الفلاحون في مصر يستغيثون
الاثنين - 19 أبريل 2021
قام برلمان العسكر في حلقة جديدة من مسلسل تحميل الفلاح المصري مزيد من الأعباء ، بالموافقة أمس الإثنين، على 90 مادة من مجموع 131 مادة بمشروع قانون الموارد المائية والري الجديد، المقدم من الحكومة، تمهيداً لإقراره نهائياً في جلسة اليوم الثلاثاء، والهادف إلى فرض غرامات مالية كبيرة على المزارعين مقابل منح تراخيص استخدام ماكينات رفع المياه، وإلزامهم بسداد 10% من قيمة مشروعات تجديد المصارف، رغم ما يعانونه من أوضاع معيشية صعبة، كما أشعلت الحكومة أزمة الأسمدة في مصر مع بداية المحاصيل الصيفية، بعد قرارات رسوم صادرات الأسمدة التي مكنها من تُحصّل 6 مليارات جنيه، بواقع 600 جنيه عن كل طن يتم تصديره من الأسمدة، وفي نفس السياق، هناك تراجع كبير لإنتاج القطن المصري وخسارة مكانته العالمية بسبب الإهمال، و بسبب عزوف الفلاحين عن زراعته لتكبدهم آلاف الجنيهات خسائر بعد تدني الأسعار التي يبيعون بها المحصول، ومن خلال سطور هذا التقرير نتعرض للتفاصيل .
البرلمان يلزم المزارع بسداد 10% من تكاليف تجديد المصارف
في حلقة جديدة من مسلسل تحميل الفلاح المصري مزيد من الأعباء ، وافق مجلس نواب العسكر، أمس الإثنين، على 90 مادة من مجموع 131 مادة بمشروع قانون الموارد المائية والري الجديد، المقدم من الحكومة، تمهيداً لإقراره نهائياً في جلسة غداً الثلاثاء، والهادف إلى فرض غرامات مالية كبيرة على المزارعين مقابل منح تراخيص استخدام ماكينات رفع المياه، وإلزامهم بسداد 10% من قيمة مشروعات تجديد المصارف، رغم ما يعانونه من أوضاع معيشية صعبة.
ووافق المجلس على تحمل مالك الأرض (المزارع) نسبة 10% من قيمة تكاليف إنشاء أو إحلال وتجديد شبكات المصارف المغطاة، أو المصارف الحقلية المكشوفة، أو المساقي المطورة التي تتم بناءً على خطة الوزارة، وسط مطالبات من بعض النواب بإلغاء هذه النسبة تخفيفاً عن كاهل الفلاح، مقابل إصرار من الحكومة والأغلبية البرلمانية، ممثلة في حزب "مستقبل وطن"، على الإبقاء عليها.
كما وافق البرلمان على أن تحدد وزارة الموارد المائية والري المساحات والمناطق المخصصة لزراعة الأرز سنوياً، بقرار من الوزير المختص، وبالتنسيق مع وزير الزراعة واستصلاح الأراضي. وتُحدد أنواع المحاصيل ذات الاحتياجات المائية العالية، ومساحات ومناطق زراعتها سنوياً.
وحظر القانون زراعة المحاصيل "الشرهة للمياه" في غير المساحات الصادر بتحديدها قرار وزاري، وكذا تشغيل الطلمبات على المساقي المطورة، ومنع إقامة مزارع أو أقفاص سمكية بالمجاري المائية حفاظاً على نوعية المياه، أو أي منشآت في مخرات السيول، أو تنفيذ أعمال لحجز مياه الأمطار والسيول الجارية في الأودية الطبيعية.
كما وافق مجلس النواب على تعديل مقدم من رئيس الهيئة البرلمانية لحزب "مستقبل وطن" أشرف رشاد بشأن خفض قيمة ترخيص حفر البئر الجوفي من 10 آلاف جنيه إلى 5 آلاف جنيه، وذلك بواقع ألف جنيه عن كل سنة لمدة 5 سنوات.
