العفو الدولية : مصر بالمركز الأول عالميا في أحكام الإعدام

الأربعاء - 25 مايو 2022

في تقرير جديد لها، كشفت منظمة العفو الدولية أن مصر تحتل المركز الأول عالميا في صدور أحكام الإعدام ، كما أن المحاكم المصرية حكمت على 356 شخصًا بالإعدام في عام 2021، وأن هذا العدد من الأحكام يعد أعلى عدد من أحكام الإعدام تم تسجيله في جميع أنحاء العالم العام الماضي، ومن خلال سطور هذا التقرير نتعرض بالتفاصيل لتقرير العفو الدولية ونرصد جرائم النظام المصري في ملف الإعدام .

كشفت منظمة العفو الدولية أن المحاكم المصرية حكمت على ما لا يقل عن 356 شخصًا بالإعدام في عام 2021، بزيادة قدرها 34 في المئة، وهو أعلى عدد من أحكام الإعدام تمكنت منظمة العفو الدولية من تسجيله في جميع أنحاء العالم في عام 2021.

وحسب تقرير "أمنيستي"حول عقوبة الإعدام لعام 2021، الذي صدر اليوم، كانت البلدان الخمسة الأكثر تنفيذاً لعمليات الإعدام هي: الصين بألف حالة، تليها إيران بـ314 حالة، تليها مصر بـ83 حالة، ثم السعودية بـ65، تليها سورية بـ24 حالة.

وسجلت منظمة العفو الدولية 579 إعداماً في 18 بلداً في عام 2021، بزيادة قدرها 20 في المئة عن 483 عملية إعدام مسجلة في عام 2020. يمثل هذا الرقم ثاني أقل عدد من عمليات الإعدام التي سجلتها منظمة العفو الدولية منذ عام 2010، على الأقل.

وتم تسجيل520 عملية إعدام في سبعة بلدان – الإمارات العربية المتحدة وإيران والسعودية وسوريا والعراق ومصر واليمن – زيادة بنسبة 19 في المئة عن عام 2020.

وكان هناك ما لا يقل عن 834 حكم إعدام جديد في 17 بلداً، بزيادة قدرها 32 في المئة، مع زيادات حادة في العراق ولبنان ومصر. لا يعكس هذا الرقم العديد من أحكام الإعدام التي يُعتقد أنها صدرت في إيران.

وانخفضت عمليات الإعدام المسجلة في العراق بأكثر من النصف، من 45 إلى 17، على الرغم من أن هذا قد يكون نتيجة تباطؤ الموافقات التنفيذية على أحكام الإعدام بسبب الاضطرابات السياسية التي مرت بها الدولة في معظم أوقات العام.

وجعل الإعدام الجماعي لـ 24 شخصاً في سوريا في أكتوبر منها خامس أكبر منفذ لعمليات إعدام مسجل في عام 2021.

وأوضحت المنظمة: "في كل يوم يُقتل أشخاص على أيدي الدولة عقاباً لهم على طائفة واسعة من الجرائم. وأحياناً بسبب أعمال لا ينبغي أن تكون مُجرَّمة. ففي بعض البلدان، يمكن أن يكون ذلك بسبب جرائم متعلقة بالمخدرات، وفي حالات أخرى، بسبب الأعمال المرتبطة بالإرهاب والقتل العمد".

وأضافت "امنيستي" أنّ بعض الدول "تقوم بإعدام أشخاص تقل أعمارهم عن 18 عاماً عندما ارتكبوا الجريمة،ومنها مصر ،  ودول أخرى تستخدم عقوبة الإعدام ضد أشخاص لديهم إعاقات عقلية، ودول كثيرة أخرى تطبق عقوبة الإعدام إثر محاكمات جائرة - في انتهاك صارخ للقانون والمعايير الدولية - وقد يقضي المحكوم عليهم بالإعدام سنوات في انتظار تنفيذ حكم الإعدام، ولا يعرفون متى سيتم إعدامهم، أم إذا كانوا سيرون عائلاتهم للمرة الأخيرة".

