المتآمرون على الرئيس مرسي في انقلاب 3 يوليو.. أين هم الآن؟
الخميس - 23 يونيو 2022
بعد 9 أعوام من الانقلاب على محمد مرسي أول رئيس مصري منتخب، مدد عبد الفتاح السيسي إلى عام 2024، بينما تفرق من استخدمهم في الانقلاب من المدنيين بين راحل عن الحياة، وصاعد في المناصب أو مغادر، وبين مهاجر خارج البلاد، معارضا لسياسيات النظام، أو قابع في السجون يذوق من نفس الكأس الذي ذاقه رفقاء الدرب من ثوار يناير.
كان ملف التآمر و المتآمرين علي الرئيس الشهيد مزدحما قبل انقلاب 3 يوليو 2013م.
كثيرون تطوعوا بأن يكونوا أدوات طيعة في يد العسكر، ومهدوا معهم للانقلاب، في تخل سافر عن كل ما يتشدقون به من مبادئ ومطالب أعقبت ثورة 25 يناير.
نرصد هنا بالتفصيل مسارات هؤلاء السياسية قبل الانقلاب وبعده ومصيرهم الآن بعد أن كانوا غطاءً لانقلاب 3 يوليو واستخدمهم العسكر في الحشد لـ30 يونيو.
مشهد مصطنع
جاء عزل الرئيس الشهيد بإذن ربه محمد مرسي في الثالث من يوليو/تموز 2013 في ظل مظاهرات مؤيدة واحتجاجات مصنوعة علي عين العسكر، وتم إخراج مشهد إعلان الانقلاب بوجود 15 شخصية أساسية، منهم قيادات دينية وعسكرية وسياسية؛ ووقف وزير الدفاع المصري آنذاك عبد الفتاح السيسي، ليتلو البيان المشئوم.
تفرقت السبل برفاق مشهد العزل، وهناك غيرهم من القيادات "المدنية" الذين تحول أغلبهم من التأييد لمشهد السيسي ذلك اليوم، إلى المعارضة، ومنهم من قضى جزءا من حياته في السجن، أو عاد عبر المنافي ومنصات التواصل، إلى مصافحة الإخوان المسلمين، الذين عاداهم من قبل.
حضر مشهد الانقلاب وقتها رئيس الأركان صدقي صبحي، ورئيس جبهة الإنقاذ محمد البرادعي، والكاتبة سكينة فؤاد، ورئيس المجلس الأعلى للقضاء حامد عبد الله.
كان شيخ الأزهر أحمد الطيب أيضا في صدر الجلسة، وبابا أقباط مصر تواضروس الثاني، وأمين عام حزب النور السلفي جلال المرة، ومؤسس حركة تمرد محمود بدر، واللواء محمد العصار، وقائد القوات الجوية الفريق يونس المصري، والفريق عبد المنعم التراس والفريق أسامة الجندي من قادة الجيش.
وبعد 9 سنوات أوشك السيسي على إنهاء ولايته الثانية كرئيس لمصر، فيما أعفي صدقي صبحي من منصبه كوزير للدفاع بعد محاولة اغتيال فاشلة، وخرج البرادعي من مصر منذ اعتراضه على فض اعتصامي رابعة والنهضة بالقوة صيف 2013 ولم يعد، بينما اختفت الكاتبة سكينة فؤاد عن المشهد بصورة كبيرة، ورحل عبد الله حامد قبل عامين، وبقي الطيب وتواضروس في منصبيهما الديني، وظل حزب النور مؤيدا للنظام.
وحلت تغييرات كبيرة بشأن بقية وجوه القادة العسكريين بقرارات من السيسي، بعضهم كالمصري، الذي صار وزيرا للطيران المدني.
وتفرق الرفاق
من جانب آخر، تبدل الحال برفاق جبهة الإنقاذ وأعضاء تمرد؛ فالبعض يقبع في السجون على ذمة اتهامات بنشر أخبار كاذبة، وآخرون تحالفوا مع الإخوان.