ووافق أيضاً على خفض قيمة الرسم المقررة في القانون من 300 إلى 200 ألف جنيه، بناءً على اقتراح من رشاد، والذي نص على أن تحدد وزارة الموارد المائية والري مورد ري الأراضي الجديدة، ومخرج الصرف لها، ويصدر الترخيص بمعرفة الإدارة العامة المختصة.
كذلك وافق البرلمان على خفض رسوم إقامة آلات رفع المياه على المصارف، لتصبح 250 جنيهاً سنوياً بإجمالي 1250 جنيهاً لمدة 5 سنوات بدلاً من 5 آلاف جنيه، بحيث لا تجوز بغير ترخيص من وزارة الري والموارد المائية إقامة أو تشغيل أي آلة رفع ثابتة أو متحركة تدار بإحدى الطرق الآلية (الميكانيكية)، أو غيرها لرفع المياه أو صرفها على مجري نهر النيل أو المجاري المائية أو شبكات الري والصرف العامة أو الخزانات، سواء لأغراض الري أو الصرف أو الشرب أو الصناعة. وتعفى من هذا الرسم الطلمبات أقل من 100 متر التي تروي مساحات لا تتجاوز 10 أفدنة.
إلى ذلك، وافق مجلس النواب على خفض قيمة الترخيص الممنوح للقيام بأي عمل خاص داخل حدود الأملاك العامة للدولة، ذات الصلة بالموارد المائية، إلى 500 ألف جنيه بدلاً من مليون جنيه كما ورد في مشروع القانون المقدم من الحكومة.
وتمسك البرلمان بتعريف "حرم النهر" بمشروع الحكومة، رغم الخلاف بين أعضاء المجلس بشأن التعريف، والذي نص على امتداد الحرم حتى 80 متراً خارج خطي التهذيب من جانبي النهر، رغم مطالبة العديد من النواب بتخفيض مسافة ذلك الحد إلى 50 متراً بحد أقصى.
وقالت مصادر إن نوابا طالبوا بإلغاء هذه النسبة تخفيفاً عن كاهل الفلاح، لكن الحكومة والأغلبية البرلمانية، ممثلة في حزب "مستقبل وطن"، أصروا على الإبقاء عليها.
ويحظر القانون زراعة المحاصيل "الشرهة للمياه" في غير المساحات الصادر بتحديدها قرار وزاري، وكذا تشغيل الطلمبات على المساقي المطورة، ومنع إقامة مزارع أو أقفاص سمكية بالمجاري المائية حفاظاً على نوعية المياه، أو أي منشآت في مخرات السيول، أو تنفيذ أعمال لحجز مياه الأمطار والسيول الجارية في الأودية الطبيعية.
والحكومة تُحصّل 6 مليارات جنيه من رسوم صادرات الأسمدة رغم تصاعد الأزمة مع بداية المحاصيل الصيفية
وفي سياق متصل ، كشف خبير دولي في تسويق الأسمدة، أنّ الحصيلة التي ستجنيها الحكومة المصرية جراء فرض رسوم بواقع 600 جنيه عن كل طن يتم تصديره من الأسمدة، تقدر بحوالى 6 مليارات جنيه.
وأوضح مفضلاً عدم كشف اسمه، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، أنه لا توجد أزمة أسمدة في مصر، إذ إنّ متوسط الإنتاج يصل إلى نحو 22 مليون طن، يتم تصدير 10 ملايين طن، وما يتبقى يكفي للسوق المحلي، لافتًا إلى أن أزمة وصول الأسمدة المدعمة إلى الفلاحين، ترجع لسوء إدارة تلك المنظومة، خاصة وأن كل الشركات ملتزمة بتوريد حصتها لوزارة الزراعة، باستثناء كميات غير ملموسة لا تؤثر على حركة السوق.
ومن جانبها، أعلنت شركة "موبكو" لإنتاج الأسمدة، في بيان مرسل للبورصة المصرية ، أنّ الشركة تورد حصتها بالكامل لوزارة الزراعة المصرية، وعليه لا يتم فرض رسم صادر 600 جنيه عن كل طن يتم تصديره.
ويؤكد نقيب الفلاحين المصريين حسين أبوصدام، أنّ معظم شركات الأسمدة لا تلتزم بتعاقداتها مع وزارة الزراعة، بتوريد 55% من إنتاجها للوزارة بسعر التكلفة، نظير حصولها على الطاقة بسعر مدعم.
