المساحات الزراعية تتآكل.. مصر مهددة بفقدان 30% من إنتاجها الغذائي

الأربعاء - 14 ديسمبر 2022

  • إنتاج مصر من المحاصيل مهدد بكارثة في ظل التغيرات البيئية والسياسات الفاشلة
  • التغيرات المناخية تؤثر سلبا على إنتاج القمح والذرة وتؤدي إلى مزيد من التصحر
  • توقع انخفاض إنتاجية الأرز بنسبة 11% والبطاطس بنسبة 2.3 % عام 2050
  • تراجع نصيب الفرد من المياه العذبة إلى  390 مترا مكعبا سنويا بحلول عام 2050
  • تراجع المساحات الزراعية ببعض المحافظات بنسبة 20٪ خلال العقدين الماضيين
  • شرق الدلتا فقدت نحو 43٪ من أراضيها الزراعية على مدارالعقود الأربعة الماضية
  • 23٪ معدلات الزحف العمراني على الأراضي الزراعية  سنوياً بمختلف المحافظات
  • تراجع إنتاج السكر بمعدل 200 ألف طن خلال 2022.. والأرز يختفي من الأسواق

 

إنسان للإعلام- خاص:

تتوالى التقارير الحكومية والدولية لتؤكد أن مستقبل الانتاج الزراعي بمصر في خطر، وأن مصر مهدده بفقدان اكثر من 30% من غذائها بحلول عام 2040، في ظل السياسات الزراعية الفاشلة والتغيرات المناخية التي تجتاح العالم.

من خلال سطور التالية نفتح هذا الملف، ونرصد بالتفاصيل المخاطر التي تهدد مستقبل الانتاج الزراعي والغذائي بمصر.

التغير المناخي أكبر عوامل تآكل الأراضي الزراعية

أكد تقرير لـ«المفوضية المصرية لحقوق الإنسان» صدر مؤخرا ،  تحت عنوان «مصر والتغيير المناخي.. هل سيخرج الأمر عن السيطرة؟»، أن  مصر قد تفقد 30٪من إنتاجها الغذائي ف بحلول عام 2040 ، وقد أثيرت هذه القضية في مؤتمر "كوب27" الأخير بشرم الشيخ .

وتناول التقرير الموجات الحارة التي شهدتها مصر، وبدأت في أغسطس/ آب 2015، عندما عاشت البلاد موجة حر استثنائية، تسببت في وفاة أكثر من 60 شخصاً في مختلف أنحاء البلاد، معظمهم من كبار السن، مع حوالى 600 إصابة نقلت إلى المستشفيات بسبب الإجهاد الحراري، وعادة ما تصيب الموجة الحارة العاملين في المهن التي تتعرض للشمس بشكل أكبر، كعّمال البناء.

وخلال هذه الموجة «تخطت درجة الحرارة 46 مئوية في مناطق عدة في البلاد، لكن هذا لم يكن فقط شأنا مصريا، بل كان العالم كله، وبشكل خاص شمال أفريقيا والشرق الأوسط، يعاني مع موجة حارة استثنائية» وفق التقرير، الذي لفت إلى «تزايد أعداد الموجات الحارة في مصر، وإلى أن بعض الدراسات وجدت أنه بحلول نهاية القرن، من المتوقع أن تقضي مصر على الأقل 50٪ من أيام موسمي الصيف والربيع في ظل ظروف موجات الحر، من ضمن 80٪ من مدن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والتي ستتعرض للمشكلة نفسها، بالإضافة إلى ذلك سيزداد أيضاً المتوسط والحد الأقصى لدرجات الحرارة».

وذكّر التقرير بدراسة حول الموجات الحرارية نشرت في دورية «بلوس وان» وأكدت أن الشرق الأوسط والجزء الشرقي من أفريقيا تحديداً، سيعانيان من أكثر ظروف درجات الحرارة غير المواتية في المستقبل،  وبينت أنه في فصل الشتاء، ازداد عدد الأيام والليالي الحارة، بينما انخفضت الأيام الباردة في معظم أنحاء مصر.