أبرز وجوه جبهة الإنقاذ أنشأوا في ديسمبر/كانون الأول الماضي الحركة المدنية الديمقراطية كشكل من المعارضة
وتضم الجبهة ثمانية أحزاب بينها الدستور (ليبرالي)، والمصري الديمقراطي الاجتماعي (يساري).
كما تضم حمدين صباحي، منافس السيسي في انتخابات 2014، وكلا من خالد علي ومحمد أنور السادات، اللذين أعلنا اعتزامهما الترشح في رئاسيات 2018، قبل أن يتراجعا عن السباق.
أما من هم بالوسط وظنوا أن الانقلاب سيجلب ديمقراطية لمصر، فقد دفعوا ثمنا باهظا أيضا، فقد اصطدم حزب مصر القوية، برئاسة المرشح الرئاسي السابق عبد المنعم أبو الفتوح، بالنظام الانقلابي، وكانت النتيجة الحكم على د. أبو الفتوح بالسجن 15 عاما وعلى نائبه محمد القصاص بالسجن عشر سنوات.
وتم تجميد نشاط شباب الاشتراكيين الثوريين وحركة 6 أبريل، الذين كانوا أبرز الداعمين لرحيل مرسي.
وجرى تحييد 6 أبريل في معادلة السياسة المصرية، بعد أن سُجن مؤسسها أحمد ماهر، وحُظر نشاطها، مع استمرار حبس الناشطين البارزين محمد عادل، وهيثم محمدين.
وتبدلت حال البعض من الدعم المطلق إلى المعارضة الشديدة، وهم الآن خلف القضبان، ومنهم: الناشطان البارزان حازم عبد العظيم ووائل عباس، في حين أصبح مؤسس حركة تمرد (من أبرز جبهات دعم مظاهرات 30 يونيو) محمود بدر عضوا بمجلس النواب، وصديقه محمد عبد العزيز عضوا بالمجلس القومي لحقوق الإنسان (رسمي).
حمدين صباحي
ومن الذين لعبوا دورا في الانقلاب علي الشرعية وناصب الرئيس مرسي العداء بل ودعا في عهد الرئيس الشهيد المستمثرين الاجانب لعدم الاستثمار في مصر ، حمدين صباحي، الرئيس السابق لحزب الكرامة ومرشح لرئاسة الجمهورية في انتخابات 2012 ولعب دور الكومبارس في انتخابات 2014 للرئاسة بعد الانقلاب العسكري، ونال هزيمة نكراء.
عاد صباحي إلى ممارسة دوره القديم مجرد كومبارس على مسرح العسكر، فخان الثورة وخان الشعب.
وكشفت الناشطة السياسية "غادة محمد نجيب" عن كواليس خطيرة حول علاقة صباحي بقائد الانقلاب العسكري السيسي، وتواطئه على الثورة وخداع المصريين.
وحكت الناشطة حوارًا دار بينها وبين أحد أعضاء التيار الشعبي حيث قالت:"امبارح كنت قاعده مع شباب في حملة حمدين الرسمية، وهم أعضاء أيضًا في التيار الشعبي، وقالوا الآتي: "إنه قبل 30/6 طمأنهم حمدين وقال لهم أنا قابلت السيسي في تأبين عبد الناصر وهو قال لي أنا معاكم.. وطمئأهم وحثهم على الاستمرار، ولما شباب التيار سألوه عن إمكانية فشل 30/6 قال لهم باللفظ مفيش حاجه اسمها هتفشل دي مش موجوده في الحسابات اصلا".
واصلت غادة نجيب: "تفتكروا ليه حمدين كان متأكد أووى كده من نجاح 30/6 على الرغم من تخوفاتنا جميعا أنها تفشل.. إلا لو كان في تنسيق وهو مطمئن ومتأكد".
