المؤشرات والإحصاءات العالمية في 2021 تؤكد تراجع مصر
الخميس - 30 ديسمبر 2021
مع اقتراب توديع المصريون لعام 2021 في ظل ظروف سياسية، اختفت منها المعارضة بفعل القبضة الأمنية للنظام الحاكم، وأوضاع اقتصادية صعبة يعانيها جل المواطنين، وأزمات اجتماعية وفقر وبطالة تضرب في عمق المجتمع، وتراجع مخيب للآمال في مجال الصحة والتعليم، نتعرض في هذا التقرير لأهم المؤشرات الدولية حول تقييم مختلف القطاعات في مصر خلال عام 2021 .
تراجع الاقتصاد وزيادة ديون مصر الخارجية 14 مليار دولار
مع نهاية عام 2021، حذرت مؤسسات دولية ومنها البنك الدولي وصندوق النقد، من استمرار سياسات الأستدانة بمصر ، حيث تظهر الأرقام زيادات مستمرة في الديون الخارجية لمصر بنسب كبيرة، حيث أظهرت أرقام البنك المركزي المصري أن الدين الخارجي للبلاد ارتفع بقيمة 14 مليارا و300 مليون دولار خلال العام المالي، الذي انقضى في يونيو/حزيران الماضي.
ففي يونيو/حزيران الماضي، كشف البنك المركزي أن إجمالي ديون مصر الخارجية بلغ 137 مليارا و850 مليون دولار، مقارنة بـ123 مليار و490 مليون دولار في يونيو/حزيران 2020.
وأشار بيان البنك، آنذاك، إلى أن الدين الخارجي انقسم إلى دين طويل الأجل بقيمة 124 مليار و100 ملون دولار، ودين قصير الأجل بواقع 13 مليارا و700 مليون دولار.
ويشير خبراء إلى أن الأشهر الستة الأخيرة من العام شهدت زيادات متسارعة في الدين الخارجي للبلاد؛ وهو ما سيتضح في بيان البنك المركزي بنهاية العام المالي الحالي الذي سينتهي في يونيو/حزيران 2022.
ويتخوف المراقبون، في ظل هذه الزيادات في الدين الخارجي، أن تستمر الحكومة في الاستدانة بنفس الوتيرة لسداد الديون وأقساطها، ومحاولة تقليل الفجوة في الموازنة العامة وزيادة الإنفاق على المشروعات التي تكون جدواها الاقتصادية محل شك؛ وهو ما سيترتب عليه زيادة أعباء كبيرة على المواطنين في 2022، في ظل سياسات الحكومة في تحميل العبء الأكبر عليهم.
وقفزت الديون الخارجية منذ وصول "عبدالفتاح السيسي" إلى الحكم منتصف عام 2014، حيث لم تكن آنذاك تتجاوز 46 مليار دولار؛ وذلك نتيجة توسعه في الاقتراض من الخارج لتمويل مشروعات لا تزال موضع تشكيك من حيث جدواها الاقتصادية، على غرار "تفريعة" قناة السويس، والعاصمة الإدارية الجديدة.
وقد توقع استطلاع أجرته وكالة "رويترز" في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أن ينمو الاقتصاد المصري بمعدل 5.1 بالمئة في السنة المالية الحالية حتى حزيران/ يونيو 2022.
لكن أفادت وكالة "ستاندرد آند بورز" للتصنيف الائتماني، في تقدير نشر في أيلول/ سبتمبر الماضي، أن الاقتصاد المصري يواجه مخاطر بسبب أسعار الفائدة المرتفعة، بالتزامن مع احتمال زيادة أسعار الفائدة عالميا.
وكشفت بيانات مؤشر مديري المشتريات في مصر لشهر يوليو/تموز الماضي، الصادرة عن مؤسسة "آي إتش إس ماركت" العالمية للأبحاث، عن تدهور وضع القطاع الخاص بمصر، مشيرة لانخفاض أعماله بواقع 0.8 نقطة
وفي آيار/ مايو الماضي، أشار صندوق النقد الدولي لوجود أخطار ما زالت تهدد الاقتصاد المصري، ناجمة عن حالة عدم اليقين العالمي وارتفاع الدين العام والاحتياجات التمويلية لمصر
وشهدت مصر بحسب المؤشر تراجع القطاع الخاص خلال 10 شهور في العام الماضي ، في ظل الأحتكار الكبير للجيش لكعكة الأقتصاد حيث يسيطر علي أكثر من 70% .