كما لفت إلى دراسة فحصت شبه جزيرة سيناء بشكل خاص بناء على سيناريوهات الأنماط المناخية الحالية، وتوقعت أن تستمر درجة الحرارة في الارتفاع وصولاً إلى سنة 2050.

وفي دراسة أخرى، فحصت بشكل خاص مدينة الإسكندرية، شمال مصر، ومحيطها، تبّين أن متوسط حرارة الهواء السنوية قد ارتفع بمقدار 24.2 درجة مئوية، بمعدل حوالى 6 درجات مئوية كل عقد، ومن المتوقع أن يستمر هذا التزايد عقدا بعد آخر، وكانت نتائج شبيهة ظهرت في القاهرة وبور سعيد.

وفي دراسة أخرى صدرت عام 2016، تبين بالتحقيق في تأثيرات ثلاثة أحداث مناخية قاسية على الزراعة، من 12 محطة أرصاد جوية في مصر خلال الفترة من 1990 إلى 2016، أن مدة وتواتر الظواهر الجوية المتطرفة والموجات الأكثر حرارة وبرودة في مصر، قد ازدادت في السنوات الماضية، لكن المثير للانتباه في هذه الدراسة تحديداً، هو أنها أكدت على تأثر المحاصيل الزراعية في مصر بارتفاع درجة الحرارة.

وحذر التقرير من أن الإجهاد الحراري ليس فقط المشكلة الوحيدة التي تواجه المصريين مع احترار المناخ وزيادة معدلات الموجات الحارة.

ولفت إلى أن دراسة في ثلاث محافظات مصرية تمثل مجمل المناخ المصري (البحيرة والجيزة وقنا) وجدت أن ارتفاع معدلات احترار المناخ يؤثر بالتبعية على إنتاج القمح والذرة في مصر، حيث أن أعلى درجة حرارة شهرية قصوى، والتي لوحظت في موسم الصيف أغسطس/ آب 2015 وأغسطس/ آب 2012، أدت إلى انخفاض إنتاجية الذرة بشكل واضح، بينما تم تسجيل أعلى درجة حرارة قصوى في فصل الشتاء منذ عام 2010، فأثر ذلك بانخفاض إنتاجية القمح، ومن المتوقع ومع ارتفاع درجات الحرارة عالمياً، أن تفقد مصر 30٪ من إنتاجها الغذائي في المناطق الجنوبية بحلول عام 2040، وفقا لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة.

وكانت وكالة الفضاء والطيران الأمريكية كشفت عام 2016 أن الجفاف في شرق البحر الأبيض المتوسط، كان الأسوأ في الـ 900 عام الماضية، في نتائج دراسة فحصت موجة الجفاف الأخيرة التي بدأت في عام 1989، متوقعة أنه من المحتمل أن يكون أسوأ جفاف خلال القرون التسعة الماضية.

كذلك فإن هناك مجموعة كبيرة من الأبحاث العلمية تدعم اتجاهاً يقول إن المنطقة العربية بشكل عام، تتجه ناحية حالة من الجفاف الشامل، ذلك لأنه من المرجح أن تشهد المنطقة العربية ارتفاعات بدرجات حرارة سنوية أعلى بكثير، وانخفاضا بمستويات الأمطار السنوية، وارتفاع مستويات الإجهاد المائي خلال القرن الحادي والعشرين، ويمكن هنا، تأمل دراسة هامة صدرت عن وكالة ناسا قبل عدة أعوام، تقول إن موجات الجفاف الحالية حول حوض البحر المتوسط، خاصة في الجانب الشرقي، هي الأكثر قسوة منذ قرابة ألف سنة، تبعا للتقرير.

أزمة أخرى تناولتها المفوضية، تتعلق بزيادة ارتفاع مستوى سطح البحر، حينما يذوب الجليد في القارة القطبية الجنوبية، وأن مستوى سطح البحر سيكون أعلى بمقدار 13 إلى 20 سنتيمترا في المتوسط مما كان عليه في عام 1900. وحسب هذه المعدلات، فإنه بحلول نهاية القرن سيرتفع بحر الإسكندرية ما يقترب من نصف متر كامل، مع توقعات بأن يقترب ارتفاع مستوى سطح البحر من متر إلى مترين بحلول نهاية هذا القرن، إن تزايدت المعدلات.