تابعت: "وبعد فض رابعة كان في اجتماع لمركزية التيار، وأحد الشباب قام سأله ايه رأيك في اللي حصل في رابعة؟؟.. فكان رده إنه طبيعي وإن السيسي كان لازم يعمل كده.. وإن الفض كان مقبولًا.. فانفعل الشاب عليه وقال له ايه اللي انت بتقوله ده.. دى كانت مذبحة؟؟
ومؤخرا عاد حمدين صباحى للعب دور الكومبارس من جديد ، حيث استدعاه السيسي ونظامه بعد تدهور الاوضاع الاقتصادية ، وتم إرضاؤه بالافراج عن رئيس حملته الصحفي حسام مؤنس في حين أن معظم معتقلي التيار المدني لم يفرج عنهم، و مع إعلان الحركة المدنية الديمقراطية في مصر رفضها تشكيل إدارة الحوار قبل نحو أسبوعين من بدء أولى جلسات الحوار بشكل رسمي، ظل صباحى يخادع الجميع من أجل تعضيد نظام السيسي .
"تمرّد" ومصير كل خائن
كانت حركة "تمرد" هي بئر الخيانة الذي نبع منه انقلاب 30 يونيو، والتي بنيت على عين الصهاينة والإمارات ثم تلاشت مبكرا.
مهدّت الحركة لاحتجاجات شعبية ضد حكم الرئيس محمد مرسي، بتصدرها المشهد قبل الانقلاب بنحو شهرين، وسعت منذ بداية تأسيسها إلى جمع استمارات لسحب الثقة من الرئيس مرسي، لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وهو ما لم يحدث في وقت لاحق، وأعلنت أنها جمعت ملايين الاستمارات رغم أن هذا يجافي الحقيقة.
تصدرت أسماء، من بينها محمود بدر، وحسن شاهين، و محمد عبدالعزيز، ومحب دوس، ومحمد نبوي للحركة، إلا أنها جميعا اختفت من المشهد اليوم، باعتزال بعضهم العمل السياسي، وتولي آخرين مناصب مختلفة.
كما فشلت الحركة في أكثر من مرة في تأسيس حزب باسمها، ووقعت انشقاقات في صفوفها؛ بسبب الاختلاف على دعم المرشحين للرئاسة 2014م
وكشف أحد المشاركين في حركة تمرد أن "فكرة تأسيس الحركة كانت من قبل بعض الشباب المحسوبين على بعض الحركات المعارضة لمرسي، ولكن قيادات في جبهة الإنقاذ دعمتها بقوة؛ لأنها كانت تستهوي بعض قياداتها فكرة الانتخابات المبكرة (في إشارة لصباحي)".
صنيعة مخابراتية
وأضاف، مفضلا عدم الكشف عن اسمه، في حديث لـ"عربي21"، أن "الاجتماعات كانت تعقد في منازل بعض أعضاء جبهة الإنقاذ، مثل المهندس ممدوح حمزة، لكن جهاز المخابرات تبنى لاحقا تلك الحركة، وانتقلت الاجتماعات إلى مقراته، وحصلت على دعم معنوي ومادي".
وأكد أن "الانشقاق بين قيادات تمرد كان مقصودا بعد الاجتماع مع كل طرف على حدة؛ بهدف تفتيت الحركة لاحقا، وهو ما أدى إلى اعتزال البعض، مثل محب دوس، وحسن شاهين، والقبض على محمد نبوي في عام 2019؛ لحيازته مواد مخدرة".
وشكك البرلماني المصري السابق، محمد عماد الدين، في طبيعة نشأة الحركة، قائلا: "في البداية، يمكن القول إن شباب حركة "تمرد" لا يُعرف له توجه سياسي أو أيديولوجي، أو أي نشاط سياسي قبل بدء تجميعهم التوقيعات للإطاحة بالرئيس مرسي؛ لذلك كانت حملة تمرد "وهمية وصناعة مخابراتية؛ بدليل تلميعها إعلاميا، واهتمام قادة الانقلاب العسكري بها".