وقالت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنياس كالامار "بدلا من اغتنام الفرص التي أتاحتها فترات تعليق عقوبة الإعدام في عام 2020، أبدت أقلية من الدول حماسا مقلقا لاختيار عقوبة الإعدام بدلا من الحلول الفعالة للجريمة، مما أظهر تجاهلا صارخا للحق في الحياة حتى وسط أزمات حقوق الإنسان العالمية العاجلة والمستمرة".

نصائح لمصر بعدم تنفيذ أحكام إعدام

وكانت مصادر خاصة قد قالت لـ"العربي الجديد" إن النظام المصري "تلقّى أخيراً نصائح من حقوقيين وبرلمانيين، بضرورة تأجيل تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة بحق معارضين سياسيين، لا سيما مع إطلاق السيسي الدعوة إلى "حوار سياسي وطني".

ويأتي ذلك، بحسب المصادر، "في ظل ما يعانيه النظام من ضغوط سياسية داخلياً جراء تبعات الحرب الروسية الأوكرانية وتأثيرها على الوضع الاقتصادي لعموم الشعب، وخارجياً بسبب موقف مصر الموالي لروسيا، إضافة إلى ملفها السيئ في مجال حقوق الإنسان".

إحصائيات وأرقام صادمة عن أحكام الإعدام في مصر منذ الانقلاب

وقد دأبت السلطات المصرية منذ انقلاب الجنرال العسكري عبد الفتاح السيسي، على أول رئيس منتخب ديمقراطيا منتصف 2013، وحتى 2021، على إصدار مئات أحكام الإعدام بحق قيادات جماعة الإخوان المسلمين وأنصارها.

مما دعا الكثير من الدول والهيئات الدولية والمؤسسات الحقوقية سلطات الانقلاب ، على مدار تلك السنوات ، لوقف تنفيذ العمل بعقوبة الإعدام، واستبداله بعقوبات مثل السجن مدى الحياة أو العمل بالخدمة العامة، طبقا لقرار الأمم المتحدة في كانون الثاني/ يناير 2018.

ولأن أرقام المحكومين بالإعدام الذين يقبعون خلف السجون في انتظار تنفيذ تلك الأحكام، حولها تضارب كبير، اتهمت منظمة العفو الدولية السلطات المصرية في كانون الأول/ ديسمبر 2020، بعدم الشفافية حول أعداد المعتقلين والسجناء المعرضين لتنفيذ حكم الإعدام.

"1565 حكما سياسيا"

قال مدير "مركز الشهاب لحقوق الإنسان" الحقوقي المصري خلف بيومي؛ إن إجمالي أحكام الإعدام في قضايا سياسية بالأساس منذ العام 2013، وحتى العام 2021، بلغت (1565) حكما، تم تنفيذ الإعدام في (97) منها بالفعل.

وفي حديثه لـ"عربي21"، أكد بيومي، أن "هناك نحو (81) محكوما بالإعدام، ومنتظر التنفيذ فيهم في أي وقت"، والباقي نحو (1487) منها ما هو حكم نهائي وبات، ومنها ما هو حكم غير نهائي، خاصة مع التوسع في استخدام تلك العقوبة في السنوات الست الأخيرة.

"2013 - 2019"

ووفق إحصائيات "منظمة العفو الدولية"، في الفترة ما بين 2011، وحتى 2016، إلى جانب إحصاء "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية"، من 2016 وحتى العام 2019، فإن أحكام الإعدام بشكل عام بجميع مستويات التقاضي الجنائية والسياسية بلغت من 2013 وحتى 2019، نحو 2532 محكوما بالإعدام، تم تنفيذ الحكم في نحو (92) حالة.

ففي عام 2013: شهد صدور (109) أحكام بالإعدام؛ فيما لم ينفذ خلال العام أي أحكام إعدام، لكن نهاية ذلك العام شهدت تدشين النظام لـ"محاكم الإرهاب" ضمن نظام المحاكم الجنائية، وعيّن لها قضاة مختارون بعناية أمنية، أصدروا لاحقا أحكاما قاسية بالقضايا السياسية.