وفي السياق نفسه، كشفت وسائل إعلام مصرية عن تفاصيل تقرير حكومي قدم للأمم المتحدة يرسم صورة قاتمة عن مستقبل الوضع المائي والبيئي في مصر.

وبحسب موقع "مصراوي" فقد أعد التقرير مشروع الإبلاغ الوطني الرابع لمصر وراجعته كافة الوزارات المعنية، منها البيئة والصناعة والزراعة والنقل والخارجية، وتم تسليمه لسكرتارية اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية للتغيرات المناخية.

وكشف التقرير عن احتمالية غرق العديد من المناطق الساحلية في دلتا النيل والساحل الشمالي وسيناء بحدود عام 2100 جراء ارتفاع مستوى البحر مترا واحدا، ما سيؤدي إلى غرق ما لا يقل عن 1% من مساحة مصر، حيث يعيش معظم سكانها في 5.5% فقط من مساحتها الإجمالية.

وبحسب التقرير فإن نهر النيل هو المصدر الرئيسي للمياه العذبة حيث إنه يزود مصر بـ 55.5 مليار متر مكعب في السنة بحسب الحصة المتفق عليها في المعاهدات الدولية. ويتم توفير كميات أخرى من خزانات المياه الجوفية العميقة غير المتجددة (2.1 مليار متر مكعب)، وهطول الأمطار (1.3 مليار متر مكعب)، وتحلية المياه (0.35 مليار متر مكعب) لزيادة إجمالي المياه المتاحة سنويًا من الموارد إلى 59.25 مليار متر مكعب، في حين يقدر إجمالي الاحتياجات المائية بـ114 مليار متر مكعب.

ولسد الفجوة تعتمد الدولة على إعادة استخدام الصرف الزراعي ومياه الصرف الصحي المعالجة بما يعادل 21 مليار متر مكعب، ومع النمو السكاني، فإنه كان هناك انخفاض حاد في الموارد المياه العذبة المتاحة للفرد حيث تقلصت حصته السنوية من 1,972 مترًا مكعبًا سنويًا في 1970 إلى 570 مترا مكعبا في عام 2018.

ومن المتوقع أن ينخفض إلى 390 مترا مكعبا في العام بحلول عام 2050، ما دفع البلاد إلى الاقتراب من عتبة ندرة المياه الشديدة، كما أن مصر بلغت مستويات الإجهاد المائي بنسبة 117% اعتبارًا من عام 2017 نتيجة تغير المناخ وتلوث المياه، ومن المتوقع أن تؤدي العوامل الجيوسياسية إلى تفاقم الإجهاد المائي في مصر.

وتشير السيناريوهات إلى أن تدفق النيل إلى أسوان سينخفض نتيجة التأثير في جميع أنحاء حوض النيل، ومصر معرضة بشدة لمخاطر تأثيرات تغير المناخ، حيث إن دلتا النيل تعتبر واحدة من ثلاث بؤر ساخنة شديدة التأثر بمناطق الدلتا الضخمة بحلول عام 2050. ووفقًا لـIPCC.6 فإن التقديرات تشير إلى أن ارتفاع مستوى سطح البحر (SLR) قد يصل إلى حوالي 1.0 متر بحلول عام 2100، ما سيغرق العديد من المناطق الساحلية في دلتا النيل والساحل الشمالي وسيناء.

كما أن تسرب المياه المالحة نتيجة ارتفاع مستوى سطح البحر وانخفاض معدلات إعادة الشحن ومعدلات تبخر أعلى مع ارتفاع درجات الحرارة، سيوسع مناطق تملح المياه الجوفية ومصبات الأنهار، ما يؤدي إلى انخفاض في توافر المياه العذبة المناسبة للشرب والري.

أكثر من 30% من دلتا النيل عبارة عن أرض منخفضة (مستويات أقل من +2.00 م) وتواجه العديد من المخاطر مثل التعرية والفيضانات، وتوفر دلتا النيل حوالي ثلاثة أخماس إنتاج مصر من الغذاء.