وبيّن، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، أن هذه الكميات التي لا يتم توريدها والتي تُقدر بحوالي 20 في المائة، تأتي نتيجة تقاعس الجهات الرقابية بوزارة الزراعة، وهو ما ينعكس أثره على الفلاح، والذي يضطر للحصول على الأسمدة من السوق السوداء بـ250 جنيهًا للشيكارة، في حين أن سعرها المدعم بـ 159.5 جنيها.
وأشار إلى أن الشركات تتحايل بشتى الطرق للتهرب من تسليم تلك الكميات، بهدف إما بيعها في السوق الحرة، أو تصديرها، لافتًا إلى أن قرار وزارة الصناعة بفرض رسوم 600 جنيه على كل طن تصدير، سيؤدي إلى نوع من التوازن، قد يحدث أثرا غير ملموس.
وكانت وزيرة التجارة والصناعة، نيفين جامع، قد أصدرت قرارا باستمرار فرض رسم صادر على صادرات الأسمدة الأزوتية المنصوص عليه بالقرار الوزاري رقم 59 لسنة 2021 على أن تعدل فئة الرسم لتكون بواقع 600 جنيه للطن.
وأوضح بيان للوزارة أنّ رفع رسوم الصادرات جاء عقب ارتفاع أسعار الأسمدة الأزوتية في السوق العالمي إلى 370 دولارا للطن خلال الشهرين الماضيين، مقابل 230 دولارا خلال عام 2020.
وبينت أن الهدف من القرار يأتي لتنظيم عمليات التصدير، ويوفر الحصة الشهرية المقررة لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي لتلبية احتياجات السوق المحلي، وتسهيل حصول الفلاح على الكميات اللازمة للزراعة.
وتنتج مصر 22 مليون طن أسمدة أزوتية يتم توجيه 9 ملايين طن منها للسوق المحلية، والباقي يتم تصديره للخارج، وطبقًا لبيانات وزارة الزراعة المصرية.
تراجع القطن المصري وخسارة مكانته العالمية بسبب الإهمال.. والبطاطس في الطريق
وفي سياق متصل ، يعيش الذهب الأبيض أسوأ أيامه منذ الانقلاب العسكري، فبعدما كان الأول عالميا بين الأقطان بات مطرودا وسط عزوف من الفلاحين عن زراعته لكثرة الخسائر وتكبدهم آلاف الجنيهات خسائر بسبب تدني الأسعار التي يبيعون بها المحصول. وتوقع نقيب الفلاحين، الذي سبق أن جمد عمل النقابة، حسين أبو صدام، عدم زيادة مساحة زراعة القطن هذا الموسم 2021 الذي تبدأ زراعته الشهر المقبل عن الموسم السابق 2020. معترفا بانخفاض مساحة زراعة القطن إلي 183 ألف فدان مقابل 236 ألف فدان في الموسم السابق له، 2019، الذي كان منخفضا أيضا عن الموسم السابق له 2018، الذي كانت المساحة المزروعة فيه من القطن 336 ألف فدان.
وتوقع "أبو صدام" عدم إقبال المزارعين علي زراعة القطن هذا العام بسبب تخلي الحكومة عن دعم مزارعي القطن وعدم وضع سعر ضمان لشراء الأقطان والاعتماد في بيع وتسعير القطن علي نظام المزايدة الذي ثبت عدم جدواه، وتخلي المصانع المحلية علي استخدام القطن المحلي واعتمادها علي الاستيراد
وأوضح نقيب الفلاحين أن تشجيع المزارعين علي زيادة المساحات المزروعة بـالقطن يستوجب تفعيل الزراعات التعاقدية ووضع سعر ضمان لشراء الأقطان قبل موسم الزراعة، مع الاهتمام بمصانع الغزل والنسيج المحلية وتطويرها بما يتناسب مع الأقطان المزروعة محليا، والتزام الحكومة بشراء الإنتاج المحلي من القطن بهامش ربح مجزي للمزارعين طبقا للمادة 29 من الدستور، وتوفير المعدات الآلية لجني القطن، مع العمل علي الحد من تصدير الأقطان خام بدون تصنيعها حرصا علي زيادة العائد الاقتصادي والاستفادة من القيمة المضافة، وإنشاء صندوق تكافل زراعي لتعويض الفلاحين عند حدوث أية أضرار نتيجة لكوارث طبيعية.