وفي عام 2014: تضاعفت الأحكام لـ5 أضعاف الرقم السابق خلال عام واحد، حيث سجلت محاكم النظام العسكري الحاكم رقما قياسيا بلغ (509) أحكام بالإعدام عام 2014، تم تنفيذ (15) منها بالفعل.

ولأن السيسي أصدر في تشرين الأول/ أكتوبر 2014، قانونا يمنح المحاكم العسكرية حق مقاضاة المدنيين؛ مَثُلَ نحو 15 ألف مدني أمام تلك المحاكم المعروفة بأحكامها القاسية، ما زاد من وتيرة أحكام الإعدام بالعام 2015.

وبالفعل، على إثر ذلك، تزايدت أحكام الإعدام في عام 2015:لتبلغ (530) حكما تم تنفيذ (22) منها في عام 2015، أشهرها في أيار/ مايو بإعدام 6 مصريين في قضية "عرب شركس"، بينما شهد ذلك العام توجه 160 دولة بالعالم بينها دول إسلامية لوقف عقوبة الإعدام.

فيما شهد عام 2016 انخفاضا ملحوظا في إصدار أحكام الإعدام، إلى نحو (237) حكما، إلا أن وتيرة التنفيذ تصاعدت عن العام السابق لتبلغ (44) منها فعليا، بينها في كانون الأول/ ديسمبر تنفيذ إعدام عادل حبارة في قضية "مذبحة رفح الثانية".

ثم عادت لترتفع الأحكام أيضا في عام 2017: إلى (402) حكم بالعام 2017، حيث تم تنفيذ (35) منها، لتصبح مصر من بين 23 دولة فقط نفذت إعدامات بهذا العام، التي كان من بينها تنفيذ الحكم في 4 أشخاص بقضية "استاد كفر الشيخ" في كانون الثاني/ يناير، وإعدام 15 بقضية "كمين الصفا" في كانون الأول/ ديسمبر.

ولأن محكمة النقض المصرية، قامت بإلغاء الكثير من أحكام الإعدام من محكمة الجنايات بين 2014 و2016، أجرى النظام في نيسان/ أبريل 2017، تعديلات بقانون الإجراءات الجنائية وبقانون الطعن أمام محكمة النقض، بجانب منح السيسي حق تعيين رئيس محكمة النقض.

ولذلك يأتي عام 2018 ، ليشهد صعودا كبيرا بأرقام المحكومين بالإعدام من قبل المحاكم المصرية المختلفة، لتصل إلى (717) حكما تم تنفيذ (43) منها.

وفي شباط/ فبراير 2019، بدا السيسي خلال القمة العربية-الأوروبية في شرم الشيخ مدافعا عن قرارات وأحكام وتنفيذ الإعدام في مصر، حيث قال أمام قادة وزعماء أوربيين؛ إننا نقدر موقفكم من عقوبة الإعدام، لكن أرجو ألا تفرضوه علينا، وأضاف: الإعدامات جزء من "إنسانيتنا" المختلفة عن "إنسانيتكم الأوروبية".

تصريح السيسي هذا كان ضوءا أخضر للسلطات القضائية والأمنية لزيادة وتيرة أحكام الإعدام، بل وتنفيذها بلا تردد

وتم تنفيذ حكم الإعدام خلال كانون الثاني/ يناير 2019، بحق 3 مصريين بقضية "نجل المستشار"، وإعدام 3 في قضية "أحداث كرداسة" في شباط/ فبراير، ثم إعدام 9 في قضية "النائب العام" بالشهر نفسه.

في عام 2020: شهد تشرين الأول/ أكتوبر، تنفيذ أكبر عدد من أحكام الإعدام التي بلغت 53 معتقلا بقضايا مختلفة، منها اثنان بقضية "أحداث مكتبة الإسكندرية"، و10 بقضية "أجناد مصر"، و3 معتقلين بقضية "اقتحام قسم شرطة كرداسة"، والباقي قضايا جنائية.