وتتوقع الدراسات المصرية أنه سيتم تخفيض المساحة المزروعة إلى حوالي 0.95 مليون فدان (8.2% من المساحة المزروعة في مصر) بحلول عام 2030 بسبب تأثيرات تغير المناخ من المتوقع أن تخسر الدلتا ما يصل إلى 30% كحد أدنى من إنتاجها الغذائي بحلول عام 2030.

ويتوقع أن يتعرض الأمن الغذائي الوطني لمزيج من التأثير نتيجة زيادة وتيرة موجات الجفاف والفيضانات، ما يقلل بالتالي من إنتاجية المحاصيل والماشية، وهذا سيضاعف بالفعل حالة انعدام الأمن الغذائي في المنطقة."2"

وفي عام 2015، كشف الدكتور علاء النهرى، نائب رئيس المركز الإقليمى لعلوم الفضاء بالأمم المتحدة، وممثل مصر بلجنة الاستخدام السلمى للفضاء، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، إن محافظة الإسكندرية وبعض محافظات الدلتا ستختفى بحلول عام 2075 بسبب التغيرات المناخية .

وأضاف أن التغيرات المناخية التى يشهدها العالم خلال الستة عقود المقبلة ستكون مذهلة ومفاجئة لسكان الأرض وتلك التغيرات ظهرت حاليًا ومنذ الثلاثة عقود الماضية على شكل عدم استقرار المناخ حولنا، وحدوث تغيرات مفاجئة فى درجات الحرارة، وهطول الأمطار على غير معدلاتها الطبيعية المعتادة كل عام وعلى مدار فصول العام الأربعة، مؤكدًا أن كل ذلك يمكن إرجاعه إلى الأنشطة البشرية التى تغتال الطبيعة والبيئة الجميلة.

وأشار إلى أن الخلل فى الاحتباس الحرارى أدى إلى ارتفاع درجة الحرارة فوق سطح الأرض من 0.8 إلى 1.3 درجة مئوية كمتوسط عالمى مما أدى إلى ذوبان كميات ضخمة من الجليد بالقطبين الشمالى والجنوبى، وأدى إلى ارتفاع منسوب مياه البحار والمحيطات بنحو (10-23 سم)، وإلى ازدياد العواصف البحرية والأعاصير والفيضانات بفعل حدوث عدم انتظام فى اتجاهات وسرعة الرياح، موضحًا أن خبراء الجيولوجيا والبيئة فى IPCC يتوقعون بأن التغيرات التى سوف تطرأ على كوكب الأرض خلال 80 عامًا المقبلة بفعل النشاط الإنسانى سوف تعادل حجم التغيرات على كوكب الأرض لمدة 4 ملايين سنة بفعل العامل الطبيعى.

وأوضح أن القطبين الشمالى والجنوبى يلعبان دورًا بالغ الأهمية فى استمرار الحياة على الأرض وفى الحفاظ على التوازن الطبيعى والبيئى لكوكبنا حيث إنه فى القطب الشمالى تعكس الطبقة الجليدية التى تغطية أشعة الشمس الساقطة عليه ومع ذوبان المزيد من الثلوج القطبية نتيجة لارتفاع درجة حرارة الأرض تقل كمية الإشعاع الشمسى التى تعكسها الثلوج وبدلا من ذلك يتم امتصاصها من خلال المياه الذائبة من الجليد وهو ما يعنى المزيد من الارتفاع فى درجة حرارة الكون، الأمر الذى يعنى مزيدًا من ذوبان ثلوج القطبين وكذلك المزيد من ارتفاع درجة حرارة الكوكب.

وأكد النهرى: إننا سنتأثر تأثرًا أكثر من غيرنا لانخفاض منسوب سطح البحر فى الدلتا إلى 0.5 متر، فى حين يزداد منسوب سطح البحر عامًا بعد عام، موضحًا أن أمريكا تنتج 32% من الانبعاث الحرارى، وتنتج أوروبا 30% بينما تنتج قارة أفريقيا 2.7%. "3"

تراجع المساحات الزراعية مستمر

وفي سياق متصل، توقعت الحكومة المصرية حدوث أزمة في إنتاج البلاد من المحاصيل الزراعية خلال العقود المقبلة ، بحسب تقرير التنمية البشرية في مصر لعام 2021 الصادر عن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي .

وأكد التقرير أنه نظرا لأن غالبية النشاط الزراعي في مصر يتمركز في منطقة دلتا النيل، فإنه من المحتمل أن يؤثر ارتفاع مستوى سطح البحر في الإنتاجية الزراعية. يسهم القطاع بنحو 12% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.

وفقا للتقرير، فمن المتوقع أن تتوغل المياه عالية الملوحة إلى مساحات شاسعة من الدلتا، ما يزيد من احتمالية أن تصبح الأراضي الزراعية الحالية غير مناسبة للإنتاج.

وتوقع التقرير انخفاض إنتاج القمح بنسبة 15% بحلول عام 2050 وبنسبة 36% بحلول عام 2100، إلى جانب انخفاض إنتاجية الأرز بنسبة 11% بحلول عام 2050.

كما توقع التقرير انخفاضا في إنتاجية محصول الذرة بنسبة تتراوح بين 14% و19% بحلول 2050، والتي سترتفع إلى 20% بحلول 2100.

وضمن هذا السيناريو أيضا، ينخفض محصول فول الصويا بنسبة 28% بحلول عام 2050، والشعير بنسبة 20% بحلول عام 2050.

وبالنسبة لمحصول البطاطس، فمن المتوقع بحلول عام 2050 أن تتراجع إنتاجيته بنسبة تتراوح بين 0.9% و2.3%، على أن تعاود الارتفاع بحلول عام 2100 بنسبة تتراوح بين 0.2% و2.3%.

كما توقع التقرير ارتفاع إنتاج القطن في مصر بنسبة 17% بحلول عام 2050 على أن ترتفع هذه النسبة في الإنتاج إلى 31% عام 2100.

أحدث الدراسات التي تمت باستخدام الأقمار الصناعية أثبتت وجود تغيرات في مساحة الأراضي الزراعية ببعض محافظات الجمهورية، حيث تراجعت مساحة الأراضي الزراعية في محافظة كفر الشيخ علي سبيل المثال بنسبة 20٪ خلال العقدين الماضيين،

وفقدت منطقة شرق الدلتا نحو 43٪ من مساحة أراضيها الزراعية. كما كشفت صور الأقمار الصناعية الحديثة التي قام بتحليلها علماء الهيئة القومية للاستشعار عن البعد وعلوم الفضاء زيادة معدلات الزحف العمراني علي الأراضي الزراعية بنسبة تصل إلي 23٪ سنوياً بمختلف المحافظات مما يترتب عليه نقص مساحة الأراضي الزراعية في الوقت الذي تنفق فيه الدولة الكثير من الأموال علي استصلاح الصحراء.

كما ان الزحف العمراني علي الأراضي الزراعية يتمثل في استقطاع الآلاف من الأفدنة لبناء العديد من الأحياء السكنية بالرغم من سن القوانين التي تجرم البناء علي الأراضي الزراعية ن وهناك تحذيرات من زيادة معدلات الزحف العمراني علي الأراضي الزراعية لما سيترتب عليه من نقصها وبالتالي ارتفاع أسعار المنتجات والمحاصيل الزراعية وتدبير العملات الأجنبية لاستيراد وتوفير الغذاء للشعب المصري إلي جانب زيادة معدلات البطالة نتيجة لعدم توافر مجالات العمل أمام المزارعين العاملين بتلك الأراضي. ولابد الحفاظ علي الأراضي الزراعية من الزحف العمراني قبل اللجوء إلي إهدار استثمارات بملايين الجنيهات لزراعة أراض صحراوية لا تكفي المياه بها إلا لزراعة فدادين محدودة يتم هجرها بعد سنوات قليلة، وضرورة اتخاذ حزمة من الاجراءات الرادعة لمواجهة هذه القضية وتتمثل في إزالة التعديات علي الأراضي الزراعية ووقف أعمال البناء الجارية حالياً.