خسائر بالجملة
وتابع: تعرض مزارعو القطن لخسائر متلاحقة نتيجة تدني أسعار منتجاتهم خلال المواسم السابقة إلي أقل من سعر التكلفة مع ارتفاع كبير في أسعار مستلزمات زراعة القطن، وغياب معدات الجني الآلي وارتفاع تكلفة الجني اليدوي الذي يستحوذ وحده علي ثلث العائد الاقتصادي من المحصول. مؤكدا أن القطن المصري فقد مكانته العالمية وتعتمد أكبر الدول المصنعة للنسيج حاليا كالهند والصين علي زراعتها المحلية، وأن سياسة تصدير القطن خام تفقده القيمة المضافة ما يؤدي إلى انخفاض أسعاره.
البطاطس على الطريق
واستمرارا لخسائر المزاعين أشار "عبد الرحمن" إلى أن مصر صدرت عام 2019 نحو 687 ألفا و842 طن بطاطس، لتحتل البطاطس المركز الثاني في الصادرات الزراعية بعد الموالح؛ إلا أن القرارات التي اتخذتها الحكومات قلصت عمليات الاستيراد والتصدير؛ مما زاد من المعروض من البطاطس في السوق المحلي وبالتالي انهارت أسعارها
وأضاف أن الأسعار الحالية أقل من تكلفة الزراعة؛ حيث يتكلف إنتاج وزراعة كيلو البطاطس في المتوسط نحو 2.5 جنيه، وينتج الفدان في المتوسط 20 طنا ويباع الكيلو حاليا في الحقل بـ2جنيه، بما يعني أن الفدان الواحد يخسر نحو عشرة آلاف جنيه تقريبا.
وتابع أن من بين المنتحات الزراعية المصرية المتوقع تأثرها الشديد بالانخفاض هي الموالح والبصل والعنب والفراولة، لوفرة الإنتاج المحل
واعتماد تسويقها على التصدير، فيما يتوقع ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء والدواجن والأسماك والطماطم لانخفاض الإنتاج المحلي أحيانا والاعتماد على الاستيراد في أحيان أخرى واستيراد مستلزمات الإنتاج من أعلاف وتقاوي في الغالب والتأثر المؤكد بارتفاع وانخفاض أسعار المنتجات الأخرى.
قانون الشهر العقاري يزيد من معاناة الفلاحين
وفي نفس السياق ، طرح نظام العسكر تعديلات لقانون الشهر العقاري وفرض ضريبة جديدة على تسجيل العقارات بنسبة ٥ ٫ ٢ %. تنص التعديلات على أن "تفرض ضريبة التصرفات العقارية بسعر (٥ ٫ ٢ %) وبغير أي تخفيض على إجمالي قيمة التصرف في العقارات المبنية أو الأراضي للبناء عليها عدا القرى" زاد من اعباء الفلاحين .
كما تضيف التعديلات مواد جديدة منها مادة (٤٢ مكررة): يكون سعر الضريبة 1 % في حالة سابقة التصرف في العقار خلال مدة لا تجاوز سنة من تاريخ تحقق الواقعة المنشئة للضريبة. مادة (۲ ؛ مكررة أ): يلتزم الممول المتصرف بسداد ضريبة التصرفات العقارية خلال ثلاثين يومًا من تاريخ التصرف، ويسري مقابل التأخير المقرر بالمادة (۱۱۰) من هذا القانون اعتبارًا من اليوم التالي لانتهاء المدة المحددة
مادة (٤٢ مكررة ج): يمتنع على مصلحة الشهر العقاري شهر التصرفات إلا بعد تقديم ما يفيد سداد الممول المتصرف ضريبة التصرفات العقارية، ولا تقبل الدعاوى المتعلقة بشهر العقار إلا بعد تقديم ما يثبت سداد ضريبة التصرفات العقارية.