وأظهر تقرير الحالة المصرية لمركز " تكامل مصر"، ارتفاع معدل البطالة ليبلغ 27 بالمئة في 2021 مقارنة بـ23 بالمئة في العام الماضي، وانخفاض مستوى الدخل للأسر بنسبة 8 بالمئة في 2021 مقارنة بـ2020.
كما كشف التقرير عن بدء دخول مصر في حالة الكساد التضخمي، حيث أظهر التقرير ارتفاع معدل التضخم في 2021 بنسبة 34 بالمئة مقارنة بعام الماضي.
ويتزامن ذلك مع انخفاض النمو ليبلغ سالب 2 بالمئة مقارنة ب 1.5 بالمئة في 2020، الذي حققته مصر برغم أزمة انتشار فيروس كورونا.
ولفت التقرير إلى أنه "يمكن أن تكون قوانين البناء الجديدة وتوقف النمو العقاري سببا رئيسيا في ذلك الأمر، حيث اعتمد النظام المصري في السنوات السابقة على المشروعات العقارية كقاطرة للاقتصاد".
الصحة والتعليم في تراجع
وفي مجال الصحة، كشفت نتائج مؤشر الأمن الصحي العالمي لعام 2021، الذي يقيم الأمن الصحي لـ195 دولة وقدراتها، وفق 6 فئات و37 مؤشرا، أن مصر تقبع في المرتبة 153 عالميا، من حيث الاستعداد والتأهّب لمواجهة الأوبئة.
فيما أكدت المؤشرات الدولية تراجع مصر في مجال التعليم، حيث احتلت مصر المرتبة رقم 139عالميا وفق الترتيب النهائي لجودة التعليم حول العالم، من أصل 140 دولة وفق تصنيف مؤشر "دافوس".
وفي ملف الدفاع والقوى العسكرية، وضع موقع "غلوبال فاير باور" الجيش المصري في تصنيف متراجع رغم الصفقات العسكرية التي أبرمتها القاهرة، إذ حل الجيش المصري بالمركز الـ13 عالميا بعدما كان بالمركز التاسع 2020، وفق ذات التصنيف.
مصر تحتل المراكز الأولى في الانتحار والحوادث!
وإذا تحدثنا عن تقدم مصر سنجد أنها احتلت فعلا مراكز أولى في العالم، حيث احتلت المركز الاول عربيا في الانتحار ! وأن العام الماضي فقط شهد أكثر من 130 ألف محاولة انتحار بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، وللأسف قام 3700 منهم بقتل أنفسهم فعليا سواء بإلقاء أنفسهم أمام عجلات القطار، أو إلقاء أنفسهم من فوق أبنية عالية، كما حدث قبل أيام مع الموظف الذي اضطهده مديره في العمل .
كما أكدت منظمة الصحة العالمية أن حوادث الطرق بمصر تتصدر العالم، وأن هناك أكثر من 130 ألف مصري اغتالته الطرق ، وأن أكثر 150 الف تم إصابتهم في هذه الحوادث .
محللون : الوضع كارثي في مصر عام 2021
فيما تحدث محللون ومراقبون لـ"عربي21"، عن صورة مصر في المؤشرات العالمية خلال 2021، حيث أكدوا أن المؤشرات كشفت الواقع المصري.
وفي تعليق على مؤشرات مصر الاقتصادية لعام 2021، قال الخبير الاقتصادي والأكاديمي الدكتور علي عبدالعزيز: "لا تكون الإحصاءات في كل الأحوال معبرة عن الواقع، وفي حالة مصر توجد إحصاءات إيجابية لصالح النظام قد تكون من جهة تابعة للنظام أو حليفة معه أو تقاضي أموالا مقابل ذلك".
وأضاف لـ"عربي21"، أن "أغلب الاحصاءات ليست في صالح النظام وهو الأقرب للواقع، فلاشك أن الفقر يزداد في مصر والبطالة تتفاقم، ومزاحمة الجيش للقطاع الخاص تتواصل، والديون الخارجية تزداد".
وتابع: "والاستبداد يزداد وقهر الشعب بالاعتقالات والتعذيب والقتل أيضا، والسفه في إنفاق أموال الشعب يستمر، وهي أمور لا تحتاج إحصاءات ولكن الواقع شاهد عليها، والنتيجة كما نراها زيادة في معدلات الجريمة، وسوء في التعليم، والخدمات، والصحة".
ولفت إلى أن "هناك بعض الإحصاءات التي يمكن أن تساعد على هذا الاستدلال، مثل مؤشر دافوس العالمي لجودة التعليم 2021، والذي وضع مصر في المرتبة 139 من بين 140 دولة"
وشدد أيضا على "تقرير وكالة فيتش للتصنيف الائتماني الصادر في 16 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، الذي تحدث عن خطورة الاعتماد على القروض الخارجية، وتحول الاقتصاد المصري لاقتصاد شديد التأثر بالصدمات".