ورصد تقرير منظمة العفو الدولية الصادر في 21 نيسان/ أبريل 2021، وجود زيادة 300 بالمئة بتنفيذ أحكام الإعدام بمصر، راصدا إعدام 107 بينهم 23 سياسيا والباقي جنائيان، وواصفا المحاكمات بأنها بالغة الظلم، وشابتها "اعترافات" قسرية وانتهاكات أخرى.

وسجلت المنظمة الدولية زيادة بتنفيذ أحكام الإعدام في 57 شخصا في شهري تشرين الأول/ أكتوبر، وتشرين الثاني/ نوفمبر 2020، بعد محاولة هروب فاشلة من سجن العقرب، قُتل فيها عدد من ضباط الشرطة وسجناء محكوم عليهم بالإعدام.

وجاء عام 2021 ، ليشهد إصدار محاكم الجنايات 92 حكما بالإعدام خلال الربع الأول من العام، أغلبها في قضايا جنائية، وقد قامت السلطات بتنفيذ أحكام الإعدام على 37 شخصا في 19 قضية جنائية على الأقل، 2 منهم في قضية سياسية هي "مقتل أمين شرطة" بمحافظة بني سويف.

وفي واقعة أثارت الجدل، نفذت السلطات حكم الإعدام خلال شهر رمضان على 16 معتقلا في القضية المعروفة إعلاميا بقضية "كرداسة"، في نيسان/ أبريل.

وفي14 حزيران/ يونيو 2021, أيّدت محكمة النقض، أحكام الإعدام بحق 12 من بينهم رموز جماعة الإخوان المسلمين، في القضية المعروفة إعلاميا بـ"فض رابعة"، ذلك في الوقت الذي نُفِّذ حكم الإعدام بحق 51 رجلا وامرأة بينهم جنائيان في 2021 حتى الآن.

"استغاثة عاجلة" لإيقاف تنفيذ حكم جماعي بالإعدام في مصر

وفي مارس الماضي ، وقّعت عشرات الشخصيات العامة والسياسية والحقوقية في مصر، على استغاثة عاجلة موجهة للمفتي والسلطات المصرية، لوقف تنفيذ عقوبة الإعدام الجماعية في القضية رقم 303 لسنة 2018 أمن دولة عليا طوارئ مركز رشيد، وإتاحة الفرصة للمتهمين فيها للمحاكمة العادلة.

تعود وقائع القضية لعام 2015، عندما فُجر أوتوبيس أمن قُتل فيه ثلاثة أمناء شرطة في 24 أغسطس/آب 2015. ومن ضمن 26 متهماً، أُدين 15 في قضية رقم 303 لسنة 2018، ومن بينهم عشرة متهمين من أبناء قرية واحدة؛ قرية محلة الأمير. ومن ضمن هؤلاء العشرة أحمد عادل الزراع وأخوه المعتصم بالله.

"أوقفوا الإعدام".. حملة حقوقية مستمرة

وفي نفس السياق ، أكدت حملة حقوقية أطلقتها مؤسسة "عدالة لحقوق الإنسان" (غير حكومية) أن "أحكام الإعدام الصادرة في مصر مؤخرا والإعدامات التي تم تنفيذها سابقا في القضايا التي توصف بالسياسية هي "نوع من الانتقام السياسي"، وبعيدة عن محاولة تحقيق العدالة عبر محاكمات عادلة بضماناتها ومبادئها التي يجب أن يلتزم بها الجميع"، مطالبة بوقف تنفيذ تلك الأحكام.

وأشارت حملة "أوقفوا الإعدام" -في بيان لها  صدر في أبريل الماضي إلى أنه تم إعدام 105 معتقلين سياسيين في مصر، بالإضافة إلى أن هناك إعدامات يمكن تنفيذها في أي وقت ضد 95 من المحكوم عليهم بالإعدام، وخاصة أولئك الذين صدر بحقهم أحكام نهائية وواجبة التنفيذ في 18 قضية سياسية.

وقالت الحملة لقد "أصبحت عقوبة الإعدام في مصر وسيلة النظام غير النزيهة للانتقام من كل الخصوم والمعارضين السياسيين، بشكل يخالف ما تم الاتفاق عليه في المواثيق والاتفاقيات الدولية التي صادقت ووقعت عليها مصر".