وأضاف: "كانت في الأساس صناعة المؤسسة الأمنية والعسكرية، وبتمويل من دولة الإمارات، ورجال دولة مبارك العميقة، بالإضافة إلى دعم تيارات وقوى وشخصيات بارزة في المعارضة، أبرزها جبهة الإنقاذ الوطني، وحركة كفاية، والجمعية الوطنية للتغيير، ونقابة المحامين، ورئيس حزب الدستور الدكتور محمد البرادعي، ومؤسس التيار الشعبي حمدين صباحي.
بدوره قال السياسي المصري والعضو السابق بجبهة الضمير، عمرو عبد الهادي إن الحقيقة أن حركة تمرد لم تتلاش، بل انتهى دورها ، وتابع بأن "بعض أعضائها المعروفين ما زالوا يأكلون من التورتة، مثل محمود بدر الشهير "ببانجو"، الذي أصبح نائبا ورجل أعمال يملك مصانع".
وأضاف: "كذلك محمد نبوي الذي تم حبسة بتهمة الاتجار في المواد المخدرة، وكعادة كل المدنيين الذين يعيشون في لحاف العسكر، يتم استخدامهم ثم الزج بهم في أقرب قمامة، وهو ما حدث مع الجميع، والذكي منهم أخذ نصيبه من ملايين الإمارات، وتوارى عن الأنظار"
واختتم حديثه بالقول: إن "السيسي لم يكن ليسمح باستمرار الحركة، فهو لا يعترف إلا بنفسه، فهو الحزب والرئيس ولا مكان للآخر، حتى عمرو موسى بعد أن عدل دستور 2012 بعد الانقلاب أعلن أنه سيؤسس جمعية للرقابة على الدستور، ثم توارى عن الأنظار".
جبهة البرادعى والبدوى وموسى
وبالبحث الدقيق عن الوجوه التى صنعت مؤامرة 30 يونيو من داخل جبهة الإنقاذ، يبرز قطعا اسم الدكتور محمد البرادعى قيادى ما يسمى "جبهة الإنقاذ" الذى كان له دور كبير فى قيام تظاهرات 30 يونيو، بل وظهر فى بيان 3 يوليو الشهير، الذى عطل الدستور وعزل محمد مرسى، وتعيين المستشار عدلى منصور رئيسا للجمهورية.
البرادعى تولى منصب نائب رئيس الجمهورية، بعد عزل الرئيس محمد مرسى، والذى قدم استقالته بعد فض اعتصام ميدان رابعة العدوية، وهو الآن يعيش فى النمسا، ويعبر عن آرائه على موقع التواصل الاجتماعى "تويتر" واصبح مطاردا خارج مصر من قبل النظام الذي أيده.
لن ينسى المصريون أيضا وجه السيد البدوى رئيس حزب الوفد، الذى استضاف كل اجتماعات جبهة الإنقاذ ، و لن ينسوا بيانات الخيانة التى كان يتلوها البدوى فى ذلك الوقت.
البدوى الآن خارج كل الكيانات السياسية بعد إقصائه من حزب الوفد، كان يفكر فى انتخابات الرئاسة الماضية، إلا أن شباب حزبه رفضوا أن يكون واجهة، وأيد السيسى ولكن تم تجريده بل زج به في قضايا تتعلق بالذمة المالية .
وبالنسبة لعمرو موسى كان وجها مألوفا بشدة قبل أحداث 30 يونيو، حيث كان دائم حضور اجتماعات جبهة الإنقاذ، لكنه الآن متواريا عن كل الأحداث، بعد أن أبلى بلاء حسنا برئاسته للجنة الخمسين التى كتبت دستور مصر.
ومنذ فترة قصيرة برز اسمه مع صدور الجزء الأول من سيرته الذاتية، التى حملت اسم "كتابيه"، والتى من المتوقع أن يكون لها جزء ثان وثالث ثم أختفي من جديد دون أي دور له يذكر بعد أسدل العسكر الستار عليه .