وكشف تقرير رسمي صادر عن الإدارة المركزية لحماية الأراضي بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي عن إجمالي حالات التعدي علي الأراضي الزراعية خلال الفترة ما بين 25 يناير 2022وحتي الآن والتي قدرها التقرير بـ194 ألف حالة علي مساحة 8618 فدانًا و20 قيراطاً و17 سهماً علي مستوي الجمهورية، وأوضح التقرير ان وزارة الزراعة بالتعاون مع وزارة الداخلية والقوات المسلحة بدأت إزالة التعديات الواقعة علي تلك الأراضي الزراعية في عدد من المحافظات، حيث تمت إزالة الآلاف حتي الآن.."4"

الأرز والسكر وأزمة متصاعدة

وفي الأونة الاخيرة عانت مصر من شح في الأرز، حيث اختفى من الأسواق في ظل تراجع المساحات المنزرعة به، بعد تحديد مساحات أنتاجه، وقد زاد الأمر سوءا، بعد ساعات من تطبيق قرار رئيس وزراء السيسي، مصطفى مدبولي، اعتبار سلعة الأرز من "المنتجات الاستراتيجية وبالتالي حظر حبسها عن التداول، سواء عبر إخفائها أو عدم طرحها للبيع أو الامتناع عن بيعها"، ووضع حد أقصى لسعر البيع لا يتجاوز 18 جنيهاً للكيلوغرام.

وبيّنت جولة لـصحيفة "العربي الجديد" مواطنين يبحثون عن الأرز من دون جدوى، بعد أن كان يوزع بكميات لا تتعدى 3 كيلوجرامات للفرد، حيث فضل التجار الابتعاد عن التعامل بهذه السلعة خوفاً من المسائلات الأمنية والأجهزة الرقابية، رغم زيادة الحكومة السعر الجبري من 15 جنيهاً في المتوسط إلى 18 جنيهاً حداً أقصى للبيع.

وافتقدت أرفف محلات السلع الغذائية الأرز الذي كانت تعرضه بسعر يتراوح ما بين 21 جنيهاً للحبة الرفيعة و23 جنيهاً للأبيض العريض، و18 جنيهاً للكيلو السائب بالأسواق خلال الأيام الماضية.

ولجأت المضارب الكبيرة والصغيرة المنتشرة بالقرى إلى التوقف عن استقبال المحصول من المزارعين والتجار والموردين الذين يطلبون 13 ألف جنيه لطن الأرز الشعير الرفيع، و14 ألفاً للعريض، وهو ما تعتبره المضارب أسعاراً لا توفر لها الأرباح العادلة.

وأدى اضطراب العمل بالمضارب إلى تراجع شديد بالأرز المعروض في الأسواق، خاصة أن حركة التشغيل كانت أشد اضطراباً منذ بداية موسم الحصاد، حيث تصر الحكومة على توريد 25 في المائة من الإنتاج إلى الدولة بسعر قسري، تحرك تدريجياً من 11 إلى 13 جنيهاً لكيلو الأرز الأبيض بانخفاض 5 جنيهات عن القيمة العادلة التي يطلبها المزارعون والموزعون، ومن ثم رفعته إلى 18 جنيهاً لإرضاء المزارعين والتجار.

ويأتي الخبز والأرز والبطاطس على رأس الأغذية التي توفر المواد الكربوهيدراتية والبروتين النباتي، بنسبة 60 في المائة من مكونات الطعام، وفقاً لتقارير منظمة الفاو وخبراء التغذية. وأصاب النقص الحاد من الكميات المعروضة للأرز في الأسواق المواطنين بالسخط، مع تصاعد معدلات الغلاء في السلع الغذائية كافة والرئيسية خلال الأسبوعين الماضيين، بالتزامن مع تدهور قيمة الجنيه، وزيادة تكلفة الزراعة والنقل والتشغيل في المصانع والشركات، وعدم قدرة الحكومة على شراء مستلزمات السلع من منافذ الإنتاج الخاصة بأسعار مقبولة من المنتجين.