كما أشار إلى تأكيد التقرير على أن "مصر بحاجة ضرورية لصندوق النقد الدولي، خاصة مع توقعات تغير ظروف السيولة العالمية نتيجة تغير أسعار الفائدة"
وأوضح الخبير المصري أن "34 مليار دولار حيازات الأجانب في أدوات الدين المحلية معرضة للخروج، والدين الخارجي نفسه وصل 140 مليار دولار، وخدمة الدين ارتفعت لـ63 بالمئة من إجمالي مصروفات الموازنة العامة".
من جهته، قال رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام " تكامل مصر" الباحث مصطفى خضري: "هناك نوعين من المؤشرات الدولية، الأول مؤشرات تعتمد على البيانات التي تفصح عنها الأنظمة السياسية بكل دولة مثل المؤشرات الاقتصادية، أما النوع الثاني فلا يعتمد على إفصاح الأنظمة السياسية، بل تجمع و ترصد من خلال هيئات دولية مثل المؤشرات الحقوقية"، وفق حديث حصري لـ"عربي21".
وأوضح أنه "بالنسبة لدولة يحكمها نظام ديكتاتوري قمعي كالنظام المصري، لا يمكن الاعتماد على المؤشرات الدولية الخاصة بها كمعبر عن حقيقة مطلقة".
وأضاف: "بالنسبة للنوع الأول من المؤشرات، والتي تعتمد على البيانات المتلاعب بها ويصدرها النظام الحاكم مثل معدلات النمو ومعدلات البطالة، فإنها ستكون مؤشرات غير حقيقية لأنها اعتمدت على مدخلات مضللة".
وأوضح: "أما بالنسبة للمؤشرات التي ترصدها وتجمعها هيئات دولية، مثل مؤشرات حقوق الإنسان والتحول الديموقراطي، فإنها أيضا مؤشرات غير حقيقية لأنها دائما ما تنحاز لأهداف هذه الهيئات والمشروعات السياسية لمموليها".
مؤشرات كارثية
وفي رؤيته لأهم المؤشرات الدولية عن مصر في 2021، أشار مدير "المعهد الدولي للعلوم السياسية والإستراتيجية" الدكتور ممدوح المنير، إلى أنه "في آذار/ مارس، أدانت أكثر من 30 دولة في مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة النظام المصري للانتهاكات بحق المعارضة والمعتقلين".
وأضاف في حديثه لـ"عربي21"، "في حزيران/ يونيو، أصدرت 63 منظمة حقوقية دولية وعربية بيان مشترك لإدانة قمع الحريات في مصر والانتهاكات بحق المعتقلين السياسيين".
وعن صورة مصر من منظور العالم ومنظماته ومراكز أبحاثه وفق المشهد الحقوقي طوال 2021، أكد الباحث المصري أن "وضع الحريات في عهد النظام الحالي يتجه من سيء إلى أسوأ في ظل غياب منظومة الحماية القضائية للمعارضة بعد أن تحول القضاء لأداة في يد النظام للقمع لا للعدل".
ولفت إلى ما اعتبره "تقاعس من إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن عن تنفيذ وعدها بشأن ملف حقوق الإنسان في مصر، وتفضيلها الحفاظ على مصالحها مع النظام على حساب الحريات وحقوق الإنسان"
وعن مؤشرات الملف الاقتصادي في 2021، يرى المنير أن مصر "أمام كارثة بكل المقاييس، فالدولة بكاملها أصبحت رهينة للديون الخارجية، فإذا امتنعت الدول والمؤسسات عن إقراض النظام سينهار الاقتصاد خلال 3 أشهر على الأكثر"
وقال: "هذا ليس مبالغة من عندي، إذ أن حجم الدين الخارجي في مصر بلغ ـ137.85 مليار دولار بنهاية حزيران/ يونيو الماضي".
وأضاف: "بينما بلغ حجم الدين المحلي 270 مليار دولار بواقع 4.7 تريليونات جنيه، ما يوازي نحو 35.5 بالمئة من إجمالي ديون الشرق الأوسط في 2020، وفق تقرير للبنك الدولي".
وأشار المنير، إلى أن وكالة "فيتش" للتصنيف الإئتماني، قالت إن التدفقات الوافدة "يمكن أن تنسحب استجابة لأي صدمة ثقة أو تحول في ظروف السيولة العالمية، وهو ما يعني كارثة كما أسلفت".