى للجهات المعنية من أجل السماح بعلاجه ، غير أنه لم يتم التعاطي معهم.
تصاعد الضغوط على أوروبا لإجبار المنقلب على احترام حقوق الإنسان
وفي سياق متصل، نشر موقع "ميدل إيست مونيتور" مقالا للكاتبة إيميليا سميث سلطت خلاله الضوء على الضغوط المتصاعدة على أوروبا ، لوقف صادرات الأسلحة لنظام المنقلب عبدالفتاح السيسي ، وإجباره على تحسين ملف حقوق الإنسان.
وأشار التقرير إلى تصريحات السجين السياسي السابق رامي شعث في نهاية الأسبوع الماضي ، لهيئة الإذاعة البريطانية ، بأن الغرب لديه نفوذ كبير على عبد الفتاح السيسي ، وهو حليف إقليمي ارتكب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان.
وقال كلاوديو فرانسافيلا، أحد المدافعين عن الاتحاد الأوروبي "بدلا من إطلاق ثناء لا أساس له، فينبغي على القادة الأوروبيين تسخير فرصة زيارة السيسي من خلال إثارة المخاوف علنا وخاصة ، وصياغة دعوات ملموسة من أجل إدخال تحسينات وتوضيح النتائج الخطيرة للحكومة المصرية ، إذا ما استمرت في عدم الامتثال".
يأتي الضغط على الاتحاد الأوروبي لوضع التجارة جانبا، والتركيز بدلا من ذلك على الإصلاح السياسي بعد فترة وجيزة من استدعاء الاتحاد الأوروبي لاقتراحه قيادة هيئة عالمية لمكافحة الإرهاب مع مصر، على الرغم من أن القاهرة احتجزت عددا لا يُحصى من المواطنين بتهم الإرهاب ، وقتلت مدنيين على طول الحدود الليبية ، في إطار ما يسمى بعملية مكافحة الإرهاب بالتعاون مع فرنسا
وأشار التقرير إلى أنه من المستحيل الحديث عن أوروبا ومصر دون الحديث عن صفقات الأسلحة ، فقد صدرت برلين أسلحة إلى القاهرة أكثر من أي دولة أخرى للعام الثالث على التوالي ، حيث سجلت مستويات قياسية في 2021 ، وليست أوروبا وحدها التي أعطت الضوء الأخضر لمصر لمواصلة العمل كالمعتاد، وفي نهاية يناير صرح الرئيس الأمريكي جو بايدن ببيع أسلحة إلى مصر بقيمة 2.5 مليار دولار على الرغم من صدور تقرير لوزارة الخارجية الأمريكية يعترف بالانتهاكات ، بما فيها التعذيب والاختفاء القسري.
وكان 175 سياسيا أوروبيا قد وقعوا في وقت سابق من هذا الشهر رسالة ، تحث الأمم المتحدة على معالجة أزمة حقوق الإنسان في مصر وإنشاء آلية للمراقبة والإبلاغ عن مصر، وكانت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا باربوك ، قد قالت السبت في أول زيارة رسمية لها إلى الشرق الأوسط إن "حقوق الإنسان ستكون محور مبيعات الأسلحة الدولية إلى برلين بما فيها مصر".