وطلبت أجهزة سيادية من مسؤولي الصحف وأجهزة الإعلام، عدم تناول شكوى المواطنين الباحثين عن الأرز والسلع الاستراتيجية، وحظر النشر عن حالات الانتحار التي ارتفعت مؤخراً، على خلفية عدم قدرة العائلات على مواجهة الغلاء وإعالة ذويهم."5"

 وفي سياق متصل،  توقع مصدر مسؤول في مجلس المحاصيل السكرية التابع لوزارة الزراعة المصرية انخفاض إنتاج السكر في مصر موسم 2022 بنحو 200 ألف طن نتيجة تراجع المساحات المنزرعة ببنجر السكر بأكثر من 50 ألف فدان، بالمقارنة بالمساحة المنزرعة الموسم الماضي.

وعزا المسؤول في تصريحات لـ"العربي الجديد" تراجع المساحات المنزرعة إلى عدم رضا المزارعين عن أسعار التوريد للمصانع والتى تصل إلى 810 جنيهات (نحو 44 دولاراً) للطن، بالإضافة إلى توجه المزارعين إلى زراعة القمح بعد إعلان الحكومة عن زيادة أسعار التوريد

وأوضح المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه أن كميات السكر المنتجة موسم 2021 بلغت حوالي 3 ملايين طن، شملت 1.845 مليون طن من سكر البنجر، و900 ألف طن من قصب السكر، و250 ألف من سكر الفركتوز المنتج من حبوب الذرة، لافتاً إلى أنه بعد تشغيل مصنع القناة لإنتاج سكر البنجر بطاقة إنتاجية في مرحلته الأولى العام المقبل والبالغة نحو 450 ألف طن، سيتم تحقيق الاكتفاء الذاتي بخلاف بدء عمليات التصدير، ويبلغ معدل استهلاك السكر في مصر حالياً نحو 3.3 ملايين طن سنوياً.

واستبعد المسؤول فكرة دخول سكر مستورد بكميات كبيرة الفترة المقبلة، بسبب ارتفاع أسعار السكر في البورصة العالمية إلى 500 دولار للطن، في الوقت الذي يصل فيه سعر الطن من السكر المحلي على أرض المصنع 9500 جنيه للطن.

وكان أحدث تقرير صادر عن وزارة الزراعة الأميركية قد توقع ارتفاع إنتاج السكر المكرر في مصر بنحو 70 ألف طن وبنسبة زيادة 2.5% في السنة التسويقية 2022-2023، ليصل إلى 2.92 مليون طن من السكر

وتستحوذ الشركة القابضة للصناعات الغذائية على حوالى 60 في المائة من حجم الإنتاج في مصر، من خلال 5 شركات توجه أغلب إنتاجها لحساب وزارة التموين والتي توزعه بدورها على المتاجر التموينية المختصة بالسلع المدعمة، فيما يساهم القطاع الخاص بنسبة 40 في المائة من حجم الإنتاج."6"

المصادر:

  1. تامر هنداوي،"مصر معرّضة لفقدان 30٪ من إنتاجها الغذائي في المناطق الجنوبية بحلول 2040" ، القدس العربي ، 13 - نوفمبر – 2022 ، https://cutt.us/oVBIk
  2. " تقرير مصري يرسم صورة قاتمة للوضع المائي.. عطش وغرق" ، عربي21،  16 يوليو 2022،   https://cutt.us/tqGGJ
  3. محمد محسوب، "هل اقترب موعد غرق الدلتا؟" ، اليوم السابع ، 04 ديسمبر 2015،   https://cutt.us/Ee7sm
  4. "مصر تتوقع تدهور إنتاجها الزراعي لهذه الأسباب"، سبوتنيك عربي, 24 يناير 2022 ، https://cutt.us/Ch6xi
  5. عادل صبري، "مصر بلا أرز: السلعة الحيوية تختفي من الأسواق وسط سخط المواطنين" العربي الجديد ، 19 نوفمبر 2022، https://cutt.us/QqSBP
  6. عبد الله عبده، "توقعات بانخفاض إنتاج السكر في مصر بنحو 200 ألف طن"، العربي الجديد ، 18 مايو 2022، https://cutt.us/D7Gn6